تجربة حياة
محمد حسن فقي
تطلبت من دهري أمورا أريدها
فضن.. وأعطاني التي لا أريدها
ولما تعاتبنا تجهم وجهه
فأيقنت أنى في الحياة شهيدها
وأيقنت أن الخلق عبدان غاية
تكبلهم أهواؤها وقيودها
فما عادت الأيام بيضا تسرني
وما عاد يشقيني من الخوف سودها
وما عدت أسعى للغنى تستفزني
إليه حماقات عمتها نقودها
فليس بمجدينى الغنى إن تطامن
له عنقي حتى يلين شديدها
وكم من غنى ناطحته وعولها
وكم من فقير جانبته أسودها
ويا رب نعمى لو كشفت غطاءها
لولى فرار من قذاها حسودها
إذا كانت النعماء لم تضف عزة
على فلا دامت على برودها
• • •
وما المجد؟ إن المجد صبوة طامح
إلى قمة أعيا الأنام صعودها
معابرها ملس. فان زل صاعد
إليها.. فما في السفح إلا جحودها
وكم ناعم بالمجد لو أن مجده
تعرى.. لضجت فى السماء رعودها
تقمصه الشيطان حتى تحجرت
مشاعره واستنكرتها شهودها
فما لي وهذا المجد شاهت وجوهه
وكان لغير الله كفراً سجودها
• • •
وما الشعر إن كانت حباله قانص
قصائده.. أو كان لغوا نشيدها
فما هو إلا في تجليه نغمة
سماوية ما يستفيق عميدها
تسامت عن التهريج فامتد طلها
وعزت على الإجداب فاخضر عودها
ويا رب مفتون تمنى وصالها
فأيأسه لما تناءت صدودها
وذي منطق قد رامها فتمنعت
عليه .. وأعيته اقتحاما حدودها
• • •
وما الدين في هذه الطقوس وأن بدت
مظاهر قد يطوى القديم جديدها
ولكنه روح تشع بنورها
على ظلمات ضل فيها رشيدها
إذا ما أطمأنت للطريق مشت بها
ولو كان فيها حتفها وخمودها
ألا ربما يحمي العقيدة هيكل
ولكنه جنديها لا نديدها
وما نحن لو أن العقائد أفلست؟
ولم يبق إلا زيفها وجمودها
وللعلم آيات تبدت نحوسها
فهل تبدى للعيون سعودها
رأيناه يعطي للحروب سلاحها
فتأكل منا نارها وحديدها
ويمشي على الأشلاء طغيان فاتح
فتلعنه أرواحها ولحودها
إذا العلم لم يحم السلام فإننا
طرائد بلوي ليس ينجو طريدها
وإن هو لم يخصب لنا العيش حملت
وسائله أكتافنا ما يؤودها
• • •
وما الحب إن لم يشمل الكون كله
ويسمو بأوطار الهوى ويقودها
أفي الثغر. أم في النحر يلقى جزاءه
لبئس صريع الغانيات شريدها
إذا نحن أهدرنا الحياة رخيصة
لغيد.. فلا كانت ولا كان غيدها
وفاتنة نشوى تكيد بسحرها
تصدى لها من سحرنا ما يكيدها
لنا نظرة في الحب إلا تصيبنا
تفاهاته إلا تهاوت بنودها