أو ما يطلق عليه علماء النفس ·السلام الداخلي إنما ينبع من داخل الذات وليس من خارجها، وعندما ينزل الله السكينة داخل جوانح الانسان فإنه يعيش طمأنينة من كل الجهات من حوله · حتى ولو كانت الرعود تزمجر من حوله
لكن
عندما يفقد هذه الطمأنينة
فإنه لا يمكن أن يأمن أبداً أو يهدأ لحظة
و
·إذا العناية لاحظتك عيونها
نَم، فالمخاوف كلهن أمان
وأمامنا
موقف حي وعجيب فعلا ورد في القرآن الكريم في قصة نبي الله موسى عندما خافت عليه أمه من بطش فرعون لقد أوحى الله اليها ان ترضعه فاذا خافت عليه أمرها ان ترمي فلذة كبدها في مياه البحر، وسوف تحس – بعد ذلك – بمنتهى الطمأنينة، واليقين بعودته!
أجل، لقد جعل الله الطمأنينة تأتيها من إلقاء ابنها بالبحر
· وأوحينا الى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنّا رادّوه إليك
إنه ·الايمان الذي سكن قلب هذه الام، إنها طمأنينة الله لها، تجعلها تلقي بإبنها في البحر ليعود الامان لها
كيف لا تخاف ولا تحزن على ابنها وهي تلقيه بين امواج البحر ومياهه واسماكه
لا انها لا تخاف، فإيمانها بالله زرع الامان بنفسها
ووعد الله لها برده جعلها تلقي به بكل هدوء واستسلام
ومن يمنح الأمن غير الله؟
ومن يزرع السكينة في نفس العبد غير خالقه
ان الانسان اذا لم يربط الله على قلبه فإنه يظل خائفا قلقا مهما كانت عوامل ·الأمن المادي من حوله
اللهم ارزقنا امنا من عندك
ينزل السكينة في نفوسنا
اللهم كما رزقتنا الأمن في الدنيا فارزقنا أمانك يوم تبعث عبادك
وزرت الشيخ!
في القصيم وفي عنيزة خاصة
عندما تقول لأحد: رأيت الشيخ، أو زرت الشيخ أو أفتى الشيخ، فإن الذهن ينصرف – بتلقائية – الى فضيلة الشيخ العالم الزاهد محمد العثيمين وكلما قدر لي وزرت القصيم احرص على السلام على الشيخ في منزله او جامعه واحيانا لا يتم ذلك إما لظروف قصر وقت الزيارة أو لظروف الشيخ وسفره!
في آخر زيارة لي يسَّر الله لي وسلمت على استاذي ومعلمي الشيخ محمد الذي شرفت بالتعلم على يديه في فصل المعهد، وليس جثيّاً على الركب في حلقة المسجد
ولا اريد ان أتحدث عن الشيخ الجليل عالما او زاهدا، لأني اعرف انه أزهد ما يكون في قراءة أو سماع الثناء عليه لكن ليسمح لي الشيخ، فأنا أتحدث عن مشاعري وأنا أجلس بين يدي هذا الرجل الذي رفعه الله بعلمه مصداقا لقوله تعالى · يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات وحقاً، هذه هي الرفعة إنها ليست رفعة المال أو الجاه أو المنصب لقد زرت الشيخ حوالي الساعة الرابعة عصرا في احد أيام الخميس وجلست اليه الى حوالي أذان المغرب، وقد كان ابن اخي وليد حدد لي موعدا مع فضيلته فانتظرته عند باب داره حفاظا على وقته وقد جاء من مسجده يحفّه الطلاب والسائلون
– انه في طريقه من والى المسجد عشر مرات في اليوم يفتي ويعلّم، وهو لا يركب السيارة اطلاقا بين بيته ومسجده، بل يسير على قدميه وكأنه شعاع من ضوء يضيء شوارع عنيزة والسائلون يحفّون به حتى يصل مسجده او منزله لم أحاول ان أُثقل على الشيخ الجليل في جلستي بحوار، او حديث علمي، بل نقلت الشيخ الى ذكريات جميلة معه عندما كان يدرّسني وأترابي في معهد عنيزة العلمي وكيف كان يشجعنا وذكّرته – حتى ضحك – بهديته البسيطة ولكنها كبيرة الأثر عندما أهداني ·حزمة مساويك عندما أجبت عن سؤال نحوي، وكان هذا ديدنه – حفظه الله – في تشجيع طلابه ثم كان الحديث مع فضيلته عن سماحة الاسلام، ثم تطرق الحديث الى حديث يحبه ألا وهو · حفظ القرآن من قبل الناشئة وانتشار مدارس تحفيظ القرآن ورعاية الدولة لها وكم يهمُّ فضيلته أمر هذه المدارس، إذ هو الحريص على نشأة النشء الجديد قريبا من كتاب الله وحافظا له أو لبعض أجزائه، وعندما يلتقي فضيلته بأي ناشىء صغير فإن أول ما يسأله الشيخ:- كم أنت حافظ من القرآن؟ فيشجعه على المزيد من حفظ كتاب ربه ويشفع ذلك بالدعاء للشاب بأن يعينه الله على حفظ الكتاب وان يكون هادياً له، وحاثّاً له على البر بوالديه، وأن يكون شافعاً له في يوم القيامة لقد كتبت عنه ذات مرة بمناسبة حصوله على جائزة الملك فيصل العالمية قائلا:· ان الشيخ العثيمين أنموذج للعالم الزاهد فعلا لقد صرف نظره عن الدنيا ومباذلها وملاذّها ووجد متعته في خدمة هذا الدين على اقوم طريق فرفعه الله في الدنيا وأعزّ مكانه وأن لم يسع الى ذلك أو يطمح اليه لكن الله سبحانه ينيل أولياءه حياة طيبة في الحياة الدنيا وأن لم يسعوا إلى ذلك مصداقا لقوله:· من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ·النمل: 97
حقا، إنك في الحياة قد تجلس الى صديق فتأنس به أو إلى أديب فترتاح إلى جواره أو الى مسؤول فتفخر بسماع حديثه
لكن الجلوس الى رجل مثل الشيخ ·محمد العثيمين يختلف عن اي جلوس آخر، وعن أي حديث آخر، وعن أي حوار آخر إنه جلوس إلى الزهد المتجسد أمامك وإنه استماع إلى حديث الإيمان والنور والسكينة، انه سعادة تلامس شغاف قلبك، وجوارحك وحسبك هذا
حفظ الله الشيخ وكافة علمائنا الاخيار الذين هم نجوم سمائنا وتيجان أرضنا
***
إذاعتنا
وهذه الخطوة المنتظرة
اذاعتنا سواء في برنامجها العام او اذاعة القرآن الكريم وغيرها أصبحت – بحمد الله – مسموعة وذلك لبرامجها الجيدة التي تشد إليها المستمع داخل بلادنا وخارجها
فقط
بقي المزيد من نشر وانتشار هذه الاذاعة!
وأحسب أن مواد وبرامج اذاعاتنا تستحق هذا الانتشار
لهذا فهي بحاجة الى المبادرة لتقديمها عبر · الاقمار الصناعية للمزيد من كسب المستمعين إليها وهي صوت هذا الوطن الصادق الذي يأتيهم من أقدس البقاع
ان بث مواد وبرامج الاذاعة عبر·الأقمار الصناعية ييسّر على المستمع سماعها، فهي تأتيه في كافة المواقع ثم هي تأتيه وهو امام التلفزيون عندما يدير مؤشر · القناة عليها وهي – ثالثا – تحقق المزيد من الصفاء والوضوح
انها خطوة مهمة جدا في سبيل المزيد من نجاح اذاعات بلادنا وتحقيقها لرسالتها في خدمة سماحة ديننا وسموق وطننا والتعريف بمنجزاتنا الحضارية ومكتسباتنا الثقافية
إنه أمل ليس بعزيز على معالي الدكتور فؤاد الفارسي وزير الاعلام الذي بث المزيد من الحيوية والنشاط في كافة قنوات إعلامنا المقروء والمسموع والمرئي
***
وقفة مع دراسة
توطين الوظائف واتجاهات العمل
كم نحن – في هذه المرحلة التنموية – في حاجة الى الدراسات العلمية الموقعة بالارقام والحقائق والتي تتناول قضايا المجتمع والوطن الملحّة ولقد سعدت عندما اطلعت مؤخراً على دراسة علمية دقيقة صدرت في كتاب قيّم يحمل اسم) توطين الوظائف واتجاهات العمل (لمؤلفه الاستاذ: أحمد بن حمد اليحيى، وكيل وزارة العمل لشؤون العمل وعضو مجلس الشورى السابق والباحث المتخصص في هذا المجال حاليا ولهذا لم يكن غريبا ان تأتي هذه الدراسة بهذه الدقة والمعلومة والأرقام، فمؤلف الكتاب وظّف فيه خبرته العملية، وتأهيله العلمي، واهتماماته الدائمة في هذا الميدان الحيوي ان كل معنيٍّ بتوظيف) قوة العمل المواطنة(يهمه الاطلاع على هذا الكتاب
لقد جاء هذا الكتاب في وقته المناسب حيث تتبنى الدولة توظيف المواطنين بل ان هذا الامر في صلب استراتيجيتها وخيارها الوطني كما قال سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز رئيس مجلس القوى العاملة، والذي جعل توظيف ابن الوطن واحدا من أهم همومه مواطنا ومسؤولا في هذا الكتاب اوضح المؤلف كل ما يعترض توظيف القوى العاملة الوطنية من عقبات ومشكلات وذكر الحلول لها، وجهود الدولة في هذا المجال وقد حلل فيه الأنظمة التي سنّتها الدولة في مجال التوظيف، وسوق العمل وغيرها من القضايا الحيوية التي تهم كل مواطن وعلى وجه الخصوص كل معنيٍّ بتوظيف المواطن في القطاع الخاص والحكومي وتحية لهذا الجهد العلمي الموفق
***
آخر السطور:
للشاعر سفير الكلمة والوطن عبدالعزيز خوجه:
·كل نبض في الحنايا يدعو حبها
وكأن الله لم يخلق نساءً غيرها
وكأن القلب لم يخفق غراماً قبلها
وكأن الحب قد جاء إلى الأرض لها