•• كل يوم تَثبت بلادنا – والحمد لله – أنها قادرة على أن تصل إلى قمم التطور, ويتبوأ أبناؤها وبناتها مقاعدهم في منظومة التنمية وقطار النماء دون أن يتنازلوا أو يتنازلن عن تعاليم ديننا الخالدة, وقيم بلادنا الأصيلة. إن أخذ قيادة بلادنا (بالحل الإسلامي بوجهه التسامحي المستنير) لمعالجة متغيرات العصر الاجتماعية أثبت – بفضل الله – نجاحه وتفوقه، حتى أصبح الزائر لبلادنا ينظر – باعتزاز – كيف تحولت هذه الصحراء إلى واحة خضراء، وورشة نماء، وكيف بلغ أبناؤها وبناتها أعلى مستويات المعرفة والقدرة على العطاء في وطن تتعانق فيه – بانسجام رائع – ركائز الروح ومطالب المادة.
* * *
•• وأمامنا الآن تجربة تعليم وعمل المرأة في بلادنا، فقد راهن الكثيرون على فشلها في بداياتها دون اختلاط بين الجنسين، ولكن هاهي الأيام والسنون تثبت لهذه التجربة نجاحاً متميزاً، فالمرأة لدينا تعلمت وعملت في كل المجالات وفق تعاليم عقيدتها وقيم بلدها، وأصبحت – بحمد الله – مواطنة صالحة (عاملة ومتعلمة ) دون اختلاط ودون أن تتنازل عن أي قيمة نعتز بها، أو شيمة أصيلة
* * *
••وكم نحن سعداء, ونحن نرى (المرأة السعودية), بحجابها تذهب إلى مدرستها ومستشفاها بكل احتشام وحياء.
وكم نحن مبتهجون ونحن نشاهد هذه المرأة وهي تسعى إلى جامعتها ومقر عملها – بكل تقدير واحترام.
إن نجاح تجربة تعليم المرأة لدينا, نموذج مضيء ونادر فقد استطاعت – بفضل الله – أن تعب من مناهل العلم مع محافظتها على أخلاقها وشيمها ومكانتها.
أمامي إحصائية تتحدث بالأرقام عن جزئية واحدة عن مسيرة تعليم المرأة تتعلق بمنجز (محو أمية المرأة) في عام (1392هـ).
كان عدد مدارس محو أمية الكبيرات لا يزيد عن خمس مدارس فقط في مختلف مناطق المملكة, وقفز هذا الرقم خلال مدة قصيرة في عمر المعروفة والتنمية إلى (ثلاثة آلاف واثنتين وخمسين مدرسة عام 1426هـ). أي خلال ما يقارب ثلاثين عاماَ فقط، ومن هنا فقد وصلت نسبة أمية المرأة في المملكة إلى رقم لم تصل إليه دول أخرى كبيرة سبقتنا في مجال التعليم، حيث بلغت 20% وهي إلى عهد قريب تكاد أن تكون 100%.
ولهذا فقد نالت المملكة ممثلة بـ"جهاز تعليم البنات" قبل سنوات قليلة جائزة منظمة "الالسكو" (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، على منجزها في ميدان محو أمية المرأة)، شهادة من هذه المنظمة لما أنجزته المملكة في هذا الميدان، وتحقيقها نتائج باهرة فيه.
•• إن تمسك (المرأة السعودية) بحجابها لم يحجبها أو يمنعها عن النجاح والتألق في كل ميادين الحياة، بل وتفوقها حتى على أخيها الرجل في بعض الأحيان.
لقد نجحنا في مسألة تعليم وعمل المرأة دون اختلاط في الوقت الذي يدعو فيه الآن علماء التربية في الغرب إلى الفصل بين الجنسين في مقاعد الدراسة لما نتج عن الاختلاط لديهم من آثار اجتماعية سلبية بين أوساط الطلاب والطالبات.
لقد حث الرئيس الأمريكي جورج بوش مؤخراً على الفصل بين البنين والبنات بالمدارس، وأكد على أن الحكومة الأمريكية تشجع عدم الاختلاط بل وعد بمنح تمويل أكثر للمدارس التي تود الفصل بين الجنسين، ومن المؤكد أن رئيس أكبر دولة متحضرة في العالم لم يدع إلى عدم الاختلاط وتشجيع الفصل بينهم إلا لما رأته حكومته من السلبيات والأضرار الأخلاقية التي نتجت عن الاختلاط.
وقد أصدرت (اليابان) مؤخراً قراراً بتشغيل قطارات خاصة بالنساء لما رأت من مساوئ الاختلاط في القطارات.
* * *
••أنقل هنا معلومات موثقة أثبتها مسؤول اقتصادي ورجل أعمال سعودي من منطلق واقعي وليس من موقع تنظيري، ذلك هو أ.عبدالرحمن الجريسي رئيس مجلس الغرف التجارية والصناعية في المملكة، ورئيس مجلس الغرفة التجارية والصناعية في الرياض، حيث كشف عن نيل وحصول المرأة السعودية العربية المسلمة على مميزات لم تنلها بنات جنسها في عدد من الدول المتقدمة، يقول أ.الجريسي في إجابة موثقة بالأرقام ومدعمة بالحقائق عن سؤال حول دور المرأة السعودية اليوم في المنظومة الحياتية والاقتصادية في المملكة، وذلك في صحيفة (الوطن) السعودية بتاريخ 16/8/1425هـ ((للمرأة السعودية في المملكة العربية السعودية أدوار كبيرة ومماثلة للرجل, فهي على المستوى العملي تشكل 35% من موظفي الدولة، بينما لم تبلغ هذا الرقم في أي بلد في العالم، وعلى المستوى التعليمي تشكل 52% من نسبة طلبة المدارس، والمرأة السعودية تحصل على راتب يوازي راتب الرجل, بينما في أوروبا وأمريكا لا تحصل إلا على 50% من راتب الرجل، والمرأة السعودية تملك 70 % من مدخرات المصارف مع أن الرجل في بلادنا هو المسؤول عن النفقة على المرأة – كما جاء في تعاليم الإسلام – مهما كان دخل المرأة وراتبها)).
ويضيف رجل الأعمال والمسؤول الأول عن الغرف التجارية: ((للمرأة السعودية دور كبير في المنجز الاقتصادي, ولهذا أنشأت الغرفة التجارية في الرياض إدارة نسائية خاصة تعنى بنشاط المرأة الاقتصادي إضافة إلى إدارات الغرفة الأخرى، وقد تم تشكيل مجلس تنفيذي من عشر نساء للعناية بنشاطات ومساهمات المرأة السعودية التجارية والصناعية والعقارية والاقتصادية بشكل عام، وختم إجابته بقوله: لقد كرَم الإسلام المرأة وميزها وحفظ لها رأيها, وبلادنا تطبق شرع الله ولهذا كان للمرأة السعودية هذه المكانة وهذه الكرامة معاً)) أ.هـ
* * *
•وأضيف أيضاً: فالمرأة السعودية تحتفظ بهويتها عندما تتزوج فيبقى لها اسمها وأملاكها ونسبها وهويتها ولا يتغير اسمها كلما تبدل زوجها, وكأنها قطعة أرض تنتقل من مالك إلى مالك آخر كما هو الحال في العالم الغربي.
إن أجمل وأوثق نتيجة لنجاح تجربة عمل وتعليم المرأة لدينا، أن المرأة عندما تذهب إلى عملها مطمئنة على نفسها، وولي أمرها يطمئن سواء أكان زوجًا أم أباً أم أخًا فلن تجد في مقر دراستها أو عملها من يزعجها أو يمس عرضها أو أخلاقها أو حتى يضايقها لأنها في وسط مجتمع نسائي مثلها.
هذه هي تجربة المرأة لدينا في تعلمها وعملها تبدو مضيئة أمام من راهن على فشلها. أو راهن على عدم إمكانية تطبيقها.
* * *
•• يبقى لمزيد من نجاح هذه التجربة ولرسوخها وعدم تعرضها لهزة تؤثر على معادلة نجاحها: التجاوبُ والتفاعلً مع متغيرات العصر السريعة والتحديات الجديدة بحيث نتعامل وننمي هذه التجربة بانفتاح لا يمس الثوابت, وفي الوقت ذاته يضيق هامش الاختلاف في مجال عمل المرأة، وألا نجعل المسائل الفقهية الخلافية سببَا في عدم تقدم هذه التجربة المضيئة أو توقفها أو إجهاضها من هنا فإنه مطلوب – من أجل استمرار نجاح هذه التجربة – المزيد من مشاركة المرأة – وفق الثوابت – في منظومة العطاء والتنمية في هذا الوطن لنقدم للعالم أنموذج المرأة المسلمة الملتزمة بدينها بوجهه المستنير الصالح لكل زمان ولكل مكان.
• وأقول لابنة وطني – أخيراً – حسبك تاجاً: علم مضيء، وعمل كريم، وكرامة مصونة.