عبد العزيز الخويطر..التراثيُّ..المعاصر.. والوزير ..الانسان عن أبي محمد

د. غازي القصيبي

 يصعب علي أن أتحدث عن أبي محمد..
ذلك أن شعوري نحوه يجعل من المستحيل
علي أن أتحدث بموضوعية..
وشعوري مزيج من المحبة.. والتقدير.. والإعجاب..
(أحسب أن البعض يسميه الصداقة)..
أما المحبة.. فحصيلة معرفة وثيقة
تجاوزت ثلث قرن..
بسنوات أربع أو خمس..
ومع المعرفة الطويلة تتكشف للمرء جوانب كثيرة من شخصية رفيقه..
يراه في حالتي غضبه ورضاه..
وحالتي حزنه.. وسعادته..
وحالتي يأسه.. ورجائه..
وأشهد الله أنني لم أره غاضباً قط..
الأدق أن أقول إنه كان دائماً قادراً
على إخفاء غضبه..
(وليس الشديدُ بالصرعة)..
لم أسمعه يتلفظ بكلمة نابية واحدة
بحق أحد..
حاضراً كان أو غائباً..
وتلك خصلة تُحب وتُعشق..
وأشهد الله أني لم أره حزيناً قط..
لا لأنه صنع من معدن غير معدن البشر..
ولا لأن الحياة لا تحمل إليه، كما تحمل لغيره، مسببات الحزن..
ولكن لأن إيمانه بالله كان، دوماً، أقوى من
سحابات الحزن العابرة..
وأشهد بالله أنني لم أره يائساً قط..
ودواعي اليأس حوله كثيرة..
ومبررات القنوط تمور في كل مكان..
ولكنه خُلِق متفائلاً.. بطبعه..
يرى الجزء الملآن من الكأس..
ويلمح الوجه المضيء من القمر..
ويرى الجوانب الإيجابية في الطبيعة البشرية..
أما التقدير فينبع من ملامح في شخصيته..
تجبر المرء على تقديرها..
التواضع مع الصغير والكبير..
(التواضع مع الكبير شيء مفروغ منه.. حتى من قبل أشد الناس غروراً)
كرم اليد حتى عندما لا تحوي الكثير..
(وكرم المِقلِ أروعُ من كرم المكثر)..
الدأب الجاد في العمل..
(في زمان تفشى فيه وباء الكسل)..
أما الإعجاب..
فمحوره إنتاجه الفكري الثر المتنوع..
كتب عن التراث..
ومؤلفات في التاريخ..
وذكريات.. وأسمار
كأن أبا محمد نحلة فكرية ترود
ألف زهرة وزهرة..
لتقدم لك جرعة شهية حلوة من الفكر..
هل يعني هذا أني لا أجد فيه
موضعاً لانتقاد؟!
لو زعمت هذا الزعم لكان أول
من ينتقدني..
أتمنى، أحياناً، لو كان أكثر مرونة..
لو كان أكثر تمرداً على «اللوائح»..
لو كان أقل حرصاً على سد الأبواب
التي تجيء منها الريح..
لكن..
هل يصبح أبومحمد أبامحمد لو تحول
إلى كائن يشبه أبا سهيل، الداعي لكم
بطول العمر..
أحسب أن مصيراً كهذا يرعبه..
وإن كان يسرني..
كثيراً..
ولأبي محمد الذي يحرص على أن تجيء
التأشيرة في أسفل المعاملة لا أعلاها
على هذا النحو:
محّبه
وأخوه
غازي
بن عبدالرحمن
القصيبي