logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

محاضرة معالي الشيخ حسن آل الشيخ وعطاءاته التعليمية والثقافية والأدبية

حمد بن عبدالله القاضي

حمد القاضي > المحاضرات  > محاضرة معالي الشيخ حسن آل الشيخ وعطاءاته التعليمية والثقافية والأدبية حمد بن عبدالله القاضي

محاضرة معالي الشيخ حسن آل الشيخ وعطاءاته التعليمية والثقافية والأدبية

حمد بن عبدالله القاضي

محاضرة

 

معالي الشيخ حسن آل الشيخ:

 

وعطاءاته التعليمية والثقافية والأدبية

 

 

 

***

 

 

حمد بن عبدالله القاضي

 

أمين عام مجلس أمناءمؤسسة الشيخ حمد الجاسر الثقافية

عضو مجلس الشورى السابق

 


 

 

محاور المحاضرة

 

 

** الشيخ حسن ومسيرة التعليم:

** احتفاؤه بتاريخ بلادنا ودارة الملك عبدالعزيز:

** الراحل والمجلة العربية:

** الشيخ حسن والشباب وتأسيس الندوة العالمية للشباب الإسلامي:

** دعمه للثقافة: مؤسسات وأفراد:

** الشيخ حسن أديباً:

** الراحل وهم الكتابة:

** مؤلفاته :

** مسك الختام:

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

 

** الشيخ حسن ومسيرة التعليم:

 

 

 

لا يذكر التعليم في بلادنا إلا ويذكر الشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ – رحمه الله.!

 

إنه أحد رواد التعليم، وأحد من وهب هذا العمل الشريف زهرة شبابه، وصادق إخلاصه، وبعد نظره.

 

لقد تولى وزارة المعارف – رحمه الله – بعد أن كان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز قد وضع أسس التعليم، وانطلق بمسيرة التعليم الحديث في بلادنا إلى آفاق واسعة، ثم  جاءت فترة تولي الشيخ حسن التي صاحبها ازدياد أرقام الموارد المالية وارتفاع ميزانية التعليم وقد قفز بدعم الدولة الرشيدة بالتعليم قفزة كبيرة أفقيا وعاموديا، وتم افتتاح آلاف المدارس، ومئات المعاهد، وتم إنشاء الجامعات السبع، في أثناء توليه الوزارة. وكان الشيخ حسن – رحمه الله- هو المسؤول عن التعليم بكافة أنماطه من تعليم عام، وتعليم خاص، إضافة إلى أنه كان المسؤول عن الجامعات في بلادنا والمشرف عليها، والتي انطلق بها إلى مدارات علمية واسعة، وقد ظل وزيرا للمعارف حتى انتقل إلى وزارة التعليم العالي التي واصل فيها رسالته في خدمة التعليم العالي والجامعات والإبتعاث وإنشاء الملحقيات الثقافية في بلادنا حتى انتقل إلى رحمة الله.

 

وكم أتمنى أن يتصدّى أحد الرجال الذين عملوا معه في ميدان التعليم لتأليف كتاب خاص عن "الشيخ حسن وجهاده وجهوده في سبيل التعليم" وهو الذي أعطاه أغلى وأجمل سنوات عمره –رحمه الله-. 

 

 

** احتفاؤه بتاريخ بلادنا ودارة الملك عبدالعزيز:

 

 

الشيخ حسن آل الشيخ – رحمه الله – كان معنيا بخدمة تاريخ بلادنا بحثا ودراسة، واهتماما، وكان حريصا على بلورته أمام الأجيال الجديدة، وإبانة الجهود العظيمة التي بذلها موحد هذه المملكة حتى أصبح وطنا واحدا آمنا بفضل الله.

 

وقد رأس – رحمه الله- مجلس دارة الملك عبد العزيز منذ قيامها والتي قدمت أعمالا جليلة وبحوثا مستفيضة، وقيمة تصب في نهر اكشف عن تاريخ بلادنا، والحفاظ عليه، وإبراز كفاح المؤسسة الملك عبد العزيز – رحمه الله – وما بذله من عظيم عطاء في سبيل قيام هذا الكيان الراسخ الشامخ.

 

وقد أسهم الشيخ – رحمه الله – في نشر كثير من الكتيب عن بلادنا، وقدم  لبعضها، وكان كثيرا ما يتبنى ويكتب للجهات المسؤولة عن الكتب التي تتناول تاريخ المملكة، والتي يرى أنها تستحق أن تطبع وتقرأ وتبقى.. وبالفعل صدر عديد من الكتب التاريخية المهمة التي تبناها، ورأى مناسبة طبعها من خلال مادتها العلمية ومن خلال أمانة ودقة مؤلفيها سواء كانوا من بلادنا أو من غيرها.

 

وكان – رحمه الله- يعشق الحديث عن تاريخ هذا الوطن وقيامه على أساس إسلامي قويم منذ أن التقى الإمامان محمد بن سعود و محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله.

 

وأذكر أنني حضرت لـه أكثر من مجلس، وكان فيه ضيوف وأدباء من خارج المملكة فكان – رحمه الله- يأخذ بدقة الحديث ويتوجه به إلى الحديث عن المملكة وتاريخها وكفاح الملك عبد العزيز في سبيل وحدتها، وكان يدعم حديثه بالقصة والمعلومة والرقم وبأسلوب قصصي شائق ومقبول.

 

 

**  الراحل والمجلة العربية: 

 

 

بوصفه أديباً معنياً بالكلمة وحفياً بالثقافة تبنى وحرص ورعى وأشرف على ((المجلة العربية)) حتى انتقل إلى رحمه الله فهي حبيبة إليه، كما أن كليهما حبيبان إلى نفسي .. ولعل من أعز مكاسب عملي بالمجلة هو تعميق صلتي بهذا الرجل وأمثاله من المسؤولين الأخيار، وذلك بحكم عملي ((ورّاقاً)) فيها.

 

إنني أولا أشهد أنه لو لا عون الله، ثم دعم الدولة ثم جهاد وحماس الشيخ حسن لهذه المجلة لما صدرت هذه المجلة وواصلت رسالتها ونجحت – بفضل الله – في خدمة بلادنا وثقافتها وحضارتها  منبرا إعلاميا ثقافيا سعوديا أصبح لـه حضوره الكبير داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، ولأنها أُسست لأهداف نبيلة وتبناها رواد مخلصون استمرت قوية واثقة الخطا، وكلما تركها سلف خير قيض الله لها في وطن الثقافة خلفا خيرا يهتم بها ويحرص على استمرار أداء رسالتها، وتواصل نجاحها.

 

لقد جاءت فكرة إصدار هذه المجلة عندما تبنى الراحل الشيخ حسن رحمه الله إنشاء مجلة جامعة تسهم بالتعريف بثقافتنا وحضارتنا ويتم توزيعها داخل المملكة وخارجها وعرض فكرتها على الملك فيصل – رحمه الله- فواق على إصدارها لتكون صوتا ثقافيا سعوديا يسهم في بلورة ثقافة وحضارة بلادنا أمام الآخرين، وفي ذات الوقت يقدم للقارئ السعودي والعربي الثقافة التي تجمع بين الأصالة والجدة في مختلف مجالات المعرفة، يقول  الشيخ حسن – رحمه الله- في مقالة نشرها ((بالمجلة العربية)) بمناسبة بلوغ عامها العاشر: ((وفي مكتب الإمام الشهيد ((فيصل بن عبد العزيز)) وبعد أن فرغ من قراءة التقرير الذي تشرفت برفعه إليه، حول المجلة قال لي ((رحمه الله)): إنني موافق على فكرة المجلة، وأعهد إليك بالإشراف عليها، وكانت مفاجأة لم أكن أتوقعها. وفي غمرة الثقة  وحرج المسئولية  بدأت أولى خطوات هذه المجلة، وبدأت معها المتاعب التي لم تكن متوقعة، ولم نستطع طباعتها داخل المملكة لأسباب كثيرة، وتمت طباعتها ببيروت، ثم توالت أحداث لبنان المؤسفة، واضطربت معها مواعيد المجلة في الصدور  والتوزيع.. ويستمر قائلا: ثم بدأنا نفكر في طباعتها داخل المملكة، ومررنا بتجارب  دقيقة ليس من المهم أن يعرفها القارئ لكننا – بفضل من الله – استطعنا التغلب على كل العقبات، وصدرت من المملكة بتعاون مخلص فريد من مطابع الأصفهاني بجدة، وبجهود كريمة من إخوة نبلاء بذلوا، ولا يزالون يبذلون جهودا رائعة وكبيرة في سبيل إخراجها، وإيصالها إلى القارئ في كل مكان، وفي مطلع كل شهر.

 

ولم يتوقف دعمه ((للمجلة العربية)) بوصفه مشرفاً عاماً عليها فقط بل امتد إلى أنه أصبح كاتبا فيها حيث بدأ ينشر زاويته المعروفة "خطوة على الطريق الطويل" التي لم تتوقف خطواتها إلا بتوقف خطواته الطويل" التي لم تتوقف خطواتها إلا بتوقف خطواته على درب هذه الحياة، وليس ذلك فحسب بل إنه كان يقترح بعض الأبواب وبعض الصفحات، وكان يستكتب الكتاب والأدباء للكتابة فيها، وإذا ما التقي بأديب أو شاعر أو كاتب مجيد كان من أول ما يبادره به دعوته للكتابة ((بالمجلة العربية)) وقد شهدت ذلك بنفسي أكثر من مرة.. إنه رحمه الله عندما يتوجه إلى أي أمر فيه خدمة لعقيدته ووطنه فإنه يتوجه إليه بكليته وإخلاصه، ويوظف له علاقاته الواسعة، بل يستثمر حب الآخرين له لهذا الهدف النبيل.. وهذا هو ما حصل للمجلة العربية، فالفضل لله أولا ، ثم لولاة أمر هذا الوطن الذين دعموها وساندوها  ثم لهذا الراحل الغالي الذي كان – في المجلة العربية- حتى رحيله مشرفا ومسؤول تحرير وكاتبا قد كانت سعادته بصدور العدد الجديد من ((المجلة العربية)) لا توصف وكنت أرسل لـه العدد الجديد حال صدروه ليلاً أو نهاراً، وقد حدثني أحد من كانوا معه وهو الاستاذ سليمان الدخيل رحمه الله أنه عندما تأتي المجلة للشيخ فإنه يبقى معها وقتا طويلا قارئا ومطلعا، وكان يتحدث – بكل سرور وسعادة – مع جلسائه عن العدد الجديد وما فيه من موضوعات ومقالات، ومن هنا كنت أحرص على بعض العدد إليه حال مجيئه من المطبعة ليس بصفته مسؤولًا فقط، ولكن لأسهم في إدخال السرور إلى نفسه، وهو الذي يستحق أن يفرد لـه الإنسان فضاءات السعادة وأن يشرع أمام قلبه بوابات الفرح.

 

 

** الشيخ حسن والشباب وتأسيس الندوة العالمية للشباب الإسلامي:

 

 

كان الراحل – رحمه الله- مخلصاً لدينه بلسانه وبقلمه.. وكان رئيس الندوة العالمية للشباب الإسلامي التي كان لها أثرها و لا زال في خدمة الشباب واستقامتهم ، وإبعادهم عن تيارات الإفراط أو التفريط وتجبنهم المبادئ الهدامة التي تضر بدينهم وأوطانهم، وق سار – رحمه الله- بتنفيذ منهجها وأهدافها التي وضعت لها من الدعوة بالتي هي أحسن إلى جانب قيامها بجمع الصدقات والزكوات لخدمة العمل الإسلامي والفقراء المسلمين في إنحاء المعمورة، وكان معنيا بقضايا  الشباب في هذا الوطن، وفي الوطن الإسلامي عامة ليتربى تربية إسلامية، وينشأ تنشئة صالحة.. يقول عن الشباب في إحدى مقالاته ((بالمجلة العربية)):-

 

((عندما يفقد الشباب المسلم صلتهم بتراثهم وتاريخهم وسير أبطالهم يعيشون مرحلة ((الضياع)) الرهيبة .. لأنهم غير مدركين للقيمة الفعلية لما يمتلكون ويصعب عليهم اكتساب ثقفتهم بواقعهم أو انتمائهم الطوعي لـه.. ولا يبقى أمامهم سوى ((الفراغ)) الذي يملوه هذا الطوفان المجرم من العادات والتقاليد التي تتخذ كل أشكال الإثارة والإغراء.. وتداعب الغرائز  والأحاسيس، ويبقى الشباب أمامها حيارى بين ما افتقدوه، وبين ما هو مُتاحٌ لهم من الانحراف والباطل والفجور.. والقليل منهم من يستطيع تحكيم عقله والقدرة على تمييز دوره ورسالته، ويتهاوي الكثيرون لا لانحرافٍ كامنٍ في تكوينهم، ولكن لفقد التوجيه الذي يستطيع أن يُؤثر ويفرض وجوده أمام التيارة المعاكس الذي يحمل كل أسلحة التأثير والإغراء والإثارة..)).

 

 

**  دعمه للثقافة: مؤسسات وأفراد:

 

 

من واقع اهتمامه بالكلمة وإيمانه بأثرها كان أحد أهم الرواد الذي حفلوا بالثقافة سواء عبر دعمه لمؤسساتها أو حفزه للأدباء والعلماء للمساهمة في عطاءتها.

 

ولن أستطيع أن أتطرق إلى كافة منجزاته في هذا الميدان لكن أقدم شذرات منها:

 

احتفاؤه بالثقافة والأدب والإذاعة في المؤسسات والمدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية والمعاهد والمدارس بكافة أرجاء المملكة حيث كان معاليه مسؤولاً عنها بحكم كونه وزيراً للمعارف على مدى سنوات طويلة.. فقد أعطى – رحمه الله- الجانب الثقافي والأدبي اهتماماً كبيراً مما كان لـه أكبر الأثر على الطلاب وتوجيه بعضهم إلى الأدب والشعر والإنتاج العلمي.

 

عنايته بالمؤسسات الثقافية ومناشطها في وقت لم تكن هناك جهات متخصصة معنية بالأدب والفنون والعلوم، وقد كان المجلس الأعلى للآداب والفنون تابعاً لمعاليه في وزارة المعارف.

 

لقد شجع ودعم إنشاء ((الندوة العالمية للشباب الإسلامي)) التي رأينا ونرى مناشطها العلمية والخيرية، حتى أصبحت إحدى مؤسسات المجتمع المدني بكافة مناشطها الخيرية والثقافية في بلادنا.

 

اهتمامه بالمنجز الأدبي والعلمي فقد ساهم وشجع وشفع لدى ولاة الأمر بطباعة الكثير من المؤلفات والكتب التي أثرت المكتبة السعودية والعربية والإسلامية، وقد جاء في سنام احتفائه الثقافي: تبنيه إنشاء مجلة ثقافية هي: ((المجلة العربية)) التي رفع اقتراحاً بإنشائها إلى الملك فيصل – رحمه الله – الذي وافق عليها لتكون منبراً ثقافياً عربياً سعودياً ينقل ويعرف ويطرح الثقافة السعودية أمام الآخر، كما ينقل وينشر عطاءات كبار الأدباء والعلماء لتكون متاحة أمام القراء السعوديين عبر ((مجلة)) مطروحة في مكتباتهم وتصل إلى منازلهم، وإن كان ليس آخر عنايته ورعايته للأدباء بتهيئة المناخ لهم وتفريغ بعضهم، والرفع لولي الأمر عن أحوالهم مما أسهم في إغناء الحركة الثقافية وحفز المثقفين على نشر إنتاجهم، وقد تبنى أول مؤتمر للأدباء السعوديين في عهده خلال رئاسته لجامعة الملك عبدالعزيز واستصدر الموافقة عليه بمتابعة وحرص منه، ولا تزال أصداء هذا المؤتمر باقية حتى اليوم.

 

 

**  الشيخ حسن أديباً:

 

 

الشيخ حسن آل الشيخ ذو تخصص ديني، وقد ألف كتبا في هذا المجال إلا أنه كان واسع الثقافة عاشقا للشعر والأدب، نهما بالقراءة، كان يتابع الكثير مما ينشر في الصف والمجلات والكتب  وقد عايشته شخصيا وبالأخص في آخر أيام حياته – رحمه الله – فكانت علاقتي به إلى جانب علاقة الارتباط  العملي علاقة ثقافية، وكان – رحمه الله- يسعدني كثيرا عندما يرسل لي – حيث يعدني واحدا من أبنائه الكثر – مقالة جيدة لقراءتها، أو قصيدة أعجبته لأستمتع بالإطلاع عليها أو كتاب يحرص على إطلاعي عليه، وكان يعقب ذلك حوار هاتفي شخصي بينه وبيني، وكم هي الكتب الجميلة التي أهداها إلي لقراءتها، وكم استفدت واستمتعت بقراءتها  لأنها كانت كتبا مختارة منتقاة: وكنت أبادله ذلك الاهتمام على استحياء، وقلة اطلاع، فكنت أبعث إليه شيئا مما أقرؤه أو أطلع عليه وأريد – وهو المتذوق للكلمة الجميلة – أن يشاركني متعة وفائدة ما اطلعت عليه.

 

وأحسب أن كثيرا من أصدقائه وزملائه يبادلهم هذا  الاهتمام وكثيرا ما عبر– عن ذلك – برسائله الجميلة بخطه  البديع.

 

وقد امتد اهتمامه الثقافي – رحمه الله – إلى المساعدة بنشر كتب العديد من الكتاب والمؤلفين السعوديين، بل ومن غير السعوديين الذين يثق بسلامة عقيدتهم وحبهم لبلادهم وتاريخها وحضارتها.

 

وكان قارئا نهما وبالأخص في أخريات حياته.. ونادرا ما تراه إلا وبين يديه صحيفة يطالعها أو كتاب يقرؤه وكأن ذلك الشاعر يعينه عندما قال:

 

  ((جــعــلـت ســمـيري حيـــن عــزّ مسـامـري

            صحــائــف أمــلــتــهــا الـعـقـول الـنـوابـــغ))

 

 

** الراحل وهم الكتابة:

 

 

لم تكن الكتابة لديه – رحمه الله – ترفا ..!

 

بل كانت هما يحمله نحو أمته وعقيدته.

 

وكانت اهتماما يسكن وجدانه كما يستوطن قلمه .

 

من هنا فإنك تحس في كتاباته أنه مهموم بقضايا وطنه، ومشفق على شباب أمته، ومعني بسماحة عقيدته التي شابها الكثير من أعدائها ومن بعض أبنائها معا …

 

كان يستشعر – رحمه الله – أن الكتابة أمانة ومسؤولية ورسالة .. تحس وأنت تقرأ له أنه يعيش في  ظلال قوله ربه: ((ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد))

[ سورة ق: آية 18] .

 

 

أما أسلوبه فقد شهد له دارسوه  وقارئوه أنه بهي باهر بهي بعمق أفكاره، ونقي بمضمونه، وصفاء جوهرة، باهر بجمال عبارته، وتناسق مفرداته، وأناقة جمله، وهو يكتب بالأسلوب العلمي عندما يكتب مباحث ، وأناقة جمله، وهو يكتب بالأسلوب العلمي عندما يكتب مباحث تاريخية أو فقهية كما في كتابه ((التنظيم القضائي بالمملكة العربية السعودية)) وهو يجيء إليك بأسلوب كرفيف الحمام وتهادي الفجر عندما يسجل خواطره ومشاعره، كما في كتابه ((خطوات على الطريق الطويل)) وهو يطرح لك أفكاراً عميقة بأسلوب مختصر، فتقرؤها على صورة حكم، وجماع كل ذلك ((فضيلة الصدق)) في كل كتاباته، وهل مثل الصدق مؤثر في عطاء الكاتب، وأثير لدى القارئ .

 

وسوف أقدم نماذج من كتاباته الطويلة، وهي نماذج من بعض مقالاته التي نشرها في بابه الشهري بالمجلة العربية ((خطوات على الطريق الطويل)) الذي يكتبه حتى فارق هذه الدنيا..، وسوف تلحظ أيها القارئ  الكريم في هذه الكتابات نظرته – رحمه الله- للحياة وسبره لأغوارها، وبعد نظره في التعامل معها ومع الآخرين، وسوف ترى أنه كان مهموما – رحمه الله –  بهموم أمته، وقضايا شباب وطنه، وكل ذلك يجيء بأسلوب  مشوب بالحب ، مضمخ  بالقول الجميل.

 

أما خواطره الجريئة السريعة، فهي ((أفكار)) مختصرة وعميقة في كلمات وألفاظ معدودة.. لكن تشعر وأنت تقرؤها باختزانه – رحمه الله – ما يمر عليه في مسؤولياته أو حياته أو رحلاته ثم يترجمها في سطر أو سطرين على شكل حكمة بليغة ، أو كلمة جامعة.. وأنت تقرؤها في لحظات، لكنها تحتاج إلى أن تفكر في مضمونها ساعات – على حد وصف أحد الأدباء.

 

 

**  مؤلفاته :

 

 

أصدر رحمه الله (6 )

 

 

* الأول: دورنا في الكفاح:

 

هو أول كتبه وقد صدر في عام 1383هـ، ويشمل مجموعة مقالات نشر أغلبها في الصحف المحلية، وتطرقت إلى موضوعات وطنية واجتماعية مختلفة، حيث يقول – رحمه الله- في المقالة التي تحمل عنوان الكتاب ((جناية أن نتخلف عن الميدان وننزوي عن المعركة، وجناية أن لا نتفاعل مع الأحداث بمشاعرنا وأفكارنا وأعصابنا، وجناية أن ندع المنظار القاتم بصور لنا كفاح المخلصين (تهورا) وعزائم الأبطال (مغامرة)، وجناية أن نتجاهل الجهود المبذولة، ونتعامى عن الواقع الماثل لنقترض وهما أو نتخيل باطلا (والأحداث والشدائد) تحسن دائما إلى الأمم فتجمع صفوفها وتوحد جهودها، وترتفع بأفكارها وعلاقاتها بعيدا عن الخلافات والأحاقد والنزعات)).

 

 

* الثاني:  التنظيم القضائي في المملكة العربية السعودية:

 

 

وهو كتاب صدر في عام 1403 هـ يوضح فيه – رحمه الله- بشكل مفصل أسس التنظيم القضائي في المملكة العربية السعودية من واقع عمله لمدة طويلة في رئاسة القضاة ، حيث يقول رحمه الله في مقدمة الكتاب (بحكم طبيعة عمل والدي – رحمة الله- في حقل القضاء سنوات طويلة، وتشرفي بملازمته، وجدت من نفسي ميلا إلى التعرف على واقع القضاء، والإلمام مسؤولياته، وتيسر لي بالتعرف من بعض إخواني القضاة على طبيعة أعمالهم، والصعوبات التي تواجههم، أن أجد نفسي مشدودا إلى هذا الحقل العظيم معجبا بملامح الإيجابية في علاجه وتصديه للمشكلات التي تبرز دائما من خلال تطبيقاته، ومبهورا بقدرته على حل المعضلات، وحمل الناس على قبول الحق والتراضي به.

 

ودفعي ذلك إلى محاولة استعراض تاريخ القضاء في الإسلام  وخاصة في ((المملكة العربية السعودية)) التي شرفها الله بتطبيق شرعه والتقاضي إليه، وقبول ما يقرره.. وكانت فكرة هذا الكتاب..).

 

 

* الثالث: المرأة.. كيف عاملها الإسلام ؟:

 

 

وهو كتيب يحوى نص المحاضرة التي ألقاها – رحمه الله – في النادي الأدبي بجدة بمناسبة افتتاحه في عام 1395هـ وتناول فيها بأسلوب منهجي وعرض مركز البحث في كيفية معاملة الإسلام للمرأة بعد أن كانت من قبله أسيرة الجهل والظلم والهوان . كما تطرق إلى العديد من الموضوعات التي تهم المرأة المسلمة (المعاصرة) خاصة تلك القضايا الفكرية التي طرحت شعاراتها البراقة داخل المجتمعات الإسلامية، مستهدفة النيل من كرامة المرأة والانحطاط بمنزلتها والاستمتاع بضياعها من بعد أن أكرمها الإسلام ورفع من قيمة شأنها في الحياة .

 

 

* الرابع: كرامة الفرد في الإسلام:

 

 

وهو كتيِّب يحوي هذه المحاضرة التي ألقاها – رحمه الله- في جامعة مندناو بالفلبين أثناء زيارة رسمية للفلبين في عام 1395هـ يوضح فيها – رحمه الله– عظمة الإسلام في حفظه لكرامة الفرد واحترام حقوقه ومخاطبة عقله حيث يقول في مقدمتها (جاءت تعاليم هذا الدين واضحة صريحة، فما وجدت صعوبة في الالتقاء مع العقول المستقيمة الواضحة.. بل لقد كانت – وربما انفردت بذلك- تتجه بواقعيتها إلى العقل الإنساني لتشده من سباته، أو لتدفع به في الطريق التي ينبغي له أن ينتهجها، ولتقول له فيما يشبه التأنيب الحاني: حقوق بوجودك غايتك. ولئن كان من مقاصد المبادئ أو الأفكار التي لا سند لها من الواقع.. أن تسلب من  تابعيها قدرتهم على التفكير أو الاقتناع، حتى يسيروا (قطيعا) متدافعا تتابع جحافله بتأثير المحاكاة، أو يبقى مفكروهم وقد غلبوا على أمرهم (ضحايا) أزمة الصراع والقلق وهم يعيشون مهزلة التناقض، وواقع العبودية الجاهلة فالدين الإسلامي يلجأ، وبإصرار إلى مخاطبة العقل وتمكينه من استخدام مواهبه وشحذ قواه.

 

 

* الخامس: خواطر جريئة:

 

 

وهو ثاني كتبه – رحمه الله – وقد صدر في طبعتين الأولى في عام 1387هـ ويحوى مقالات وطنية واجتماعية نشرت في جريدة البلاد تحت نفس العنوان، ثم صدرت الطبعة الثانية في عام 1402هـ في سلسلة الكتاب العربي السعودي بعد أن أضاف إليها – رحمه الله – مجموعة كبيرة من الخواطر التي تم نشرها بعد الطبعة الأولى في عدد من الصحف السعودية الأخرى، ويقول – رحمه الله- في أولى خواطره ( الأفكار والمبادئ مهما تكن قوية واضحة.. تمت وتتلاشي إن لم تجد من يؤمن بها ويطبقها ويدافع عنها، مراحل ثلاث: إيمانك بالفكرة ثم تطبيقها في واقعك وبعدها دفاعك عنها لتعم وتنتشر . فإذا لم تؤمن بالفكرة فأنت لن تطبقها أبدا، وحتى لو وجدت أن مجتمعك يفرضها عليك فإنك ستخادع الناس بمظاهرها ثم أنت أسرع الناس إلى تحطيمها والتنكر لها، وإذا أمنت بها ولم تطبقها فأنت خائن لها، فالمبادئ السليمة لا يجد الناس في تطبيقها ما يحرجهم أو يخجلهم والتطبيق هو المظهر الصادق للقناعة بها وقبولها. وإذا آمنت بالمبدأ ثم طبقته في واقعك فستكون حتما في موقف الدفاع عما آمنت به وطبقته وكل ما نشهد من تناقضات هو نتيجة لتخلف ترابط تلك المراحل التي سلف ذكرها).

 

 

* السادس: خطوات على الطريق الطويل:

 

 

وهو كتاب صدر في عام 1412هـ (بعد وفاته رحمه الله) ضمن سلسلة الكتاب العربي السعودي ويحوي مقالات شهرية كتبها رحمه الله "بالمجلة العربية" تحت عنوان (خطوة على الطريق الطويل) وتعالج قضايا اجتماعية معاصرة حيث يقول في أولى خطوات الكتاب (يا أخي المخلص: يا من تتمسك اليوم بمبادئ دينك أمام كل أغراء منحرف، أو تأثير ماكر، ويا من تحافظ في كل حياتك على الفضيلة والصدق تتخذها صفتين لك ولمن تملك أمره عن رغبة واقتناع، ويا من سموت بنفسك عن الضعف فلم تدنسها بالخيانة أو الرشوة أو الاختلاس رغم حاجتك واستطاعتك، ويا من تراقب الله في عملك فتؤديه  طاقاتك، فلا يهدأ لك بال حتى ترى نتائج جهودك تضيء، ويا من تغالب مع مطلع كل يوم جديد متاعب احتياجك ووطأة مطالبك، لتجعل من دخلك (المشروع) وحده السبيل إلى تحقيق الممكن فيها، لك يا أخي أقول: أنت على حق وإن لقيك الناس بالمقاومة وعلى نور وإن اطفأوا كل مضيء  في طريقك وعلى فوز وإن أرجفوا بك وعليك).

 

 

** مسك الختام:

 

لقد غادر معالي الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ – رحمه الله – دنيانا بعد أن عاش (57)عاماً فقط.. ومن يقرأ سيرته ومنجزاته وحجم ما قدمه لوطنه وزيراً وإنساناً وأديباً يتوقع أنه عاش مئة عام.

 

رحمه الله رحمة واسعة بقدر ما خدم ديننا ووطننا وثقافتنا.