logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

أنا في طيبة أنهل العطر وأمحو الشجنا

حمد القاضي > مقالاتي  > أنا في طيبة أنهل العطر وأمحو الشجنا

أنا في طيبة أنهل العطر وأمحو الشجنا

   

  

 

حملت إليها تعب العمر فوجدتها تسكب راحة العمر بين أضلاعي جئتها مدنف القلب؛

فألقيتها تبث العافية بين مشاعري ركضت إليها أنشد (الطهر) من طهرها؛

فرأيتها تغمرني بطهرها.. وتضمخني بعطرها..!!

هي (طيبة الطيبة)

وأنا الإنسان اللاهث وراء رماد الوجود  ومادياته, هأنذا بظمأ حارق إلى لحظة تجل..أسرقها من لهاث الزمن لأجد فيها نفسي.. أعود إلى بارئي وأغسل أدران روحي بطهر الإيمان..وندى الروضة..وهتان وادي العقيق..!

بضعة أيام قضيتها في مدينة الرسول – صلى الله عليه وسلم-, أحسست أنها من أغلى أيام العمر إن لم تكن أغلاها..!!

أجل     ألست بطيبة ((أنهل العطر وأمحو الشجنا)) كما قال أحد شعرائها المبدعين

●●●

 ●● ما أعظم التاريخ هناك!!!

 

هأنذا أسير بين الأماكن التي سار فيها سيدنا محمد بن عبدالله..أعبق من طهر مسجده..أحدق في دارة ابنته فاطمة الزهراء..وأتذكر (فاطمة) ووالدها المصطفى يدخل عليها ذات ليلة في حجرتها والجوع  يكن أحشاءها فيصمت والدها الرسول – صلى الله عليه وسلم – فهو لايملك شيئاً ليعطيها, وهو الذي تمضي عليه ليال لا توقد في بيته نار!.

  وهأنذا كأني أرى سيدي (أبا بكر)- رضي الله عنه- في أحد أسواق المدينة بعد ولايته الخلافة، وبعد أن أصبح أمير المؤمنين, ها هو يبيع ويشتري كأي (متسبب)، ويأتي إليه عمر بن الخطب –رضي الله عنه- يسأله مستنكراً:

كيف تبيع وتشتري وأنت أمير المؤمنين؟ فيصده الخليفة أبو بكر , يقول له: دعني.. إنني أسعى في قوت أهلي..ألا رضي الله عنك!.

 وهأنذا كأني أرى عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-، رجل القوة يفيض حناناً ورقة، عندما رأى طفلاً يبكي وأمه تهدهده..تطلب منه الكف عن البكاء ليفرض له عمر فرضاً بعد أن يتم فطامه..ولكن الطفل يظل يبكي، ويمر عمر من عند بيتها في أحد أحياء المدينة, ووسط الليل البهيم فيسألها: لم يبكي طفلك؟ فنقول له: إنني أريد أن أفطمه عن الحليب حتى يناله فرض عمر من مال المسلمين، حيث إن عمر لا يعطي إلا لمن تم فطامه.. فيرق لها ويسمع (عمر) كلامها, ويكاد أن يبكي, يقول لها بحنان الدنيا كلها: أعطيه ما يشاء من حليب وسيفرض لك عمر ماتريدين!.

●●●

 الله…!

هذه هي المدينة..مدينة المواقف المضيئة..والأمجاد الخالدة..مأرز الإيمان..ودار المهاجرين الذين تبوأوا الدار والإيمان, والأنصار الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.

 المدينة المنورة, أحب البقاع إلى الله, تلك التي دعا لها أبو القاسم –صلى الله عليه وسلم- أن يبارك الله فيها كما بارك لإبراهيم في مكة وما حولها, فجعل الناس تهوي إليها, ورزقها من كل الثمرات.

 إنني أتذكر سيدي محمد بن عبدالله وأنا اسلم عليه..وأسلم قلبي ومشاعري لمحبته..أتذكره وهو يقول عن المدينة المنورة ((والمدينة خير لو كان يعلمون)).. أجل إنها خير..أليست وطن القوم الذين نصروه؟!

 

●●●

أما ناس المدينة وأهلها, فانك تحس بدنوك منهم..وتشعر بحرارة محبتهم..وجميل تعاملهم..وصادق وفائهم..اليسوا أحفاد سعد بن معاذ الذي قال لرسول الله – صلى الله عليه وسلم- وهو يحاول أن يستشف رأيه ورأي الأنصار في المدينة عندما كان يستعد لغزوة بدر..وما أن لمح (سعد) إشارة المصطفى وعزمه على هذه الغزوة حتى قال كلمات خضبت وجه التاريخ بالبهاء والوفاء)) كأنك تعنينا يارسول الله.قال نعم. فقال: لقد آمنا بك, وشهدنا أن ما جئت به هو الحق, وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة, فامض لما أردت فنحن معك)).

 الله.. قمة الوفاء من طيبة الطيبة وأبنائها.

 

●●●

هأنذا أصعد جبل (أحد)الذي يحبنا ونحبه..جبل أحد الذي اهتز عندما صعد عليه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مع صاحبه أبي بكر.

 وهي هي (ثنيات الوداع)..وأتخيل رسول الله –  صلى الله عليه وسلم – عندما أقبل مع أصحابه المهاجرين إلى ثنيات الوداع, واستقبله أهل المدينة منشدين فرحين:

((طلع البدر علينا من ثنيات الوداع         

                     وجب الشكر علينا ما دعا لله داع ))

هل أسترسل في استقراء التاريخ؟ إن فوق كل جبل في المدينة ذكرى..وتحت كل ثنية وهج مجد, وبين شعاب كل واد تأريخاً أبلج..وأنت ترى شموخ وأمجاد وآثار عمر وخالد.

 

●●●

يا أيتها (المدينة المنورة), دعيني أمسح بضوء رحابك بعض آلامي..وأستشف روحانية جبالك وروضتك.. دعيني مع سيدي عمر بن الخطاب أدعو الله بدعائه ((اللهم ارزقني شهادة في سبيلك, واجعل موتي في مدينة رسولك)).

 لعل في هذه الأمنية بعض العزاء..فيض الارتياح..نبض الأمل الكسير..في ركام واقع المجتمع الإسلامي الأسير.

يا طيبة الطيبة..

 يا مدينة الإيمان الراسخ كرسوخ جبالك.

يا مدينة الشموخ كما شموخ عسبان نخيلك..يا مدينة العطاء كفيض وادي عقيقك!!.

وهأنذا أريح قلبي بالحديث عنك..وأشرف قلمي بالكتابة إليك..وأنقي دواخلي بمناجاة ترابك.

وبعد..

أودعك – يا أطهر أرض – وأنا أردد مع شاعرك الرقيق, يعقوب المخزومي:

  (( هل تعلمين وراء الحب منزلة         

                    يدني إليك فإن الحب أقصاني))

 

●●●

الشيخ البدير
صوت يرحل بك إلى عوالم الطهر

●●يرحل بك صوت الشيخ الجليل: (صلاح البدير) إمام مسجد المصطفى بطيبة الطيبة عندما تستمع إليه يرتل آيات القرآن الكريم وأنت في الروضة الشريفة ما بين منبره –  صلى الله عليه وسلم – وقبره.. يرحل بك بصوته الندي, وقلبه الخاشع إلى عوالم روحانية إيمانية تنقلك من جفاف الحياة وزهرة الحياة الدنيا إلى فضاءات روحانية..تحلق فيها في مدارات الإيمان , وترقى بها روحك إلى سماوات الطهر وخشية الله, وأنت تتأمل (آيات كتابه) التي يتلوها الشيخ (البدير) بصوت قلبه, وليس بحركات لسانه!!.

 إن صوت هذا الشيخ الكريم يحفزك على تدبر آيات الله – كما أمر سبحانه – من وحي جمال صوته, وخشوعه في مواقع الخشوع, ووقوفه عند آيات الوعد والوعيد!

 إنه (عين) تبكي من خشية الله- عندما يقرأ كتاب ربه – فيجعل العيون تدمع والقلوب تخشع, وأسأل الله ألا تمس عينه النار مصداقا لوعد المصطفى صلى الله عليه وسلم.