سئلت في حوار ثقافي: هل يستطيع الإنسان أن يعيش بلا أحلام وبلا «رومانسية» بعد أن غمر وجوده السعار المادي؟..
فأجبت:
لا أتصور ذلك بل أحسب أنه كلما استشرى السعار المادي كان الإنسان أكثر حنينا إلى الأحلام والرومانسية.
ومن نعم الله أن « الرومانسية » لا تخص شعباً دون آخر.. فالرومانسية في الحياة وفي الأدب وفي الفن هي نتاج عاطفة مرهفة.. ونداء جوانح ندية تحلم بالحنان والجمال.. وهذه العواطف ليست وقفاً على الشعوب الصناعية دون غيرها .. أو على أبناء قارة دون أخرى.. بل إن الشعوب كلما أغرقت نفسها في زهرة الحياة الدنيا كانت أكثر احتياجاً إلى دفء العاطفة.. وحنان القلب وهدوء الحياة.!
إن أي شعب في الكون لا يستطيع أن يعيش دون «أحلام» تضيء غده.. دون «ورود» تبعث في دواخله الري .. ما معنى الحياة من دون حب.. ومن دون رومانسية، ومن دون قارورة عطر؟!.
كم يكون الكون مظلماً وشتاءً قاسياً دون مشاعر أو شعر – بكسر الشين – وقد اختصر الشاعر غازي القصيبي هذا الأمر عندما قال:
وإن لم يسمعوا صوت النواح» وفي «فرنسا» إحدى الدول الصناعية الكبيرة دعوة ملحة للعودة إلى عوالم الرومانسية والأحلام والأقمار والليل الجميل.!
لقد سئم الإنسان آلية هذا العصر التي تكاد أن تحوله إلى «رقم» في إحدى طرفيات الكمبيوتر.
لقد بدأ يحس أن له قلباً يحن، ومشاعر تظمأ .. وعاطفة تشتاق.!
وكل ماديات العصر لا تستطيع أن تسكب عطر الحنان في قلوب الناس، وليست قادرة أن تروي المشاعر الظامئة إلى الندى، وهي أعجز من أن تطفئ لهب العواطف بأشكال المادة.
والصينيون لديهم مثل عتيق وعميق يقول: «إذا كنت جائعاً وكان لديك درهم فاشتر بنصفه رغيفاً تملأ به معدتك، وبنصفه الآخر وردة تسعد به جوانحك .»