رغم مضيِّ سنوات طويلة لا أزال أذكر نشوة الفرح التي تتلبّسني عندما اتسلم رسالة من البريد!
انني حتى الآن أتذكر واستطعم لحظات تسلم الرسالة وفتحها وقراءتها، وقبل ذلك متعة الانتظار لها!
أما الآن فقد وأدت اسلاك الهواتف متعة انتظار وقراءة الرسائل!
أذكر في ·عنيزة
كيف كنا ننتظر ونلاحق ساعي البريد في السوق عندما يقوم بتوزيع الرسائل – على دراجته المتواضعة – وكلّ منا ينتظر رسالة تأتيه من قريب أو عزيز أوحبيب، وكنا نسأل أليس لنا ·خطوط ؟ وكان يرد ·اكتبوا حتى يجيكم خطوط ، كم من أمٍّ في تلك الأيام كانت تنتظر هذا ·الخط من فلذة كبدها الذي يعمل بالظهران أو الرياض أو جدة وكم كانت فرحتها عندما نُهرع اليها نعطيها ·الخط ونقرؤه عليها فتفرحنا وتنفحنا كيف لا وقد قرأنا عليها رسالة اراحت قلبها وأدخلت عليه السرور وقد اطمأنت على ·جنينها الغائب
أما الآن!
فقد انطفأت الفرحة بالبريد!
بل إن البريد أصبح الآن مزعجا فهو بدلا من ان يحمل إلينا رسائل الشوق والاخبار الطيبة اصبح ·ركاما من خطابات الفواتير، وطلبات التسديد!
اي ان البريد اصبح – الآن- يأخذ منك، ولا يعطيك
يبدو ان اشياء كثيرة ذهبت وانطفأ وهج الفرح بها وليس الرسائل فقط
لقد كان الانسان منا يفرح عندما يبتاع أمراً بسيطاً لا تتجاوز قيمته عدة ريالات وقد يمتد الفرح به سنوات، أما الآن فإن الانسان يشتري الأشياء بالآلاف لكن الفرح – إن وجد – لايتجاوز لحظات!
لقد سرق الزمن منا
طفولة الفرح
ودهشة الأشياء
وبساطة الحياة
شاعر الصحراء
يتغنَّى بالبحر!
ان يجيء شاعر مجيد يعيش بين مياه البحار، وجريان الانهار ليكتب عن البحار والامواج والشواطىء فيبدع فذلك ليس امرا غريبا لكن ان يجيء شاعر لم يعش الا ظمأ الصحراء، وحب هذه الصحراء ثم يبدع قصيدة أو لوحة عن ·موجة عاشقة تزف الى شاطىء البحر فهذا هو الاقتدار والتميز وسحر الابداع ولكنه احساس الشاعر ومقدرته الفنية تجعل البعيد قريبا، والنائي دانياً لقد جاش هذا الهاجس في نفسي وأنا أقرأ قصيدة الأمير الشاعر خالد الفيصل في مجلة اليمامة عن ·الموجة العاشقة كما اسماها وقد بهرتني صورها واخيلتها، وتفاعل الشاعر مع هذه الموجة بمدها وجزرها وعناقها وبعادها، وكأن هذه الموجة هي الحياة بفيض فرحها وجهامة انقباضها، أو كأنها الدمعة التي تفر من العين الى شاطىء الهدب ثم تعود عليها أو كأنها ·البسمة التي تعانق شفة محب اقرؤوا هذه الصورة البالغة التعبير البليغة التأثير انه جعل من ·القمر كنزا من فضة يلون البحر موجه وشاطئاً وسمكاً بلونه البلوري:
تلعب الموجة وللغبّة هدير
والقمر من فضة رش البحر
واقرؤوا معي هذه الصورة الأخرى التي لا تقل عن سابقتها:
عشقها ترقص على نسمة عبير
ترتفع ثم تنهصر ثم تنحدر
وهذه اللوحة الأخيرة لا أعلق عليها فقرص شعرها أجمل من نثر شعري
لن أطيل أكثر فالشعر الجميل حسبك ان تقرأه وأن تحسه – كما قال أحد النقاد – لكن!
اسأل: لو عاش هذا الشاعر بين مياه البحر، وحنان الماء ترى ماذا هو مبدع من شعر!
وزير البرق
وتجاوب واقعي
تلقيت تجاوباً يتسم بالواقعية من معالي وزير البرق والبريد والهاتف د علي بن طلال الجهني كتبه بخط يده وعلى ورق عادي وذلك حول ماكتبته قبل فترة عن تقطع ارسال الجوال بطريق القصيم، وحول انقطاع الارسال حول بيت الله الحرام في مكة المكرمة في كثير من الأوقات رغم أهمية هذا الموقع ومن خلال قراءة تجاوب معالي د الجهني يستبشر المواطنون خيرا بانتهاء هاتين المشكلتين – قريبا – من خلال متابعة الوزير لهما شخصياً، واحساسه بذلك وسعيه مع الجهات الاخرى في وزارته وغيرها لاختفاء هاتين الملاحظتين وفي تقديري ان هذا بداية العلاج لكل مشكلة
وهذا نص تجاوب معاليه:
أخي الكريم الصديق الاستاذ حمد القاضي
بعد التحية:
لقد سبق لي قراءة ماكتبتموه ولكن – وللأسف – نسيت الموضوع بسبب ازدحام العمل، وأنا لا أوقع خطاباً لمثلك الا اذا كنت أنا الذي كتبته، وعلى عكس مايقال، جميع ما أرسله الى الصحف ليس للعلاقات العامة علاقة به
على اي حال: 1 بالنسبة الى طريق القصيم فالملاحظة صحيحة، والتجارب لم تنته بعد، وعن قريب بإذن الله لن تشوبه شائبة وأظنك توافقني ان ·التلمّس أفضل من العمى وكذلك بدأنا العمل ونحن نعرف ان الاتصال ينقطع في بعض المناطق في الشهور الأولى من بداية البث في نهاية شهر رمضان المبارك بدأ البث
2 اما بالنسبة الى منطقة الحرم، فأمرها معقد بسبب الكثافة الهائلة التي يستحيل على اية شبكة في العالم الوفاء بكل متطلباتها في أوقات الذروة واحدى المشكلات التي واجهناها في هذه المنطقة المقدسة عجزنا من ايجاد مواقع لابراج الارسال، وسأكتب لفضيلة الشيخ ابن سبيل، فعسى ان يسمح لنا بوضع أسلاك تقوية في منارات الحرم وفي حج هذا العام سنضع حول الحرم ابراجا فوق ·تريلات يمكن تحريكها فعسى ان تحل شيئا من مشكلات الجوال حول الحرم وبالصدفة تحدث إلي فضيلة الشيخ ابن عثيمين عن طريق الجوال من الحرم المكي ، وكان الاتصال واضحاً جداً، وكان فضيلته ممنونا جداً، فقلت له ياشيخ محمد: أنت تنام في الليل وتعمل في النهار ولذلك فليس هناك مشكلة بالنسبة الى الاتصال في النهار – وكان بين الظهر والعصر في العشر الأوائل من رمضان – ولكن المشكلة تكمن في الاتصالات في الليل التي تنهال فيها مئات الآلاف من المكالمات على الجوالات الموجودة في داخل وحول الحرم مرة أخرى آمل المعذرة، واقول لك بصفتك صديقا لا غرض لك ولا هوى بأنه يصلني أسبوعياً نحو ألف رسالة برقية وعادية، وكل فرد من مرسليها يريد مني ان أجيبه شخصياً!
أعان الله الجميع
ولك تحياتي
أخوك
علي بن طلال الجهني
نبضة قلب
بعض الكلمات
تجىء أحيانا ·أرق من الشكوى وأقسى من الهجر ، كما يقول ابن الجهم
·ما نفضتُ الندى عن ذرى العشب فيها،
ما لثمتُ الضباب الذي يحتويها،
جئتُها والضحى يزرع الشمس في كل حقل وسطح مثل أعواد قمح
فرَّ قلبي إليها كطير إلى عُشه في الغروب
هل تُراه استعاد الذي مرَّ من عمره، كل جرح وابتسام؟
