الشيخ/ا بن جبير: لقد كان بنيان قوم تهدما.!
حمد بن عبدالله القاضي
«حكم المنيـة فـي البريــة جــاري
مــــا هـذه الدنيـــا بــدار قـــرار
بينـا يرُى الإنســان فيهــا مخبــرا
حتى يـــرى خبــراً من الأخبـــار»
وجدتني أردد هذه الأبيات الحكيمة للشاعر الحكيم «أبو الحسن التهامي في رثاء ابنه» عندما جاءني نعي معالي الشيخ «محمد بن جبير»، رحمه الله وجبر الأهل والوطن برحيله.
بالأمس كان معنا تحت «قبة الشورى» يرأس المجلس، ويدير الحوار، واليوم فقدناه رجلا فاضلاً، ومسؤولا حكيما ورئيسا مخلصا.
ما أعظم خسارة الأمم بخسارة الرجال.
إنك قد تجد عوضا لأي أمر مادي ذهب وتلاشى. لكن من العسير أن تجد العوض عن عقول الرجال.
لقد كان الراحل – رحمه الله – بنيان قوم تهدم.
لقد وهبه الله السداد في الرأي، والجلد على العمل، وبعد النظر في شؤون الحياة.
لقد رأيت عن قرب كيف يمسك بناصية الحوار في «مجلس الشورى» بكل ما أوتي من حكمة واعتدال وفهم.
كان عالما في أمور الدين.
وكان فاهما لمجريات السياسة.
وكان مدركا مجربا لشؤون الحياة والناس.
كان ذا قدرة عجيبة على الاستماع للرأي وللرأي الآخر!
كان لا يضيق بحوار.. وكان لا يتضايق باختلاف، ما دام الهدف الوصول إلى الحق وخدمة هذا الوطن.
لكم سوف نحس بخلوِّ كرسيه تحت «قبة الشورى» وهو يدير الحوار بعقل وحكمة وبعد نظر بين أعضاء مجلس الشورى.
إن الشيخ محمد بن جبير – رحمه الله رحمة واسعة – من الرجال الذين لا تملك إلا أن تحبهم وتحترمهم حتى لما ترى فيه وتلمس من سماحة في النفس، وتواضع في التعامل رغم جلالة قدره، وطول تجربته وغزارة علمه.
إنه من رجال هذا الوطن الذين عملوا مع قادته سنين طويلة، وكان ذا رأي مسدد، وعطاء مشهود في كل عمل يُسند إليه.. كان يعطيه من علمه وجهده وتفانيه ما يعجز عنه كثير من الناس.
كان في «مجلس الشورى» – رحمه الله – ذا نشاط واسع متصل ما بين إدارة الجلسات إلى إنجاز المعاملات إلى استقبال المسؤولين والسفراء وزوار مجلس الشورى.
أسأل الله أن يرحم الفقيد رحمة واسعة وأن يجزيه خير الجزاء لقاء ما قدم لدينه ووطنه وأبناء وطنه.