🌱الشيخ ناصر الشثري وليس سوى صنع الجميل مخلَّداً
بقلم محبه : حمد القاضي (*)
** كلنا راحلون عن هذه الدنيا لكن هناك أناساً يبقون بعبَق ذكرهم وبالدعاء الدائم لهم وبما خلَّفوه من أعمال جليلة بعد رحيلهم.
وصدق الأحنف بن قيس بمقولته:
“ما ترك الآباء للأبناء مثل صنائع المعروف”
***
معالي الشيخ ناصر بن عبدالعزيز الشثري أبوحبيب أحد رجال الوطن الذين فقدناهم فقد كان من نوادر النبلاء يتمتع – رحمه الله- بسجايا مضيئة شكَّلت شخصيته وحياته ومسيرته وسيرته ومن هذه السجايا
🌱أولاها: البساطة والتواضع والكرم وكل من عرف الشيخ وتعامل معه أو زاره أو سافر معه أدرك هذه الخِ
هو رغم مكانته الاجتماعية ومكانته الرسمية إلا أنك عندما تلتقيه تجده ذلك الرجل اللطيف البسيط الذي يدخل قلبك بحديثه وتواضعه وبشاشته مع الآخرين
🌱ثانيها التواصل مع الناس فقد كان محبا ومقدرا للجميع صغيرا أو كبيرا وزيرا أوخفيرا
والناس بكل أطيافهم يأتون إليه في بيته أو مزرعته وهو يذهب إليهم في مناسباتهم .
إنه من الرجال الذين يُتعبون أنفسهم في صنع المكارم وكأن الشاعر أبا تمام يعنيه عندما قال:
بَصرتَ بالراحة الكبرى فلم ترها
تَنال إلا على جسر من التعب
***
🌱ثالث سجاياه التي تميز بها الشيخ رحمه الله : الوفاء لأصدقائه وتلامذته وأحبابه فهو دائم التواصل معهم حفي بهم حريص عليهم مهما كانت ظروفه أكانت عملية أو صحية.
لا أزال أذكر له موقفاً مؤثِّرا عندما توفى صديقه الحميم الشيخ منصور المالك رحمهما الله وجاء لمنزل المرحوم الشيخ منصور وهو يُهادى بين رجلين ورأسه منحنٍ ويمشي بخطى متثاقلة كل ذلك من أجل تقديم واجب العزاء لأبناء المرحوم وإخوته
كان فعلا موقفا مؤثرا تأثر به الحضور وهم يرون الشيخ ناصر يأتي بهذه الظروف الصحية الصعبة ليؤدِّي العزاء بصديقه الراحل.
***
والشيخ ناصر رحمه الله من الذين جمعوا بين العلم الشرعي سواء في العقيدة أو الفقه أو في التفسير وقد جلس إلى والده الشيخ عبدالعزيز أبوحبيب في دروسه العلمية الشرعية فاستفاد من علمه وقرأ عليه وكون هذه الحصيلة العلمية وإلا فتخصص الشيخ هو اللغة العربية ولهذا تجده في جلساته يجمع بين المسائل الدينية وبين حديث الأدب والشعر.
***
و كم أَنِست شخصيا وأنا أجلس إليه وأسمع منه بعض الأبيات الشعرية الجميلة وربما أجاريه في طرح بعضها وكنا أنا والحضور نسعد بمجلسه الذي يطرِّيه بالبيت الجميل وبالطرفة العذبة والقصص التراثية عليه وكان ذا دعابة فلا تسأم حديثه وينطبق عليه قول علي ابن أبي طالب رضي الله عنه “كل امرئ فيه دعابة فقد سلم من الكبر ” رحمة الله.
***
الشيخ ناصر رحمه الله في مجلسه يحب أن يطرح موضوعاً أو قضية أو شأنا أدبيا أو دينيا يتحاور فيه مع الحضور تعميماً للفائدة.
وأذكر أن الملك سلمان حفظه الله عندما كان أميرا للرياض زار الشيخ ناصر زيارة خاصة بمغرب إحدى الليالي ودعا الشيخ ناصر بعض من يَعزون عليه لحضور زيارة الملك سلمان.
وحين جلسنا في المجلس وجاء الملك بدأ الشيخ ناصر بأبيات عن الكرم والسخاء وتفاعل الملك سلمان حفظه الله وأنس بهذا الشعر وشارك بعض الحضور وأذكر أني شاركت ببيتين جميلين عن الكرم يقولان:
إذا جادت الدنيا عليك فجدْ بها
على الناس طرا قبل أن تتفلت
فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت
ولا البخل يبقيها إذا هي تذهب
واستحس الملك حفظه الله والشيخ ناصر رحمه الله هذين البيتين وطلب الملك سلمان كامل القصيدة.
***
ولعل من أبرز المناقب الجميلة للشيخ ناصر حرصه على قضاء حوائج الناس وصنع المعروف سواء عبر خطاب يكتبه أو اتصال يجريه فهو لا يرد طالب حاجة ما استطاع إلى ذلك سبيلا وهو يدرك أن مثل هذه الأعمال المباركة فيها أجر عظيم من الله وفيها خدمة للناس.
وكأنَّ الشاعر يعنيه عندما قال:
وليس سوى صنع الجميل مخلّدا
وليس سوى الذكرى تظل وتخصب
***
وبعد :
الحديث عن معالي الشيخ ناصر وسجاياه يطول ولا يمل ولكن اختزلت بعض محاسنه للدعاء له.
***
وأخيرا مما يبهجني ويبهج محبي الشيخ ناصر رحمه الله أنَّ أبناءه ولله الحمد ساروا على نهجه في قضاء حوائج الناس وفي التبسط معهم واستمرار جلسات الشيخ لاستقبال الناس والأنس بهم والحديث معهم وإليهم.
وفقهم الله ورحم والدهم
__________
(*) عضو مجلس الشورى السابق