حوار مع حمد القاضي 50 في 50 بمجلة اليمامة
سعد الحمداني
3/7/2007م
الأديب حمد القاضي لليمامة:
=======================
نار الصحافة أبعدتني عن جنة الأدب ووجودي بتويتر جعلني أصل لكل الشرائح بمقالاتي ولقاءاتي وتغريداتي!
* حسب تعريفك الشخصى .. من هو حمد القاضي؟
إنسان يرجو رحمة ربه ويخشى عذابه.
* كم تصل نسبة المجاملة في تعاملاتك؟
أرجو أن تصل إلى درجة زرع السعادة في قلوب الناس والإبتسامة على قسمات وجوههم.
* متى تقول لا بقوة؟
لكل من ينتهك حرمة دينه أو كرامة وطني.
* ماذا تعلمت من مدرسة الحياة؟
ما استفاده ذلك الشاعر المجرب الذي قال:
تقضّى زمان لعبنا به
وجاء ومان بنا يلعب
* شاكر ومقدر لمن تقولها؟
لكل الأحبة وبخاصة الذين أمطروني بهتان محبتهم ووفائهم خلال الفترة الماضية، أولئك الذين ضاق بهم نطاق التعبير واتسع لهم فضاء الحب ودفء التقدير.
* هل تتذكر أول كتاب اشتريته وأخر أهدي إليك؟
أول كتاب قرأته كان كتاب "النظرات للمنفلوطي" وأخر كتاب أهدي إلي الكتاب الذي انسكبت دمعتي على صفحاته وأنا أقرأ سطوره كتاب "المواسم" للدكتور غازي القصيبي رحمه الله .
* وسائل الإعلام الحديثة هل أغنت الناس عن إقتناء الكتب؟
لا أظن ذلك فالقضية قضية تكامل، وليس هناك شيئ يلغي شيئا، ولكل وجهة هو موليها في اختيار الوسيلة التي يقرأ عن طريقها.
* لماذا نبحث دائما عن وسيلة لقتل الوقت؟
من "خيبتنا" .. !، الأمم المتقدمة تبحث عن وقت إضافي لاستثماره ونحن نبحث عن وسائل قتله.. مفارقة مؤلمة..!.
* ما مدى صحة المقولة التالية: (الكتاب يعرف من عنوانه)؟
ليس دائما بالنسبة للكاتب والأشخاص أيضا.
* كتابك " رؤية حول تصحيح صورة بلادنا وإسلامنا" والذي قدم له سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله.. ماذا كانت رسالتك منه؟
أبنت بالمقدمة أنني ألفته لبلورة سماحة ديننا وتحضر بلادنا بتعاملها مع الأخر بعدما لحق ديننا وبلادنا من تشويه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر من قبل فئة شاذة أساءت إلينا.
المناهج التعليمية هل تحتاج تطويراً أو تغييراً؟
نعم تحتاج إلى تطوير لا إلى تغيير.
* متى يكون الحوار صحياً؟
حينما يلتزم أدبيات الحوار: لطف بدون عنف وصدق دون هوى متبع، وجماع ذلك قوله تعالى : "وإذا قلتم فاعدلوا"
* لماذا لا نتقبل النقد الموجه إلينا من الطرف الأخر؟
الإنسان السوي هو من يقبل النقد، شريطة أن يكون نقدا بعيدا عن الذاتية، بحيث لا يصرف الناقد عن موضوعية الرأي شنآن هوى.
* لماذا في غالبية حوارتنا كل طرف يناقش وهو جازم أنه على صواب؟
لأن كل محاور يجزم – مع الأسف – أنه الوحيد الذي يملك الحقيقة وراثة عن أبائه وأجداده وأهوائه.
* موقف مؤلم عالق في ذاكرتك؟
المواقف المؤلمة كثيرة ومعذرة لا أريد أن أذكر الأخرين بها ولديهم الكثير منها في هذه الحياة ولكن الله أعطانا نعمة النسيان، وخير من أن نذكرها أقدم هذه الأبيات الحكيمة للإمام الشافعي:
سَــهِرَت أَعـــيِنٌ وَنامَت عُــيونُ
في أُمــورٍ تَكـــونُ أَو لا تَكـــونُ
فَاِدرَأِ الهَمَّ ما اِستَطَعتَ عَن النَفـ
ـسِ فَحِـــملانُكَ الهُـــمومَ جُنونُ
إِنَّ رَبّاً كَفــــاكَ بِالأَمــــسِ ماكــا
نَ سَيَكـــفـــيكَ في غَــدٍ ما يَكونُ
* المثقف العربي هل يجد في مطبوعاتنا ما يشبع شغف اطلاعه؟
نعم إذل لم يكن هواه غريبا أو غربياَ.
* ما المشروع الثقافي الذي تعمل على إكماله هذه الأيام؟
هو أغلى مشروع ثقافي بالنسبة لي: لأنه يمثلني إنساناً وكاتباً، ذلك هو كتاب "مرافئ على ضفاف الكلمة" الذي تنساب أطروحاته ما بين فضاءات الوطن والحب والثقافة، وقد شرفت بكتابة مقدمته من قبل معالي د. غازي القصيبي، وقد أهديته لأغلى إنسان ألا وهي "أمي الراحلة" غفر الله لها وسيصدر قريباً.
* بيت شعر تترنم به؟
كيف اقتحمت رباي وهي منيعة
ودخلت أحـــلامي وكهـف تأملي
* ماذا يضايقك في الصحافة؟
أنا من أهل البيت لكن يزعجني تركيزها – مؤخرا – على أخبار الإثارة بالعناوين التي لا تتفق مع نص الخبر أو الموضوع، وقد حصل هذا معي ذات مرة مما أحرجني كثيراً.
* أجمل ما في تجربتك بالشورى كعضو فيه؟
أشياء كثيرة جداً لكن من أبرزها أنني رأيت رأي العين: أن عضو الشورى يمثل وطنه فهو لم يأت عن طريق حزب يجامله أو تيار يناصره، وثانيها: أن عضو الشورى حر في إبداء الرأي فلديه زر التصويت بالموافقة أو عدمها ولا يراعي إلا ربه من فوقه.
* قال عنك د. غازي القصيبي في رسالته الشهيرة إليك عندما غادرت كرسيك بالمجلة العربية: "إنك غادرت قبل أن يعثر بك فرسك أو تعثر به، ماذا تقول انت؟
نعم هذا صحيح.. كفانا الله عثرات الكرسي والطريق والحرف وكل خنادق الحياة!
* مطبوعاتنا تذخر بالكثير من المقالات.. ما تقيمكم لهذه المقالات؟
لست أنا من يقيم المقالات: أنا قارئ ووراق .. أقرأ ما يشدني وأدع الأخر من منطلق قول المتنبي: "وفضول القول إشغال".
* إذا لم تستطع أن توقد شمعة هل تكتفي بلعن الظلام؟
حسبك أن شمعة واحدة تهزم جيوشاً من الظلام، وأن نهاية الليل البهيم ضوء الفجر الجميل .. أليس هذا أكبر حافز على التفاؤل والضوء والبياض.
* ما الفرق بين "جداول" و "مرافئ"؟
"جداول" زاويتي الأسبوعية في صحيفة الجزيرة أزعم أنني أطرح فيها موضوعات اجتماعية وإنسانية تهم القارئ، أما "مرافئ" فهي زاويتي التي كنت أكتبها "بالمجلة العربية" وأميل فيها إلى الموضوعات ذات الشأن الثقافي.
* يقال أن الكتابة تؤثر على صحة الإنسان؟
الكتابة تشعر الكاتب بأنه إنسان يحيى ويعطي ويزداد عافية، وحتى تعب الكتابة فيه متعة: ألم يقل الشاعر الراحل نزار قباني:
"وجع الحرف رائع أو تشكو
للعصـــافـــير وردة حمــــراء"
* عندما ترى ظلماً على إنسان ماذا تقول؟
بل أتذكر وأعتبر من قصة ذلك السيد الذي كان يضرب عبده وكان يقول له وهو ملقى على الأرض: أأزيد أم أنقص؟
فيقول العبد بروح إيمانية: "زد أو إنقص فإنما هو القصاص يوم القيامة"!.
* لديك باقة ورد لمن تهديها؟
كثيرون من يستحقونها .. لكن استبدل "الوردة" "بدعوة" لأمي بأن يغفر الله لها ويرحمها ويجمعني بها في جنة المأوى.
* كيف ترى مسؤولية الكلمة المنشورة؟
في قوله تعالى: " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد".
* لو لم تكن كاتباً ماذا كنت تود أن تكون؟
قلت ذات مرة لو لم أكن "صاحب حرف" لتمنيت أن أكون "بائع عطر" ..!
* فلسفتك في التعامل مع الناس؟
ليست فلسفة ولكن أخذ بتجربة ذلك الحكيم:
"لما عفوت ولم أحقد على أحد
أرحت نفسـي من هم العداوات"
* ماذا تشكل المرأة لدى حمد القاضي؟
نهر إرتواء ونبض حنان ..!.
* ماذا تقول في الواسطة؟
"ومن يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها".
* أين تجد الطمأنينة؟
"ألا بذكر الله تطمئن القلوب".
* خلال الجلسات تطرحون قضايا غاية في الأهمية .. لكن تتأخر الحلول لهذه المشاكل؟
مجلس الشورى عندما يطرح قضية فإنه بعد النقاش المكثف لها يقدم الحل الذي يصوت عليه الأعضاء تحت قبة المجلس.. لكن من طبيعة "التنفيذ" أنه يحتاج إلى وقت أطول.. هناك قضايا كثيرة طرحها المجلس وقدم لها الحلول ونفذتها الأجهزة الحكومية.
* ما سبب ندرة البرامج الثقافية في التلفزيون السعودي؟
إذا نظرنا إلى أن "البرامج الثقافية" ليست فقط ذات الصبغة الأدبية فهي ليست قليلة وعموما إعداد البرامج الثقافية الناجحة أمر متعب ومرهق "ولا ينبئك مثل خبير".
* هل ما زال الحرف تهمة لا تغتفر؟
بل هو رسالة مهمة لا تندثر.
* موقف هز وجدانك؟
عندما كنت ذات رمضان في مكة المكرمة والشيخ خالد الغامدي يقرأ ثم خشع وبكى فتأثر الكثيرون خلفه وهنا رأيت دمعات تسقط من عيني كانت هى أصدق دموع.
* أين قضيت أخر إجازاتك؟
قضيتها في المكان الذي أرتاح إليه مكاناً وأماناً ومناخاً وإنساناً.
* عرف أنك لا تكتب إلا بلون الحبر الأخضر؟
أليس هو لون النماء والسنابل والحب والعطاء وحتى من يتعاملون بالأسهم أصبحوا يعشقون اللون الأخضر، والمؤشر الأخضر!
* بماذا تودع قراء "اليمامة" بعد هذا الحوار؟
بما ودع به الشاعر د. عبدالله العثيمين في إحدى قصائده الأخاذة:
"إن كنت عبّرت عما دار في خلدي
فما رميت ولكن الإلـــه رمــى"
*مجلة اليمامة*