حادثان مؤثران يرويهما د: بكري عساس!
🌱لا زال في الذاكرة حادثان فيهما الكثير من العبر:
🌱الأول: عند تخرجي من جامعة وسط ويلز ببريطانيا في نهاية عام 1991م، كانت المشرفة على رسالتي قد تعدت عتبة السبعين من العمر بخمس سنوات تقريباً، وأذكر أنها كانت على نظام التعاقد الجزئي مع الجامعة. وبحسبة رياضية بسيطة نجد أنها الأن قد تخطت المئة وخمسة أعوام من العمر. كعادتي بين وقت وآخر أتصل بها للاطمئنان والسؤال عن سيدة كريمة ودودة خلوقة عالمة أحسنت إلى يوماً ما ولم تبخل بوقتها في توجيهي وكانت سند لي بعد الله في إنهاء دراستي بنجاح ولله الحمد والمنة. قال تعالي في سورة الرحمن "هَلْ جَزَاَءُ الْإحْسَانِ إلَّا الْإحْسَانُ".
قبل شهر تقريباً تذكرتها وخاصة ومنطقة ويلز في حظر شبه كامل بسبب جائحة فيروس كرونا المستجد وهي تعيش بمفردها بعد أن توفي كل أقاربها إضافةً الا أنها آنسة لم تتزوج طيلة حياتها وكانت تردد-والكلام لها-أنها متزوجة الإحصاء التطبيقي. للأمانة-ولإيماني الذي لا يتزعزع أن الأعمار بيد الله-تخيلت أنها في عداد الأموات سيما وأنها تعدت المئة عام، المهم، اتصلت عليها بعد تردد وإذا بها على الجانب الآخر من التلفون. بعد السلام والاطمئنان سألتها عن حالتها الصحية ووضعها في هذه الأيام خاصة وأن منطقة ويلز من أكثر مناطق بريطانيا تأثراً بجائحة كرونا، بدأت حديثها قائلة: بكري، لا تقلق فقد عايشت الحرب العالمية الأولي والثانية والطاعون الدملي الذي حصد الآلاف من الناس ووباء الكوليرا الذي أودي بحيات ربع سكان لندن، والحصبة الألمانية، والأنفلونزا الاسبانية، وقد نجوت-والكلام لها-منها جميعاً ولله الحمد. بعدها ودعتها داعياً لها بالصحة والعافية.
قال تعالي: "وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله".
***
🌱الثاني: كان عمي الشيخ بدري عساس مريضاً مرضاً شديداً أقعده الفراش لسنوات وكان الوالد رحمه الله يقوم برعايته والاعتناء به في داره بمنطقة الكعكية جنوب المسفلة وكنت وقتها كنت أسكن مع الوالد قبل الزواج. في أحد الأيام طلب صديق الوالد رحمه الله العم حسين حمصاني زيارة شقيقه المريض وبعد الزيارة، قال العم حسين للوالد رحمهما الله جميعاً:" أبو بكري تري شقيقك لا أتصور أنه سوف يعيش طويلا فأرجوا أن تبدأ في السؤال إن كان عليه دين أو له دين عند غيره كما جرت العادة. سبحان الله، بعدها بشهرين تقريباً، توفي العم حسين حمصاني وبعدها بثلاثة سنوات توفي عمي الشيخ بدري عساس رحمه الله رحمة واسعة. عندها تذكرت المثل المكي الشهير "الحي ما له قاتل".
قال تعالي: "وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله".
من أقوال الامام الشافعي: فكم من صحيح مات من غير علة…. وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر