مكة.. صوت الزمان
يحيى السماوي
عندما رأي الشاعر أنوار مكة.. وضياء بيتها.
قف يا ابن دجلة لاح نور قبابها
فامسك فؤادك قد يفر لِبَابِها
وأطلْ سجودك يا ابن دجلة شاكراً
وانثر على جُرحَيك من أعشابها
واغسل بماء الذكر ثغرك ،ربما
بالأمس كنتَ خطبتَ غير خُطابها
أوصى بها الرحمن فهي عظيمةٌ
منْ غيرها الرحمن قد أوصى بها؟
لو لم تكن خيرَ البلاد على الثرى
ما كان بيتُ اللهِ فوق ترابها
ولَمَا اصطفاها الله قبلة خلقهِ
ولَمَا سعى الساعون نحو ركابها
ولما اصطفى خير البرية مرسلا
بالحق والتوحيد من أعرابها
النّسك والإيمان من أفيائها
والعد والإحسان من أطيابها
فكأنما صوتُ الزمان وثغره
وكأن زمزمهَا زُلالُ رضابها
لو يوضع البيت العتيق بكفَّةٍ
والأرض في الأخرى لأعدْلَهَا بها
جُمع الزمان جميعه فإذا به
يجثو خَشُوع القلب في محرابها
من ها هنا مرّ « الأمين » ومن هنا
أسرى، وفاض العدل من «خطَّابها»
حمداً لك اللهم أن أبصرتني
درب الحجاز فكنتُ من أنـسـابها
خُلق النهار كصبحها متألقاً
والليل داجٍ مثلَ كـونِ حجابها
مازال يخترق الفضاء« بلالها»
هَرم الزمان ولم تزل بشبابها
عشرون عاماً مااغتسلتُ من اللظى
واليوم أبردني عظيم شرابها
أهلي؟ من ازدانوا بنور فضائها
وأحبتي في الله من أحبـابها
وطني عزيز والأعز من الثرى
ديني فما روحي بغير كتابها
فوحقِّ من خلق الخليقة واستوى
حلمي يكون القلب عُتبة بابها
فاغسل فؤادك ياشريد بمائها
أو شحَّ ماءٌ فاغتسل بترابها!