logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

الخرج و «أفياء المشتل» وأنا «تلَّ قلبي تلْ»!!

حمد القاضي > مقالاتي  > الخرج و «أفياء المشتل» وأنا «تلَّ قلبي تلْ»!!

الخرج و «أفياء المشتل» وأنا «تلَّ قلبي تلْ»!!

                         

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

**ذكريات داعبت «عيني وقلبي».

كأنها -والله أمس- عندما جئت للرياض من عُنَيْزة للدراسة الجامعية.

ولن أتوقف عند ذكريات أول قدومي و«الصدمة الحضارية» من انتقالي من مدينة صغيرة محفوفة بنخيلها ورمالها إلى الرياض المكتنزة بعمائرها العالية وشوارعها الفسيحة!.

أتوقف -فقط- عند متعة الترفيه لي وقتها ولزملائي الذين كنت أسكن معهم عزابا بحي الصالحية بالرياض.

كانت متعتنا نهاية الأسبوع أو نهاية كل أسبوعين -حسب توفر السيارة- ذهابنا للخرج و«مشتلها الآسر» بأشجاره الباسقة وساقي مائه المتدفق الذي يجري بين حقوله و«بركة سباحته» الجماعية.

كنا نبقى فيه عطلة نهاية الأسبوع ليلة الجمعة ونهارها، كنا نوزع وقتنا بين أطياف المتعفية: جلسات أنس وسواليف تحت أوراق حديقته ولحظات استمتاع بالسباحة بنهار هو بالليل جلسات بهجة ما بين طبخ عشائنا وحكايات ليلنا وغناء السامري:

ناح الحمام بعاليات المقاصير

صوت يذكّر دالهٍ في شطونه

* * *

عادت لي هذه الذكريات العذبة وأنا أقرأ الكتاب الممتع الذي أصدرته الكاتبة القديرة أ.سارة بنت عبدالله الخزيم: «أفياء المشتل» الذي أعادتني فيه لزمن أخَّاذ كضحكات الأطفال وكتنفس الأزهار.

الكتاب بقدر ما فيه من الحديث عن الخرج الجميلة وبخاصة «مشتلها» ملاذ استمتاع سكان العاصمة قبل أن تنافسها الحدائق والمتنزهات والنوادي بالعاصمة.

من أكثر ما جذبني حديثها الضافي عن المشتل بالخرج الذي كان قبلة للمتنزهين بالرياض حتى صار رمزًا للفرح وإيقاظ الذكريات وأشواق الحب حتى قال الشاعر أحمد الناصر الشايع -رحمه الله-:

أنا تلَّ قلبي تلْ

هوى البال في المشتل

أبو مبسم يقتل وعيونه قتّاله

لقيت الهوى كله بعينه على حلَّه

* * *

هذا الكتاب جسّد ذكريات فتاة نجدية عاشت بديرة نجدية قبل أن يمسها التطور كأغلب مدن نجد.

تحدَّثت بأسلوب عذب عن تلك الأيام الخوالي التي عاشتها مع أترابها بطفولتهن ورسمت حياتها ببيئتهم القديمة ودوَّنت عادات الناس وجيرانهم وحاراتهم بمناسباتهم وزياراتهم وحفلات أعراسهم الخ.

وقد وثقت كتابها بالصور والنصوص الأدبية فأبدعت وأجادت، ورحلت بقرَّائها وقارئاتها إلى دُنيا نقية لم يُلوِّثها غبار الحضارة، عن بساطة الحياة.

جعلتنا نعيش مع أناس طيبين لم يسرق قلوبهم السعار المادي عن دفء التواصل.

وإلى أمهات كانت حياتهن كدا إما ببيوتهن أو مزارع أزواجهن، وتحدَّثت عن فضاءات وناسة الفتيات المتاحة وقتها فضلاً عن استغنائهن بحسن البداوة وحميمية اللقاءات قبل أن تأخذ بألبابهن بهارج الموضة وتطرية المدنية والركض خلف أضواء الشكليات!

«ولك الله لا توقظي الذكريات».

 

صحيفة الجزيرة 1441/04/15هـ