حمد القاضي المولود في فمه قلم لـ عكاظ- 2

عارف العضيلة

"مركز الجاسر" عنوان وفاء الوطن لرموزه

 

 

 حاوره: عارف العضيلة 

 

نتابع اليوم الحوار مع رئيس تحرير المجلة العربية حمد القاضي الذي شرع نوافذ ذكرياته وآرائه ليبثها لنا بصراحته المعهودة في هذا اللقاء.
 

 

** خذ وخل  
 

 

هل اخترت عنوان زاويتك في صحيفة الجزيرة "خذ وخل" تواضعا منك فيما تطرحه رغم عدم اتفاق كثير من قرائك معك في هذا العنوان؟
 

الأمر ليس كذلك، فالمسالة ليس فيها تواضع وقد أشرت في أول حلقة من هذه الزاوية إلى أن السبب في اختياري لهذا العنوان إعطاء القارئ متسعا من الحرية في قبول ما اكتبه أو رفضه، أي "الأخذ به أو التخلي عنه.

 

** كانت لك زاوية عنوانها "جداول" وهو عنوان يوحي بالرومانسية.. هل انتهى عصر الرومانسية؟ 
 

 

مرة آخري.. لا .. الرومانسية لم ولن تنتهي إلا إذا أجدبت القلوب من مطر الحب، وأسالوا أديب الرومانسية المتميز عبدالله الجفري، ولكن أغالط نفسي والآخرين لو قلت أن الناس لم يعد همهم سوى وجه الحبيبة، وضوء القمر، وهمس الفجر، نعم هذه فضاءات عزيزة وغالية، ولكن هناك هموما وشؤونا أخرى لابد على الكاتب أن يتناولها وبخاصة ونحن نعيش هذا الزمن، الذي كثرت عاهاته وآهاته.

 

** ما الموقف الذي لازال عالقا في ذاكرتك منذ الصغر؟ 
 

 

مواقف كثيرة, لكن لعل أقربها إلى نفسي عندما كنت ابن ست سنوات وكنت مريضاً مرضا بسيطا بجانب أمي المريضة بمرض شديد ماتت – رحمها الله – على أثره، وكانت عندما تسال عن صحتها ترد – غفر الله لها –"أنا بكيفي لكن ما يهمني إلا حمد الله يشفيه"- رحمها الله ورحم كل أم راحلة، وحفظ كل أم باقية.

 

** لمن تقرا؟ 
 

 

كنت اقرأ لكتاب وشعراء معينين لكنني الآن اقرأ كل حرف يجذبني مضمونا, ويشدني أسلوبا، إنني اقرأ كل ما يشد عقلي, ويريح قلبي.

 

** قصة وفاء طويلة 
هل تحدثنا عن نشأة "المجلة العربية" كقصة عشق ووفاء جميلة؟ 
 

 

الحديث عنها يطول, إنها قصة عشق ووفاء جميل وطويل لكن باختصار شديد, جاءت فكرتها من الراحل الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ – رحمه الله – حيث تبناها وسعى إليها حتى تبرعمت زهرة بهية على يديه ثم أصبحت منبراً ثقافيا سعوديا عربيا داخل المملكة وخارجها يتواجد على ساحة صفحاتها نخبة من ابرز الكتاب السعوديين والعرب ويتم توزيعها بشكل جيد داخل المملكة وفي كافة الدول العربية، وفي عواصم الدول الأجنبية، ومن توفيق الله للمجلة أن كل الذين تولوا الإشراف عليها كانوا حفيين بالشأن الثقافي فظلوا يدعمونها ويسندونها لتواصل رسالتها السامية.
 

 

** سر النخبة 
يلاحظ وجود نخبة من الكتاب بالمجلة العربية مثل د.الخويطر – د. القصيبي – الخياط، وعدد من الأقلام الشابة من كتاب وكاتبات، هل لعلاقة رئيس تحريرها بهم دور في ذلك؟ 

 

شكرا لك أولا.. والحق أن كتابتهم بالمجلة في البداية قد يكون لعلاقة رئيس التحرير بهم دور في ذلك، لكن استمرارهم، من المؤكد أنهم لو لم يجدوا أن رسالتهم تصل.. وان هناك قراء لهم داخل المملكة وخارجها لما استمروا فيها، ولا انصرفوا إلى مطبوعات أخرى، وبخاصة إنهم كما وصفتهم نخبة تخطب أقلامهم قنوات النشر الأخرى.

 

** لازالت بعض الصحف تصدر بدون رئيس تحرير وقد يطول شغور هذا الكرسي فهل هذا مرده شح الكوادر أم في الإمكانيات؟
 

 

لا هذا ولا ذاك.. ولكن "إذا عظم المطلوب قل المساعد" كما يقول المتنبي.. إن مسألة "رئيس تحرير" مهمة صعبة ليس من ناحية التأهيل أو الإمكانات ولكن من ناحية الاستعداد للتصدي لهذه المهمة الحرجة بمسؤوليتها الحساسة وتبعاتها الآتية واللاحقة!
 

إن على رئيس التحرير أن يمسك بالخيط من منتصفة فلا يشده فينقطع ولا يرخيه فيسقط..وهنا تجيء صعوبة العمل, إنه عليه أن يكون محيطا ومدركا لإبعاد ما ينشره دينيا واجتماعيا ووطنيا, وقد يلزم أن يملك قدرة الاستشعار لما بعد النشر.
 

** الإعلام المهاجر 
هل يمكن أن نعتبر الإعلام السعودي المهاجر جزءا من إعلامنا؟ 
 
 

بالطبع هو جزء من إعلامنا.. وإنا لا اسميه "مهاجرا.. لكن أتمناه" متوهجا" قادرا على خدمة خطابنا الثقافي والإعلامي والحضاري، إنه مطلوب منه أن ينصف منجزنا السعودي سواء كان هذا المنجز حضاريا أو ثقافيا، ومطلوب منه أن يمنح "الخطاب الثقافي السعودي" عبر عطاءات علمائه وأدبائه وكتابه ما يستحقه مثلما يمنحه بسخاء للأقلام والأصوات العربية الأخرى التي تفتح لها تلك المنابر المقروءة أو المرئية فضاءات صفحاتها.. وصدور شاشاتها.
 

 

** كيف ترى "المجلات الشعبية" واقعها ومستقبلها؟ 
 
لقد بدأت تتهاوى.. "والضرب في الميت حرام"، وكل مطبوعة أو قناة تقف في وجه نشر وترسيخ لغة قراننا.. ورمز هويتنا سوف يكون مصيرها الزوال مهما طال الزمان وامتد المال.
 

 

** الجديد والجاسر 
ما الجديد في مشروع "الشيخ حمد الجاسر الثقافي"؟
 

 

لعل الجميل في مشروع تكريم الجاسر قبل الجديد فيه أن فكرته انبعثت بعد رحيله بأيام، ثم بدأت الخطوات العملية بعد حوالي شهرين, أما الخطوات الجديدة فقد استقر رأي لجنة التكريم على بناء مركز الشيخ حمد الجاسر الثقافي في الأرض المخصصة لدار العرب في حي الصحافة بالرياض وسوف يكون المبنى عنوانا لوفاء هذا الوطن لرموزه وسوف يكون مزارا للمفكرين والمثقفين من خارج بلادنا.. وسيحتوي المبنى على مقر "مجلة العرب" ومكتبة الشيخ حمد الجاسر بكل ما فيها من مخطوطات وكتب نادرة تعنى بتاريخ بلادنا وتاريخ العرب وتراثهم.. كما سوف يخصص مكان لـ"ضحوية الخميس الثقافية" التي كان الراحل يعقدها كل خميس في داره.

 

** صحافة وشاشة 
أين وجدت نفسك في الصحافة أو في الشاشة؟ 
 

 

العطاء في الصحافة أبقى وأجمل, والعطاء في الشاشة أسرع وأبهى.
 

 

** كلمات باقية 
ماذا يعني تكريم اثنينية الوجيه عبدالمقصود خوجة لكم في جدة وقد كتب وتحدث عنك الكثيرون بمناسبة هذه الاثنينية، ما الكلمات التي بقيت في ذاكرتك منها؟ 
 

لقد كان تكريما سوف أظل اعتز به من رجل يمتلك أدب الدرس وأدب النفس.. أما ما بقي في ذاكرتي من تلك الأحاديث والمقالات فقد بقيت كلها في ذاكرتي وكيف أنساها وقد أسكنتها "غرفة قلبي".. لكني تأثرت كثيرا بما كتبه عني والدي الراحل العلامة حمد الجاسر في صحيفة الرياض تحت عنوان "ابني القاضي بين العطاء والحياء"وما كتبه معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر في "الجزيرة" وهو الذي يزن كلماته تحت عنوان: "لسان عف وقلم نزيه".
 

** ما نظرتك للعولمة؟ 
 

 

هي خير إذا استطعنا توظيفها فيما يخدم حضارتنا وثقافتنا.. وديننا الإسلامي كافة.. والله جعلنا شعوبا وقبائل لنتعارف.. والتعارف لا يعني التعارف بالاسم بل يعني التواصل الحياتي والمعرفي والاجتماعي والاقتصادي لكن استشرف ونحن نمتطي مركب العولمة شئنا لم أبينا أن نؤثر في الآخر تماما كما يؤثر فينا بشروطنا "الثوابتية" والحضارية.  
 

** كيف تنظر لموت العلماء؟ 
 

 

هو انطفاء لتلك النجوم التي يستضيء بها الناس.. وهو رحيل لتلك القلوب المشفقة التي يهرع اليها الناس ليجدوا عندها راحة الروح وأمان النفس وهدي الإيمان.

** العمل الاجتماعي 
بصفتكم أحد رجال العمل الاجتماعي.. هل يمكن أن يكون القطاع الخاص الاجتماعي قطاعا ثالثا يشارك في التنمية مع القطاعين الخاص والعام؟ 

 

لست أولاً كما وصفتني ولكن لي مساهمات متواضعة بحكم عضويتي في بعض اللجان الخيرية الاجتماعية.. أما إمكانية أن يكون هذا القطاع قطاعا تنمويا ثالثا إلى جانب القطاعين العام والخاص فهذا وارد وممكن جدا متى ما استطاعت "المؤسسات الاجتماعية التطوعية" ألا تكون "صنابير"
لتوزيع الفلوس التي يجود بها الآخرون عليها وإنما تكون قطاعات فاعلة بحيث تقيم وتبني المشروعات الباقية التي بقدر ما تساهم عن طريقها في تنمية الوطن فإنها تجعل لها موارد ثابتة من شانها استمرار وتنامي عطائها الخيري والإنساني والاجتماعي.