logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

هذه أسعد لحظة عشتها بحياتي؟

د. مصطفى محمود

هذه أسعد لحظة عشتها بحياتي؟

د. مصطفى محمود

 

** ومر بخاطري شريط طويل من المشاهد..

لحظة رأيت أول قصة تنشر لي .. ولحظة تخرجت من كلية الطب.. ولحظة حصلت على جائزة الدولة في الأدب..

ونشوة الحب الأول والسفر الأول والخروج إلى العالم الكبير متجولاً بين ربوع غابات

إفريقيا العذراء.. وطائراً إلى ألمانيا وإيطاليا والنمسا وسويسرا وإنجلترا وفرنسا

وأمريكا..

ولحظة قبضت أول ألف جنيه.. ولحظة وضعت أول لبنة في المركز الإسلامي بالدقي..

استعرضت كل هذه المشاهد وقلت في سِري لا.. ليست هذه.

بل هي لحظة أخرى ذات مساء.. من عشرين عاماً اختلط فيها الفرح بالدمع بالشكر بالبهجة بالحبور حينما سجدت لله فشعرت أن كل شيء في بدني يسجد..

عظامي تسجد.. أحشائي تسجد.. عقلي يسجد.. ضميري يسجد.. روحي تسجد..

حينما سكت داخلي القلق وكف الاحتجاج، ورأيت الحكمة في العذاب فارتضيته، ورأيت كل فعل الله خير، وكل تصريفه عدل، وكل قضائه رحمة، وكل بلائه حب..

لحظتها أحسست وأنا أسجد أني أعود إلى وطني الحقيقي الذي جئت منه وأدركت هويتي وانتسابي وعرفت من أنا.. وأنه لا أنا.. بل هو.. ولا غيره..

انتهى الكِبر وتبخر العِناد وسَكَن التمرد وانجابت غشاوات الظلمة وكأنما كنت أختنق تحت الماء ثم أخرجت رأسي فجأة من اللُجة لأرى النور وأشاهد الدنيا وآخذ شهيقا عميقا وأتنفس بحرية وانطلاق .. وأي حرية.. وأي انطلاق..

يا إلهي.. لكأنما كنت مبعداً منفيّاً مطرودًا أو سجينًا مكبلًا معتقلًا في الأصفاد ثم فك سجني.. وكأنما

كنت أدور كالدابة على عينيها.. حجاب ثم رُفع الحجاب..

نعم .. لحظتها فقط تحررت.