logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

حمد القاضي ليلة تكريمه

عبدالمحسن الحقيل

حمد القاضي > مقالات تقدير عن الكاتب  > حمد القاضي ليلة تكريمه عبدالمحسن الحقيل

حمد القاضي ليلة تكريمه

عبدالمحسن الحقيل

                                                                           

 

«الجزيرة »-

 

عندما تهم بالتقديم لأحد ما أو لكلمة له يعييك البحث عن مفردة تناسب مقام وقدر من تنوي الحديث عنه.. ومع حمد القاضي تتسابق الكلمات وتعرض نفسها بإصرار لتنال شرف الحديث عنه حمد القاضي الإنسان.. حمد القاضي الكيان وحمد القاضي المعادلة الصعبة والنجاح الجميل..

 

هنا تجد نفسك أمام سيل من الكلمات فتغلبك الحيرة مرة أخرى ولكن بشكل يليق بحمد القاضي.. لعل كلمته تفي بالغرض ليعبر هو عن حمد القاضي..

 

كلمة حمد القاضي في حفل تكريم وزارة الثقافة والإعلام الرياض 13-1-1429هـ

 

** أيها الأحبة الحضور الذين ضاق بهم مدار الحرف واتسع لهم فضاء القلب!

 

إنني لا أجد في هذه اللحظات أصدق وأنبل من تعبير الانهزام أمام مشاعر الوفاء!

 

انني بقدر ما فرحت بأمطار هذه المحبة وهذا الوفاء فإنني – ورب الواقف أمامكم – انهزت أمامها فأنا – من جانب – لم أقدم لوطني ولأبناء وطني الأوفياء ما يستحق كل هذا التقدير، ومن جانب آخر: هو إحساسي بالعجز أمام رد جميل من وشحوني بأردية محبتهم!.

 

ولقد عبرت عن هذا (الانهزام الجميل) خلال الفترة الماضية أمام هذه المشاعر، من خلال عدة مواقف:

 

أحدها: انني طلبت من أخي الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير صحيفة الجزيرة بوصفها من واصل النشر عني إيقاف نشر المقالات عني بعد تركي لعملي بالمجلة اكتفاءً بما نشر، وحياء من نفسي وأنا اقرأ مثل هذه الاطراءات، وقد استجاب – مشكوراً – ما عدا استثناءات قليلة اشعرني أنه لا يستطيع حجبها لمكانة أصحابها.

 

ثانيها: امتناعي عن الاستجابة لدعوات تكريم من عدد من الصوالين الثقافية والمؤسسات الأدبية، ما عدا الاخوة في (ملتقى الوراق الثقافي) بالرياض الذين اخجلوني حد الإلزام حتى استجبت حياء منهم، والتكريم الثاني هذه الليلة وقد حاولت الاعتذار منه، لكن لم استطع ذلك لسببين:

 

أولاً: انه من الجهة المسؤولة عن العمل الذي ودعته ولهذا فمن الصعب الاعتذار عنه. وثانيها: إنه تهادى إلي من وزارة الثقافة والإعلام حال وداعي للمجلة وعبر خطاب جميل جاءني من معالي وزيرها الأستاذ إياد بن أمين مدني، وهو الذي تربطني بمعاليه وشائج قديمة هي أكثر وأشد وثوقاً من علاقة العمل الطارئة، ولم تقف دعوة التكريم عند هذا الخطاب بل تواصلت المتابعة بل والإلحاح الذي أخجلني من أخي سعادة الدكتور عبدالعزيز السبيل وكيل الوزارة للشؤون الثقافية.

 

أيها الأحبة: نحن الآن في ليلة وفاء وأمام رجال وفاء في وطن الوفاء لذا اسمحوا لي أيها الأثيرون أن اقف وقفة وفاء وان أجيّر – إن كان ثمة نجاح حققته – سواء سابقا أو حاليا او حتى لاحقا أجيره لإنسان لا يشاركني هذه المناسبة لا لعدم وفاء منه، بل انه رمز الوفاء والتضحية.. ولكن لأنه الان تحت الأرض!.. اسمحوا لي ان اتجه بهذا التكريم الى (والدتي) في قبرها عليها شآبيب الرحمة، وهي التي اذكرها في كل (موقف فضل) أسعد به! أمي من قدّمت خيار حياتي على حياتها عندما كنت مريضاً بجانبها في سن السابعة وكانت هي الأخرى مريضة.. وكان مرضي (حمى خفيفة)، أما هي فقد كانت رحمها الله تعاني من مرض عضال وكانت تغالب داءها، وتزهق نفسها وهي تعتني بي وتعالجني وتسهر الليل بجانبي رغم اثر ذلك على صحتها وتقول لناصحيها وناصحاتها: (المهم حمد يكون بخير).. وبعد أيام فارقت الحياة أورثها الله نعيم الجنة، وبقيت أنا أمامكم أحصد ثمار تضحيتها بي – رحمها الله ووالديكم -.

 

أيها الأحبة: دعوني قبل ان أودعكم أتوقف عند تجربة عشتها بعد انتهاء فترة عملي (بالمجلة العربية)، التي دخلتها – بحمد الله – بسلام وغادرتها بسلام.. لقد كنت اتوق ان أحصد شيئاً من راحة او فضلة من وقت لممارسة هواية، أو الجلوس لقراءة، وكنت في الأيام الأولى لتركي للمجلة أردد بيت الجواهري:

 

          أرح ركابك من همٍ ومن سهر

                  كفاك جيلان محمولاً على النّصب

 

لكنني وجدتني أتخلص من عبء وأنوء بأعباء أخرى وتلك سنة الله في خلقه وما أصدق جدنا الحكيم الذي قال:

 

          وتفنى مع المرء حاجاته

                     وتبقى له حاجة ما بقي

 

ختاماً أمام انتصار عواطف الأوفياء وانعطاف محبتهم نحوك فإنك مهما منحتهم لحظتها من صفاء الكلمات وصادق العرفان إلا انك تحس – في بيادر ذاتك – أنك العاجز أمام عطائهم في ان تجد شيئاً تعبر فيه عن أحاسيسك التي احتشدت في وديان نفسك نحوهم..! أمام ذلك يجمل بك ان تقف وقفة ذلك الشاعر العربي الذي عندما عجز عن مقابلة عرفان الآخرين لجأ الى دمع عينيه، فكان تعبيرهما أصدق شكر، وأعمق تعبير:

 

           شكرت جميل صنعكم بدمعي

                     ودمع العين مقياس الشعور

 

وآونة تحتويك طريقة شكسبير الذي هتف لأولئك الذين غمروه بدفء تهانيهم على نجاح إحدى مسرحياته، فكان ردّ جميلهم بهذه الكلمة الجميلة:

 

إنني لا أجد إلا قلبي لأقطف لكم من وردة، ولعل وردة أكثر عبقاً من ورود الأشجار، أما أبقى شكر فهو ان تدعو – بظهر الغيب – لكل من يمطرك بهتان مودته ونبيل مشاعره.. والدعاء هو تاج الشكر وقمته..!

 

أما قبل أيها الأحبة:

 

رائعون هم أولئك الذين يسعدون عندما يطرزون دروب الآخرين بالكلمة الجميلة او يخضبون لحظاتهم بنبيل المشاعر الزاهية.

 

دام وابل وفاؤكم وهتان مودتكم

 

وسلام عليكم من رب غفور رحيم