** بقدر ما أدعو ويدعو غيري عبر المنابر والمحابر إلى تقنين وتقليل المهور وتكاليف الزواج.
بل لعل أول موضوع إنشاء كتبته في السنة الخامسة الابتدائية عندما كلفنا مدرس هذه المادة بكتابة موضوع عن غلاء المهور .
ولعلنا وقتها لا نفرق بين المهر والمهرة.!
لكن.!
وبقدر هذا الحماس لهذا الموضوع فإنني بذات الحماس ضد تحديد المهور وتقنينها على أساس مهر للبكر ومهر للثيّب كما نقرأ كثيراً عن هذه المبادرات في العديد من المدن والقرى، ولو كان هذا الاتفاق والتقنين سرياً أو غير معلن لهان الأمر، لكن أن يعلن على رؤوس الأشهاد وأمام الصغير والكبير وأمام اللي يسوى واللي ما يسوى..!، وأمام المرأة نفسها.!
وهذا مناط الاعتراض.
لأن فيه نظرة دونية لبعض النساء ولقدر المرأة.
وإهانة لكرامة هذا البعض وعلى عينك يا رجل .
إن المسألة – بهذا التقنين – لا تتجاوز النظر إلى خلق المرأة لا أخلاقها.
إن مثل هذا التقسيم يجعل من المرأة سلعة قديمة أو جديدة، مستعملة أو غير مستعملة ولكل سلعة سعر.!!
أو هي سيارة فالموديل الجديد له قيمة والموديل القديم له قيمة..!
إنني أربأ بالمرأة عن هذه النظرة.
أربأ بها عن هذا التسعير الذي ينظر إلى قيمتها ومكانتها من منظور شكلي وجسدي .!
إن الأولى إذا كان هناك تفريق مقنن في مهور النساء أن يحدد ذلك على ضوء معايير أخرى لعل من أهمها: التعليم – التربية – بل إن معايير أخلاق المرأة قبل صفات خلقها.!
***
** ثم تعالوا
إلى مسألة منطقية.. ومن منطلق نظرة من يفرقون بين البكر والثيّب.!
فإن كانت المسألة من منظور شكلي – وهي كذلك عندهم – فالفرق ليلة واحدة فقط لا غير.
ثم بقية ليالي المرأة بالنسبة للرجل سواء.
ولعل امرأة وشاعرة عربية ليست بكراً أدركت ذلك.. ولهذا عندما قال شاعر رجل في العصر العباسي مفاخراً بزواجه من بكر.!
((قالوا نكحت صغيرة فأجبتهم
أحلى المطيّ إليّ ما لم يركب))
ردت هذه الشاعرة مجارية له في نظرته ومنطقه:-
((إن المطية لا يلذ ركوبها
حتى تذلل للركوب وتُركبا))
وخوش رد من هذه المرأة.
فقد جاء الرد على قدر مفهوم هذا الرجل.
أما إن كان التفريق على أساس أن البكر لم تتزوج وعلى أساس أن الرجل يوجهها كما يريد.
أما الأخرى فهي مطلقة سبق لها الزواج ولها تجربتها مع الرجل.
فهذه نظرة خاطئة.!
فلا يعني – بشكل دائم – أن البكر أكثر خلقا أو أطوع للرجل.
إن المرأة ذات التجربة السابقة قد تكون أوفر خلقاً وقد تكون أكثر جمالاً.. وأطوع انقياداً إنني أقصد.
ان المعيار في هذه القضية ليس كون المرأة بكراً أو ثيباً، بل الأمر يختلف من امرأة إلى أخرى سواء كانت من النوع الأول أو الثاني.
** ومسألة أخرى
إن تجربة المطلقة ربما تكون سبباً في نجاح الزواج واستمراره واسعادها وإسعاد الطرف الآخر.
لأن الإنسان – رجلاً كان أو امرأة – عادة لا يحب أن يخوض تجارب كثيرة في الحياة أو الزواج.
بل هو ينشد الاستقرار.. وبالأخص في أهم شيء في حياته.!
أتراكم – بعد ذلك – تتفقون معي أو يتفق معي أكثركم على خطأ التفريق بين مهر البكر ومهر الثيب أو على الأقل الإعلان عنه حيث إننا أصبحنا نقرأ مثل هذه الأخبار على رؤوس الأشهاد..
ويتضايق الكثير منا نحن الرجال، فما بالك بالمرأة التي لها تجربة زواج آخر، ولا أقول مطلقة أو ثيباً.!
إنني أحسب أن مثل هذا التقنين ونشره على الملأ يمثل إهانة لها على أساس أن الرجل ينظر إليها نظرة جسدية، وأن قيمتها تتوقف على أنها بكر أو ثيب .!
كم أتطلع
أن تكون نظرتنا للمرأة
أكبر وأسمى من هذه النظرة، وإن كنت لا أنفي أهمية هذه النظرة، لكن لا أريدها هي المعيار الأوحد في تحديد النظرة إلى المرأة.
أتطلع أن تختفي مثل هذه الأخبار وهذه الإعلانات على الملأ وإشهار إجماع أهل القرى والمدن عليها.!
***
** انتهاء
طفرة الفضائيات..!
** كما أنه لكل جديد لذة.
فيبدو أنه لكل جديد طفرة.
تشدّ الناس إليها ثم ينتهي التعلق بها..!
وأحسب أن الفضائيات جاءتها طفرة شدت إليها الناس!
لكن الآن بدأت تنحسر هذه الطفرة ويتمثل ذلك في قلة التعلق بها حالياً سواء من الصغار أو الكبار بعد أن كانت تأكل وتشرب مع الكثيرين منا.
أول ما ظهرت هذه الفضائيات سرقت أوقات واهتمامات أغلب الناس..!
الآن انفض السامر وقل المتابع..
لقد كثرت القنوات الفضائية.. فأصبح المشاهد الآن لا يدري ما يختار ولعل كثرتها سبب الملل منها، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أصبحت أكثر هذه الفضائيات العربية تكرر نفسها.. وتتنافس على تقديم المواد الأوفر تفاهة مهمشة قضايا الأمة وهموم الناس وثقافتهم وشؤون حياتهم.
لقد أضحى الواحد منا يدير المحرك الآلي وهذه ترجمة سريعة للريموت كنترول .
ثم يسأم من البحث بحيث لا تقع عينه مع الأسف مرة أخرى إلا على مسلسل تافه أو أغنية أكثر تفاهة، أو على برامج هواء تستعرض فيها المذيعات ملابسهن وأشكالهن وأسئلتهن الرديئة المكررة والمملة!
إنني شخصيا لست كارها لهذا الإنصراف عن هذه الفضائيات، بل لعلني محبذ له لأن الناس عادوا إلى هواياتهم القديمة من الأحاديث القيمة والقراءة النافعة والرياضة المفيدة والمسلية ثم انهم وفروا أوقاتهم من أن يضيعوها في التافه مما تعرضه هذه الفضائيات.
والحمد لله على هذه النكسة المحبوبة والعودة الحميدة.
***
** أجل
إياكم وخضراء الدمن..!
* الكاتبة القديرة ليلى بنت محمد المقبل إحدى كاتبات هذه الصحيفة (الجزيرة) كاتبة في تقديري تتجاوز في طروحاتها وآرائها وأسلوبها العديد من الكتاب والكاتبات.
هذه الكاتبة طرحت قبل فترة وجيزة في صفحة (عزيزتي الجزيرة) موضوعاً فيه الكثير من الجرأة والحق معاً، لقد طرحت موضوع عدم التزاوج بين القبيلي والخضيري.
تناولت هذه القضية التي لا يجرؤ الكثيرون على تناولها.
وأتوقف هنا عند جزئية مهمة تتعلق بهذا الموضوع، والتي تشكل تناقضا غريبا.. ذلك أن الكثيرين يرضون أن يتزوج أبناؤهم من أجنبيات وربما غير عربيات وغير مسلمات في الوقت ذاته لا يسكت عنهم الغضب عندما يتزوج أو ينوي أن يتزوج لهم ابن أو قريب من عائلة ممن يسمون الخضيرية..!
عجيب جداً!
كيف يوافقون أن يتزوج ابنهم أو قريبهم من فتاة عاشت في مجتمع يختلف] ثقافة وبيئة وأخلاقاً وربما عقيدة [والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إياكم وخضراء الدمن.
إنني لست ضد التكافؤ في النسب الذي أشار إليه الفقهاء وهو من أسباب نجاح الزواج لكنني ضد الكيل بمكيالين في هذه القضية.
إن مكيال التكافؤ في الدين والخلق والبيئة أهم بدرجات كبيرة من مكيال العرف والنسب.