logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

الآليات الإعلامية لتصحيح صورة بلادنا وإسلامنا

حمد بن عبدالله القاضي

حمد القاضي > المحاضرات  > الآليات الإعلامية لتصحيح صورة بلادنا وإسلامنا حمد بن عبدالله القاضي

الآليات الإعلامية لتصحيح صورة بلادنا وإسلامنا

حمد بن عبدالله القاضي

الآليات الإعلامية لتصحيح صورة بلادنا وإسلامنا

 

 

 

***

 

 

 

حمد بن عبدالله القاضي

 

 

عـضو مجلس الـشورى السابق

أمين عام مجلس أمناء مؤسسة الشيخ حمد الجاسر الثقافية

 

 

 


محاور المحاضرة

 

** إضاءة بين يدي هذه الورقة:

** بعض الآليات المطلوبة لتصحيح صورة إسلامنا وبلادنا:

** خاتمة:

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم  

 

 

 

 ** إضاءة بين يدي هذه الورقة:

 

* منذ تداعيات الحادي عشر من سبتمبر على أيدي تلك الفئات الضالة الشاذة التي كانت الأدوات التي أشعلت تلك الأعمال الإرهابية، وصورة وطني وأمتي تشغلني وتشاغلني كثيراً كما تشاغل الغيورين من أبناء هذا الوطن وهذه الأمة.

 

وقد ضاعف تشويه هذه الصورة ، تلك الأعمال الإرهابية التي نفذها شباب نشاز ضال من بلادي الغالية في الحادي عشر من شهر ربيع الأول عام 1424هـ في عاصمة المملكة العربية السعودية مهبط الوحي وموطن العروبة، وما أعقبها من أعمال إجرامية أخرى سواء في بلادنا حماها الله أو في تلك الدول العربية والإسلامية أو مختلف دول العالم.

 

لقد رأيت في هذه الصورة كثيراً من الظلم والضيم لنا عقيدة وإنسانا حيث تم الحكم على كل العرب والمسلمين من خلال أعمال أفراد شاذين بعيدين عن منهج الإسلام ومنهج بلادي المملكة العربية السعودية.

 

والمؤلم أنه لم يعد تأثير هذه الهجمة الإعلامية على الآخر فقط بل – وهذا هو ما يؤرق أكثر – أنها زلزلت قناعات ويقين جماعات من أمتنا بثوابتهم وأوطانهم ومستقبل أمتهم.

 

ولقد أقضني أن خطابنا الإعلامي في عالمنا العربي والإسلامي لم يرق إلى مستوى هذا التحدي الذي واجهنا أو بالأحرى جابَهنا به الإعلام الغربي في تشويه لديننا وهويتنا عمداً في أكثر الأحيان وجهلاً آونة أخرى وقد كان لذلك أبلغ الضرر على الإنسان العربي والمسلم ، وقبل ذلك وبعده كان لـه شديد الأثر على تشكيل الرأي العام في الخارج نحونا.

 

لقد وصل الأمر بهذه الحملات الإعلامية الأجنبية أنها مست وشككت في ثوابتنا وإنساننا ووحدتنا الوطنية ، وتماسك جبهتنا الداخلية .

 

ومن هنا يأتي خطرها وخطورتها وضرورة مواجهتها بمختلف وسائل الرأي وقنوات الإعلام ، ومنابر الاتصال .

 

إن الإعلام – مع نظيره – الاقتصاد هما من يقودا العالم ، وهما ذوا الأثر الأكبر على حياته وتوجهات انسانه – كما قال سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية بالمملكة العربية السعودية: ((إن من يملك هذين الأمرين الخطيرين الفاعلين يمتلك زمام القوة والتأثير في هذا الوجود)).

 

من هنا لابد من تصحيح هذه الصورة، و مواجهة تلك الصورة المعتمة التي رسمها ذلك الإعلام، والتي نالت من سماحة الإسلام وشموخ الوطن من خلال نظرة قاصرة حيناً ومقصودة أحياناً، حكم فيها ومن خلالها الآخرون علينا بوحي من تصرفات أفراد شاذين لا يمثلون نهج وطننا، ولا منهج ديننا بل هم شذوذ يؤكد سلامة النهج والمنهج معا ! .

 

إننا لسنا بدعاً في الأمم .. فنحن منا المعتدلون المستقيمون على المنهج الصحيح نحن– مثل غيرنا – دون ذلك طرائقَ قددا.

 

لقد تناولت في هذه الرؤية آليات مختلفة لتصحيح الصورة ، وقد اجتهدت فيها من منطلق توجّهي العلمي ، واستناداً إلى خبرة عملية في الشأن الإعلامي أزعم أنها أفادتني كثيراً في هذه ((الآليات)) ابتعدت فيها عن التنظير واتجهت من خلالها إلى منطلقات واقعية سواء في تشخيص جوانب هذه الصورة المعتمة، أو في مناحي كشف سماحة الإسلام ووحدة هذا الوطن، وقد حرصت على اختزالها واختصار كثير من مناحيها لتيسير قراءتها والإفادة منها من قبل القارئ البسيط إلى صانع القرار.

 

 

** بعض الآليات المطلوبة لتصحيح صورة إسلامنا وبلادنا :

 

* هذه بعض ((الآليات)) التي يمكن أن نأخذ لمعالجة الانحراف الفكري وتجفيف منابع الإرهاب، ثم لتصحيح صورة بلادنا وأبناء هذا الوطن، وبالتالي تصحيح صورة الإسلام والمسلمين عامة، خاصة وأن بلادنا مرتبطة بالإسلام ارتباطاً عضوياً، وتصحيح الصورة لبلادنا لابد أن يكون ملازماً لتصحيح الإسلام والوصول إلى الآخرين عبر كافة المنابر الخارجية لتوضيح حقيقة الإسلام وتسامح هذا الوطن، ونفي تلك الإشكاليات والتهم التي رُمي بها الإسلام والمسلمون في الحقبة الماضية إلى وقتنا الحاضر.

 

 ومن هذه الآليات والوسائل :-

 

أولاً: إن علينا في بلدنا وفي أقطارنا العربية والإسلامية أن نوظف الإعلام توظيفاً قوياً وسليماً في الرد على هذه التهم تماماً كما وظّفه واستخدمه غيرنا، وأن ندرك أن الإعلام هو لغة العصر ومطية الأمم للوصول إلى أهدافها ودفع التهم عنها، وحسبنا أن نعرف أنه جاء في آخر إحصائية عن وسائل الإعلام في أمريكا: امتلاك اليهود ((70)) صحيفة ومجلة شهيرة من أكثر المطبوعات قراء وانتشاراً في الولايات المتحدة، وأن لديهم أربع شبكات تلفزيونية مؤثرة في الشعب الأمريكي.

 

ثانياً: من أهم الآليات الإعلامية التي تجب المبادرة للأخذ بها، المبادرة بإنشاء قنوات إعلامية باللغة الإنجليزية موجهة إلى الإنسان الغربي، تخاطبه وتطرح الإسلام بصورته الصحيحة، وتكشف لـه حقيقة سماحة الإسلام ومعايشة معتنقيه لغيرهم على مدى القرون الماضية.

 

ثالثاً: شراء الصفحات في الصحف الأجنبية المشهورة مـثـل
((النيويورك تايمز)) التي لها تأثير على الرأي العام وفي صناع القرار، والاستفادة مما يطلق عليه بالمفهوم الإعلامي ((شراء أوقات وساعات)) في القنوات الفضائية الشهيرة مثل ((CNN)) وغيرها بحيث تعرض فيها المواد والبرامج التي تكشف حضارة هذا الوطن، وانفتاحه وسماحة الإسلام ومحاربته للإرهاب، وتصحيح صورة المسلمين أمام الشعوب الغربية.

 

رابعاً: عقد ملتقيات ومؤتمرات في الدول الغربية يُدعى إليها علماء ودعاة ومفكرون مسلمون وعرب وأجانب سواء كانوا مسلمين أو متعاطفين معنا أو حتى مناوئين لنا وللإسلام لتوضيح صورة الإسلام أمام غير المسلمين، وبيان المستفيد من هذه الأحداث موضحين أن أبناء المملكة العربية السعودية والمسلمين هم أكثر المتضررين منها، وأن الشاذين الذين قاموا بهذه الأعمال الإجرامية من المنتسبين للإسلام هم مجرد أدوات حاقدة لجهات ومنظمات منحرفة، وقد أوقعوا الضرر بالمسلمين قبل أن يوقعوه بغيرهم.

 

خامساً: عقد ندوات داخل بلادنا وفي دول العالم العربي والإسلامي يشارك فيها علماء ومفكرون وإعلاميون مسلمون، لبلورة تعاليم الإسلام بكل سماحتها ومعايشتها للعصر لجلائها أمام بعض المسلمين أنفسهم وبخاصة الأجيال المسلمة الجديدة لشرح سماحة إسلامها، وتحصين الناشئة من أفكار الغلاة المنحرفين من مدعي العلم المنتسبين إلى أمتهم.

 

سادساً: يلزم لترسيخ الأمن والاستقرار والوحدة في بلادنا بيان أن الإسلام كان الأكثر حرصاً على وحدة الأمة وعدم الخروج على الأنظمة وعلى الحاكم الذي يجمع الناس ويوفر لهم الأمن في أوطانهم وتبيان أن ذلك واجب شرعي أوجبه الإسلام في كل الأحوال لأن في تفرق الأمة وعدم اجتماعها على قيادة واحدة تشتت جمعها ، وضعف شأنها ، وتمزق أمنها والله سبحانه يقول
 

{واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، [سورة آل عمران آية: 103] ويقول:  {وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}.  
[ سورة الأنفال آية: 46 ] ويقول: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم {  [ سورة النساء آية: 59]  والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((من ولي عليه وال فرآه فأتى شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزع يداً من طاعة))!.

 

بل إن الإسلام – حرصاً على وحدة الأمة ولما يعلمه رسوله من المآسي التي تحدث بسبب الفرقة والفوضى أمر بعدم نزع يد الطاعة من الولاة حتى لو حصل منهم معصية لا رضاءً بها ولكن لأن في الخروج عليهم – ما لم يروا كفراً بواحاً – من التمزق والخوف والفزع وإسالة الدماء واستباحة الحرمات ما الله به عليم . وكم رأينا من المآسي والحروب الداخلية في هذا العالم بسبب تفرق الأمة واختراق وحدتها الوطنية.

 

سابعاً: على المناهج التعليمية في وطننا والعالم الإسلامي – بعد مستجدات العصر وأحداثه – أن تركز على إبراز ((سماحة الدين الإسلامي)) وغرسها في العقول الناشئة، وأن تتصدى لمهمة الجهل بالدين ومقاصده.

 

إن الجهل بالدين لا يقل ضرراً عن هجره ففي كليهما أخطاء وأخطار !.

 

وإن كان هجر الدين معلوماً آثاره فإن الجهل بالدين ومبادئه والإفتاء – من غير علم من المنتمين إليه لهو من أهم أسباب الفتنة في العالم الإسلامي والتي هي أشد من القتل ، وفي تاريخنا الإسلامي أنصع دليل، إذ أنه بسبب الجهل والغلو حصلت الفتن التي كانت بداية الشرور على هذه الأمة.. يقول الشيخ العالم صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية في تأصيل علمي ، في المحاضرة التي ألقاها بالمدينة المنورة ونشرتها صحيفة الجزيرة في 29/3/1424هـ: ((السبب الأول لظهور الفتن هو الجهل بالدين وقواعد الشرع والحقوق، لأن من عنده جرأة غير منضبطة يتجرأ بجهله أن يخوض بالفتنة ويعين عليها .. فإذا كان الكتاب والسنة دواء فإن صرفه وفهمه يكون من العالم الرباني لا من فهم آحاد الناس)).

 

وكم عانت وتضررت أوطاننا وأمتنا من آثار الجهل بالدين سواء عبر طروحات جهال الدعوة أو بسبب فتاوى أدعياء الفتوى ومتسلقيها جهلاً أو قصداً دون الاستناد إلى علم صحيح ، والرجوع إلى العلماء المحققين الربانيين .

 

ثامناً: هذا المقترح ورد إلى ذهني وأنا أعدّ هذه الرؤى الإعلامية، فقد كنت عند الحديث عن أيِّ فكرة أو تهمة أبحث وأتأمل في كتاب الله، وأحاديث رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم لتعضد أفكار هذه الرؤى وتجلوها، ولقد وجدت في الوحيين من النصوص الكثيرة ((آيات وأحاديث)) من تجسيد سماحة الإسلام والتعايش مع الآخر، والإيمان بالتعددية ما يكفي دون أدنى سطر أكتبه، ولذا فإنني أدعو إلى سرعة نشر وتوزيع ترجمة معاني القرآن الكريم وأحاديث الرسول خاصة المتعقلة بشأن  التهم التي يرمى بها الغرب الإسلام، وحسبها إقناعاً للآخر فهي من كلام خالق البشر ومدبر حياتهم {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كبيراً} [سورة النساء آية: 82]، ومن كلام رسول الإسلام الذي بعثه الله لنشر ظل السلام ، وأضواء الأمان في فضاء هذا الكون ، وفي قلوب الناس جميعاً .

 

تاسعاً: هذه الآلية تتجه إلى الداخل الإسلامي، إذ أن على المنابر الإعلامية والتعليمية والمسجدية في المجتمعات العربية والإسلامية أن تنشر وتشيع ثقافة التعايش مع الآخر، وإبانة أن الخطاب الدعوي الإسلامي مؤسس على الحكمة والموعظة الحسنة بنص القرآن الكريم فضلاً عن كشف نبذ الدين الإسلامي للعنف والغلو أو الإساءة للغير مسلماً أو غير مسلم، وفي ذات الوقت بيان خطأ وخطل إقامة الخطاب الإسلامي على الجهل، أو الأخذ من الجاهلين سواء تم عبر دعوة غير منضبطة، أو فتوى غير مسؤولة، أو رأي مبني على المتشابه الذي يتبعه من في قلبه زيغ ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، ولهذا فمن الخطأ الاستدلال بالمتشابه منه إلا من قبل الراسخين بالعلم كما قرر ذلك علماء الدين المعتبرون.

 

عاشراً: إن دور منابرنا المقروءة والمسموعة والمرئية في هذه الفترة العصيبة كبير جداً، وعلينا توظيفها توظيفاً واعياً راشداً يعالج أولاً أسباب التطرف والغلو الذي يقود إلى فكر الإرهاب، وثانياً يكشف عن الفكر الإسلامي الذي يقود إلى التعمير بدلاً من التدمير، ومن جانب آخر فإن على هذه المنابر أن تسهم من خلال طروحاتها المستنيرة في تخفيف العداء لنا من الآخر الأقوى بدلاً من تأجيجه خاصة وأن وطننا منبع الإسلام، يواجه – حماه الله – صنوف الاتهامات والتحديات والحملات.

 

إن على المنظمات العربية والإسلامية وكافة المنابر في بلادنا وفي العالم الإسلامي أن تتبنى هذا الطرح المعتدل وتدعو إليه، وتسعى إلى نبذ الخطاب المتشدد الذي يضر أكثر مما ينفع ويضع أكثر مما يرفع.

 

حادي عشر وأخيراً: تفعيل ودعم المؤسسات الإسلامية والعربية كرابطة العالم الإسلامي وجامعة الدول العربية والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية ((كير))  في أمريكا الذي يقوم بجهود موفقة بيان الصورة الحقيقة للإسلام والدفاع عن المسلمين رغم إمكاناته المتواضعة.

 

إن دعم هذه المؤسسات الإسلامية الواعية والمستنيرة داخل البلاد الإسلامية وخارجها من شأنه أن يسهم في تصحيح صورة العرب والمسلمين ودفع التهم عنهم، وتقديم خطاب حضاري ينطلق من تعاليم الإسلام، وقيم الأمة العربية.

 

 

** خاتمة:

 

وبعد:

 

فلعل من يتصدى لشرف الدفاع عن هذه العقيدة وهذا الوطن يفيد من هذه ((الآليات الإعلامية)) سواء في الخطاب الإعلامي الوطني أو الإسلامي، أو في الخطاب الموجه إلى الآخرين حتى ننهض جميعاً بعمل جاد يرقى إلى مستوى هذا التحدي إبراءً للذمة وإسهاماً في تبديد عتمة هذه الصورة حول وطننا وأمتنا عن طريق بلورة الخطاب الإعلامي التسامحي القادر على مخاطبة كافة ألوان الطيف الغربي سواء السياسي أو الثقافي أو الإعلامي، ويكون – في الوقت نفسه – معتمداً على مرجعية نصوص دستورنا ، وعلى تاريخ تعامل أمتنا مع الطرف الآخر وحضارته على مدى القرون الماضية.

 

 

** وأخيراً:

 

 

إنني بقدر ما أقدم هذه ((الرؤى)) للآخر الذي يكيل لنا التهم فإنني – في الوقت ذاته – أقدمها لأبناء أمتي وخاصة المعنيين برد هذه التهم ودفعها سواء أكانوا في موقع القرار، أم في ميدان التعليم أم الدعوة والإعلام، سائلاً الله أن ينفع بها.

 

 

حفظ الله أوطاننا وإسلامنا،،،