الانتخابات البلدية خطوة متقدمة في منظومة الإصلاح
حمد بن عبدالله القاضي
الانتخابات البلدية خطوة متقدمة في منظومة الإصلاح
***
حمد بن عبدالله القاضي
عـضو مجلس الـشورى السابق
أمين عام مجلس أمناء مؤسسة
الشيخ حمد الجاسر الثقافية
محاور المحاضرة
** إشارة:
** تعريف الانتخابات:
** الانتخابات: لمحة من الماضي:
** مسؤليات المجلس البلدي:
** بين مجالس المناطق والمجالس البلدية:
** ما هي شروط الناخب ؟:
** ماذا عن شروط المرشح للمجالس البلدية؟:
** الانتخابات السعودية: حقيقة مضيئة:
** الانتخابات البلدية وممارسات خاطئة:
** رسائل برسم الوطن:
** أما الرسالة الثالثة والأخيرة فهي لهذا الوطن:
بسم الله الرحمن الرحيم
** إشارة:
* تم إعداد هذه المحاضرة بناءً على طلب سمو الأمير/ منصور بن متعب بن عبدالعزيز رئيس اللجنة العامة للانتخابات للمشاركة في برنامج المحاضراتحيث طلب من بعض أعضاء مجلس الشورى وبعض المثقفين المشاركة في برنامج ((محاضرات)) عن ((الانتخابات البلدية)) يتم إلقاؤها في عدد من المدن والمحافظات إسهاماً في التوعية حول ((الانتخابات البلدية))، وهذه المحاضرة تم إلقاؤها بمحافظة القريات.
** تعريف الانتخابات:
باللغة: انْتخب: أختار وانتقى
وفي الاصطلاح الحديث هي: ((إجراء قانوني يحدد وقته ونظامه ومكانه في دستور أو لائحة ليختار على مقتضاه شخص أو أشخاص لرئاسة أو عضوية مجلس أو نقابة أو غير ذلك)).
** الانتخابات: لمحة من الماضي:
يظن البعض أن الانتخابات مبدأ عصري جديد أو أنه جاءنا من الغرب.. ولو استقرأنا تاريخنا لوجدنا مبدأ الانتخابات لدينا منذ أربعة عشر قرناً وقد تم ذلك عند ترشيح الخليفة عمر بن الخطاب خليفة لأبي بكر وأميراً للمؤمنين فقد رشح الخليفة أبوبكر ستة أشخاص وقد رشح أو بالأحرى حسب الأسلوب الحديث انتخب الصحابة من بينهم عمر بن الخطاب.
أما في تاريخنا السعودي المعاصر فمعروف لدى كثيرين أن المجالس البلدية وجدت في بداية العهد السعودي عن طريق انتخاب أعضاء هذه المجالس ، والنظام والتطبيق الحالي هو تجديد لهذه الأنظمة واستئناف لهذه المجالس بطريقة عصرية عن طريق الإجراء الانتخابي.
هذه إلماحة بسيطة ولا أريد أن يكون حديثي حديثاً لغوياً أو تاريخياً بل أريد أن يكون إسهاماً في التوعية حول الانتخابات وأهميتها ودورها في الإسراع بمنظومة الإصلاح والتنمية .
** مسؤليات المجلس البلدي:
يتساءل البعض عن أعمال واختصاصات المجلس البلدي وأوجزها هنا – كما جاءت في نظام المجالس البلدية:
1- إعداد مشروع ميزانية البلدية .
2- إقرار مشروع الحساب الختامي بقصد رفعه للجهات المختصة.
3- إعداد مشروع المخطط التنظيمي للبلدية –بالاشتراك مع الجهات المعنية– تمهيداً لاعتماده من وزير الشئون البلدية والقروية.
4- وضع اللوائح التنفيذية الخاصة بالشروط التخطيطية والتنظيمية والفنية الواجب توافرها في المناطق العمرانية.
5- اقتراح المشاريع العمرانية في البلدة.
6- وضع اللوائح التنفيذية اللازمة لممارسة البلدية واجباتها فيما يتعلق بالصحة والراحة والمباني والمرافق العامة وغيرها.
7- تحديد مقدار الرسوم والغرامات بما لا يتجاوز مائة ريال.
8- اقتراح مقدار الرسوم والغرامات بما زاد عن مائة ريال.
9- مراقبة الإيرادات والمصروفات وإدارة أموال البلدية طبقاً للأنظمة والتعليمات السارية وضمن الحدود المبينة في الإعانات الحكومية المخصصة لها.
10- مراقبة سير أعمال البلدية والعمل على رفع كفاءتها وحسن أدائها للخدمات.
11- اقتراح مشاريع نزع الملكيات للمنفعة العامة.
12- عقد القروض من المؤسسات الحكومية المختصة وقبول الوصايا والهبات المتمشية مع الشريعة الإسلامية
والمصلحة العامة.
13- تحديد أسعار الخدمات والمواد التي تقدمها البلدية بطريق مباشر أو غير مباشر.
14- إبداء الرأي فيما يعرض على المجلس من قضايا.
** بين مجالس المناطق والمجالس البلدية:
هناك سؤال يثور ويطرح بالصحافة والمجالس حول ما الفرق بين مجالس المناطق والمجالس البلدية؟.
وإذا عرفنا صلاحيات ومهام كل مجلس يتضح الفرق، وقد أسلفت مهام المجالس البلدية، والآن أستعرض أهم مسؤوليات مجالس المناطق ليتضح الفرق الكبير بينهما، وعدم التعارض بين اختصاصاتها:
1- تحديد احتياجات المنطقة واقتراح إدراجها في خطة التنمية للدولة.
2- تحديد المشاريع النافعة حسب أولوياتها، واقتراح اعتمادها في ميزانية الدولة السنوية.
3- دراسة المخططات التنظيمية لمدن وقرى المنطقة ومتابعة تنفيذها بعد اعتمادها.
4- متابعة تنفيذ ما يخص المنطقة من خطة التنمية والموازنة والتنسيق في ذلك.
** ما هي شروط الناخب ؟ :
قد يتساءل الآن أحدكم ما هي شروط الناخب، وهذه حددتها لائحة انتخابات أعضاء المجالس البلدية وهي:
1- أن يكون عمره (21) سنة أو أكثر في يوم الاقتراع.
2- أن لا يكون من العسكريين العاملين.
3- أن يقيم في نطاق المجلس البلدي.
** ماذا عن شروط المرشح للمجالس البلدية؟:
ينص النظام على أن تتوفر بالمرشح هذه الشروط:
1- أن يكون سعودياً بالدم أو المولد أو متجنساً مضى على تجنسه عشر سنوات على الأقل.
2- أن لا يقل عمره عن خمسة وعشرين عاماً.
3- أن يقيم إقامة دائمة في نطاق البلدية طوال مدة عضويته.
4- غير محكوم بحد شرعي أو بالسجن بجريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد مضى على تنفيذ الحد أو السجن خمس سنوات.
5- غير مفصول من الخدمة العامة لأسباب تأديبية، ما لم يكن قد مضى على هذا الفصل خمس سنوات.
6- يجيد القراءة والكتابة ومتمتعاً بالأهلية الشرعية.
7- غير محكوم عليه بالإفلاس الاحتيالي .
وأخيراً أصدرت اللجنة العامة للانتخابات قراراً بعدم أحقية ((العُمد)) للترشّح في المجالس البلدية.
** الانتخابات السعودية: حقيقة مضيئة:
لقد أظهرت المؤشرات والانتخابات التي نعيش أمطار أفراحها هذه الأيام في كافة مناطق بلادنا .. أظهرت بداية نجاح هذه المسيرة المباركة في منظومة الإصلاح، وقد جاءت نقلة نوعية في التطور السياسي في بلادنا كما وصفها د/ محمد الحلوة في محاضرة له إذ هي تجئ من منطلق المشاركة في القرار الوطني وإشراك المواطن فيما يهمه في شأنه الحياتي .
لقد جاءت الانتخابات في بلادنا – بحمد الله – وهي تجربة جديدة لهذا الأسلوب الانتخابي المعاصر جاءت بشكل هادئ موضوعي [ذي نكهة سعودية] ولا جرم أن هذا يشير إلى نضج المجتمع السعودي، وتوحّد أهدافه وغاياته، واتكائه على ركيزتي عقيدته الإسلامية، ووحدته الوطنية اللتين آمن بهما خياراً لا بديل عنه، فكانت آثار ذلك ما ينعم به هذا المجتمع من تآلف، واتفاق على الهدف ، والعمل الرشيد من أجل الوطن ، يقول الباحث د/ صالح بن عبدالله المالك – عضو اللجنة العامة للانتخابات العامة – في بحث جيد له عن ثقافة الانتخابات، مؤكداً هذه الحقيقة التي أشرت إليها: [نظراً لما يتميز به مجتمعنا السعودي من تجانس ديني وعرقي وثقافي، فالمؤمل أن يعمل المواطنون مع الأجهزة المكلفة بالإشراف على الانتخابات في وئام وتناغم وأن تكون كل من الحيادية والموضوعية والتصويت للمرشح الأفضل هي المعايير التي تحكم قراراتنا، وأن ننأى بعيداً عن التحزب الطائفي أو القبلي أو الإقليمي أو العائلي إذ إن انتخاب مرشح معين يعني الشهادة لـه وتزكيته ويدخل في باب أداء الأمانات التي قال الله فيها :] إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها [.وقد تحقق هذا في نتائج الانتخابات التي تمت بالرياض.
لقد كان لوحدة هذا الوطن والمحبة التي تعيش في جوانح أبنائه في ظل عقيدته الراسخة الأثر الأكبر في هذا التجانس الجميل لهذه الانتخابات وفعلاً لقد جاءت الانتخابات البلدية بالمملكة العربية السعودية بنكهة سعودية بكل ما تعني هذه الكلمة من دلالات ، حيث استضاءت بتعاليم الدين في أمانة الاختيار ، واستندت على مصالح الوطن في الحرص على خدمة الوطن.
** الانتخابات البلدية وممارسات خاطئة:
في مقالة نشرتها بصحيفة ((الجزيرة)) خلال الأيام الماضية أشرت فيها إلى أنني واحد من الحفيين السعداء بهذا الحراك الاجتماعي والإعلامي الذي أوجدته مسيرة ((الانتخابات البلدية))التـي تجئ في سياق منظومة الإصلاح الوطني.
لكن – وما أقسى لكن هنا –لقد أضحى حديث الكثيرين هذه المبالغات التـي تحملها دعايات وبرامج ووعود الأخوة المرشحين فقد أعطوا لأنفسهم بل وللمجالس البلدية أكبر وأكثر من دورها ومن اختصاصاتها … بل إن بعض هذه البرامج صورت ((الرياض)) مثلاً كأنها مدينة عادية بلا خدمات وبلا تطور وسوف يأتي هذا المرشح الكريم وبرنامجه السرابي لينقلها إلى زمالة المدن الكبرى وهي– حاليا – ضمن أكثر المدن تقدماً ولكنها مثل غيرها تنقصها بعض الخدمات ولا جرم أن الرياض وغيرها من مدن ومحافظات المملكة تطمح إلى استكمال خدماتها البلدية وغيرها، ولكن عبر نظرة واقعية تنظر إلى الأوليات والاعتمادات.
ولعل بعض المرشحين – وأقول بعضهم – أو لعل من فوّضهم بهذه الحملات والدعايات والمخيمات يجهلون أو يتجاهلون اختصاصات المجالس البلدية المحدودة بالمادة (23) من نظام هذه المجالس التـي أشرت إليها أنفا.
إن اختصاصات المجالس البلدية واضحة لا تحتمل وعودا خيالية أو برامج ((فردوسية)) أو مشروعات ليست من اختصاصها، إن الاستغراق بمثاليات ووعود بعيدة عن نظام هذه المجالس يضر بالمرشح أكثر مما ينفعه لأن المواطن سوف يدرك عدم صحة ما وعد به.
ومن جانب آخر فهذا قد يدخل في مسألة التضليل غير المقبول والذي لا نرضاه لهؤلاء المرشحين أو منهم بل قد يصل إلى المخالفة الشرعية لأن المرشح لن يستطيع الوفاء بعهوده وقد كان العهد عند الله مسؤولا .
* أما الأمر الآخر ُالأوفر إزعاجا في هذه الانتخابات فهو ما سمعناه وما قرأناه حول شراء الأصوات وبيع الذمم..!
وهذا مؤلم جدا إذا صح.
ترى كيف يرضى مرشح يأتي للمجلس البلدي أو غيره من خلال طرق غير مشروعه.. إن هذا المرشح الذي قبل وارتضى بهذا الأسلوب الخادع المنافي للأمانة سيقبل بخداع من يرشحونه وقد يبيع ذمته وهو يمارس عمله.. إن هذا خيانة للأمانة التـي وعد الله بأدائها ورتَّب شديد العقاب على من لا يؤديها كما حملها.. وإنني أربأ بالناخبين أو المرشحين أن ينزلقوا في هذا الشأن الخطير.
أجل أربأ بأي ناخب إن يبيع ذمته بسبب ((خزف)) مادي، وأربأ بكل مرشح أن يشتري صوتاً كاذبا بحافز من طموح غير شرعي..!!
إنه إذا وصل الأمر بالانتخابات إلى شراء الأصوات وبيع الذمم ليدخل إلى هذه المجالس أو غيرها من لا يستحق فإن التعيين عندها أفضل وخير للوطن من انتخاب يجئ على مراكب الكذب والخداع..!!
إنني لأستشرف -كمواطن – أن نرى هذا المشروع الإصلاحي نزيها وصادقاً لأن الانتخابات هي إحدى خطوات مشروعنا الإصلاحي الكبير المتدرج.
** رسائل برسم الوطن:
دعوني أتوقف قبل الختام عند إرسال ثلاث رسائل مختصرة ،أتوجه إلى أولئك الذين يشكلون منظومة هذه المجالس:
* أولاها الناخب: وأقول له إن انتخابك واختيارك لأي مرشح عضواً في المجلس البلدي هو ((أمانة)) سوف تسأل عنها.. ولهذا عليك أن تتحرى وتحرص على انتخاب الشخص الذي تتوسم فيه أن يكون قادراً على تأدية رسالته في المجلس، ويستطيع الإسهام في تفعيل المجالس البلدية وتحقيقها لأهدافها ، وهذا لن يتم إلا عندما يكون الأعضاء على مستوى كبير من الأمانة والخبرة والاقتدار والوطنية والنأي عن المصالح الذاتية.
* ثانيها: إلى المرشح المنتخب: أقول لـه في هذه الرسالة الحميمة: عليك أن تؤمن أن هذا الترشيح والاختيار لك هو رسالة وطنية شعبية قبل أن تكون شكلاً مظهرياً أو خطاباً إعلامياً تلميعياً وهذا الإدراك لمسؤوليتك سوف يجعلك بحول الله تمثل المواطن الذي اختارك خير تمثيل، ويجعلك تحرص – من جانب آخر – على أن تبدي الرأي السديد الرشيد الذي يسهم في تطوير منطقتك، وتنمية محافظتك وقريتك، وبالتالي خدمة هذا المواطن الذي اصطفاك دون سواك.
* أما الرسالة الثالثة والأخيرة فهي لهذا الوطن:
أجل لهذا الوطن الأجمل والأبهى، الذي يسير في طريق المنظومة الإصلاحية، بطريقة عصرية، وبنهج معتدل، وخطوات واثقة وأقول لوطني إن هذا الخطاب الإصلاحي ينبع من داخل أرضك دون أن يملي هذا الإصلاح أي عنصر ينظّر أو يملي وهو خارج فضاءاتك الآمنة الجميلة.
إنك أيها الوطن الغالي تستحق أن نعطيك الأغلى عطاءً ورأياً ومحبة وإسهاماً.. فنحن الذين نبني صروحك ونُعْلي مشارف نمائك وليس غيرنا .
قد بادلتنا الحب ، فلنقابلك بالعطاء.
حفظ الله هذا الوطن عقيدة وقيادة وإنسانا.
ورب اجعل هذا الوطن آمنا.