العيد والعواطف المعلّبة

حمد بن عبدالله القاضي

                                                                          

 

أذكر قبل سنوات أني كتبت مقالة عن البطاقات التي يستخدمها الناس في تهاني العيد وأطلقت على هذه البطاقات .اسم العواطف المعلبة

ولا أزال عند رأيي ان هذه البطاقات لا تتعدى روتينا نمارسه مع بعضنا وكأن التهنئة بالعيد واجب ثقيل نريد ان نتخلص منه ولو على شكل بطاقة نبعثها لمن نعرفه وأحيانا لمن لا .نعرفه

وأعود الى الموضوع مرة أخرى بعد ان سمعت حكايات .كثيرة وعجيبة تؤكد فقدان هذه البطاقات جدواها

لقد حدثني صديق عزيز ان أخاه الذي توفي قبل حوالي 5 سنوات لا تزال تصل اليه بطاقات تهنئة بالعيد من بعض .أصدقائه

..تصوروا

أصدقاء يرسلون لصديقهم المتوفى تهاني العيد ولا يعرفون عن أحواله بل لا يعرفون إن كان لا يزال على ظهر الأرض .أم تحتها

وصديق آخر قال: انه في كل عيد يجد عددا من بطاقات تهاني العيد تصل لمسؤول لديهم ترك هذه الدائرة قبل أكثر من 3 سنوات لكن لا يزال أصدقاء هذا المدير الأوفياء يرسلون التهاني اليه وهم لا يعرفون انه انتقل الى دائرة .أخرى منذ سنوات، وخوش تواصل ومعرفة

وأشير هنا الى انني لست ضد البطاقات لأنها عادة غربية، فليس كل ما يأتي من الغرب سيئا لكن من المؤكد انه ليس كل ما يأتي من الغرب حسناً لكن لكل مجتمع ظروفه وعاداته وقيمه فنحن كمجتمع شرقي عربي مسلم اعتدنا ان يكون تواصلنا بشكل عام وبالمناسبات، حميما ودافئا يجعل عصافير الفرحة تغرد في أوكار قلوبنا، ويجعل من هذا التواصل الحميم فرصة للقاء والاطمئنان على من نحب أما .البطاقات، فليست في نفير التواصل ولا عير المودة

إنني أجزم الى درجة اليقين ان اجمل وأبلغ تواصل هو الزيارات الشخصية سواء في الأعياد أو غيرها ففي التواصل تحسّ كل الأطراف الزائرة والمزورة بحميمية .التواصل، ورحم القرابة، ومحبة الآخرين

ولأنني أدرك انه من الصعب، بل من المستحيل ان تزور كل من يمتُّ اليك بصلة قرابة أو زمالة أو صداقة أو جوار وخاصة في المدن الكبيرة، فإن هناك وسيلة الاتصال الهاتف وهذه وسيلة جيدة اذا لم تتحقق الزيارة فأنت تسمع صوت من تحب من قريب أو صديق أو عزيز، وتأخذ معه وتعطي .وتعرف حاله وأحواله وهو يردُّ لك الصوت كما يقولون
أما البطاقات فأنت ترسلها وأنت -أولا- لا تعرف هل وصلت أم لا و-ثانيا- لا تدري هل وصلت الى من بعثتها اليه وهو حي يرزق، أم ميت فيدعى له، و-ثالثا- انك لا تدري ولا ..تحس بمشاعره -عندها- كما لو زرته أو اتصلت به

أجل

ان هذه البطاقات عواطف معلّبة

وفرق بين قرطاسها الجامد وبين العواطف الحية النابضة باللقاء والصوت والحديث وفرحة المشاهدة إنني أجد لهذه البطاقات سببا وجيها في حالتين: إما لبعد ذلك الصديق في بلد ما، وتستحيل زيارته، وقد يصعب الاتصال به فتأتي البطاقة كأضعف الايمان للتواصل معه، والحالة الثانية عندما لا تكون للشخص علاقة شخصية بالطرف الآخر وأن العلاقة جاءت بسبب كون أحدهما شخصية عامة إما بسبب المنصب أو الحرف أو نحو ذلك أما غير هاتين الحالتين، فإنني أجد ارسال هذه البطاقات مثل عدم إرسالها سواء بسواء، وقد وجدت انني لست بدعا بين الناس في عدم الايمان بهذه البطاقات بل وجدت كثيرا ممن التقيت بهم أو هاتفتهم يؤمنون معي بعدم جدواها إنني -شخصياً – لا أرسل هذه البطاقات ولا أرد عليها إلا نادرا وذلك منذ سنوات عديدة لقناعتي بعدم جدواها وليعذرني اصدقائي الذين لا أرد على بطاقاتهم لتوفر القناعة لديّ بعدم جدواها وأحاول ان أستبدل الذي هو خير بالذي هو أدنى ما استطعت الى ذلك سبيلا ألا وهو الزيارة أو الاتصال وأعرف مدى صعوبة ذلك ولكن ما .لا يدرك كله، لا يترك كله

وبعد

انها دعوة للتواصل الحميم ولندع هذه البطاقات لغيرنا لأن البطاقات لا تمثل أكثر من مجاملة معتادة تحمل عواطف بائتة ونحن لا نريد ان يكون تواصلنا جامدا فاترا
بل نستشرف ان تكون تواصلاتنا حميمة فيها دفء التواصل، وعاطفة المودة و لا خير في ودٍّ يجيء تكلّفاً

 

***

 

الهاتف الجوال
والطرق البرية
 

الهاتف الجوال في الأيام الأخيرة تلاحق تطوره وامتداده وأصبحنا نرى ما بين يوم وآخر تشغيله في مدينة وأخرى ومباشرة معالي د.علي الجهني عمله أوجد خلال فترة وجيزة نقلة كبيرة في هذه الخدمة وكم سعدنا عندما بدأ تشغيله في طرق السفر لأهمية الهاتف في الطرق حيث تم تشغيله بين الرياض والدمام، وبين الرياض والقصيم، .والبقية تأتي
فقط لاحظ الناس انه في طريق الرياض والقصيم تنقطع الخدمة في أجزاء ليست قليلة، والوزارة عندما أعلنت تشغيل الهاتف الجوال على هذا الطريق كان اعلانها عاما وشاملا ولم يشر الى انه تجريبي، أو انه سوف يتواصل في .جزء وينقطع في آخر

ولهذا فهم الناس ان الطريق كله سوف يكون مغطى بهذه الخدمة ونستشرف ان يكون انقطاع الخدمة في أجزاء هذا .الطريق مؤقتا وبحكم بداية التشغيل
لذا لعلَّ الوزارة توضح الأمر للناس، لأنهم استبشروا بتشغيل الخدمة على الطرق لكن يخشون ألا تكون الخدمة مستمرة على كافة الطرق لأنها بهذه الحالة تفقد قيمتها ولا .يتم الاعتماد عليها

وأخيرا أشير الى انقطاع الارسال في بعض الأماكن حول الحرم في مكة المكرمة رغم أهمية هذه الأماكن، حيث لاحظ البعض – في رمضان- انهم عندما يدخلون مقارّ سكنهم تنقطع هذه الخدمة تماما فلعل الوزارة تعالج هذه الناحية .لأهمية وجود الهاتف في الأماكن المحيطة بالحرم

وتحية لوزارة البرق ومزيداً من العطاء والخدمة الجيدة

***

البر

ولذّات الهوى بالتنقل

أجل

!..إن لذات الهوى بالتنقّل

والهوى ليس بالضرورة ان يكون من هوى امرأة الى هوى امرأة أخرى، بل ان التنقل من مكان الى مكان، ومن حضر إلى بر، ومن فيللا الى خيمة، هو متعة ولذة ولعل الناس وجدوا هذه المتعة حقا عندما ارتحل أكثرهم الى البر خلال اجازة عيد الفطر أو بالأحرى العيد الأخضر كما اطلقت عليه الكاتبة القديرة جهير المساعد لهذا ارتحل الناس ينشدون الربيع والخضرة والغدران تماما كما كان أجدادهم من قبل يترحلون للبحث عن الكلأ والماء الفرق ان الاجداد كانوا يرحلون من أجل ان يعيشوا أما أحفادهم فيرحلون من أجل ان يستمتعوا وأحيانا يكون سبب الرحيل الملل من ترف المدنية، ونعومة الحياة، ومخملية المنازل الى خشونة الحياة، وقسوة البر وبيت الشَعر وان كان البر -الآن- أصبحت تنتقل اليه مع الراحلين اليه كل وسائل الترفيه .وحياة المدنية والترف

لكن

التغيير بحد ذاته ممتع وبهيٌّ

***

 

السعودية

والطائرات الإضافية

الطائرات الاضافية التي كثفتها الخطوط السعودية في شهر رمضان بين مدن المملكة وجدة وفّرت المقاعد لكل المعتمرين، ولم يواجه الناس أزمة مقاعد كما كانوا .يواجهون كل عام

تحية لهذه الخطوة الموفقة من الخطوط السعودية ونستشرف ان تستمر السعودية بهذا النهج في كل موسم .سواء في رمضان أو في الاجازات عند السفر الى المصايف