logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

مدينتي الوادعـة ..!

حمد بن عبدالله القاضي

حمد القاضي > مقالاتي  > مدينتي الوادعـة ..! حمد بن عبدالله القاضي

مدينتي الوادعـة ..!

حمد بن عبدالله القاضي

                                                                          

 

 

 

مدينتي ينام الشوق بين عينيك ..!

ويغفو المجد كطفل بريء بين أحضانك.

 

أهفو إليك كلما مزق سكينتي صخب الحضارة ..

أهفو إليك كلما ضج الوله في أعماقي، وكلما أزهر الحنين في نفسي إلى مراتع الصبا .. هناك كنت أعيش مع أندادي كدرويش لا يدري هل الدنيا تدور بأهلها أو لا تدور ..!

يا «عنيزة»: يا جارة الوادي .. مدينتي الوادعــة ..!

 

العشاق قد ينسون آسرات قلوبهم كلما نأوا عنهن، أو كلما ملأت وجوه معشوقاتهم التجاعيد .. لكنني – يا حبي الكبير – يكبر شوقي معي كلما صافحت الحنين في عينيك، وكلما شعرت أنك تجاوزت عمر الطفولة حين أضحيت فتاة ممتلئة جمالا وشموخا.

 

تلك الربوة التي تغفو كعاشقة على أرائكك الرملية .. هي أبجدية تاريخي وعذرية ابتساماتي ونهر فرحي .!

كم مرة أصخت لمن يغني : فأغني معه:

           

           ((هذه الربوة كانــت ملعبـــاً

                           لشبابينا وكانـت مرتعـــاً

            كم بنينا من حصاها أربعاً

                           وانثنينا فمحونا الأربعــا))

 

هل نسيتني – يا فاتنتي – ربوتك ؟ هل كانت كربوة شوقي لم تحفظ ولم تع .

 

لا .. لم تنسني ..!

لقد عهدتك – يا مدينتي الوادعة – وفية كدفء قلبك، نقية كرمالك، شامخة كنخيلك، حنونا ككحل عينيك.

عهدتك بدوية بسيطة لم تعرفي بعد حضارة الأسمنــت ولا مدنيـة الحديــــد، ولا زيف «الرخام» .!

بيوتك الطينية الجميلة .. التي كانت تضيئها عسبان النخيل، كانت أجمل في دواخلها – لو تعلمين – من ناطحات السحاب، وخداع الأضواء .!

كان الفرح يمتد كسواقي بساتينك فيغمر الأرض بالاخضرار، والقلوب بالبشر.!

 

آه .. يا مدينتي ..!

« من الحضارة المجلوبة بتطرية » لو أدركت ذلك يا مدينتي – ما خلعت «برقع الأصالة» وارتديت « مكياج » الحضارة. 

 

لقد كنت تغتسلين كل صباح ببكارة الفجر .. واليوم يتشوه ليلك . يموت الفجر بين عينيك فلا عصافير تغني .. ولا سواقي تغرد .. بل أصوات «التروس» .. وفحيح محركات الموت !

 

كان الهدوء يسكنك، فأصبحت – ويا للفجيعة – كأي مدنية تحضّرت تسكنين الضجيج..

 

مؤلم أن أجد أشلاء تاريخي الطفولي ممزقا هناك، وأن أجد ابتساماتي سنابل طواها الخريف .. ولكن مع كل هذا أحبك ففيك قبر أمي وأبي، وفيك أستذكر زمنا مر على عمري فرحت فيه فرحا صادقا غير مزيف ؛ ولأنه مازال هناك بقية أحبة يغرد الحب على شجيرات قلوبهم، ويتضوّع الوفاء بين مدائن أحداقهم.