logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

في رد لطيف على (ابن بطوطه) حمد القاضي: دعني ـ يا بن بطوطه ـ وأنت أخو الترحال … أنيخ براحلة اعتراني بين ثنايا (زوادتك)

حمد بن عبدالله القاضي

حمد القاضي > مقالاتي  > في رد لطيف على (ابن بطوطه) حمد القاضي: دعني ـ يا بن بطوطه ـ وأنت أخو الترحال … أنيخ براحلة اعتراني بين ثنايا (زوادتك) حمد بن عبدالله القاضي

في رد لطيف على (ابن بطوطه) حمد القاضي: دعني ـ يا بن بطوطه ـ وأنت أخو الترحال … أنيخ براحلة اعتراني بين ثنايا (زوادتك)

حمد بن عبدالله القاضي

 

** ذات يوم كتب الهارب "ابن بطوطه" مشتداً في القول على الأديب الحالم "حمد القاضي" وقال له: .. لقد هجرت الكلمة.. إلي حيث نأت بك الدار عنها بعيداً على قارعة الطريق.. تتلقف السقط وأحاديث العامة.. ومنذ ذاك.. وأنت غير أديب مع الكلمة وكان بك ولع بالوجد فأطفأته وعشق للوجدان فنسيته.

 

لقد كنا نأمل أن نطالع شغفك بالكلمة في مؤلف نقدي أو دراسة لموضوع مثير تدفعنا إلي مزيد من البحث والتأمل.. لكنك.. جانبت عذوبة البحث، إلي شقاء المتابعة اليومية..!! وهي ـ عند من يعرفها ـ مقصلة الأديب.. وحاجبته وخازنته عن التقدم والإبداع.

 

أخي حمد.. لئن بثثت شكواك أو نجواك مقراً بالخطيئة، وارتكاب الذنب. فإنني أقدم لك الموعظة وخيرها ما جاء بالحسني، وطلب الرفق ولازال أمامك من الوقت فسحة، فأخلص وأنب..!

 

لعل الناقد يأتي يوماً ما فيقول.. إن ذلك المارق من طاعة الكلمة قد عاد مقرا باسطا يد الرجاء، خاشعا أمام هيبة الحرف، دامعة عيناه من رهبة موقف الصفح!! وعقاب من يحترفون الأدب ـ غير سواهم ـ لا ينقطع أبدا وثناؤهم لا ينضب، تتناقله الأجيال، أليسوا هم صناع الكلمة..؟

 

 

(محمد العوين)

 

 

***

 

** "أيها العزيز" ابن بطوطه" سلام عليك…

 

وبعد:

 

قرأت "رسالتك" المؤثرة التي وجهتها إلي كاتب هذه السطور في عدد سابق  من "المسائية" والتي نعيت فيها الأديب أو المهتم بالأدب في هذا "القلم" الذي لم يبق منه إلا يقظة المحتضر.

 

دعني ـ يا ابن بطوطه ـ وأنت أخو الترحال.. أنيخ براحلة اعترافي بين ثنايا "زوادتك"

 

اعترف ـ أولا وثانياً وعاشراً ـ وخذها كما شاء الغرام صريحة أن الأدب الذي أدخلني ـ بكل أدب ـ إلي عالم الصحافة.. جاءت هذه الناكرة للجميل التي اسمها "الصحافة" وأخرجتني ـ بقلة أدب ـ من عالم الأدب.. وحولتني من كاتب "يقتد" كلمة الشعر والعشق والسفر الجميل إلي كاتب يكتب بالسكين عن المرور، والبلدية، والحفريات.. وقد تسألني ولماذا كان هذا التحول؟!

 

إن الصحافة ترى ذلك.. وما أكثر (الأتراب) الذين هم الآخرون قضت الصحافة على ربيع كلماتهم حتى حولتها (خريقا) مات تألقها.. وذوي إبراقها!

 

هذا أولا، وثانياً "القارئ" هذا القارئ الذي من أجله نكتب.. ونبكي.. ونبتسم.. ونصادق عذاب الكلمة.. إلا أن هذا القارئ (يخذلنا) يخذلنا كثيراً.. إنني يا ـ ابن بطوطه ـ في بداية محاولتي دخول عالم الكتابة.. كنت أسهر جفني من أجل كتابة كلمات.. أو دراسة أضع فيها خلاصة جهدي.. وسهري.. ولكن ماذا أجد من القارئ.. الذي يناقشك.. ويحاورك أو على الأقل يحتفي بتعبك أو محتوي عطائك.. وما أمر أن تفقده وفي المقابل ـ وبالمفارقة المأساة ـ تكتب وأنت مستلق على أريكتك عن (حفرة) في شارع مهجور فتجد التجاوب، والرسائل والاهتمام وكأنك أتيت بما لم يأت به الأوائل والصحيح أنك تناولت خللا في منظور مادي، ولم تكتب عن خطأ في الفكر.. والكلمة..!

 

لن ألوذ بـ (ممحكات) بل إنني و(من على كرسي الاعتراف) أقول لك إنني انجرفت وراء التيار.. وبتعبير شعبي ولا إرادي وجدتني أطبق المثل الشعبي (إما طاوعك السوق فطاوعه) وما أقسى هذه الكلمة… أه منها وأه عليها. كنت لا أريد أن أصرخ في واد.. ولم أكن أهوى أن أسافر في متاهات الريح.. لهذا كان الاتجاه للكلمة الصحفية.. بدلا من العطاء الأدبي تخليت ـ مكرها ـ عشقي إلي أشياء لا "تنقش" الراحة في أعماقي!!وكان خطأي الذي لا أغفره لنفسي هو انجرافي نحو هذه الرغبة.. لا أدري كيف داخلتني فكرة كتابة زاوية يومية.. ولعل سحر الصحافة ـ يومذاك ـ هو ما أوقعني في هذه الخطيئة.. وظللت ما يقارب عشر سنوات أدمن كتابتها ما لم يحسسني حاس ولم أكن أدري أنني كنت أدمن عملية وأد لنفسي.. وحرفي.. وأدبي فكم من دراسة أدبية كانت في ذهني.. وكم من خاطرة جميلة تألقت في جوانحي.. وكنت أريد أن انقلها.. واكتبها كعطاء ادبي باق.. ولكن حمى هذه الزاوية والالتزام القاتل بها كان يقتل كل توهج أدبي يحاول أن يري النور.. فكنت "أفرغ" هذه المعاناة في سطور يومية ميتة فأشعر ـ وقتذاك ـ انني ارتحت منها.. وماكنت أدري أية جناية سأجنيها على نفسي.. ولكنها "غلطة" مش حتعود!

 

بل إنها "ذنب" سألت الله أن يغفره وليس على طريقة كامل الشناوي الذي سأل الله ألا يغفر ذنب حبه! لكن ـ ومهمة لكن هنا ـ هل يصلح عطار الأدب ـ هنا ـ ما أفسده دهر الصحافة.. إنني لا أدري بل لعلني أشك في ذلك كثيراً.. هو قد يصنع هذا "الهذر" الصحفي واليومي صحيح.. لكن هل يعيد مجاري "الري" الأدبي إلي ذلك القلم الذي توله به قبل أن تغريه أو بالأحرى تغويه شهرة الصحافة! إنني لن أيأس.. وسأحاول أن أظفر بشرف العودة إلي قواعد الكلمة الأدبية (وما أحلى الرجوع إليها) إنها ـ من خلال تجربة مؤلمة مع الكلمة الصحفية ـ أروع وأنبل وأجمل من ـ هراء الصحافة ـ حسبها أنها تدخلك عالم الليل.. والأحلام.. والشعراء.. المتنبي.. المعري.. والعقاد.. وآلاف المبدعين الخالدين.

 

أخيراً ـ يا ابن بطوطه ـ ها أنا أشكرك، لا على كلماتك التي حملت كثيرا من حسن ظنك في كاتب هذه السطور.. ولكنني أشكرك لأنك برسالتك أيقظت شيئا كامناً في نفسي جعلني "أقبض" على هذه الصفحات بكل صدق واعتراف. فلابد من شكوى إلي ذي مروءة. وها أنا ذا ـ كما تفعل العجائز ـ شكوت إليك.. فضت بين يديك… وهل يملك "المكبوت" سوي ذلك.. إن أقسى ما يمر على الإنسان أو على الكاتب خاصة أو على من يحاول الكتابة مثلي، على الأخص.. أن يجد نفسه أو على من يحاول الكتابة مثلي، على الأخص.. أن يجد نفسه أو بالأحرى قلمه مقسوراً على تسطير كلمات لا تلمس شغافه.. ولا ترضي أشواقه.. ولكنه هذا "الزمن الصحفي" انظر إلي، إنني أنعت الزمن بـ "الصحافة" كعلامة فارقة رديئة!

 

يا ابن بطوطه.. دعني ـ الآن ـ لعلني أستطيع أن أعود إلي "زوادتي" القديمة علني أجد فيها ما يريح في هذا المساء.. أو لعلها تحرك ذكري أدبية كامنة، أستمد منها الحماسة والشجاعة فأعود إلي ذلك العالم الجميل الذي هربت منه.. أو هرب مني!!

 

 

(حمد القاضي)