** من المكاسب التي خرجت بها من عملي في جريدة الجزيرة هي معرفتي لعدد غير محدود من الاصدقاء – والحمد لله – والذين أعتز بصداقتهم وعلاقتي بهم إلى يومنا هذا، سواءً كانوا من العاملين في الوسط الإعلامي أو خارجيه، ومن أبرز هؤلاء الاستاذ الرائع حمد القاضي، فهذا الرجل أعتقد أنه من أكثر الناس طيبة ومحبة للجميع وأشعر أنه صنع لي معروفاً لن أنساء حينما بدأت أحبو في الصحافة عام 1403هـ في إشادته لصفحتين منوعتين كنت قدمتهما في رمضان للعام المذكور.
أخذت تلك القصاصة وطرت بها فرحاً، لأن مصدر الثناء كاتب معروف لصحفي ناشئ، لم يمض بعد عامه الأول في الصحافة… فرحت جداً.
والعاملون في الصحافة يدركون أكثر من غيرهم أنه من النادر جداً أن يشيد صحفي كبير بدرجة رئيس تحرير بصحفي ناشئ، وبنش ذلك بالجريدة.
بعد ذلك – وعلى مر الأيام والسنوات – توطدت العلاقة مع هذا الرجل المفضال، الذي ما برح الجميع "يجمعون" على حبه، وأنه بقي – رغم طول تجربته الصحفية – لم ينازع أو يشاقق أو يراشق حتى وإن اعترضه أحد، رغم صولات ومعارك الصحفيين ونزاعهم حول عدد من القضايا الأدبية الساخنة جداً في بعض الأعوام، مثل بداية شعر الحداثة، والشعر الشعبي، وغيرها من الظواهر الأدبية.
قلت بقي القاضي حمد ممسكاً العصا من منتصفها، حتى أسر ما يشبه "عرفاً" "المسالمة" فكسب بذلك الجميع.
جاء الآن حمد القاضي – وبعد فترة من دفننا لأحد رواد التربية والتعليم في بلادنا الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ رحمه الله – ليذكرنا مرة أخرى بأفضال هذا الرجل وما أسداه الراحل الكبير لعدد غير محدود من طلاب المعرفة.
جاء حمد القاضي مرة أخرى ليقول إن الخيرين ومن صنعوا لنا معروفاً لا زالوا يعيشون بيننا وذكراهم في "ذاكرتنا".
لم تكن تلك الالتفاتة التي أبدع حمد القاضي في تذكرها، وكافح الوقت والعمل والجداول المزدحمة بالالتزامات لإنجاز ذلك العمل، إلا دليلاً وتأكيداً لمرات أخرى على جود هذا الرجل.
إن لحسن آل الشيخ ذكرى طيبة وسيرة تاريخية، ولحمد القاضي نفس جوادة، فطوبي لهما.