logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

الأديب ابن عقيل وكيف يموت العشاق؟ 3

حمد بن عبدالله القاضي

حمد القاضي > مقالاتي  > الأديب ابن عقيل وكيف يموت العشاق؟ 3 حمد بن عبدالله القاضي

الأديب ابن عقيل وكيف يموت العشاق؟ 3

حمد بن عبدالله القاضي

                                                                          

 

 

أما الباب الأخير فعنوانه:

العشاق بين الموت والدنف والجنون :

الفصل الأول: عشاق يموتون بشهقة،

الفصل الثاني: عشاق يطاولهم الضنى فيموتون جلدا على عظم.

الفصل الرابع: عشاق يهيمون او يختلطون.

الفصل الخامس: عشاق يموتون فرحاً بعد الوصل.

الفصل السادس: شعراء يحبون فحسب.

وفي بداية هذا الباب لم ينكر المؤلف ابن عقيل موت عشاق من الهوى ولكن أنكر من يموت شهقة او صعقة وقال أبو عبد الرحمن:

وقد زعم الزاعمون ان من هؤلاء من يصطلم بالحب عن خبر قبل نظرة مسمومة، وان منهم من يموت في الحال بشهقة،وكل ذلك ينافي الطبيعة البشرية،وهو شيء يتطرف به ويتظرف الأدباء، ولا يرمقه العلماء والعقلاء بمؤخرة أعينهم،ولسنا ننكر أن أهل الهوى قد يموتون بسبب الهوى، وإنما ننكر موتهم بصعقات الحب المفاجئة كما تموت طيور السلوى التي قيل إن أكلها يجعل القلب رقيقاً، وإن بني إسرائيل قست قلوبهم لما تركوا أكلها،الرجال عيون تسبع، وآفام تهدر وتبلع، وجسوم تزاحم لحيِّزها في الكون، وقلوب تتربى وترسو على الآلام!!،فأي بشر هؤلاء الذين يموتون بشهقة؟!

ثم يحدث ابن عقيل حديثاً جميلاً عن تجربة حبه عاشها فكان صادقاً كعادته صريحاً كما عرفناه،، فلم يدار ولم يوارب، وانا اعرف ان الشيخ قد سكن الحب قلبه وملكت في زمن مضى ذات صوت حنون وجدانه..اليس شيخنا هو القائل:

نحن قلبان تيتمنا عهود

كيف ننسى ما وثقته الجفون

ولكنه ترك كل ذلك، وأضحى كما كتبت عنه بعد ذلك:

فان رقة القلب لديه تحولت من خيالات في الشعر والهيام الى رقة تسكن جوانحه وهو يصلي في جنح الليل والناس نيام، بعد ان اصبح قلبه معلقاً بخشوع المساجد بعد ان كان مولعاً برقيق القصائد.. (كتاب شيء من التباريح ص 22)..

واقرأوا ما قال صاحب هذا القلب الرقيق والعلم الغزير حاكياً تجربته مع حرقة الهوى في زمان مضى، ثم كيف سلا هذا الهوى:

جربت الهوى المبرح المحض واتبعت الشهقات زفرات، فما تهدم مني جسم، ولا نحل مني عظم، ولا اصَّاعد نفسي حسرات، فلله الحمد كثيراً، واستعنت بالله ثم بالأوراد الموظفة، ثم بتلاوة هود وأخواتها،وقد خيل لي يومها أن الحياة لا طعم لها إلا بالوصال أو الانهماك في الأحلام والأوهام والتغني بدموع المولهين، وشربت حتى الثمالة من آهات ذوي الضياع الرومانسي، وخيل الي أن العلم كله، والفن كله، والآداب كلها في الاطلال وطريق مقمر تثب الفرحة فيه قبلنا!!، أو بحيرة كومو وطغيان الروح على الجسد!.
أو القمر العاشق المضني يكرع ويعصر من خلال الشرفة حيث ترقد ذات الغلالة!!،فسبحان من يرزق العقل ويرده بعد عزوبه وسبحانه يغيِّر ولا يتغير تبارك وتعالى أحسن الخالقين،وطالما غنيت لتأوهات هؤلاء الرومانسيين بقول مهيار الديلمي:

اذكرونا مثل ذكرانا لكم
رب ذكرى قربت من نزحا
واذكروا صبّاً إذا غنى بكم

شرب الدمع وعاف القدحا
وانه لكلام جميل،، وكم يحسن بكل من مس الحب شفافه ان يقرأ.. بل يحسن أن يقرأ كل من يستطيع من الحب بشفاء، ومن الهوى دواء.. فان من تجربة هذا الأديب الذي استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، ووجد في حلاوة القرآن ما اغناه عن حلاوة صوت الانسان.. ورأى أن لحظة خشوع له رب وهو ساجد بين يديه لا تضاهيها متعة وصل من حبيب عز عليه،، فتذكر قول الله تعالى:. (الأخلاء بعضهم لبعض عدو إلا المتقين).. وفي هذا الباب أورد قصصاً فيه طهر الفقه، ونقاء الهوى، والبعد من الحرام كما في القصة المؤثرة التي جرت بين عراك بن عروة مع محبوبته عفراء،، ولطولها لا أستطيع ايرادها ولكن ختامها هذه الكلمات لعروة بعد أن لقي عفراء عند زواجها وعرض عليه زوجها طلاقها ان كان لا يزال عاشقاً لها، لما رأى من عفته وكريم خلقه ولكن عروة أجابه بهذه الكلمات: إنما كان الطمع فيها آفتي، والآن قد يئست، وقد حملت نفسي على اليأس والصبر، فإن اليأس يسلي، ولي أمور، ولا بد من رجوعي إليها، فإن وجدت من نفسي قوة على ذلك، وإلا رجعت إليكم وزرتكم، حتى يقضي الله من أمري ما يشاء ثم انصرف،وبعد..!،لقد قرأت كثيراً من الكتب كما قرأ غيري، ولكني وجدت في هذا الكتاب متعة لم أجدها الا في النادر مما قرأت في هذا الكتاب حديث جميل عن الهوى الجميل.. 

 

والفراق الأليم..

ووصف للأحداق..

وتعبير عن الحب الذي يخالط الأعماق..

وأجمل أبيات الشعراء في المحب والمتحابين.. وتجربة الشفاء من الهوى وفيه روايات تراثية متوهجة كتوهج الحب في قلوب العشاق..

قد أوردها المؤلف وحققها.

وبعد..!.

إن هذا الكتاب ليس حديثا عن كيف يموت العشاق كما جاء في عنوانه ولكنه حديث أيضاً عن موتهم، وعن حياتهم، وقصصهم، وشفافية مشاعرهم، ورقة قلوبهم..

ثم هو حديث عن نعيم التلاق، وعذاب الفراق..

ثم – وهو المهم – سبيل القدرة على الشفاء من الهوى عندما يمر بالأحداق، ثم يسافر منها إلى الأعماق، ثم طرق رحيله من الأعماق الى الآفاق.

عندما

عزّه بالخطاب

.** لا شيء يريحك عندما يسلبك انسان شيئاً هو حق لك سوى إيمانك ان هذا الشيء إن ضاع في الدنيا فهو لن يضيع في الحياة الأخرى،إن هذا أعظم وصفة يتناولها الانسان ليرتاح عندما يسلب منه شيء عنوة وقسراً..!،ولقد حدثني صديق بموقف يكشف استهانة بعض الناس بحقوق الآخرين بل واللامبالاة في ذلك قال لي هذا الصديق الذي على وجهه وفي منطقه من سمات الخير والعدل الشيء الكثير:

ذات مرة ابتعت حاجة من السوق، وعندما ذهبت الى المنزل وجدت فيها خللاً، ثم جئت من الغد لأعيدها واستبدلها بأخرى ولكن صاحب المحل رفض ذلك بحجة أنني لم أبتعها منه، وحاولت إقناعه بأنني متأكد من محله، ولكنه عزّني بالخطاب ولم يقتنع وطلب مني الحلف ولكني رفضت مفيداً أنني لا أريد أن أجعل الله عرضة ليميني في أمر مادي تافه، ولم أملك إلا أن سلمته الحاجة التي اشتريتها دون أن آخذ بديلاً عنها، وخرجت من محله، ولكن أحد الزبائن ممن سمع حوارنا وشعر بصدقي ناداني، وحاول – هو الآخر – اقناع صاحب المحل لكنه لم يقتنع، يقول هذا الصديق: ولم أتألم – علم الله – من المبلغ الزهيد الذي أخذه مني صاحب المحل ظلماً – ولكنني تألمت من أجله عندما تصورت حسابه في الحياة الأخرى عندما لا ينفع مال ولا بنون، ولا بيع ولا شراء!.
وما أخسر اولئك الذين يشترون الباطل بالحق، والظلم بالعدل، والدنيا بالحياة الأخرى..!.

آخر السطور:

للشاعر بدر بن عبدالمحسن هذه
الصورة الشعرية البالغة الجمال:

كن السهر درب عليه بتجيني
ماودى أقطع درب لاماك برقاد