على مدى السنوات الماضية تابعت كثيراً من الدراسات.. وقرأت عددا من الاستطلاعات واللقاءات والإحصائيات حول موضوع "الطلاق"..وقد وجدت – سواء في بلادنا أو في البلاد العربية – أن السبب الأول للطلاق إنما يعود إلى رجل استغل موضوع هذه "الرخصة" التي لا يتم استخدامها إلا في أضيق الحدود، استغلها استغلالا بشعا ومجحفا.
لقد رأيت مئات من حالات الطلاق تمت, لأن الرجل أو بالأحرى "الذكر" كان مدمن شراب, ومن هنا تعيش المرأة معه في جحيم فهو عندما يفقد عقله – بسبب الشراب – يعتدي ويضرب ويسيء.. فمن المجني عليه هنا؟
هل المرأة مرتكبة الخطأ أم الرجل.؟!
هل نلوم المرأة عندما تطلب الخلاص من هذا الرجل الذي باع عقله ولم يراع ضميرا، أو يرع بيتا.؟!
وهناك حالات طلاق أخرى تجيء لأن الرجل يهمل بيته وأسرته مادياً ومعنوياً, ويكون همه إما السفر، أو الأصحاب أو شؤون الدنيا، فتجد المرأة نفسها وحيدة تأكلها الهموم والأحزان.. ورجلها في عالم آخر، فهل يلومها المجتمع عندما تطلب الخلاص؟
وهناك حالات يكون السبب الرئيسي فيها سوء معاملة الرجل, وعدم اتصاف تعامله بأدنى حد من الإنسانية.. فهو يعنف لأدنى سبب، ويغضب لأتفه سبب، ويرمي زوجته بأقسى الكلمات لأقل سبب، ومن هذا ترى المرأة أن "ورقة الطلاق" هي ورقة خلاصها من هذا الجحيم..!!
بل إن إحدى المطلقات قالت في لقاء في الإذاعة السعودية أنها فرحت بورقة الطلاق أكثر من فرحتها بورقة الشهادة الجامعية..!
تلك السطور السابقة كتبتها لأنني أرى أن "المطلقة" مظلومة في كثير من الأحيان والحالات.. فكثير من أفراد المجتمع يحمُلها الخطأ في تصدّع بيت الزوجية رغم أن الحقائق والإحصائيات وتقارير المحاكم تؤكد خلاف ذلك, والواقع – أيضا – يؤكد خلاف ذلك، فكم من مطلقة لم توفق في تجربتها الأولى، وانضمت إلى شركة زواج أخرى فنجحت وأنجبت وعمرت بيتا سعيدا..!!
إن حديثي هذا لا ينفي وجود حالات طلاق تمت بسبب عدم توافق الشريكين، وإن كان الرجل على قدر كبير من الدين والأخلاق, والمرأة على قدر كبير من الجمال والشيم. وليس الطلاق مؤلما إذا لم يوفق الله بينهما، لكن المؤلم حقا أن المرأة تُتهم دائماً من قبل بعضهم بأنها سبب تصدع بيت الزوجية وتُلام لأنها لم تصبر مع أن الصبر قد يكون شكا من صبرها.!
ولينظر هؤلاء اللائمون إلى كثير من المطلقات كيف نجحن وملأن بيوت أزواجهن – في تجربتهن الثانية – هناء وسعادة, ولعل التجربة الأولى تجعلهن يحرصن على نجاح تجربتهن الثانية، وبالأخص إذا كان أزواجهن السابقون ليسوا أهلا لإقامة بيوت سعيدة..!
إن من المطلقات من هن على قدر كبير من الأخلاق والعلم والجمال.. ولكن المجتمع يظلم الكثير منهن..!
وأحيانا تظلم المطلقة نفسها، عندما ترى أنها هي سبب فشل التجربة, أو أنها فشلت في حياتها، ولو فكرت لأدركت أن ما تم – فعلا – تجربة، وإذا ما فشلت فأمامها تجربة أخرى لتنجح فيها، وربما لا يكون الخلل فيها بل في الرجل الذي ارتبطت به.
وبعد..!
إن على المجتمع أو بالأحرى بعض أفراده أن يغيروا نظرتهم إلى "المطلُقة" وبالأخص بعد أن أثبتت الإحصائيات العلمية والواقعية أن كثيرا من حالات الطلاق كان السبب الأول والأخير فيها هو الرجل إما لإدمانه الشراب، أو لسوء أخلاقة، أو بخله، أو إهمال بيته أو غير ذلك من الأسباب.
وأنتنُ يا من لم توفًّقن في تجربتكن الأولى، انظرن إلى الغد بأمل وبمنظار جميل، فقد يوفقكن الله – كما وفق كثيرات مثلكن – برجال – حقا – يسعدون زوجاتهم، ويعمرون بيوتهم, ويؤدون حقوق الأسرة والزوجية.
فيا أيتها المطلقات: طبن نفسا اليوم وغدا.
■■■
■■ بين الرجل والمرأة
سؤال لا معنى له..!
شدتني كلمات للكاتب القدير الأستاذ أحمد بهجت وردت في مقالة جميلة له تحت عنوان "ملاحة في بحر الحب" وقد أجاب على سؤال نطرحه أحيانا عندما نسمع عن قصة حب صادقة ونقية وحدت بين قلبين فنقول عندها سائلين أو بالأحرى مستغربين: ما الذي أعجبه فيها ليحبها كل هذا الحب؟! وقد قال الأستاذ بهجت مجيبا على هذا السؤال الصعب: "إن هذا السؤال لا معنى له، لأن لكل إنسان صورة خاصة في نفسه عن الجمال لا يدركها الآخرون، ويجب ألا يدركوها حتى لا يحب الرجال امرأة واحدة ولا تحب النساء رجلا واحدا".
وقد يفسر أو يؤكد هذه الإجابة حكمة أخرى لحكيم عربي تقول "إن المرأة – أية امرأة – جميلة في عين الرجل الذي يحبها"..!
وقد تكون هذه الكلمة أصدق وأكثر تعبيرا عن سر دهشة الآخرين عند سماعهم لقصص حب بالغة الصدق بين رجل لا يريد سوى تلك المرأة، وعن امرأة لا تريد سوى ذلك الرجل..!
وما أكثر ما نسمع – بجهل أو غباء – من يلوم إنسانا على تعلقه بامرأة معينة، فيردد على مسامعه أن النساء كثيرات فلماذا لا يستبدل بها واحدة منهن, وينسى هؤلاء تلك "الكيمياء" الخفية التي مزجت بين ذينك القلبين حتى مزجتهما، وربطت بينهما.
وقد تلوم أم طيبة ابتنتها على إصرارها على الزواج من شخص معين معللة ذلك بعطف بالغ على ابنتها. بان أولاد الناس كثيرون.. و"يوجد بهذا البلد غير هذا الولد" ولكن هذه الأم الطيبة قد تغفل أن الله سبحانه هو الذي وضع سر المحبة في القلوب لكن مع هذا لا يعني أن الحب هو الأساس الوحيد لبناء البيوت، وربط المرأة بالرجل, فلا بد أن يكون ذلك الإنسان المحبوب أهلا لهذا الحب بخلقه وكفاءته وقدرته على الوصول بمن يحب إلى ضفة الحياة الآمنة بمعنى ألا يُبنى هذا الحب على أساس عاطفي فحسب.. بل لا بد أن يرتكز أيضا على أسس عقلية وروحية..!
■■■
■■ مرافئ صغيرة
■■ حقا
إن بعض الشعراء يحتاجون إلى "تعزيز" كما قال الشاعر الكبير حمزة شحاتة – حتى يتوبوا عن قول الشعر، فلا يرفعوا عقيرتهم ببيت مائل أو قافية مهترئة…!
إن على الشعراء أن يراعوا مشاعر الناس فهم يقدمون إنتاجا يخاطب أذواقهم ومشاعرهم وما لم يكن هذا الشعر جيدا، وشاعره مجيدا فأنه يخرب أذواقهم، ويؤذي مشاعرهم..؟
■■ هناك كلمات تتردد
لى ألسنة بعض الناس وتكثر على أسنة الأقلام.. وهذه الكلمات لا غبار عليها – بحد ذاتها – لكن لأنها ارتبطت ببعض الظواهر السيئة أصبحت غير مقبولة؛ فمثلا كلمة "ترويج" – حيث ارتبطت بالمخدرات – لا تكون مقبولة عندما نقرنها بظواهر جميلة.. لذا تكون غير مقبولة عندما تجيء مقرونة بالدعوة إلى قيم أو فضائل أو أمور جميلة مثل أن تقول: "مطلوب ترويج الكتب النافعة" أو أن يكتب أحد الكتاب محبذا إفشاء السلام فيقول – جهلا – "لذا يحسن ترويج السلام بين الناس".
إن وضع الكلمة في مكانها أمر بالغ الأهمية ولهذا جعله البلاغيون من أهم ركائز البلاغة .. إن وضع الكلمة في غير مكانها – مهما كان جمالها – يشوُهها، بل هو تماما كوضع السيف في موضع الندى، أو التمر بدلا من الجمر!.
إن اللغة مفردات متجانسة يلزم أن يوحدها خيط الوفاق. وجمالية المفردة معا..!