سأجعل منطلقي في هذا الموضوع هذه المقولة الحكيمةمن تراثنا للحكيم «ابن خارجة »؛ لتكون نبراساً لكل موظف سواءأكان كبيراً أم صغيراً، وزيراً أم خفيراً، يقول ابن خارجة: «ماأحبُّ أن أرد أحداً في حاجة، فإن كان كريماً صنت عرضه، وإنكان لئيماً صنت عرضي منه ».
والمراجع لكم – أيها الموظفون – أعلى الله مراتبكم، وهذاالدعاء، لعله أغلى دعاء وظيفي يتوق إليه الموظف.. المراجعإما أن يكون كريماً سمحاً، وهنا ليس أبهى من قضاء حاجته،وإراحته من التردد عليكم، وحفظ وقته وصيانة عرضه – كماقال ابن خارجة – أو يكون المراجع من النمط الآخر «أي لئيماً ».
وهنا يحسن قضاء حاجته إن لم يكن لأجله فمن أجل أن يصونالموظف نفسه من أن يسلقه بلسان حاد، أو يعضه بناب سام.
ثم اعلموا أيها الموظفون – رقَّاكم الله ولكن هذه المرة إلىالدرجات العلى في مقعد صدق عند مليك مقتدر – اعلموا أنالمراجع الذي يقف على مكاتبكم هو ذو حاجة، وصاحب الحاجةأعمى – كما يقول العرب – إنه يقف وهو في أشد حالاته احتياجاً
لخدمتكم .. وقد يكون أمامكم أشعث أغبر من آثار المراجعاتأو السفر – لقدومه من قرية نائية، أو مدينة بعيدة، ومثل هذاالمراجع جدير بالخدمة وأهل للمساعدة بموجب الأنظمة التيوضعت للتيسير، وليس للتعسير، ولكن بعض الموظفين لذلكغير مدركين.
أنتم – أيها الموظفون – ليس مطلوبا منكم أن تحققوا لمراجعيكمكل ما يريدون – وإن كان ذلك جميلاً ورائعاً .. ولكن إن لم يكنذلك فأكرموهم بالكلمة الطيبة، لكيلا تجمعوا عليهم إلى حشفخيبتهم سوء الكيل في قولكم وتعاملكم.
قولوا لهم قولاً ليناً، وامنحوهم تعاملاً حسناً .. وثقوا أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم،ولا بوظائفكم، بل يسعهم منكم فقط – كما قال محمد بن عبدالله–عليه الصلاة والسلام- «بسط الوجه وحسن الخلق».
وتذكروا دائماً أن بشاشة وجه «الموظف» – مع الاعتذار للشاعر لهذا التعديل – خير من القرى، وإن كرم وقِرى المساعدة وإنجاز المعاملات خير وأفضل من كرم المال و «المقطحات».