نحن والصيف والآخرون..!
حمد بن عبدالله القاضي
عندما داهمتنا موجة الحر الشديدة انزعج الناس كثيراً – والحر مزعج فعلاً – لكن ما يخفف من إزعاج حرارته، بل إن ذلك يجعلنا في أغلب الأوقات لا نشعر به بسبب حياتنا بكافة تفاصيلها ومواقعها أضحت مكيفة من البيت إلى المكتب مروراً بالسيارة!
الذين ينزعجون جداً من الحر هم من يعملون تحت الشمس المحرقة، وأولئك المحتاجون الذين لا يستطيعون تأمين المكيفات لهم ولأطفالهم وبيوتهم.. أما من يعملون فقرار وزارة العمل بحظر تشغيل العمال ساعات الحر الشديدة بالنهار جاء منطقياً وإنسانياً.. ولهذا لن يشعر العمال بعد تطبيقه بالإرهاق من الحر والشمس.
تبقى الشرائح المحتاجة.. وهنا يبرز دور القادرين عندما تلذعهم حرارة الشمس لدقائق فإن عليهم أن يتذكروا أن هناك من يعيش في عز الحر دون نسمة تكييف لعدم قدرته على تأمين جهاز التكييف.. لذا لنستبدل التذمر بالشكر والإحسان بدل الإسراف.. لنتفقد في هذا الصيف من هم بحاجة إلى مكيف يضعونه في غرف نوم أطفالهم لينعموا بهوائه كما ينعم أطفال القادرين غيرهم.. ولنتذكر أن هناك أناساً يحتاجون مكيفات بل إلى ثلاجات في هذا الصيف لحفظ طعامهم، أما السفر السياحي للهروب من الحر داخلياً أو خارجياً فهو آخر ما يحلمون به..!
***
التيسير على المراجعين
وخطوة موفقة للتخصصي
التيسير على المواطنين في أعمالهم ومعاملاتهم واختصار الجهد والوقت عليهم وبخاصة بعد اتساع المدن وصعوبة التنقل، هو عمل مطلوب من كل جهة حكومية لها علاقة بالمواطنين، سواء بخدمات الهاتف أو عبر وسائط التقنية الأخرى.
وهنا أحيي مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، فقد أطلق خدمة موفقة ورائعة لخدمة المرضى بجميع أنحاء المملكة، حيث جاء في ورقة إرشادية يوزعها المستشفى، تقول: (لمساعدتك في تجنب السفر والاستفادة من العيادات الإقليمية التابعة لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، يقوم استشاريو مستشفى التخصصي بمتابعة حالتك في منطقتك، لمزيد من المعلومات والاستفسار – يرجى الاتصال ت: 014647272 – تحويلة: 33100 – www.kfahrc.edu.sa/polyclinics ).
إنني أثمِّن لمستشفى الملك فيصل التخصصي هذه الخطوة فضلاً عن منجزاته الأخرى في الفترة الماضية القريبة، وأدعو أن تقتدي به الجهات الأخرى التي يوجد لخدماتها علاقة بالمواطنين وأهمها المستشفيات المرجعية: تسهيلاً على المرضى الذين هم أحوج ما يكونون إلى الخدمة الميسرة دون إرهاقهم بالسفر والتعب عندما لا تدعو الحاجة إلى ذلك.
***
انقطاع الكهرباء: لنلم أنفسنا أيضاً
انقطاع التيار الكهربائي مزعج وبقدر ما نطالب شركة الكهرباء باستمرار التيار ونلومها على انقطاعه، فإنني أتساءل: لا أدري ما هو دورنا نحن وما هو أثر وضرر وتسبب إسرافنا في استخدام هذه النعمة في انقطاع التيار.. إننا بإسرافنا نكون أحد أهم عوامل انقطاع الكهرباء، إنني لا أعتقد أن هناك بلداً يضاهينا – مع الأسف – في التبذير واللامبالاة في استخدام الكهرباء ولننظر إلى البيوت والمساجد والمكاتب كيف تتحول إلى (ثلاجات) في عز الصيف!
لقد قرأت إحصائية بالأرقام تبين أن استهلاك مصر التي يفوق عدد سكانها سكان المملكة أربع مرات بينما استهلاك مصر ينقص عن استهلاك بلادنا بنسبة كبيرة، فهذا نائب الرئيس التنفيذي لتوليد الطاقة الكهربائية بالشركة السعودية للكهرباء يوضح ذلك بالأرقام، إذ يقول في تصريح له بصحيفة البلاد (إن مصر التي يبلغ عدد سكانها حوالي ثمانين مليون نسمة تستهلك من الكهرباء 23 ألف ميغا بينما المملكة التي يقارب سكانها عشرين مليون نسمة تستهلك 44 ألف ميغا) أي أن سكان المملكة الأقل عدداً يزيد استهلاكهم على سكان مصر الأكثر بـ(21) ألف ميغا!
إننا إذا لم نحد من الإسراف ولا نبالي بارتفاع قيمة الفاتورة.. فلنراع – على الأقل – الآخرين الذين بسبب إسرافنا يتم انقطاع التيار عنهم.. إن لدينا إهداراً كبيراً للطاقة يرهق جيوبنا، ويتسبب في أذى انقطاع التيار عن غيرنا، فضلاً عن تأثير ذلك على اقتصادنا الوطني، حيث تضخ الحكومة آلاف الملايين من الريالات لإنشاء المحطات وتأمين المولدات، ولتوليد الطاقة الكهربائية المكلفة!
إننا بقدر ما نلوم شركة الكهرباء لنلم أنفسنا أيضاً!
***
آخر الجداول
للمتنبي:
(أقل اشتياقاً أيها القلب ربما *** رأيتك تصفي الود من ليس صافيا
حببتك قلبي قبل حبك من نأى *** وقد كان غداراً فكن أنت وافيا)
جريدة الجزيرة 21/7/1431هـ