جوانب من شخصية الملك سلمان
حمد بن عبدالله القاضي
محاور المحاضرة
* بعض المسارات في حياة الملك سلمان:
* الجانب الإداري في شخصيته:
* حرصه على القراءة والثقافة:
* الملك سلمان وتفاعله مع الإعلام:
* الملك سلمان وسرعة استجابته:
* الملك سلمان والوفاء:
* * *
* بعض المسارات في حياة الملك سلمان:
«عندما يريد الانسان أن يتحدث عن خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – لا يستطيع أن يختزل كل هذه التجربة على مدى ٦٠ عاما بالشأن الثقافي والإداري والإعلامي والاقتصادي ليحيط به، لكن هناك عدة مسارات سأتحدث بكل مسار عن شيء ما..»
* الجانب الإداري في شخصيته:
«الجانب الإداري: عندما كان أميراً لمنطقة الرياض كان نموذجاً أولاً بالالتزام والانضباط يبدأ عمله من الساعة السابعة والنصف حتى الثانية والنصف، كما قالت ابنته حصة التي نوهت عن انضباطه بالعمل في حديث أجري معها وهذا يعكس مقدرته بتأدية كم الالتزامات الذي عليه أداءه ليتمكن من إدارة الوقت.
ودقته بالوقت ليست فقط بالعمل والاجتماعات الرسمية بل حتى بالمناسبات الخاصة، أتذكر له موقفا بدعوة عشاء السكرتير «عبدالله السلوم» إليه ومجموعة من الأشخاص لتشريف بيته، فما أن صلينا العشاء حتى توجهنا إلى منزل عبدالله مباشرة وفوجئنا بوجود الملك سلمان – حفظه الله – قبلنا رغم أننا لم نتأخر فلما سألناه قال: «أصلي بمسجد قريب من منزل من يدعوني حتى لا اتأخر عن الوقت المحدد لحضور الدعوة». ولعل تمكنه من إدارة الوقت هو ما مكنه من الردود على الخطابات في أسرع وقت رغم انشغاله، فلم يُرسل له خطاب إلا وتم الرد عليه بعد يومين من وصوله على أبعد تقدير…»
* حرصه على القراءة والثقافة:
\
«يحرص الملك سلمان على القراءة ويبدي ملاحظاته بالكتب التي قرأها في مجالسه، ناهيك عن تواصله الكثيف وعلاقته مع المؤلفين.
ومن عادته إذا اشترى الكتاب يشتري عدة نسخ منه ليعطيها ابناءه وابنته دعماً منه وتشجيعا على القراءة.
ويحضرني موقف عن عشقه للكتاب مع «عبدالعزيز الخويطر» حين أعلن عن صدور كتابه «النساء رياحين» الذي تحدث به عن والدته، وكان من أصدق كتب الخويطر وباعتباري مشرفاً على طباعته فوصلني استعجال الملك سلمان حفظه الله للحصول على نسخة منه فارسل إلينا أنه يرغب بنسخة من الكتاب بمجرد وصوله من المطبعة، وبالفعل أرسلناه على الفور. يحتوي الكتاب على ١٥٠ صحفة تقريباً، بلغني أنه قرأ أغلبه بعطلة نهاية الأسبوع وهو في مزرعته التي تقع بين الرياض والخرج..»
«أما بشأن المواقف التي حصلت لي معه بالمجلة العربية: يحضرني موقف ينم عن دقة ملاحظته وثقافته الواسعة، فمرة كتب أحد الكتاب مقالاً عن إحدى المدن ولعله أخطأ بمعلومة ذكرها وهي لمدينة غير المدينة التي كتب عنها بمقالته، رغم أني قرأت المقال قبل نشره وقرأه زميلٌ لي لكننا لم ننتبه واعتقدنا صحتها، وبعد صدور عدد المجلة بيومين وإذ بالملك سلمان يتصل بي على المنزل وأنا نائم فلما صحوت وأخبروني بتكرار اتصاله، لم أخف ولم أقلق فكلنا نعرف بأن الملك سلمان لا يأتي إلا بالخير.
وعندما عاودت الاتصال به، رد يمازحني: «صحيناك!»
ثم أخبرني بأنه قرأ مقال الكاتب ونوه بأن المعلومة المذكورة خاطئة وليست للمدينة المقصودة بل لمدينة أخرى.
وهذا نموذج عن دقته وحرصه على التصحيح وعنايته بالقراءة والثقافة..
* الملك سلمان وتفاعله مع الإعلام:
«قبل سنوات كنت في لقاء على قناة الإخبارية نتناول عدة قضايا بالجانب الاجتماعي في حديث دار بيني وبين المذيعة وضيف أخر، واذكر أنه بمساء أربعاء، اتصلت أخت مصرية بمداخلة على الهواء وقالت أنها كانت متزوجه بشخص سعودي، طلقها ولم يعطها ورقة الطلاق ولا ينفق على أطفالهم وطلبت منا أن نتحدث بشأن العدل والأسرة والرجال وقيامهم بواجباتهم نحو أسرهم.. ثم بكت وبالفعل استجبنا أنا والضيف لطلبها بالحديث عن الرعاية الأسرية ولم يكن باليد شيء أكثر من ذلك.
لكني فوجئت بعد وصولي إلى المنزل بساعة ونصف أي عند الساعة ١١ونصف باتصال من الملك سلمان قال به: «قبل ساعة ونصف تحدثتم في البرنامج عن أخت مصرية تشتكي من ظلم زوجها السعودي، أريد كامل معلوماتها لننصفها وتأخذ حقها ولينفق عليها زوجها، فنحن دورنا إقامة العدل والإنصاف سواء مع السعودي آو غير السعودي».
وبالفعل عملت على جمع المعلومات وفي صباح اليوم التالي عاودوا الاتصال وأبلغوني أنه ينتظر المعلومات ويطلب متابعة إجراءات الموضوع إلى أن تسترد حقها.
وهذه من المواقف التي نفخر بها، فهنا العدل، وهنا الحزم، وهنا الانصاف، ولن يظلم انسان في هذا الوطن مادام له حق»..
* الملك سلمان وسرعة استجابته:
أما بشأن تلبيته – حفظه الله – لحاجة الناس وسهولة الوصول إليه بلا أي مقدمات أو مراسيم فيروي الشيخ عادل الكلباني موقفه معه قائلاً: «حين مرض والدي واشتد به المرض بمنتصف الليل وكان علاجه بمستشفى الشميسي وأخبرونا أنهم عجزوا عن علاجه وهو يعاني فشلاً كلوياً، وكنت أرى والدي يتألم ويئن وليس بيدي حيله، ونحن في منتصف الليل بل قد جاوزناه بقليل.
اتصلت على أحد الأخوة عند أحد الأمراء مستعيناً به ليكلم الأمير ليجد لي حلاً، فقال لي: ولما لا تتصل بالأمير سلمان؟ كان حينها أميراً لمنطقة الرياض.
قلت له: أنى لي أن أتصل به في مثل هذا الوقت! ثم أنه ليس بالرياض في جده.
قال لي: اتصل بالقصر وهم يخبرونك ولا تتردد.
اتصلت بقصر الرياض وقالوا لي أنه في جدة وزودوني برقم قصر جدة، اتصلت بهم فرد السنترال وسألني: من أنا؟
قلت: فلان.
قال: لحظة.
انتظرت وكان ظني أنه يسجل الرقم أو يكتب المعلومة ولم يخطر في بالي أن يكون التجاوب وأنا ما زلت على الهاتف، فإذا بصوت الأمير يحييني! والله الذي بعث محمد بالحق ما ظننت أنه سيرد علي بهذه السرعة، فلما أخبرته بالأمر، قال: أبشر وسأخبر المستشفى التخصصي بالأمر.
وأغلق الهاتف، دقائق وإذا بالمستشفى يتصل بي ونسقنا الموعد للوالد واُدخل المستشفى.
كان المنسق جزاه الله خيراً يلح علي بالاتصال ويكلمني كثيراً وقال لي متأسفاً حين رأى أنه أزعجني بالاتصال «لا تؤاخذني فالأمير يتصل بي كثيراً ويسأل ماذا جرى؟ ماذا حصل؟ ما النتيجة؟ وماهي الحالة؟»
حتى أخذ الله وديعته وتوفي، فاتصلت به – وفقه الله – مخبراً إياه بوفاة الوالد فعزاني عزاء رطب الكبد وخفف المصاب حين قال لي:
«أنتم تعلمون الناس الصبر في مثل هذه المواقف فكن أول العاملين بما تعلم»
قد ينسى المتفضل حسن صنيعه ولكنها تبقى ذكرى راسخه في ذهن المحسن إليه ولو شئت لأسهبت لكن المساحة لا تكفي..
تتعدد المهام والمناصب وتظل الإنسانية هوية الفرد الوحيدة ومهمته الأولى ومنصبه القدير، فكل من جاءنا بها عرفناه وألفناه وغرسناه بأفئدتنا وذاكرتنا وشددنا الولاء له وكل من جاءنا دونها جهلناه مهما عهدناه بيننا.
* الملك سلمان والوفاء:
• لا أنسى موقفا للملك سلمان حفظه الله حين كان أميرا للرياض ذلك حين ودعت عملي بالمجلة العرببة فهاتفني من مكان إجازته وغمرني بتقديره ومحبته.
• طيب الله أثر ملكٍ عرف كيف يملك قلوب شعبه قبل ولائهم واختار أن يزرع الخير والسلام ليلقنهم درسه العملي في الحب.