logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

الجلد والتجميل بين الأطباء والشعراء

حمد بن عبدالله القاضي

حمد القاضي > مقالاتي  > الجلد والتجميل بين الأطباء والشعراء حمد بن عبدالله القاضي

الجلد والتجميل بين الأطباء والشعراء

حمد بن عبدالله القاضي

      

 

 

 

أجزم حد اليقين أن أمراض الجلد وقضايا التجميل قد أشبعت بحثاً وكتابة وتشخيصاً من قبل أطباء الجلد والتجميل ومن قبل المعنيين بهذه المجلة سواء عبر صفحاتها، أو على مقاعد عياداتهم!.

 

من هنا.. وأنا أكتب في عقر دار هؤلاء.. سوف أتناول تناولاً خفيفاً شجون الجلد وشؤون التجميل من وجهة نظر الشعراء والأدباء، وليس من خلال مشارط الأخصائيين والأطباء!..

 

فأولا: "الجِلد"بكسر الجيم وليس الجَلد بفتحهاـ كفانا الله شر أمراض الجِلد وسياط الجَلد ـ!.

 

"الجلد" يرتبط ـ أولا ـ بعشق الأرض والوفاء للوطن ولهذا عندما سئل ذلك الأعرابي: ما سر تعلقه بأرضه ومسقط رأسه فقال: " أليست أول أرض مس جِلدي ترابها"..

 

أما "الجلد" لدى الشعراء والأدباء فهو علامة الرفاه، وعنوان أنوثة المرأة.. بل إنهم بالغوا في هذا الأمر " الجلدي التجميلي" إلي أن بلغ القول بأحدهم في مبالغة جميلة نكاد أن نتخيل عندها المحبوبة (زبدة) تذوب وليس امرأة تمشي.

 

           خطرات مر النسيم تجرح خديه

                            ولمس الحرير يدمي بنانه

 

والسؤال لهذا الشاعر الغارق بالخيال كيف عندها سيعالج أطباء الجلدية والتجميل جلد هذه الحبيبة "الزبدة"؟.

 

و"الجلد" من جانب آخر هو أول مظاهر الجمال والشباب والحيوية، ومن هنا جاء احتفاء المرأة بجلدها "تجميلا وتشذيبا وشعرا وترشيقا".

 

ولن أقف هنا عند تجمل النساء والرجال أيضا. فهم الأن يضاهون المرأة في عنايتهم بتجميل جلودهم وغيرها، إذ هي التي تشهد على شبابهم أو على العكس بخاصة أولئك الرجال الذين يفكرون بمشروعات ثانية!!.

 

أعود لحفاوة الشعراء بجمال المرأة وحسنها عينا وخداً وجيدا وسنا وصدرا وخصرا وساقا وحتى قدما ـ وأحسب أن الشعراء لم يتركوا شيئا في جسد المرأة لم يشبعوه وصفا وتشبيبا، بل لعلهم شرحوه وصفا ونعتا ربما أكثر من أطباء الجلد والتجميل وهم يقومون بعمليات التجميل والتشذيب وبأسلوب أقرب للصواب (الترميم)، وأقف لآخذ جرعات قليلة من "روشتات" الشعراء التجميلية.

 

"فالعين" ـ وكم في العين من حور ـ كما يقول غازي القصيبي وصاحبه جرير الذي قتلته ذات العيون التي في طرفها حور.

 

أرحل إلى شاعر الكبرياء"المتنبي" الذي أدعي ـ ذات شعر ـ أن المرأة أخر همه، وأن الولاية غاية طموحه عندما ادعي أنه لم تسبه عين ولا جيد، ولكنه انهزم ـ ومن لا ينهزم أمام العيون الجميلة ـ فقد قال وأكد في بيت شعري أخر:

 

           "وما كنت ممن يدخل العشق قلبه

                         ولكن من يبصر عيونك يعشق"

 

معذور!

 

والعذر عندها كل العذر للمرأة عندما تحفل بعيونها حوراً ولونا واتساعا، وسوادا وبياضا ما دامت هي أول جاذب "للخطاب" والرجال!.

 

***

 

ولو أتوقف عن الجيد وعن من وصف من يحب بأنها (بعيدة مهوى القرط) كناية عن طول جيدها!.

 

لكن أقف عند أمر فيه شيء من الغرابة، وهو "ميدان تجميلي" تناقض فيه الأطباء مع الشعراء! ذلكم هو رشاقة المرأة وامتلاؤها، فالذي نعرفه أن الأطباء من ناحية صحية يحذرون من السمنة وامتلاء جسد المرأة ـ رجلا أو امرأة ـ وأطباء التجميل بخاصة يزيدون على ذلك جاعلين أحد معايير جمال المرأة: رشاقتها، أو بالأحرى نحافتها، والمرأة تسعى إلى ذلك " سعي الكفيف إلى ذبالة نور"!.

 

ولكن الشعراء ـ وبخاصة القدامى وبعض الرجال قديماً وحديثا ـ لهم رأي آخر، فأغلبهم ـ أي الشعراء إن لم يكون كلهم رأوا جمال المرأة وحسنها وجاذبيتها للرجل في امتلائها وزيادة مرتفعات بعض أجزاء جسدها فهذا هو " الأعشى" وبيته الشهير الذي يقول فيه:

 

 (هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة)

 

وهذا عمر أبو ربيعة وضع مقاييس جمال المرأة ـ في إحدى قصائده حيث يقول:

 

           أبت الروادف والثدي لقمصها

                       مس البطون وان تمس ظهورا

 

ولو أخذت النساء برأي الشعراء لربما خسرت عيادات الرشاقة والتجميل ولفرت أعين الممتلئات!.

 

***

 

ثم آتي أخيرا إلى "الشعر وطوله" وكم سحر الشعر الطويل الشعراء والأدباء وغيرهم أيضأ.. وحسبنا ما قاله شاعر معاصر هو نزار قباني في وصف راق وساحر لطول شعر المرأة عندما قال:

 

           سارت معي والشعر خلفها

                       كسنبل تركت بغير مصائد

 

 ودواوين الشِعر ـ بكسر الشين ـ مليئة بالقصائد عن جمال سنابل الشَعر ـ بفتح الشين ـ!.

 

وأودعكم الآن فهذا هو المتاح، ولعله هو المباح!. وإلا فدواوين الشعر العربي وكتب التراث العريق مليئة حد الإغراق بأوصاف المرأة من أعلى شعره في رأسها إلى أخر قطعة جلد في بطن قدمها.

 

رئيس تحرير المجلة العربية

مجلة الجلدية