📗حمد القاضي: سيرة ومسيرة
بقلم: د. سعود صالح المصيبيح
🍃الكتابة عن الأستاذ حمد بن عبد الله القاضي أمر في غاية الصعوبة، ذلك أنه من الصعب الإلمام بجميع جوانب هذه الشخصية العظيمة من الناحية الفكرية والثقافية والإنسانية.
بدأت علاقتي بالأستاذ حمد من خلال مقالاته وطرحه المتميز، وإن كان من جيل يماثلنا أو يسبقنا قليلًا، إلا أنه يفوقنا طرحًا وعلمًا ومكانة.
وبدأت معرفتي به كمهتم بالصحافة الرياضية، عندما كان يكتب قائلًا إنه يستغل زمن مباراة الهلال والنصر لإنهاء مشاويره والتبضع، حيث تكون الشوارع أقل ازدحامًا في مدينة الرياض. وكانت الصحافة الرياضية آنذاك يقودها أسماء لامعة في صحيفة الجزيرة، منهم عثمان العمير، مطر الأحمدي، عثمان المنيع، محمد العوام وغيرهم.
وفي المقابل، كان الأستاذ حمد القاضي يشرف على القسم الثقافي والأدبي في الصحيفة. وبحكم تجاور المكاتب في الجزيرة، تُروى قصة عن الصحفي عثمان العمير، الذي كان برفقة عدد من الصحفيين الرياضيين عندما دعوا الأستاذ حمد القاضي لمرافقتهم لزيارة الأمير عبد الرحمن بن سعود -رحمه الله- في قصره، بعد المباراة الشهيرة بين الهلال والنصر التي انتهت بالتعادل 3-3.
كان من نجوم المباراة لاعب الهلال فهد العبد الواحد (فهودي)، وكان النقاش الرياضي ساخنًا في مجلس الأمير بعد المباراة، حيث جرى تحليل أداء الفريقين والتحكيم وغيرها من التفاصيل. كان الأستاذ حمد القاضي يراقب المشهد بصمت، إذ وجد نفسه غير قادر على المشاركة في الحوار لعدم تخصصه في المجال الرياضي، وهو الذي اعتاد الحوار والنقاش وتبادل الآراء. وعندما طلب الحديث، سأل الأمير قائلًا:
— “لماذا لم يلعب فهودي منذ بداية المباراة؟”
حينها، ابتسم الجميع، وأثنى الأمير عبد الرحمن بن سعود على تميز الأستاذ حمد في المجال الأدبي والثقافي.
ومنذ ذلك الوقت، ظل تواصلي مستمرًا مع الأستاذ حمد القاضي، حيث كان حلقة الوصل مع القامات الفكرية في بلادنا، ومنهم:
* الشيخ حسن آل الشيخ
* الدكتور غازي القصيبي
* الدكتور عبد العزيز الخويطر -رحمهم الله جميعًا-
وكانت فترة رئاسته للمجلة العربية فترة ثرية امتدت من عام 1401هـ إلى 1428هـ، حيث جعل منها منارة إشعاع فكري وثقافي، ليس فقط في المملكة العربية السعودية، بل في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، فكانت تحتضن مقالات نخبة الكتاب والمفكرين.
خلال فترة ابتعاثي، كانت المجلة العربية زادنا الفكري والعلمي والثقافي، فقد استمرت فترة ابتعاثي قرابة سبع سنوات منذ عام 1404هـ الموافق 1985م، وكنت أجد منه كل الدعم والتشجيع والمساندة، وكتبت وشاركت في المجلة عدة مرات. كما كنت أحرص على زيارته في مكتبه خلال كل إجازة، لما أجده منه من حسن استقبال وود واحترام.
وعند عودتي من الابتعاث وتعييني أستاذًا مساعدًا في كلية الملك خالد العسكرية، كنت من المشاركين في مهرجان الجنادرية، وكان الأستاذ حمد القاضي على رأس المدعوين والمشاركين في فرق ولجان المشورة.
ثم، عندما انتقلت إلى صحيفة عكاظ وعُينت نائبًا لرئيس التحرير بالمنطقة الوسطى، كان الأستاذ حمد القاضي من أبرز المساهمين بالرأي والتحليل والمقال والندوات الأسبوعية، ثم توّجت علاقته بالصحيفة بتعيينه عضوًا في مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر.
وعندما انتقلت للعمل مديرًا عامًا للإعلام التربوي بوزارة التعليم، كان الأستاذ حمد القاضي من أوائل من دعاهم معالي الدكتور محمد الرشيد -رحمه الله- للمساهمة في إعداد استراتيجية الإعلام التربوي، وإعادة إصدار مجلة المعرفة، والمشاركة في جميع أنشطة الوزارة، داعيًا ومشاركًا بالكلمة والرأي بحماسه الوطني الكبير.
وبعد انتقالي إلى وزارة الداخلية وعند عملي مع صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز -رحمه الله-، كان الأستاذ حمد القاضي من الشخصيات التي تحظى باحترام وتقدير سموه، حيث كان من أوائل المدعوين في لقاءات سموه مع المفكرين والكتاب والمثقفين. وكان الأمير نايف كثير الثناء والتقدير لأطروحات الأستاذ حمد، حيث عرف بطرحه الوطني المعتدل، وكان قلمه من الأقلام التي حاربت الإرهاب وحذّرت منه، وساهم في التوعية ضد الأفكار الهدامة التي تهدد أمن الوطن واستقراره.
واصل الأستاذ حمد القاضي جهوده الوطنية، حيث حظي بثقة القيادة وتم تعيينه عضوًا في مجلس الشورى لثلاث دورات، حيث أسهم في رئاسة وعضوية اللجان الإعلامية والثقافية والاجتماعية والأسرية والشبابية، كما واصل المشاركة في المحاضرات والندوات والمقالات، مواصلًا نشر الابتسامة والتسامح والكلمة الإيجابية.
وكان أيضًا مصدرًا للخير، حيث جعل ربع مؤلفاته لجمعيات الأيتام والجمعيات الخيرية في المملكة…
🍃صحيفة مكة الإكترونية
/مارس؛5م