🌱 أيام في السودان بلد الأرض الخضراء والأخلاق البيضاء
🌱حمد بن عبدالله القاضي
كنت بشوق جارف
لأرى هذه الأرض.. أعيش فيها.. وأعاشر أهلها.. هذه الأرض هي “السودان” وقد يكون هذا “الشوق غريباُ” فالناس بعشقون “نيس”.. ويتمنون النظر إلى أمريكا.. ويزورون “أوروبا” ويهاجرون إلى “كان” لينعموا بما استيقظ من ليلها وما استكان ..!
لكن زيارة “السودان” كانت لي أملا .. انتظر لحظة تحقيقه.. أريد أن أرى وطن هذه الوجوه العربية السمراء والقلوب البيضاء تلك التي عرفناها في بلادنا.. وإذا أصحابها ذووا أخلاق رفيعة ووجوه وادعة.. كأحياء “أم درمان” الشعبية الجميلة.. وادعون.. مسالمون .
🍃🍃🍃
وكانت أربع ليال.. وثلاثة أيام لزوماً. قضيتها في هذه الأرض بين نيلها الأزرق .. ونيلها الأبيض.. وكانت لي بين هذين النيلين حكايات طويلة كأحاديث العاشقين !.
كان أول شخص تعرفت عليه هو ذلك السائق الطيب الذي كان يجيب على كل كلمة له بلفظة “ايه “
باللهجة السودانية المحببة .. وكان لي حوار لذيذ وممتع معه
في “السودان” أشياء رائعة.. شعب عريق له عاداته.. التي يحافظ عليها.. وله قيمه التي لا يبغي بما بدلا .
أما المرأة السودانية.. فهي شديدة الخفر.. على ملامحها تتجسد الوداعة.. ولا تزال. رغم ما لديها من حربة متمسكة “بلباسها التقليدي” الذي يزيدها خفرا ..!
🍃🍃🍃
وفي السودان لا تشعر بالوحشة.. فأهله يأنسون ويؤانسون.. وقد كنت أتحدث مع صديق سعودي إلتقيته هناك عن هذه الألفة التي نحسها نحن السعوديين مع إخوتنا السودانيين وكان رده علي: فعلا.. هذا صحيح فأنت تشعر أنك بين عشيرتك الأقربين..!
🍃🍃🍃
شخصيا لم أشعر بأي غربة وأنا في السودان الوديع كوداعة أهله ذلك أني عرفت السودان في وطني: زملاء أعزاء وأصدقاء وصحفيين وفنيين وإداريين وعاملين وكلهم رأيت فيهم كرم الخلق وجميل التعامل وقلة الكلام
🍃🍃🍃
في السودان كلمات تسمعها فتخالها كلمات عامية، لكنك عندما تتأملها تجدها كلمات فصيحة .. بالغة الفصاحة.. فمثلا تسمع كلمة “الزول مرق” أي خرج وإذا تأملت كلمة مرق وجدتها فصيحة واردة في الشعر العربي.. وكلمة أخرى “رحنا غشينا الشارع” .. أي دخلنا متعمقين بالشارع.. وقد وردت في القرآن الكريم “والليل إذا يغشى”.. تعبير عربي جميل.
🍃🍃🍃
من ألطف الأشياء في السودان أسماء بعض الأشخاص هناك، فتسمع كلمة “آدم وجبريل” وكأنك في عالم الملائكة.. وتتلقف أذناك اسم : “سر الختم” و”محجوب” واسم صاحبنا وغيرها كثير.
🍃🍃🍃
بقي على الدول العربية.. وعلى الأثرياء العرب أن يلتفتوا إلى هذا البلد المليء بثرواته الطبيعية وبغاباته ومياهه والمليء بالطاقات البشرية الأمينة
إن أوضاع هذا البلد الشقيق الاقتصادية تحتاج لمزيد من الإستثمار الزراعي العربي ليكون سلة غذاء لشعبه ولأشقائه العرب
🍃🍃🍃
أيها السودان.. با وادي النيل.. أكتب هذه السطور وأنا على ضفاف نيليك الأزرق والأبيض، وألوح “بيدي” وداعاً لك فأنت غني بخلق أهلك.. وثري بنيليك وخصوبة ترابك و رائع بوجوهك السمراء.. وأرضك الخضراء.. وقد يكون اليوم حلوا.. كما قال شاعرك الهادي آدم.. ولكن القادم أحلى.. أو هكذا أتمنى
جعل الله الأمن يسكن ربوعك ومرابعك
🍃أ. حمد القاضي
الكاتب السعودي وعضو مجلس الشورى السابق