الحياة ومعادلة الانتصار والانكسار
حمد بن عبدالله القاضي
** الحياة مزيج من انتصار وانكسار، من نجاح وفشل، من فرح وترح وكلنا – في هذه الحياة – نمر بهذه المواقف.
ننتصر وننكسر
تتخضب أيامنا بالفرح آونة، وتتكحل ليالينا بالترح آونة أخرى، ننجح أحياناً ونفشل أحياناُ أخرى، ولو لم تمر على كل واحد منا هذه المعادلة لما كان للنجاح طعم، ولا للانتصار نكهة، ولا للفرح مذاق، والسعيد المرتاح هو القادر على أن يتعامل مع كل ألوان الطيف في هذه الدنيا، سواء أكانت فاتحة مشرقة، أم قاتمة معتمة.
***
**لقد أراد الله أن تكون الحياة، مزيجاً من العذوبة والعذاب، لنعرف قيمة الأشياء الجميلة بها, لنستمتع بها ونسعد بأريج عبقها.
إننا عندما ندرك أن كل ما ينالنا في هذه الدنيا من هزائم ومصائب مقدرة في الكتاب من قبل أن يبرأها الله فذلك لكيلا نأسى على ما فات، ولا نبالغ بالفرح بما هو آت.
إن كل شيء محدد ونافذ في هذه الحياة بالدقة والقدر والزمان والمكان.
ومهما عمل الإنسان فالمقدر كائن عليه، وهذا يريح كل إنسان عاقل، فما بالك بالمؤمن الذي يعرف ويؤمن أن ما قدره الله كائن ومتحقق.
لكن هذا لا يعني ألا نحس بالألم أبداً.
إنه مع كل هذا التسليم فالإنسان مطلوب منه الأخذ بالأسباب التي تجنيه الهزائم والفشل والمصائب، والإنسان لا يعلم الغيب وهو بفعل الأسباب بفرّ من قدر الله إلى قدر الله.
وحسب الإنسان راحة واقتناعاً أنه عندما يعمل الأسباب يرتاح مهما كانت النتائج، لأنه عمل ما عليه والباقي على ربه الذي توكل عليه وهو أدرى بما يسعده وينفعه فهو مالك روحه التي هي سر حياته وبقائه، فكيف بشؤون الحياة الأخرى ونجاحاتها وانتصاراتها الخزفية.
***
** إنني أتوقف هنا عند أنموذج مشاهد ومحسوس وتتبدّي فيه مظاهر الفرح والترح والانتصار والانكسار أكثر من أي أنموذج أخر.
ذلك هو "الميدان الرياضي"!
إنه عندما تنتهي المباراة لابد أن يكون هناك فريق منتصر وآخر مهزوم.
ولهذا تعلو رايات الفرح، وتغرّد عصافير السعادة، وتشرق أقمار السرور في قلوب هذا الفريق وجماهيره.
ولو لم يكن هناك انتصار وهزيمة لما فرح هذا وتألم ذاك.
وإذا ما فرح هذا الفريق مرة فإنه سوف ينهزم مرة أخرى لينتصر ويفرح الفريق الآخر، ولابد من هذه المعادلة لكي يتحقق مفهوم الفرح والترح، لكن المطلوب بكل استطاعة الإنسان أن يكون الفرح بحدود، والألم بحدود ولوقت معلوم.
فالدنيا وليس الكورة وحدها هي التي تدور.
ألم يقل الشاعر الحكيم المجرب:
"ألا إنما الدنيا دولاب يدور
فلا حزن يبقى ولا سرور"؟!
أجل..
الدنيا كلها تدور تماماً مثل "الكورة" بين مربعات الملعب.