logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

محاضرة الوطن ووحدته: المنطلقات الثقافية والاجتماعية شاملة طويلة

حمد بن عبدالله القاضي

حمد القاضي > المحاضرات  > محاضرة الوطن ووحدته: المنطلقات الثقافية والاجتماعية شاملة طويلة حمد بن عبدالله القاضي

محاضرة الوطن ووحدته: المنطلقات الثقافية والاجتماعية شاملة طويلة

حمد بن عبدالله القاضي

محاضرة

 

 

 الوطن ووحدته: المنطلقات الثقافية والاجتماعية (شاملة طويلة)

 

 

***

 

حمد بن عبدالله القاضي
 

 

أمين عام مجلس أمناء مؤسسة الشيخ حمد الجاسر الثقافية

عضو مجلس الشورى السابق

 

*** 

(محاور المحاضرة)

 

 

 

**  إضاءة:

**  لكن السؤال الأهم كيف يكون حب الوطن.

** لكن كيف يسهم الإنسان في العطاء لوطنه أمناً وإنماءاً؟

** المواطن ومسؤوليته نحو بناء وطنه:

** الانتماء للوطن ودور الثقافة في ترسيخه:

** الانتماء بوصفه مشروعاً تنموياً:

** الثقافة ورسالتها في نشر قيم الانتماء:

** الثقافة كمشروع اجتماعي:

** هل لثقافتنا الوطنية خصوصية!:

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

** إضاءة:

 

* الوطن ليس نشيداً نتغنى به، وليس أمجاداً نرددها ونتغزل بأشعارها!.

 

وحب الوطن أمر مطلوب وحافز مهم من أجل الإسهام في بقائه ونمائه وكل الناس يحبون أوطانهم ليس لثرواتها ومكاسبها ولكن ذلك غريزة في الإنسان كما يقول الشاعر سعد البواردي:

 

  ((أحبك يا أرضـي ولستِ بخيرها


     ففي غيرك الأشجار والخصب والفـنن 


  ولكنك الأغـلى فأنت لي حبيبتي


       وأنت لي الـتاريـخ والأهـل والوطـن))

  
   ((وقد تُعشق الأرض التي لم يطبْ


          بها هواء ولا ماء ولكـــنها وطن))
 

 

وحبنا لوطننا المملكة يتضاعف أكثر ليس لأنها بلادنا بل ولأنها موئل الحرمين ومهبط الوحي ومثوى المصطفى وأصل العرب وموطن العروبة.

 

** لكن السؤال الأهم كيف يكون حب الوطن.

 

ما دورك – أيها المواطن – في تثبيت أمن وطنك، واستمرار تنميته؟.

 

باختصار:

 

إن ترجمة حب الوطن هو بالعمل من أجله، وتسكب قطرات العرق على ترابه، والحفاظ على أمنه والإسهام في تنميته.

 

أمن الوطن وتنميته أمانة في عنق كل مواطن ومواطنة على أرض هذا الوطن المملكة العربية السعودية.

 

** لكن كيف يسهم الإنسان في العطاء لوطنه أمناً وإنماءاً؟.

 

إن هذا لن يكون إلا إذا كان الإنسان مؤهلاً بالعلم والمعرفة وقبل ذلك بالحب والانتماء، وإلا فإنه يظل عاجزاً عن أداء الدور المنوط به.

 

((ثقافة الانتماء للوطن عقيدة وإنسانا وترابا)) هي التي تستطيع أن تراهنَ عليها الأمم في بقائها ونمائها، وبقدر إتّسام هذه الثقافة بالصدق والشمولية وتجسيدها أعمالاً لا أقوالا فضلاً عن اتسامها بقيم التسامح، وخطاب التنوير لبناء الأمة وطرد عوامل التمزق!.

 

((ثقافة الانتماء الصادق)) هي: العامل الأساس في أي حراك أمني أو تنموي أو اجتماعي أو ثقافي!.

 

وهي القادرة على جعل الناس يتفاعلون ويفيدون من أي منجز وينافحون عن مكتسب تنموي!.

 

إن بناء الإنسان أصبح هو الأصعب: لأنه يعني بناء عقله وثقافته ووجدانه، بينما بناء الحجارة أمرها ميسر، فهي لا تحتاج لأكثر من عوامل مادية.

 

من هنا فإن المواطن من خلال ارتهانه إلى ثقافة حب الوطن والانتماء لـه، وتجسيد ذلك يستطيع من خلالها أن يسهم ويؤدي واجبه المنوط به نحو المزيد من المنجزات لوطنه.

 

 * الانتماء الحق للوطن هو أساس قدرة المواطن في زرع الأمن بين ربوعه ثم يتلو ذلك الإسهام في تنميته.

 

** المواطن ومسؤوليته نحو بناء وطنه:

 

* بناء المواطن لا يأتي بالأحلام والآمال والأمنيات.

 

تنمية الوطن ليست مسؤولية وزير أو خفير أو قبيلة أو مجموعة.

 

بل هي مسؤولية كل فرد

الفلاح في مزرعته

العامل في مصنعه

المعلم في فصله

الخفير في مؤسسته

الوزير على كرسيه!

 

وإذا لم يكن الجميع في منظومة واحدة متناغمة فلن يُبنى وطن ولن تستمر تنمية!.

 

ولابد أن يصحب هذا العمل إخلاص في العطاء وأمانة في التنفيذ!

 

بهذه المقومات ينعم كل إنسان بوطن ترتفع فيه سنابل حقوله كما تشمخ أعمدة سنائه، في تناغم جميل بين منارة الجامع ومنارة الجامعة.. بين مدد الروح وعطاء المادة.

 

يدعم ذلك ويعضده ويوجهه اعتزاز المواطن وتمسكه بثوابته الدينية والوطنية حتى  يستطيع أن يقف سداً أمام اختراق نسيجه الأمني والاجتماعي والثقافي.

 

إنك قد تجمع الناس في بناء واحد، أو في موقع واحد لكن إذا لم يكن لديهم ثقافة مشتركة، مؤسّسةٍ على ثوابتهم المنطلقة من دينهم ووطنهم فإنها لا تستطيع أن تخلق نسيجاً اجتماعياً قوياً، ووطناً آمناً ناميا.

 

** الانتماء للوطن ودور الثقافة في ترسيخه:

 

 

 * وحدة المملكة لم تُبن على أساس وحدة الأرض وتوحيد شتاتها الجغرافي فقط بل كان لهذه الوحدة أبعاد ثقافية واجتماعية اتكأت على الثوابت الدينية والوطنية!، ومن اجل هذه الوحدة بكافة أبعادها يأتي الانتماء للوطن عطاء وائتلافا وحفاظاً عليه.

 

الملك عبدالعزيز رحمه الله أدرك هذه الأبعاد وراهن على العلم والمعرفة لترسيخ الانتماء لهذه الأرض وانطلق في ذلك ((أولاً)) من ((المربع العلمي))، حيث أعطاه ما يستحقه من اهتمام  واحتفاء، بل جعله إحدى أهم أوْلوياته بعد ترسيخ ركائز الأمن حسب الإمكانات آنذاك.

 

لقد كانت أولى خطواته خلال التوحيد وبعد استكمالها أن بدأ ((بتوطين البادية)) وتعليمها وكان هذا أحد أهم منطلقات الوحدة والاستقرار والإسهام في التنمية والحفاظ على الوحدة.

 

لقد بدأ يرسل إلى كل بلدة يستردها عالماً يعلّم الناس القراءة والكتابة ومبادئ الدين الحنيف، من منطلق أن المعرفة أس للوحدة ومدماك للإنتماء.

 

ثم بعد استقرار أمره، توجه إلى ميدان ثقافي آخر ألا وهو طباعة أمهات الكتب ونشرها وتوزيعها مجاناً للمزيد من نشر أضواء العلم والمعرفة، ولقناعته أن الإنسان كلما كان أوفر وعياً كلما استطاع أن يشارك في نماء وطنه وأمنه.

 

وتواصل وازداد هذا الاحتفاء بالمعرفة في عهود أسلافه حيث تواصل المنجز الثقافي عبر المكتبة والمدرسة والمعهد والجامعة والجامع والصالون والمنتدى الثقافي.

 

***

 

** الانتماء بوصفه مشروعاً تنموياً:
 

 * الاهتمام بالإنسان وتثقيفه أصبح هدفاً استراتيجياً لجميع خطط التنمية الخمسية ومنظومة المشروع السعودي الحضاري.

 

إن رؤية التنمية بالمملكة قامت على الموائمة بين منارة الجامع، ومنار الجامعة بين زرع سنابل القمح وإقامة فصول المدارس بين نماء المكان وبناء الإنسان في تناغم جميل كان أحد أهم عوامل الانتماء والاستقرار.

 

إن الانتماء يكون قوياً وراسخاً كلما كان هذا الوطن محققاً لنماء الإنسان وإعمار المكان.

 

لقد راهن خلفاء الملك عبدالعزيز على أثر وتأثير المعرفة في ترسيخ الانتماء، ونشر الرخاء فأولوا العلم كل اهتمامهم، وقد حافظ الملك سلمان حفظه الله على هذا النهج، فدعم الثقافة والتعليم، ورعا وحفز المؤسسات الثقافية والحضارية.

 

وقد أبهر ذلك المنصفين المتابعين لمسارات نماء الوطن بكل الفضاءات الأمنية والاجتماعية والثقافية والحضارية هذا التسارع التنموي رغم قصر تشكل الدولة السعودية الحديثة، ولا يملك – المحب لهذا الوطن من زاوية أخرى – إلا أن يطمئن على مسيرة ومنظومة هذا الوطن اتحاداً ونماءً وإنسانا!.

 

** الثقافة ورسالتها في نشر قيم الانتماء:

 

* ((ثقافة المجتمع)) هي التي تستطيع أن تراهنَ عليها الأمم في بقائها ونمائها، وبقدر إتّسام هذه الثقافة بالإرتكاز على الثوابت الدينية والوطنية، وإعلاء القيم والأخذ بخطابات التنوير والتجديد وبكل ذلك يترسخ الإنتماء للوطن ومن ثمّ العطاء من أجله وبسط مظلة المحبة على قلوب أبنائه.  

 

إن ((الثقافة)) العامل الأساس في أي حراك تنموي أو اجتماعي!, وهي القادرة على جعل الناس يتفاعلون ويفيدون من أي منجز أو مكسب تنموي فضلاً عن تقوية ارتباطهم بوطنهم.

 

إن علينا وعلى المثقفين تحديداً التحفيز على الانتماء والدعوة إلى ما يعضد الوحدة ويحرض على العمل ويحفّز على الحفاظ على أمن الإنسان والمكان.

 

** الثقافة كمشروع اجتماعي: 

 

* أي مجتمع لديه ثقافة صلبة تستطيع أن تقف سداً أمام اختراق نسيجه الاجتماعي أو التشكيك بانتمائه ولو حصل التأثير على أفراد، فإنه يبقى أثراً محدوداً لا ينسحب على المجتمع ككل!.

 

إنك قد تجمع الناس في بناء واحد، أو في موقع واحد لكن إذا لم يكن لديهم ثقافة مشتركة، مؤسّسةٍ على ثوابتهم الوطنية والدينية فإنها لا تستطيع أن تخلق نسيجاً اجتماعياً واحداً.

 

وسوف أضرب مثلاً على ذلك كثيراً ما يجتمع عدد من السعوديين في مجلس واحد، نجد أحداً منهم من شرق المملكة والآخر من غربها وثالث من وسطها ورابع من جنوبها وتكاد وأنت معهم لا تفرّق بين أحد منهم فكلهم ينتمون إليه دين واحد وراية واحدة.

 

سأضرب مثلاً حياً شاهده وسمع به عدد كبير من المواطنين ففي مجلس الملك سلمان حفظه الله كلما اجتمع في مجلسه مواطنون من مختلف أرجاء المملكة وعندما يتطلع إليهم ويجد التناغم بينهم يقول رعاه الله: ((هذه وحدة المملكة التي يمثّلها هذا المجلس)).

 

** هل لثقافتنا الوطنية خصوصية!:
 

* كلمة الخصوصية تشكل التباساَ وريبة، وهي كذلك إذا كانت تعني الانعزال والانكفاء على ثقافة محددة محدودة.

 

ولكن لهذه الخصوصية – في تقديري – جانباً إيجابياً لا يتقاطع مع رغبة ضرورة الأخذ والتفاعل مع الآخر، بل إنها تزيد الاعتزاز بالوطن والانتماء له وهذا يتم عندما تؤخذ ((الخصوصية)) من جانب أنها تعطي لثقافة الوطن تميّزاً وتعطي لانتمائه تفرداً بوصفه ينتمي لبلاد الحرمين اللذين لا يوجد غيرهما بالدنيا من هنا يحتفظ المواطن بهويته ويستفيد من المنتج الحضاري ومن ثقافة الآخر ويضيف إليها لكنه لا يذوب في مدنيته وينسلخ من قيمه وثوابته.

 

واضرب نموذجاً في المشهد الأدبي فعندما يقرأ الآخر غير السعودي كتاباً ثقافياً سعودياً يود كقارئ أن يعرف بعض سمات ومشكلات وتقاليد هذا المجتمع الذي صدر الكتاب عن أحد أبنائه.

 

هنا الخصوصية تكون حافز جذب لا عامل طرد!.

 

من هنا لا يصح أن نهون منها وفي ذات الوقت لا يصح أن نهوّلها.

 

إن كثيراً من الأعمال الأدبية العالمية أخذت شهرتها من كونها جسدت سمات المجتمع الذي صدر فيه هذا الكتاب.

 

وأقرب مثال رواية الأديب السوداني الطيّب صالح الشهيرة:

 

((موسم الهجرة إلى الشمال)) فمن أسباب انتشارها – تلك السمات التي كشف عنها في المجتمع السوداني من خلال بطلها
 

((سعيد))!.

 

أخلص إلى القول أن: هذه الوحدة وهذا الانتماء للوطن لو بنيا على أساس توحيد الشتات الجغرافي والانتماء له فقط لما كان له مثل الرسوخ.. لكن لأن هذا التوحيد الجغرافي صاحبه ولحقه توحيد ثقافي واجتماعي وإنساني كان له هذا الثبات والرسوخ والتطور.

 

وتبقى رسالتنا المستدامة: الحفاظ على بنائنا الوحدوي وصيانة وتقوية انتمائنا الوطني ونسيجنا الاجتماعي والثقافي.

 

** وبعد:

 

أكرر أن الإنسان لا ينتمي لوطنه لأنه الأوفر مالاً­، أو الأكثر تقدماً لكن الانتماء الحقيقي كما جسّده أحد شعراء الوطن أ/ سعد البواردي عندما قال:

 

  (( أحبك يا أرضـي ولستِ بخيرها

      ففي غيرك الأشجار والخصب والفـنن

  ولكنك الأغـلى فأنت لي حبيبتي

      وأنت لي الـتاريخ والأهـل والوطـن))

  (( وقد تُعشق الأرض التي لم يطبْ

         بها هواء ولا ماء ولكنها وطن))