16
فبراير
رسالة إلى الأطباء…!
حمد بن عبدالله القاضي
in مقالاتي
Comments
عزيزي الطبيب:
اعلم – يا رعاك الله – أن المريض عندما يأتي إليك فإنه يأتي وهو في أشد حالاته ضعفاً، وإن كان في صحته أقوى من الجبال الراسيات.. واعلم أنه لو كان أفصح الناس لساناً فإنه عندما ينام على «السرير الأبيض » يكون وقتها أعيا من «باقل !..»
■ ■ ■
من هنا أدعوك – أيها الطبيب – أن تحنو على مريضك، وأن تقدر وضعه وحاله .. وقمة «الرعاية » له أن تصغي سمعك إليه ليحدثك عن مرضه، ويكشف لك عن آلامه.. وفي هذا نفع له، واختصار لجهدك ووقتك..ليتك – أيها الطبيب – وقيت من كل مكروه – تدرك مدى ارتياح المريض الذي يسكن جسده التعب عندما يحس أنه فاض لك بكل ما يؤلمه، وأفاض عليك بكل ما تختزنه مشاعره، وبما يقض مضجعه.
■ ■ ■
إن ذلك – أيها الأطباء – هو بداية الشفاء ولا أقول التشخيص، فالإفصاح عن الشكوى إلى ذي مروءة، وأنتم – أيها الأطباء – يفترض أن تكونوا في قمة المروءة وأنتم – بحول الله – كذلك، هذا الإفصاح هو بداية الشفاء .. أو – على الأقل – نهاية الشكوى.!!
■ ■ ■
وثق – أيها الطبيب زادك الله نطاسة ومعرفة – أن الراقد بين يديك، المتطلع – بهلع – إلى عينيك، الخائف مما سوف تسمع أذناه. لا يرغب في الكلام لمجرد الكلام ولا الشكوى لمجرد الشكوى.. بل لعل الحديث يشق عليه، بل لعله لا يريد أن يبوح بما بين جنبيه ولكن القضية كما قال الشاعر الحكيم..
■ ■ ■
«وما الشـــكوى لمثــلي عــــادة
ولكن تفيض النفس عند امتلائها»
■ ■ ■
لذا – أيها الطبيب – كن – يا رعاك الله – أوسع صدراً، لا تضايقك ثرثرة المريض، فهو إنما يبوح لك بما في خافقه، ويكشف لك عن أسباب ألمه.. وأنت باستماعك إليه تريحه، تفقه شكواه، ولعل شفاءه يتم على يديك فتنال الأجرة والأجر.. أجرة الدنيا من الحطام، والأجر من الله في دار المقام.
■ ■ ■
وقبل ذلك وبعده:
لنتذكر – جميعاً: الأطباء وغيرهم – قول مقدر الأمراض، وواهب الصحة للبشر: «وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم » سورة يونس آية 107 .
عندئذ تطمئن النفوس، ويشرق الأمل في القلوب.
■ ■ ■