logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

من ذكرياتي مع الشيخ إبراهيم العنقري… والله يكفينا شر الثالثة

أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري

من ذكرياتي مع الشيخ إبراهيم العنقري… والله يكفينا شر الثالثة

أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري

من ذكرياتي مع الشيخ إبراهيم العنقري… والله يكفينا شر الثالثة

يبرحها لكم: أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري

أول ما تعين معالي الأستاذ إبراهيم العنقري وزيراً لوزارة الشؤون البلدية والقروية زرته مسلما عليه مع بعض زملائي بالوزارة فزادني حفظه الله حفاوة وتساءل – لما علم أنني من موظفي الوزارة – تساؤل استغراب ما الذي جاء بك إلى هنا؟ فقلت لك بلهجة عامية: بل أنت وش إللي جابك هنا؟

الله يكفيني شر الثالثة!

فتساءل عن “الثنتين” فذكرت له قصة بعدي عن النادي الأدبي الذي جعلته بسببه.

وذكرت له بعدي عن مراقبة التلفزيون الذي جعلته بسببه أيضا.

وكان مكتب معاليه حافلاً بالزوار والمهنئين ولم يحاول –حفظه الله- تكذيبي أو تأييدي بل إلتفت إلى الحاضرين مبتسماً وقال أن أبا عبدالرحمن يظلمني !!

ثم إلتفت إليَّ وضمن لي أن لا تأتيني الثالثة وبشرني بكل خير وما رأيت منه بعدها إلا كرم الرعاية وجلال الأبوة .. بل نفضتي من رف النسيان.

وأما قصة الثلفاز فقد عينني الأستاذ عبدالرحمن الشيباني ذكره الله بالخير مراقباً على ما سيبث قبل بثه من المسلسلات والأفلام والمسرحيات والأغاني .. وكان ذلك أول نشأ التلفاز بالمملكة.

وكنت أسنلم الأشرطة في عهدتي لا يراها أحد حتى يتقرر مصيرها بالإذن ببثها، أو بترجيعها لمؤسستها، أو بمحوها، أو ببقائها ضمن الممنوعات.

وكنت –ولا أذكي نفسي على الله- يقظ الضمير لا أبيح للجماهير ما يقشعر به جلدي إذا رأيته.

وكنت أتتبع الشريط بالحذف غمزة عين، أو قسم بالتبي صلى الله عليه وسلم، أو كلام ذي عربدة فنية أو صورة قنينة على الماصة.

فإذا كثر المحو كثرة تذهب الغرض من الشريط في جملته أوصيت بمنعه.

وظلت الحال هكذا، وظل الطرب والدبكة لا يبثان إلا في أيام الأعياد.

وتطورت سياسة التلفاز في البث بعد ذلك، وعظمت مسؤليتي في الرقابة إلى خد الوسوسة، وأرهقت نفسي بالسهر.

ثم تعين الأستاذ إبراهيم العنقري وزيراً للإعلام في أوساط عهد الملك فيصل رحمه الله.

وكان معاليه قبل ذلك وكيلاً لوزارة الداخلية، وكان عسكرياً مهيباً .. بل مروعاً!!.

لكنه منذ وزارة الإعلام تأنس لمحبيه وجمهور وزارته، وأبان عن لطفه وحنوه، وهكذا من كانت أيسر مهارفه الأدب لابد أن يروضه الأدب.

وكان للمراقب جنيخات على قدر الساعة وهي المفدار الزمني للمادة المراقبة، وربما أخذت الساعة مني سويعات ما بين مشاهدة وتأمل وتقديم وتأخير.

وفي ذات يوم قبل صلاة الجمعة طرأ عليّ أن أقضي الظهر في المراقبة لعدة أمور:

أولها: أن مكيفات الصحراوي – فضلاً عن الفريون- لم تعم جميع البيوت، وإنما كانت هنام مريوحات.

وكان مكنبي بالتلفاز مكيفاً تكيفاً ممتعاً بين جدران زجاجية، فقلت في نفسي أستمتع بالتكيف عوضاً عن سموم المريوحة.

وثانيه: أن أستمتع بالمادة التي أراقبها .

وثالثها: أنني في بويت بالأجرة، وفي ضائقة مالية، فقلت في نفسي أراقب عدد من الأشرطة فأحصل على مكافأة مجزية حيث أكثف العمل في الشهر فأسدد القسط الحالي من الأجرة.

وصادف الحظ أن وجدت شريطاً واحداً للمراقبة فوسعت الصدر على مشاهدته، وأعددت التقرير عنه على راحة، فرأيت أن أقضي بقية الوقت بمشاهدة أشرطة سبق أن راقبتها للمتعة وليس للتحصيل المالي، وصادف أن كان الشريط الشموع السوداء” وكنت عند مقطع “عليادي عليادي” وكانت أذناي مشغولتان بالسماعتين لا أسمع طارقاً، وكنت في غواية شباب ومراهقة أضرب بأصابعي مجاوبة للنغم.

ففوجئت بمعالي إبراهيم العنقري أماميمنفعلاً ينفض يديه، وأنا أنظر حركاته وسحناته ولا أسمع ما يقول، وأذكر انه كان بمشلح رهيف بين الأبيض والأصفر، ولم يخطر ببالي قط أنه سيداوم يوم جمعة بعد الظهر، وما خطر ببالي أن يكون دوامة في التلفاز.

وكان معه الأستاذ فوزان وكان فوزان يربت على كتفي، فقفلت الفيديو وفسخت السماعتين فطن في أذني من كلام معاليه قوله: ما صار هذا ولا في فرنسا.

وتساءلت مالخبر؟.

فوجه معاليه الأستاذ فوزان أن يريني الخبر عياناً لا سماعاً، ثم قال: لن أخرج من المكتب حتى تحققوا لي من أجازه؟.

وكان الخبر أن ممثلة دخلت في الكوافير فحملها الرجل وهي شبه عارية وقبلها، وكان ذلك في مسلسل “أسألو الأستاذ شحادة”.

وقد نزل جزء من هذا المشهد على حد دخول معاليه للتلفاز أو أنه حضر لأجل نزوله .. لا أحقق ذلك، فأرتج التلفاز وصار حركة وضجيجاً، وفي أقل من دقيقة قطع المشهد ونزلت عن كرا وخط الحجاز وبعض المشاهد.

وتساءل من أجازه؟ .. فقيل: أبو عبد الرحمن !!.

فقلت لمعاليه قبل ذهابه إلى مكتبه وقبل مطالعة المشهد: نعم أنا طالعت هذا المسلسل، ولكن بعيداً جداً أن أجيز مثل هذا، وأن أسمح أن يبث مثل هذا الخلق المتدني تشاهدة أختي أخي فضلاً عن أبناء الأخرين.

وكان غلاف كل شريط يلصق وريقة فأكتب عليها إحدى العبارتين:

  • مجاز.
  • غير مجاز.       

فوجدت ورقة الشريط مقطوعة بنصف حجم الورقة وليس في جهتها اليمنى تلك الشريفات، ومكتوب عليها مجازة، وقبل الميم نقيطة كذرق علمت أنها ما بقيً من كلمة “غير” التي نزعت بالمسطرة والموس.

فأخبرت الأستاذ فوزان فاقتنع نصف اقتناع بأنني لم أجزه، ولكنه أصر على وجود التقرير، فتم البحث عنه بدقة فوجد بخط يدي أعددته منذ أزيد من سنة، ووجدت أنني لم أجزه، وأنني عللت رفضه بعلل منها منظر الممثلة المذكورة في الكوافير.

فذهبت بالتقرير فرحاً إلى معاليه فأمر بالتحقيق مع من نزل المشهد، وأوصى الأستاذ فوزان: فرملوا بأبي عبدالرحمن، فتعين معي الدكتور عثمان الصوينع مراقباً.

واتضح أن الشريط أنزله خطأ من يظنه من شريط آخر يتضمن مقطوعات تونسية، ووجه الخطأ أن شريط المقطوعات في جراب “أسألوا الأستاذ شحادة”، وشريط شحاته في جراب المقطوعات.

ولما وقع في الورطة خانته الشجاعة أو هيبة الأستاذ العنقري الرجل العسكري الذي جاء إلى الإعلام- فلم يعترف بالخطأ، بل زور على غلاف الشريط لأكون أنا الضحية.

ولم أتابع الأمر بعد ذلك لأن ما يهمني براءتي وقد بانت، ولا يهمني إدانة غيري.

وارتبط بالذاكرة أن كل شريط لوحظ عليه فإنه مجيزه ابن عقيل، وقد كثرت الملاحظات يومها من سماحة الشيح بن حميد، والدكتور صالح العلي الناصر وغيرهما.

ودار العراك حول خروج الصحابة في التمثيل، وقد خرج نوبي كريه المنظر يمثل دور بلال رضى اللعه عنه.

وكان نصف وقتي أقضيه في إعداد خطابات وتقريرات دفاعاً عن نفسي إما نافياً دعوة أنني مجيز هذا الشريط، وإما مدافعاً عن وجهة نظري في إجازته، وكان الأمر الأول أكثر، ومع هذا فأصابع الإتهام تتجخ إلىً دائما.

يضاف إلى ذلك تقليص المكافأة وتقليص سويعات العمل، وفي كل فترة ألاحظ قادماً يمر على المراقبة.

فاضطررت إلى تقديم استقالتي بجفاء فقبلها معاليه بكل ترحيب، كما قبلها وأنا رئيس النادي الأدبي بالرياض، وكان قائماً بعمل صاحب السمو الملكي الأمير قيصل بن فهد بن عبدالعزيز إضافة إلى عمله وزيراً للعمل والشؤو الاجتماعية.

لهذا خفت من شر الثالثة، لكنني لم ألق منه بعدها إلا الخير كله.   

 المجلة العربية – جمادي الأولى 1412هـ