مع الاجتهادات في معايير اختيار الشاب لمخطوبته. ودقته في التحري عنها، أقول مع تلك الاجتهادات لابد أن يجد ذلك الشاب صفة لا تعجبه وتوافق هواه في زوجته .. ذلك أن القصور والنقص صفة جُبل عليها الإنسان فليس ثمة كامل..
ومن ذا الذي تُرضي سجاياه كلها
كـفى المــرء نــبلاً أن تعد معايبه!
ولا يفهم من كلامي هذا أنني أدعو إلي العشوانية في اختيار الزوجة، بل يلزم الشاب أن يتحرى الصفات المثلي فيمن ستكون شريكة لحياته وأماً لأولاده.. قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ((تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)) فإن اجتمعت تلك الصفات في الفتاة المخطوبة فنور على نور وبركة على بركة وان اختل شيء من تلك الصفات فينبغي إتباع أمر الرسول عليه الصلاة والسلام في اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين، لأن الزوجة عماد البيت، فهي ربة المنزل وأساس نظامه ومنبع سعادته، فإن كانت صالحة أقامته على نظام وطيد ونسق فريد، ونشرت عطر المحبة في أجوائه، وبعثت السعادة في أنحائه.. وإن كانت غير صالحة بذرت في بيتها بذور الفساد، وزودت أسرتها للحياة باسوأ زاد. قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم:
"الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة".
ومع عظم شأن الزوجة الصالحة إلا أن ثمة تفريطاً عظيماً في هذا الشأن.. فهناك من يقدم المادة والمال ويجعلهما همه وغاية مناه، فنراه يبحث عن الزوجة الغنية الثرية صاحبة العقارات والأموال الطائلة!
وهناك من يريد زوجة ذات جمال بارع وقوام رائع وسيمة قسيمة ذات صباحة ووضاءة وحلاوة ورشاقة ولباقة، حسناء زهراء بلجاء دعجاء نجلاء حوراء هيفاء.. لا يشتكى قصر منها ولا طول!
وهناك من يريد زوجة ذات حسب رفيع ونسب وجاه وشهرة ذائعة، وهناك من يريد زوجة ذات مؤهل عال وشهادة كبيرة وثقافة سامقة عظيمة.. دون أن يعلم أولئك أن المال والجمال والحسب والجاه والشهادة لن تنفعهم في شيء إن ابتلاهم الله بزوجات مجردات من الأخلاق القويمة والصفات الكريمة والطبائع المستقيمة.
إن التوجيه النبوي في الحديث الشريف "فاظفر بذات الدين" يرشدنا إلى اختيار ذات الدين، وليس بالضرورة أن تكون ذات الدين مجردة من المواصفات الأخرى التي يرغب فيها الرجال، وإنما قدم أمر الدين لأن الدين منبع كل خير، فهو لا يتغير ولا يتحول، فالمتدينة تحفظ زوجها في فراشه وماله وأولاده، كما إنها تعينه على كل بر وصلاح، وإنها لتشرق عليه بحنانها وحبها وتطيعه فيما يأمر به وتكون عوناً له على ما يلقى من الشدائد والمتاعب. إن هذا كله يدعو العاقل من المسلمين ألا يقدم على الدين في المرأة عاملاً آخر .
جاء في الحديث: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي بآخر".
ولعلني أسوق هذه الكلمات إلى أولئك الذين تطول قائمة اشتراطاتهم في الزواج، فهم يريدون زوجات بارعات الجمال حسيبات نسيبات من ذوات الجاه والمال والغنى.. وفوق ذلك يكن عاقلات مطيعات شاكرات للقليل مساعدات للحليل، رخيمات الكلام كريمات الأخوال والأعمام، إن أحسن إليهن أزواجهن شكرن وإن اساؤوا إليهن صبرن!.. إلى آخر القائمة الطويلة من الشروط التعجيزية!! وأخص بكلامي "بعض الناس" الذين شغلوا أنفسهم وشغلوا غيرهم في البحث عن "حورية" لا وجود لها في الدنيا!! لكني لا أملك إلا أن أقول: أعان الله أولئك على انتظار المستحيل وأعاننا على الصبر عليهم!!
أؤكد مرة ثانية على أن صفة النقص قد جبل عليها الإنسان.. وأن الفتاة "الكاملة" لم ولن توجد على ظهر الأرض
تريــد مــبرأ من كل عـــيب
وهل نار تكون بلا دخان ؟!
مَنُ ذا الـــذي ما ســـاء قـطّ
ومَنْ له الحُســـنى فقـــط ؟!
وإذ ذاك فخير لك يا "شن" أن تتنازل عن بعض شروطك التعجيزية وتتزوج، لأنك لن تظفر بـ"طبقة" التي في خيالك مهما طالت بك الأيام!
* ابتسامة شعرية بليغة:
بعث امرؤ لأبي عزيزة مرة
برسالة يُبكي ويُضحك ما بها
يقول فهيا أريد منك صبيــة
حسناء معروف لديكم أصلها
وأديبة وعفيفــــــة ولطيفة
وكريمة وحليمة في عقــــلها
قد أحرزت في العلم غير شديدة
وعلي النسا طراً تفوق بفضلها
وتكون أيضاً ذات مالٍ وافرٍ
تُعطيه من بعد الزواج لبعلها
وأريد منها أن تكون مطيعة
أمري، فتتبعني وتترك أهلها!!
فرد عليه أبو عزيزة بقوله:
وافى كتابك سيدي وقرأته
وعرفت هاتيك المطالب كلها
لو كنت أقدر أن أرى ما تشتهى