logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

نزهة في «مرافئ الكلمة» لحمد القاضي: تأصيل الوفاء وحب العطاء في القلوب

صادق الشعلان

نزهة في «مرافئ الكلمة» لحمد القاضي: تأصيل الوفاء وحب العطاء في القلوب

صادق الشعلان

 

 

 

 

حديث الكتب – صادق الشعلان

يأخذك الأديب حمد القاضي إلى مرافئ ليست من صنع الحجارة بل من صنع الكلمات، يتجول بك بين جوانب منوعة عبر كتابه الذي أسماه (مرافئ على ضفاف الكلمة) والذي أورد فيه عصارة أحداث ومواقف نثرها عبر مقالات نصف قرن له سابقة، ورأى حينها ما رآه أصدقاؤه بجمعها وبطريقة منتقاة في إصدار واحد، فكان الإصدار الذي حظي بمقدمة للدكتور غازي القصيبي رحمه الله عبر فيها وبلغة شاعرية آسرة عن أسلوب القاضي في الكتابة ووروده التي ينثرها عبر المحبرة، والتي من شأنها أن تحث المتصفح للمضي قدماً في الكتاب ، ليتلقاه القاضي حينئذ بمقدمة هي بمثابة خارطة طريق.

أهدى القاضي كتابه إلى أمه رحمها الله وكأنه قصد من هذا الإهداء الوصول إلى نقطة أن الله عوّضه عن حُب الأم بحب الآخرين، أمه التي فقدها في سنٍ مبكرةٍ وبكى عليها كثيراً، فكتب” إلى أعز الناس، أمي موضي بنت صالح العليان رحمها الله، تلك التي رحلت في طفولتي ففقدت حنان أمومتها، فأدلجت أبحث عن هذا الحنان بين حبر الكلمات وحب الناس وحنايا الأوفياء ولقد لقيت بحمد الله كثيراً مما افتقدته”

جاءت المرافئ في مائة وخمسين صفحة وبأربعة فصول عنّونها القاضي بالثقافية والاجتماعية والتأملية والوطنية، نثر فيها من مواقف وأحداث وشعور بحلو الكلام وجمال الاسلوب، والذي يعطينا يقيناً على قاعدة جمالية عند هذا الرجل مزجها بخبرته التي استسقاها من حياته العملية والمجتمعية.

ورغم أن قارئ الكتاب قد يستشف بتسليط الضوء والحديث عن مواضيع قديمة إلا أن القاضي أعاد تدويرها وبطريقة تقطر جمالاً جعلها تنبض بالحيوية والحياة، وبلمسة أدبية تجلت في انتقاء الألفاظ والتراكيب وكذلك دقة اختيار النصوص التي يعزز بها كلامه سواء شعرية كانت أو نثرية.

اتسم عبر كتابته بالأمانة واستشعر واجبه في نشر القيم والفضائل وزرع الإيجابية وحب العطاء في القلوب، مع استفادة من خبرته الصحفية الطويلة في اختيار العناوين الجذابة والبعد عن العناوين النمطية المكررة ، وبعبارات مأخوذة من بيت شعر، أو من حكمة ، نذكر منها لا الحصر (أجل لا تعدم الحسناء ذامًا، ولكن..آفة النجم أن يخاف الأفولا ، وبشاشة وجه الموظف خير من الندى، وهل لعينيك إلا الحب يا وطني، وأنا في طيبة أنهل العطر وأمحو الشجنا، والكتاب سميري حين عزّ مسامري، وفي مدخل الحمراء كان لقاؤنا) وغيرها من العناوين الشاعرية.

وإذ نعرف فقد مال القاضي في شبابه نحو كتب المنفلوطي التي وجد فيها كما يقول راحة نفسية، إذ كانت مناسبة لظروف نشأته وفقدان أمه، وعندما أراد أن يكتب كانت الموضوعات ذات الصبغة التأملية هي الغالبة على ما يكتب، ثم نحا بعد ذلك إلى الكتابة الاجتماعية متلمساً هموم الناس وقضايا المجتمع، مع عناية بالصياغة والأسلوب.

يكشف الكتاب مدى انهزامه أمام محبة من حوله له، انهزاماً وصفه بالجميل، والتي نلتمسها عبر كلماته هذه “إلى كل الأحبة الذين ضاق بهم بياض الورق واتسع لهم فضاء القلب، أجمل هزيمة عندما تنهزم أمام انتصار عواطف الآخرين وانعطاف محبتهم نحوك، إنك مهما منحتهم لحظتها من صفاء الكلمات وصادق العرفان إلا أنك تحس -في بيادر ذاتك-إنك العاجز أمام اقتدار محبتهم”

في المجمل تأثر القاضي بما يحدث حوله وحُسن التعبير عنه جعلت منه كاتب مقالة مجيد ورصين، وليس كتاب مرافئ على ضفاف الكلمة إلا تسليط ضوء على جزء بسيط عما يتسم به الأديب حمد القاضي من موهبة كتابية أوجدت له متكأً لا يتزحزح في مصاف الكُتاب الرائعين، وأجزم على ذلك.

مجلة اليمامة 17/3/2022م = 14 شعبان 1443هـ = العدد 2701