logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

هذا الشاعر: بين وهج الروح وهجير الوجد

حمد بن عبدالله القاضي

حمد القاضي > مقالاتي  > هذا الشاعر: بين وهج الروح وهجير الوجد حمد بن عبدالله القاضي

هذا الشاعر: بين وهج الروح وهجير الوجد

حمد بن عبدالله القاضي

                                                                          

 

 

** هذا الشاعر

 

يتقاسم شعره وهج الروحانية، وهجير الوجدان حلّق شعره في عالم الروح والقداسة وطهر مكة، وضفاف المصطفى ابدع، واثّر واشجى وان طاف شعره في مدارات الهوى، وفضاءات الحرمان، وحدقات العيون، اجاد وجعل الهوى يسكن الاحداق حدّ الوله.

 

انه الشاعر السعودي د, عبدالعزيز خوجه الذي اطل على قرّائه في بواكير قصائد ديوانه الاول حنانيك قبل حوالي عقدين من الزمان، ثم واصل النشر والعطاء حتى استوت تجربته ابداعاً خلال السنوات التالية.

 

وسوف اتوقف عند أنموذجين من قصائده الاخيرة شداني توهجاً وابداعاً في مضامينهما ومفرداتهما الشعرية المتألقة.

الأولى: عنوانها غربة حيث تألق الشاعر في هذه القصيدة، وهو يرسم تعابيرها بلظى غربته، وولع لهفته الى مكة المكرمة مدينته التي ولد فيها، وعاش في اجواء روحانيتها، بين طهر كعبتها ومقامها وزمزمها وصفاها ومروتها وحراها ومُناها وعرفاتها.

 

ان هذه القصيدة تجسد قمة حنين الشاعر وروحانيته معا.

 

لقد امتزج فيها طهر البيت العتيق بروحانية الحرف الشريد.

 

انه في مطلع هذه القصيدة يصور لوحة امتزج فيها شجن البعد، بحنين القرب في صورة بالغة التأثير، وقواف هي قوافل من الشجن والشوق والشجى واللهفة:

 

اهزك الشوق يا طريد المسار
واستباك الحنين في الاسحار
كل دنياي صفوها في رضاها
وسناها الوضيء في اسحاري
صرتَ تصبو طيرا ظميئاً اليها
كالروابي تصبو الى الامطار
يا رفاقي والحرفُ ينزف دمعاً
ودماً والجراحُ في اشعاري
قد ذرعتُ الزمان شرقاً وغرباً
سندباداً قد ضاق بالاسفار
غُربتي طالت، والاماني صداها
في دروب الجنون صوتُ سُعاري
وحرثت الحياة شوكاً وورداً
وحسوتُ الصفاء بالاذكار
ثار بي شوقي في هجيع الليالي
فاستهلّت عيناي بالاسرارٍ

 

وفي غمرة هذا الجو المشحون بالشوق ودموع الغربة يسمق بين بيادر قلبه ضياء مكة وينداح في وجدانه عبق الحرم ويتدفق في صحراء نفسه نهر الطهر فيقول:-

 

ايه يا مكة الهدى للبرايا
وجذوري في روضها المعطار
كلما زارني خيال حبيبٌ
من مداك الرحيب اوقد ناري
كلما نادى في المنارات حقٌّ
ضج وجدي واحتلّني استعباري
واستطابت اطيافُ مكة فكري
من شعابٍ، وفي حنايا الحواري
تلك اضواء قبلتي في كياني
وعناقُ العشاق للاستار
ومقامُ الخليل هل سناه
وقلوبُ العباد في استغفار
هذه روحي في ملاذ الحيارى
صافحتها النفحات بالانوار
وتسامت مشاعري ثم ذابت
في صلاة للواحد الستار
وتلفت يمنة، فاذا نور
حراءٍ معمَّمٌ بالغار
تلكمو آفاق الرحاب سلاماً
وطيوف الملائك الابرار
كل شر يا مكتي فيه رسم
وعطاء قد مار كالانهار

 

***

 

** اما النص الثاني للشاعر جنون لا يحد فهو ينشر امامنا مشاعر هذا الشاعر انسانا رقيق الاحاسيس، رهيف الوجدان.

 

وشاعراً يبدع الكلمة والحرف، وعاشقاً ذاق حلاوة ومرارة الوجد معاً.

 

في مطلع هذه القصيدة يبلور الشاعر خريطته النفسية وعوالمه الداخلية بكل حدة اشواقها.

 

وعنف قيودها، وعذاب سهادها، ومدارات سرابها، وتكسر مجاديف احلامها فيقول:

 

ألفُ سورٍ، كلّما جاوزتُ سوراً، قام سوٌر، لاح سدُّ
ألف بحرٍ، كلّما صارعتُ موجاً، جرّني للشطَّ مدُّ
ألفُ قيدٍ، كلما حطمتُ قيداً، جاء سجانٌ وقيدُ
ومضى العمرُ سراباً بين آمال توارى,, او تُرَدُّ
كلَّما شيدت حلماً، زدتُ ظُلماً، زدت قُرباً، طال بُعدُ

 

***

 

* ثم يقدم صورة لا احلى ولا ابدع منها في بيت فيه جمال المفردة، وجدة الصورة، وحرقة الدمعة:

 

كم تعبنا، كلّما اشرق دمعٌ، إشتكى للدمع خدُّ .

 

ثم بعد هذه الرحلة المضنية والظامئة مع السراب الكاذب والاحلام الراحلة، والقيد الماثل,, يعود الشاعر الى مخدع ذكرياته، وذاكرة هواه، فيجد الهوى مستيقظا في قلبه، فيستدفىء بنار ذلك الشوق البعيد.

 

انه هنا يرحل من حريق حاضره الى رحيق حبيبته، يُبحر في حدائق عينيها وبوح ثغرها، واكتمال قمرها:

 

ايه يا ساكنةً قلبي حريقاً، قد سبا عمريَ وجدُ
كلُّ هذا الكون في عينيكِ حُسنٌ؟ وبنفسي يستبدٌ؟
كيف أسلو منكِ ثغراً، بوحُهُ طيب الشذى والريقُ شَهٌدُ؟
كيف اسلو فيك بدراً في سمائي طلعُه فرحٌ وسعد؟

 

ان هذه الحبيبة في نظر الشاعر العاشق هي اجمل واحلى النساء، وكل عاشق ينظر الي حبيبته بأنها اجمل النساء واغلاهن واحلاهن، الم يقل الشاعر القديم: وبالقلب لا بالعين يبصر ذو الحب .

 

وهاهو الشاعر عبدالعزيز خوجه، ينظر بهذا المنظار، ويطل من هذه الشرفة.

 

فمن يعشق هي كل الحسن، انها اللحن الجميل، والروض العبق، والحسن الذي لا يعلو عليه حسن:-

 

ان عشقتُ الحسنَ، أنتِ الحسنُ عندي لا يُضاهى، فهو فردُ
وهو في عينيك كونٌ ساحرٌ، فيه المعاني لا تعدُّ
وهو في حزنك شجوٌ، وهو في سعدكِ انغامٌ ووردُ
وهو في حبكِ لحن يستبيني، فيه عنوانٌ وردُّ
وهو روضٌ يتنامى في كياني، فَوحهُ ندُّ ورندُ
وهو في جيدكِ ظبيٌ، لفتةٌ تُغري، وأحلامٌ وصيدٌ
وهُو في روحكِ نورٌ رقَّ لطفاً، جوهرٌ يخفى ليبدو

 

***

 

* * بعد كل هذا يختم هذه القصيدة التي لا حدود لاشواقها كما انه لا حدود للظى اشجانها.

 

يختمها بميثاق الوفاء الذي يتأبى على الكسر، وبوثيقة الذكرى التي تتمرّد على رياح النسيان:

 

كيف أنسى كلَّ عمري؟ كلَّه انتِ: جنونٌ لا يُحدُّ
اجل..!
مادامت هي كل العمر.
العمر بكل ركض لحظاته
وسحر الحاظه
وجمال ماضيه
وتألق حاضره

 

 

اجل..!
كيف ينسى، وهوالشاعر والعاشق
انها الذكرى تحرضه على التوهج شوقاً
وعلى الاحتراق ولهاً، وعلى الابداع شعراً
وعلى الجنون الذي لا يملك حداً.