أماكن في منطقة نجد خلّدها الشعر العربي دارسة لغوية جغرافية
* د. حصة عبدالعزيز القنيعير
أماكن في منطقة نجد خلّدها الشعر العربي
دارسة لغوية جغرافية
* د. حصة عبدالعزيز القنيعير
halkeneeer@ksu.sa
ملخص:
يُعنى البحث بأسماء الأماكن التي وردت في شعر العصرين الجاهلي والإسلامي، وتبدو أهميته في سعيه إلى الربط بين القديم والحديث؛ بالكشف عن أسماء الأعلام القديمة التي ظلت محتفظة بالاسم نفسه حتى هذا العصر في منطقة نجد، اعتمادًا على الخرائط التي أعدتها هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، ومؤلفات الجغرافيين السعوديين، وذلك باتباع المنهج الوصفي. والجديد في البحث أنه اختصَّ بدراسة الأماكن في منطقة نجد في العصر الحديث. ومن نتائجه: جمع ما تفرّق في كتب الجغرافيين المعاصرين من أسماء الأماكن المشهورة في منطقة نجد، وما تفرّق في المظان ودواوين الشعراء من الشواهد الشعرية الأكثر شهرة، والوقوف على الجهود المبذولة من قبل الجغرافيين السعوديين المعاصرين لتحديد مواقع تلك الأماكن، ما يؤكد أهمية اللسانيات الجغرافية في تحديد أسماء الأماكن، ويدحض الزعم بأن الشعر الجاهلي منحول بعد ظهور الإسلام، والكشف عبر الشواهد الشعرية عمَّا تمثله الأماكن من أهمية لدى الشعراء، وإيضاح أسماء الأماكن في منطقة نجد، وتحديد مواقعها حسب خطوط الطول والعرض، والصفة الطبوغرافية؛ كالجبال والأودية والسهول، والمناطق السكنية، وارتباطها إداريًا.
***
مباحث أسماء الأماكن في منطقة نجد وشواهدها الشعرية:
يعد إقليم نجد أحد أقاليم شبه الجزيرة العربية التاريخية وأكبرها مساحة يقع في وسطها ويمتد من شرق الحجاز على هيئة هضبة مرتفعة تنحدر نحو الشرق والشمال الشرقي، وترتفع من 700 إلى 1500 متر فوق سطح البحر، ويطلق عليها الجغرافيون المسلمون والبلدانيون اسم نجد بقسمها إذ يطلقون نجد العليا على الجزء الغربي من هضبة نجد ذي الصخور النارية والمتحولة.
أما هضبة نجد السفلى فيطلقونه على الجزء الشرقي من هضة نجد التي تتميز بحافاتها الجبلية وجيلاتها، كحافة طويق الجبلية التي تمتد على هيئة قوس يبلغ طوله 1000 كيلو متر تبدأ من شمال الزلفي وتنتهي جنوبا في رمال الربع الخالي.
وتمثل نجد المنطقة الواقعة وسط الجزيرة العربية وفيها منطقة الرياض إحدى المناطق الإدارية في المملكة العربية السعودية، وتشكل اليوم إداريًا كلا من منطقة الرياض ومنطقة القصيم ومنطقة حائل، وتعد ثاني أكبر منطقة من حيث المساحة بعد المنطقة الشرقية، ومقر إمارتها مدينة الرياض العاصمة التي تقع في قلب المملكة العربية السعودية.
وقد استوطنت نجدا قبل الإسلام بعض القبائل العربية، فأنجبت فحول شعراء العرب الذين ما زالوا يعيشون بيننا بشعرهم، ومن هؤلاء امرؤ القيس وعنترة بن شداد، والأعشى ميمون بن قيس، وزهير بن أبي سلمى وكعب بن زهير والحطيئة وغيرهم؛ لذا فلا ريب أن إقليم نجد كان موطن شعر أولئك الشعراء حيث مرابع القبائل العربية المستقرة والراحلة. وتلحظ أن تلك الأماكن التي عاش فيها أولئك الشعراء كثيرا ما كانت موضع تساؤل بعض المهتمين بشعر تلك الحقبة، نحو: أين موطن كل من امرىء القيس، وزهير وطرفة، ولبيد، وعنترة والأعلى، والنابغة ؟ وأين سكنوا؟ وأين عاشوا؟ ذلك أن محققي دواوين أولئك الشعراء لا يبذلون جهدًا في تتبع مواقع الأماكن الواردة في شعر الشعراء، إذ يكتفون بقولهم: موضع في جزيرة العرب، أو واد أو ماء، أو بئر قديمة معروفة، أو جبل أو هضبة، أو ثنية وكثير منهم علماء وأكاديميون عرب كبار.
وفي هذا السياق يذكر عبد العزيز الفيصل في مقدمة كتابه (شرح المعلقات منهجه في تحديد الأماكن الواردة فيها تحديدا دقيقا بخلاف غيره من الشراح بقوله: “ولا أقول عن الكلمة (اسم موضع) كما يفعل الشراح الآخرون فشروح المعلقات التي بين أيدينا من عمل علماء عاشوا خارج الجزيرة العربية، أما هذا الشرح فهو من عمل مقيم في نجد وقد نشأ فيها أو عاش في أكنافها، وزار جل الأماكن التي وردت في أبيات المعلقات، ومع المعرفة الشخصية فإنني أشير إلى المصادر والمراجع التي حددت الأماكن، فهذا الشرح أول شرح يضيف التحديد الدقيق للأماكن الواردة في المعلقات”. وقد اتبع البحث منهجا تمثل في تقسيم أسماء الأماكن حسب الحقول الدلالية مرتبة هجائيا . وذلك بإيراد اسم المكان أولا، ثم تعريفه لغة من المعاجم اللغوية – ما أمكن ذلك – فتعريفه جغرافيا من المصادر الجغرافية في بلادنا التي تعنى بتثبيت موقعه في المنطقة التي ينتمي إليها.
لهذا اقتصر البحث على ما ورد في مؤلفات الجغرافيين والباحثين السعوديين من أسماء الأماكن دون غيرهم مما أثبتوا صحته اسماً وموقعاً، وما استقر على اسمه القديم الذي ورد في الشواهد، وما ثبت موقعه الجغرافي في الخرائط التي أعدتها هيئة المساحة الجيولوجية السعودية. ولم يعن بأسماء الأماكن التي أوردها البلدانيون القدماء إما لكونها موضع شك لدى الباحثين المعاصرين من حيث عدم دقة موقعها حاليا، ولكثرة الآراء حولها وتشعبها ، وإما لكونها لا تقع ضمن منطقة البحث.
وأما الشواهد الشعرية فقد أثبت منها ما ورد في شعر الجاهليين كشعراء المعلقات وغيرهم، والشعراء الإسلاميين، منسوبة إلى أصحابها في دواوينهم، أو في المظان الأخرى مثل المجموعات الشعرية، ومؤلفات البلدانيين المعاصرين وغيرها، مع استبعاد أسماء الأماكن التي لم يرد لها شاهد شعري مع الحرص على ضبط الشواهد وأسماء الأماكن بالشكل. مع نبذة موجزة عن الشاعر غير المشهور.
ويستمد هذا البحث إطاره من كتب الرحالة والبلدانيين المعاصرين لاسيما أبناء المنطقة، ومن كتب جغرافيا المملكة العربية السعودية والأطالس التاريخية والجغرافية، ودواوين الشعراء وبعض المعاجم اللغوية
***
المبحث الأول: الأودية والمياه
الأفلاج:
الأفلاج والفلج بالتحريك: النهر، وقيل: النهر الصغير، وقيل هو الماء الجاري … والجمع أفلاج قال امرؤ القيس بعيني ظعن الحي لما تحققوا… لدى جانب الأفلاج، من جنب تيمرا. والأفلاج إحدى محافظات منطقة الرياض في المملكة العربية السعودية، وقاعدتها مدينة ليلى، تقع على بعد أكثر من 300 كيلومتر عن العاصمة الرياض، وتتألف من مجموعة من القرى الزراعية الواقعة على جبل طويق (جبل العارض (سابقا) ابتداءً من سفحه الشرقي وحتى حافته الغربية، ويعود سبب التسمية (الأفلاج) إلى وفرة المياه في المنطقة. قال الطفيل الغنوي:
أسف على الأفلاج أيمن صوبه وايسره يعلو مخارم سمسم
برقة الروحان:
البزقة ذات حجارة وتراب، وحجارتها الغالب عليا البياض، وفيها حجارة حمر وسود، والتراب أبيض وأعمر، وهو يبرق لك بلون حجارتها وترابها، وإنما يزقها اختلاف ألوانها”، وأجمع ” المؤرخون على أن الروحان في الخرج وبرفته قريبة منه ، وهو واي شرق مدينة السيح . قال جرير “
لمن الديَارُ بِبُرْفة الروحَانِ إذ لا تبيعُ زماننا بروحان
إن زُرتُ أهلك لم يُنالُوا حَاجَتِي وإذا هَجَرْتُك شقتي هجران
بنبان:
يحمل اسمه إلى اليوم، ويقع شمالي مدينة الرياض ويبعد عنها بحوالي خمسين كيلومتر . قال
الحطيئة:
وما الزرقان يومَ يَحْرِمُ ضَيْفَه بمحتسب التقوى ولا مُتَوَكِّل
مُقِيمٌ عَلَى بَنْبَانَ يَمْنَعُ مَاءَهُ وَمَاءُ وَشِيعٍ مَاءً عَطَشَانَ مُزمل
ثادق:
ثدق المطر: خرج من السحاب خروجا سريعا… وواد ثادق أي سائل، وثادق اسم فرس… وهو أيضا موضع، قال زهير :
قوادي الندي فالطوي فنادق قوادي الفنان جزعة فأثاكلة
وثادق ماء معروف بهذا الاسم إلى يومنا هذا، يصب واديه في وادي الرمة، ويقع في منطقة الرياض على بعد 150 كيلومتر شمال غرب مدينة الرياض ذكره عقبة بن سوداء فقال:
الا يا لقومي للهموم الطوارق وربع خلا بين السليل وشادي
وذكره كعب بن زهير بقوله:
وأخلفهن ثماد الغمار وما كُن من ثادِقٍ يَحْتَسِبْنا
جلاجل:
جَلاجل وجُلاجل، ودارة جُلجل كلها مواضع ومنه قول ذي الرمة أيا ظبية الوعساء بين جلاجل… والجلج في لغة أهل اليمامة حباب الماء…. والجلجلة الحركة مع الصوت. ووادي جلاجل المعروف، هو وادي المياه، فلعل جلجلة الماء به جعلته يسمى بذلك وتقع مدينة جلاجل شمال منطقة الرياض على بعد 180 كيلومتر من الرياض العاصمة، قال عوف بن الأحوص:
تسوق صريم شَاءَها من جلاجــل الــي ودوني ذات كيف وفُوْرُها
وقال ذو الرمة
أيا ظبية الوَعْسَاء بَين جلاجل وبين النقاء أنت أم أم سالم؟
الجواء:
الجواء البطن من الأرض والجواء الواسع من الأودية والجواء موضع بالصمان وعيون الجواء محافظة سعودية تقع في الشمال الغربي من منطقة القصيم على بعد حوالي 400 كيلومتر من مدينة الرياض، وهي قديمة الاستيطان فقد استوطنتها قبيلة عبس ومنهم الشاعر والفارس عنترة بن شداد، وفيها دارت معركة داحس والغبراء بين قبيلتي عبس وذبيان، وبها العديد من النقوش الثمودية.
وتمتاز محافظة عيون الجواء بموقعها الاستراتيجي بين القصيم وحائل، وتضاف (عيون) إلى الجواء تمييزاً لها عن عيون الأسياح ” وفيها يقول عنترة بن شداد في معلقته:
يا دار عَبْلَةَ بِالجِواءِ تَكَلِّمِي وعمي صباحًا دَارَ عَبْلَةَ وَاسْلَمِي
الريان:
واد يتجه إلى جهة الشرق حتى يصب في وادي الرمة ووادي الريان معروف بهذا الاسم إلى هذا العهد لم يتغير منه حرف واحد، قال لبيد بن ربيعة
فمدافع الريان عربي رسمها خَلَقا كما ضمن الوحي سلامها
السلي:
والسلي وادٍ ممتد من الشمال إلى الجنوب يبدأ من نهاية رياض (الجنادرية شمالاً إلى مشارف الخرج جنوباً قال كعب بن زهير
لعمرك ما خَشِيتُ على أني مضارع بين قو فالسلي
ولكني خَشِيتُ على أني جريرة رمحه في كل حي
السليل:
السليل وادٍ واسع غامض يُنبتُ السلم والضعة والتنمة والحلمة والشمر، والسليل تصغير سليل وهو المسيل يكون فيه شجر السلم، وهو هنا علم على منطقة تقع بين وادي الدواسر و بين الأفلاح وشرقي جبل العارض، وحول السليل رياض كبيرة، وأراض زراعية، ومياه غزيرة”
قال زهير بن أبي سلمى .
كان عيني وقد سـال السليك بهم وجيرة ما هم لو انهم أمم
غرب على بكرة أو لؤلؤ قلق في السلك خان به ربَّانِه النظم
وقال لبيد بن ربيعة
ظلت تتبع من نهاء صعايد بين السليل وتدفع السلان
السوبان:
وادي في الشمال الغربي من القصيم من منطقة نجد، ينحدر من جبال القنان ويتجه شرقاً حتى يصب سيلة في الجواء في منطقة القصيم، والسوبان الذي ورد في شعر زهير هو ما يعرف باسم الفويلق الآن. قال زهير بن أبي سلمى
ظهَرْنَ مِنَ السُّونَانِ ثُمَّ جَزَعْنَة على كُل قَيْمي قَشِيبٍ ومَفأم
وقال لبيد بن ربيعة
درس المنا بمتالع فأبان وتقادَمَتْ بِالحبْسِ فَالسُّوبان
ماوان:
ماوان وذو ماوان موضع، وقد قيل ماوان من الماء. قال ابن بري: ماوان اسم موضع قال الراجز: يشربن من ماوان ماء مرا ، وماوان” لا يزال يعرف باسمه الآن، وهو وادٍ من أودية (العلاة)، من أكبر أوديتها التي تسيل مشرقة وتصب في ( الخرج )، وبأسفله طلول وأثار وأسوار ولا تزال بعض أسواره وقصوره محتفظة بهياكلها وجدرها العريضة .. قال علي بن المقرب العيوني
سائل ديار الحي من ماوان ما أحدثت فيها يد الحدثان
وقال أيضا”.
ما أنصف الطلل العافي بماوانا لم يُشجه يوم سلمنا وأشجانا
المرخ:
“المرخ من العضاة، وهو ينفرش ويطول في السماء حتى يستظل فيه، وليس له ورق ولا شوك. وعيدانه سلبة قضبان دقاق، وينبت في شعب وفي خشب، ومنه يكون الزناد الذي يقندح به، واحدته مرخة والمرخ موضع مشهور عند عامة أهل نجد بهذا الاسم إلى هذا العهد، وهو واد عظيم يقع في الجهة الشمالية الشرقية من الزلفي قريب من روضة السبلة، قال الخطيئة في القصيدة التي يستعطف بها عمر، وقد حبسه في بئر
ماذا تقول لأفراح بذي مرخ زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
القيت كاسبهم في قعر مظلمة فَاغْفِرْ عَليك سلام الله يا عمر
نساح:
النسح والنساح ما تحات عن التمر من قشره وفتات أقماعه.. ونساح واد باليمامة، يبعد وادي نساح مقدار 40 كيلومترا تقريبا عن جنوب العاصمة الرياض، ويخترق جبل طويق من الغرب إلى الشرق ما بين الرياض والحريق، ويلتقي مع وادي حنيفة ووادي الأوسط لتصب جميعا في وادي السهباء في إقليم الخرج قال النابغة الجعدي في القصيدة التي مطلعها أيا دار سلمى بالحرورية إسلمی.
نحن الفوارس يوم ديسقة ال مغشو الكماة غوارب الأكم
وسيوفنا بنساحَ عِندَكُمْ منها بلاء صادق العلم
النظيم:
“.. النظيم شعب فيه غدر أو قلات متواصلة بعضها قريب من بعض، فالشعب حينئذ نظيم لأنه نظم ذلك الماء والنظيم فعيل بمعنى مفعول كأنه منظوم، فيه غدر وقبلات (حفر تكون في جلد الأرض، قامتين أو ثلاثا، وماؤها ماء السماء) متواصلة بعضها ببعض من ماء الغدير، والنظيم اليوم هو أحد أحياء مدينة الرياض، ويقع في الجزء الشرقي منها، ويعد بوابة وواجهة شرقية للمدينة . ذكره جرير بقوله “
وقفت على الديار وما ذكرنا گذار بين تلعة والنظيم
نمار:
نمار بالفتح في النون والميم وادٍ من أودية اليمامة، ينحدر مشرقا من جبل (طويق) من هضبة علي ثنية (أبي القد) وما حولها، ويذهب حتى يصب في وادي حنيفة) مقابل أعلى (منفوحة) من (الرياض)، وبه سد محكم لحفظ المياه، ذكره الأعشى بقوله “.
قالُوا نمار فتطن الخالِ جَادَهُما فَالعَجَدِيَّةُ فَالآبَلاء فَالرجل”
الوتر:
وادي يدخل في وادي حجر، وكان منزل الأعشى من منفوحتين بـ (درنا)، وهو واد من أودية اليمامة ” يصب في وادي حنيفة، ويأتي سيله من جهة الشمال، وهو معروف عند أهل الرياض اليوم باسم أبي رفيع، أو وادي البطحاء، وأحد الواديين هو الوتر، قال الأعشى
شافتك من قتلة أطلالها بالشط فالوتر إلى حاجر
***
المبحث الثاني: الجبال والهضاب
(أبا القد):
درب أثري سميت به البوابة الرئيسة في غرب مدينة الرياض (القدية)، وهو من أقدم الدروب الأثرية في جزيرة العرب، وكان درب القوافل قديما للصعود إلى هضبة نجد عبر جبال طويق، وهو طريق جبلي ملتو ومرصوف بأحجار، يشق ثنايا جبل طويق حيث يصل إلى أكثر، 1000 متر، وسمي (أبا القد) نسبة إلى القد وهو قطعة من جلد تربط بها شداد الإبل، وبسبب وعورة الطريق كانت تنقطع تلك القدود، وما يزال الطريق باقيا حتى يومنا هذا، وسميت القدية نسبة إليه، وقبل 1500 عام عندما أقبل عمرو بن كلثوم على (اليمامة) (الرياض) حاليا من جهة الغرب، شاهد التشكيلات الحجرية لجبال طويق فوصفها بقوله:
وأعرضت النعامة واستخرت كأسياف بأيدي مُصلتينا
آبان أو أبانان:
أبانان جبلان في البادية وقيل هما جبلان أحدهما أسود والآخر أبيض، فالأبيض لبني أسد. والأسود لبني فزارة، بينهما نهر يقال له الرمة بتخفيف الميم قال ابن جني: وأما قولهم للجبلين المتقابلين أبانان، فإن أبانان اسم علم لهما بمنزلة زيد وخالد
وهذان الجبلان من أشهر جبال وسط شبه الجزيرة العربية (نجد) قديمًا وحديثًا، ويقعان في منطقة القصيم إلى الغرب من مدينة الرس على بعد 50 كيلومترا، أحدهما أبان الأسمر (ويقال له قديما الأسود) ويقع شمال مجرى وادي الرمة، والثاني أبان الأحمر (ويقال له قديما الأبيض) ويقع جنوب مجرى وادي الرمة. وتأتي التسمية بالإفراد (أبان) أو بالتثنية (أبانان) أو بالجمع (أبانات) وكلها المسمى واحد وورد ذكر هذين الجبلين كثيرا في الشعر العربي، ومن ذلك قول امرىء القيس:
كان أبانا في أفانين ودقه كبير أناس في بجاد مزمل
وقول زهير بن أبي سلمى وقول لبيد بن ربيعة . وقول
علي بن المغرب العيوني
وقول الأخطل يذكر موازنة جرير والفرزدق
فلقد تجاريتم على أحسابكم وبعثتُمْ حَكَمًا من السلطان
فإذا كليب لا توازن دارما حتى يوازن حرزم بأبان
وقول زهير بن أبي سلمى:
فلست بتارك ذكرى سليمى وتشبيبي بأخت بني العدان
طوال الدهر ما ابتلت لهاتي وماثبت الخوالد من أبان
وقول لبيد بن ربيعة:
فلست بركن من أبان وصاحة ولا الخالدات من سواح وغرب
وقول علي بن المفرب العيوني:
ألم يلق الردى منه بقلب على الأهوالِ أَثْبَتَ مِنْ أبـانِ
أجا وسلمى:
اجا محركة مهموز مقصور: جبل لطيئ القبيلة المشهورة والنسبة إليه أخيئ بوزن أَجَعِي وهو علَمُ مُرْتَجَل أو اسم رجل سمي به الجبل، ويجوز أن يكون منقولا.
وجاء في لسان العرب: وأجأ على فعل بالتحريك جبل لطيئ يذكر ويؤنث، وهنالك ثلاثة أجبل: أجا وسلمى والعوجاء؛ وذلك أن أجأ اسم رجل تعشق سلمى وجمعتهما العوجاء، فهرب أجأ وسلمى وذهبت معهما العوجاء، فتبعهم بعل سلمى، فأدركهم وقتلهم، وصلب أجا على أحد الأجبل، فسمي أجاً وصلبت سلمى على الجيل الآخر. فسمي بها وصلبت العوجاء على الثالث، فسمي باسمها
ولجبل اجاً شهرة وما زال معروفا باسمه في هذا العهد، ويقع في الجهة الشمالية من حائل وتبعد سلسلة جبال أجاً وسلمى عن مدينة حائل نحو 60 كيلو مترا، وتمتد من الشمال الشرقي نحو الجنوب الغربي، ويُطلق عليهما معا قديما جبلا طين
قال زيد بن مهليل الطائي
جلبنا الخيل من أجا وسلمى تَخْبُ عَوابِسا خَبَبُ الذئاب
التوباد:
يقع في مدينة الأفلاج التي تقع بدورها إلى الجنوب الغربي من مدينة الرياض بمسافة 350 كيلومترا. شهد هذا الجبل قصة حب قيس بن الملوح وابنة عمه ليلى العامرية، التي جرت أحداثها في بدايات القرن الأول الهجري؛ وذلك عام خمسة وستين من الهجرة حسب بعض الروايات، وقد خلد التاريخ قصتهما في أقدم عواصم الحب في العالم فقد توشحت المدينة السعودية باسم (ليلى) نسبة إلى محبوبة (قيس) في إحدى قصص العشق الشهيرة في التاريخ العربي ومدينة (ليلى) السعودية قاعدة محافظة الأفلاج وأكبر مدنها تقع على بعد 300 كيلومتر جنوب الرياض يقول قيس بن الملوح مخاطبًا جبل التوباد:
وأجهشت التوباد حين رأيتة وكبر للرحمن حين راني
ثهلان:
الثهل الانبساط على الأرض وهذا سبب تسميته بهذا الاسم لانبساطه االواسع على الأرض وهو جبل أسود كبير يعد من أكبر الأعلام في نجد وأشهرها، لا يقل امتداده جنوباً وشمالاً عن سبعين كيلومتر، وعرضه يتراوح بين عشرة وعشرين كيلومتر، له قمم شاهقة، ومناكب عالية، يقع في منطقة الرياض في محافظة الدوادمي وفي جانب ثهلان من الشرق تقع بلدة الشعراء، وكان معروفاً مشخوراً في بلاد العرب، ذكره كثير من الشعراء في شعرهم وهو معروف باسمه إلى الآن.
قال الحارث بن حلزة في معلقته:
وحملناهم على حزم ثهلاً ن شلالاً ودمي الأنساء
وقال الفرزدق:
أحلامنا تزن الجبال رزانة وتخالنا جنا، إِذَا مَا نجْهَل
فادفع بكفك إن أردت بناءنا ثلهلان ذا الهضباتِ هل يتحلحل
وقال أبو تمام
حمال مالو حل أصغرهُ عَلَى ثهلان لا نهدَّتْ ذَرَى ثهلَانِ
وقال أيضا ؟
وحسبه بك إلا أن هممته أن يقتفي مع رضوى طود ثهلان
حضن:
“حضن اسم جبل في أعالي نجد، وفي المثل السائر أنجد من رأى حَضَنَّا أَي مَنْ عاين هذا الجبل فقد دخل في ناحية نجد، وحضن مرتفعات جبلية تقع جنوب غرب مدينة حائل، وتعد امتدادًا لجبال أجاً من الناحية الجنوبية… يبلغ ارتفاع أعلى قممها نحو 1494 متر
قال عنترة .
شط المزار إذا تربع أهلنا حضنا وأهلك ساكن بالغيلم
وقال علي بن المقرب العيوني.
إذَا مَا الحِلْمُ عُدَّ فَمَا ثبيرُ ومَا حَضَنَّ لَدَيْهِ وَمَا شَمَامُ
خزاز:
جبل أحمر يقع في منطقة القصيم إلى الجنوب من الرس على بعد 49 كيلومترا.
قال فيه عمرو بن كلثوم .
ونحن غداة أوقد في خزاز رفدنا فوق رفد الرافدينا
راکس:
جبل أسود معترض من الجنوب إلى الشمال، غير مرتفع، تعلوه برقة واسعة من جانبيه، لذلك يقال له: أبرق راكس في هذا العهد، ويقع في أقصى الحدود الإدارية الغربية لمنطقة القصيم، وهو باق بهذا الاسم إلى اليوم، قال العباس بن مرداس
لأسماء رسم أصبح اليوم دارسا وأقفر منهــا رحرحان فـراكسا
سواج:
جبل أسود يقع غرب القصيم إلى الجنوب الغربي من الرس على بعد حوالي 75 كيلومتر منه وهو قديم التسمية، ذكره لبيد بن ربيعة بقوله “
فلست بركن من أبان وصاحة ولا الخالدات من سواج وغرب
ومن جبال سواج جمل يسمى قديما (سلمانين)، ذكره جرير بقوله:
“كاد الهوى يَوْمَ سُلمانين يقتلني وكاد يقتلني يومًا ببيدانا
الصمان:
الصمان أرض إلى رمل على صلبة الحجارة، ذات جبال . وهي أرض غليظة لا تزال إلى اليوم معروفة بهذا الاسم، جهتها الجنوبية يشقها الطريق السالك بين اليمامة والأحساء، وشماليا يشقه الطريق السالك بين القصيم والبصرة . قال عنترة بن شداد”
وتَحُلُ عَبْلَة بالجواء وأهلنا بالخزن فالصمان فالمتثلم
وقال عمرو بن معدي كرب
لمن الديار بروضة السلان فالرقمتَينِ فَجَانبِ الصَّمَانِ
نجد:
النجد: ما خالف الغور، والجميع الأنجاد والنجود والنجاد، وللجغرافيين والرحالة المسلمين أقوال كثيرة في تسمية نجد، منها: أنه مشتق من النجد وهي الأرض المرتفعة، وأن كل ما ارتفع عن تهامة فهو نجد، وكان يسكن نجدا عدد من فحول شعراء العربية، وكانت ممرا لآخرين غيرهم تعلق هواهم بها، فتغنوا بوديانها وشعابها وجمالها وواحاتها، حتى ريحها (ريح الصبا)، ومن هؤلاء الشعراء قيس بن الملوح بقوله:
سقى اللهُ نَجْدًا مِنْ رَبِيعٍ وَصَيْفٍ وَمَاذَا يُرجى مِنْ رَبِيعٍ سقى نجْدًا
وقال أبو العلاء المعري”
لولا غضا نجد وقلامة لم يثن بالطيب على زنده
وقال أبو تمام )
ومن شك أن الجود والباس فيهم كَمَن شك في أن الفصاحة في نجد
وقال أبو فراس الحمداني
يذكرني نجدًا حَبِيبُ بِأَرْضِها أيا صاحبي شكواي هَلْ يَنفَعُ الذِكرُ
***
المبحث الثالث المدن والقرى:
تبراك:
تقع تبراك في منطقة كثبان رملية تسمى نفود قنيفذاء، وتعرف قديما بتبراك حيث لم يتغير اسمها على مر الأزمان وهي إحدى المراكز التابعة لمحافظة القويعية في منطقة الرياض، وتبعد عن الرياض العاصمة حوالي 76 كيلومترا غربا على طريق الرياض الطائف السريع
قال المرار بن منقذ:
هل عرفت الدار أم أنكرتها بين تبرَاك فَشسي عَبقُرُ
توارن:
قرية في وادٍ من أودية أجأ الشمالية في إمارة منطقة حائل. وكانت توارن وما حولها من الأماكن التي دلت الشواهد الشعرية على أن حاتما الطائي ورهطه عاشوا فيهن، واسم توارن قديم فقد قال الطرماح الطائي:
إلى أصل أرطاة يشيمُ سَحابة على الهضب من حيران أو من توارن
ثرمداء:
ثرمد و ثرمداء موضعان قال أبو منصور: ورأيت ماء في ديار بني سعد يقال له ثرمداء…. وقد ذكره العجاج في شعره:
لقدر كان وحاة الواحي بثرمداء جهرة الفصاح
وتقع ثرمداء في منطقة الوشم شمال غربي مدينة الرياض، سميت بهذا الاسم نسبة إلى نبتة الثرمد (الرمث) التي تكثر في مساحة المنطقة.
وموقعها كما وصفه علماء المنازل والديار من أحسن المواقع باعتبار أن البطن الذي تقع فيه خصب طيب التربة كثير الإنتاج، وذكره جرير بقوله:
انظر خليلي بأعلى ثرمَدَاءَ ضُحى وَالعِيْسُ جَائِلة أغراضها خنف
استقبل الحي بطن السر أم عسفوا فالقلب فيهم رهين أين ما انصرفوا
الحائر:
حار الماء فهو حائر وتحير الماء: اجتمع ودار، والحائر مجتمع الماء. وقيل: الحائر المكان المطمئن يجتمع فيه الماء فيتخير لا يخرج منه. قال: صعدة ثابتة في حائر أينما الريح تميلها تمل والمراد به الماء يجد أرضا صخرية أو صلبة مغطاة بطبقة خفيفة من قشرة الأرض، فإذا تكاثر عليها الماء، نبعت فيحير الماء فوقها فيسمى حائرًا، وهو في أماكن كثيرة من اليمامة وغيرها. وهي قرية تقع جنوب الرياض بحوالي 20 كيلومترا. وذكرها الأعشى بقوله “.
شاقتك من قتله أطلالها بالشط فالوتر إلى حاجر
فرکن مهراس إلى مارد فقاع منفوحة ذي الحـائر
حجر اليمامة:
حجر قصبة اليمامة، مفتوح الحاء وقيل هي سوقها .. وحجر اليمامة (بفتح الحاء وجيم ساكنة بلدة قديمة تقع في موقع مدينة الرياض الحالية، وحجر القرى في الرياض وكانت مركز بلاد اليمامة ونجد، وكانت اليمامة في الزمن القديم مساكن طسم وجديس والعماليق سكنتها سنين قديمة، وقاعدتها حجر اليمامة، وتسميتها باليمامة تسمية قديمة لأن زرقاء اليمامة مضافة إليها وهي امرأة من طسم كانت متزوجة في جديس فالجبل المحيط باليمامة يقال له طوق اليمامة كطوق الحمامة، فصغر حتى سعي طويقًا. ولما تذكر علي بن المقرب العيوني مسقط رأسه وصباه في حجر قال:
لله أَيامُ الصبَا إِذْ دَارنا حجر القرى ولنا بإجلة معهد
حومانة الدراج:
موضع في الأسياح شمالي منطقة القصيم، والموضع نفسه يعرف الآن بمدرج يقع مدرج على بعد مائة وخمسة وعشرين كيلومترا جهة الشمال من مدينة بريدة في شمال القصيم.. أما اسمه القديم فالظاهر أنه الذي كان يسمى (حومانة الدراج) وذكره زهير بن أبي سلمى في معلقته بقوله .
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم بحومانة الدراج فالمتثلم
الخرج:
الخرج هو الوادي الذي لا منفذ له، فإذا انتهى الوادي إلى منطقة متسعة عرفت بالخرج ويذكر عبد الله بن خميس أن” اسم الخرج مأخوذ إما من الخرج وهو الوادي الذي لا منفذ له، وهذا ينطبق على منطقة الخرج، وإما من الخرج وهو ما يخرج من الأرض وغيرها من غلة… والمعنى الثاني ينطبق أيضا على منطقة الخرج؛ فهي منطقة زراعية ذات غلة وإنتاج وخراجها كان يغطي حاجة الحرمين سابقا، ومدينة الخرج إحدى محافظات المملكة العربية السعودية وتقع في الجنوب الشرقي من مدينة الرياض” قال الحطيئة:
هل تعرفُ الدَّارَ مُذْ عَامَيْنِ أو عام داراً لهند بجزع الخرج فالدام
وقال جرير:
يا حبذا الخرج بين الدام فالأدمى فالرمث من برْقَةِ الرَّوْحَانِ فَالغَرَفُ
دارة جلجل:
جلجل بالفتح: موضع. وقيل جبل من جبال الدهناء والدارات في كلام العرب كثيرة. مضافة وغير مضافة، وأما دارة جلجل التي عناها امرؤ القيس فهي قرية باقية إلى اليوم، وتقع في هضبة الدواسر في عالية نجد الجنوبية . ذكرها امرؤ القيس بقوله:
الا رب يَوْمِ لَك مِنينَ صَالِحٍ ولا سيما يَوْمَ بِدَارَة جلجل
الديلم:
مدينة تقع في جنوب الرياض على بعد 120 كيلومترا، كثيرة المياه والعيون الجارية، كانت قاعدة الخرج وتعرف في وقتنا الحاضر بالدلم بدون يا .. ويبدو أن الكلمة رسمت بحسب النطق السائد في شرقي الجزيرة العربية من إشباع الكسرة حتى تظهر الياء بعدها، وهي لغة معروفة
قال عنترة:
شريت بماء الدحرضين فأصبحت زوراء تنظر من حياض الديلم
والدحرُضان هما حرض ووسيع، فحرض يقع بين الخرج والأحساء، ووسيع في شرقي العرمة مما يلي الدهناء.
الرس:
الرس البئر القديمة أو المعدن، والجمع رساس، ورسمت رساً أي حفرت بئراً، والرس بئر لثمود. ويروى أن الرس ديار لطائفة من ثمود، ويروى أن الرس قرية باليمامة. والرس: بفتح الراء المشددة، مدينة رئيسة من مدن القصيم وموقعها في الغرب منه، وتقع على الضفة الجنوبية لوادي الرمة، وهي ثالثة مدن منطقة القصيم، وقد ذكر الزمن في أشعار العرب كثيرا منه قول زهير بن أبي سلمى:
بكرن بكورًا واستحرن بسحرة فهن ووادي الرس كاليد في الفم
وقال أيضا:
لمن طلل كالوحي عافٍ منازله عفا الرس منها فالرسيس فعاقله
فقرن اسمه بالرسيس الذي لا يزال معروفًا باسمه القديم وهو قرية تابعة للرس.
وقال كعب بن زهير:
أتى دون وادي الرس باد وحاضر وفيها الجمام الطاميات الخضارم
الرسيس:
تصغير الرس، هكذا ينطق اسمه في القديم، وفي الحديث تسكن العامة الراء منه كعادتهم في أمثاله، وهي في الفصحى مضمومة والرسيس قرية زراعية في ناحية الرس ، قال لبيد بن ربيعة:
طلل لخولة بالرسيس قديم فبعاقل فالأَنْعَمَيْنِ رُسُوم
ساجر:
مكان معروف منذ الجاهلية، ولا يزال معروفا باسمه في هذا العهد، يقع في الجهة الغربية الشمالية من منطقة الرياض قال خفاف بن ندية:
ولم أرها إلا تعلة ساعة على ساجر أو نظرة بالمشرق
عنيزة:
تصغير عنزة، تقع في القصيم ولا تزال تحتفظ بهذا الاسم، وهي محافظة سعودية تاريخية اكتسبت أهميتها منذ القدم بسبب موقعها الجغرافي المميز فهي تقع في الجزء الشمالي الأوسط من هضبة نجد إلى الجنوب من مجرى وادي الرمة، وتحيط بها كثبان رملية من الشمال والغرب، وعنيزة من أقدم مدن منطقة القصيم، وهي روضة المزارع والبساتين ووفرة المياه وصفاء التربة قال “الفرزدق”:
انخنا إليها من حضيض عنيزة ثلاثا كذود الهاجري رواسيا
المتثلم:
المتثلم اسم لعدة مواضع في أماكن مختلفة، ولعنترة بن شداد بيت شعر فيه يوحي أن المتثلم قريب من الصمان، وذلك قوله.
وَنَخل عَبْلة بالجواء وأهلنا بالحزن فالصمان فالمتثلم
وقال زهير في معلقته:
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم بحومانة الدراج فالمتثلم
ملهم:
قرية تقع شمال مدينة الرياض، وهي قديمة قدم التاريخ حيث وجدت فيها آثار ونحوتات صخرية قديمة، وملهم الآن من أشهر القرى في منطقة الرياض كما أن موقعها القريب من مدينة الرياض أكسبها هذا الاهتمام حيث إنها لا تبعد عن الرياض سوى ما يقارب 70 كيلومترا فقط .
قال جرير:
أتبعتهم مقلة إنسانها غرق هل يا ترى تارك للعين إنسانا
كأن أحداجهم تحدى مُقفية نخل بِملَهُم أَو نَخْلُ بِقرانا
وقال علي بن المقرب:
فخير من الأحساء إنْ دَامَ عَتبكُمْ أشي ووادي ملهم ونعام
منفوحة:
من الأماكن المشهورة في المنطقة وكانت في الجاهلية مساكن لقبيلة بني قيس بن ثعلبة من بكر بن وائل، يقال إن عبيد بن ثعلبة لما حجر حجراً جاءه بنو قيس بن ثعلبة فمنحهم هذا المكان، أي أعطاهم إياه فسقي منفوحة وفيها بقايا آثار ومعالم كقصر الأعشى، ومارد ومهراس.
يقع حي منفوحة (جنوب غرب مدينة الرياض، وكان قرية قديمة من قرى وادي حنيفة ملاصقة للرياض قديما، أي قبل أن تتسع في العصر الحديث لتتحول منفوحة إلى حي من أحيائها، وهي مسقط رأس الأعشى، وما زال الشارع المسمى باسمه يقطع حي منفوحة من الشرق إلى الغرب”
وقد ذكرها الأعشى في عدة قصائد كقوله:
شاقتك من قتلة أطلالها بالشط فالوتر إلى حاجر
فرگن مهراس إلى مارد فقاع منفوحة ذي الحـائر
مهراس:
المهراس موضع في اليمامة كان من منازل الأعشى، قالوا كان ينزل هذا الشق من اليمامة “
وذكره بقوله “
فرگن مهراس إلى مارد فقاع منفوحة ذي الحـائر
الوشم:
منطقة الوشم أحد الأقاليم التاريخية التي تتألف منها منطقة نجد في المملكة العربية السعودية. وقد أورد الجوهري في الصحاح أن الوشم بلد ذو نخل به قبائل من ربيعة ومضر، دون اليمامة، قريب منها. قال زياد بن منقذ:
والوشم قد خرجت منها وقابلها من الثنايا التي لم أقلها ثرم
***
النتائج:
هذا البحث جزء يسير من تلبية دعوة المختصين إلى صنع دراسات تجمع بين القديم والحديث، ربطاُ للحاضر بالماضي، ومن نتائجه ما يأتي:
- جمع ما تفرق في كتب الجغرافيين المعاصرين من أسماء الأماكن المشهورة في منطقة نجد.
وما الفرق في المظان ودواوين الشعراء من الشواهد الشعرية الأكثر شهرة الأسماء الأماكن المعروفة في منطقة نجد في هذا الزمن.
- الوقوف على الجهود المبذولة من قبل الجغرافيين المعاصرين من حيث التحديد الدقيق.
- المواقع الأماكن في المملكة العربية السعودية، ما يؤكد أهمية اللسانيات الجغرافية في تحديد أسماء الأماكن وإثبات مواقعها.
- حقيقة وجود المكان وإثباته اسما وموقعا ضمن حدود منطقة نجد في المملكة العربية السعودية، كما ورد في كتب الجغرافيين السعوديين المعاصرين ما يدحض الزعم بأن الشعر الجاهلي منحول بعد ظهور الإسلام.
- الكشف عبر الشواهد الشعرية لكبار الشعراء الجاهليين والإسلاميين عما تمثلة الأماكن من أهمية.
- إيضاح أسماء الأماكن التي تغطي منطقة نجد، وتحديد مواقعها حسب خطوط الطول والعرض، والصفة الطبوغرافية كالجبال والأودية والسيول والمناطق السكنية، وارتباطها إداريا.
- بلغ عدد أسماء الأماكن التي وردت لها شواهد شعرية خمسة وأربعين اسماً شملت قرى. وجمالا وحضانا وأودية وسيولا أما الشعراء فقد بلغ عددهم ثلاثين شاعرا، وكانت أكثر شواهد الأماكن في عينة البحث الجرير ولبيد بن ربيعة فلكل واحد منهما ستة أبيات، ثم عنترة بن شداد والأعشى وزهير بن أبي سلمي وعلي بن المقرب العيوني لكل واحد مهم خمسة أبيات، يليهم كعب بن زهير والحطيئة فلكل واحد منهما ثلاثة أبيات أما باقي الشعراء فيتراوح عدد أبياهم من بيت واحد وبيتين.
***
المراجع:
- الأصمعي، عبد الملك بن قريب، الأصمعيات، تحقيق: أحمد محمد شاكر، وعبد السلام محمد هارون، دار المعارف، مصر، د.ت.
- الأعشى، ميمون بن قيس بن جندل، ديوان الأعشى، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1983م.
- الأنباري، محمد بن القاسم، المعلقات السبع برواية أبي بكر محمد بن القاسم الأنباري، مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، الكويت، 2003م.
- الأنباري، أبو بكر محمد بن القاسم، شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار المعارف، مصر، د.ت.
- ابن بليهد، محمد بن عبد الله، صحيح الأخبار عمّا في بلاد العرب من الآثار، مطبعة السنة المحمدية، د.ت.
- التغلبي، عمرو بن كلثوم، ديوانه، دار سعد الدين، دمشق، 1991م.
- التغلبي، غياث بن غوث، ديوان الأخطل، دار الثقافة، بيروت، 1979م.
- الجاسر، حمد، المعجم الجغرافي للبلاد السعودية، دار اليمامة، الرياض، د.ت.
- ابن جنيدل، سعد، معجم الأماكن الواردة في المعلقات العشر، إصدار مركز حمد الجاسر الثقافي، الرياض ،2004م.
- الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح – تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين، دار العلم للملايين، بيروت، 1979م.
- ابن الحكم، الطرماح بن الحكيم، ديوان الطرماح، تحقيق: عزة حسن، دار الشروق، حلب، 1994م.
- حسين، طه، في الأدب الجاهلي، مؤسسة هنداوي، القاهرة، 2014م.
- الحطيئة، جرول بن أوس بن مالك العبسي، ديوانه، بشرح ابن السكيت والسكريّ والسجستانيّ، تحقيق: نعمان طه، مكتبة ومطبعة البابي الحلبي، القاهرة، 1958م.
- الحطيئة، جرول بن أوس بن مالك العبسي، ديوانه، طبعة دار صادر، بيروت، 1967م.
- الحميد، عبد العزيز بن حميد، نحو أطلس لغوي جغرافي للجزيرة العربية، مجلة العلوم العربية والإنسانية، جامعة القصيم، ع2، 2013م.
- ابن خالويه، محمد بن أحمد بن نصر، شرح ديوان أبي فراس الحمداني لابن خالويه،إعداد: محمد بن شريفة، مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، الكويت، 2000م.
- الخطفي، جرير بن عطية بن حذيفة، شرح ديوان جرير، تحقيق: محمد إسماعيل عبدالله الصاوي، دار الأندلس للطباعة والنشر، بيروت، د.ت.
- ابن خميس، عبدالله، معجم اليمامة، مطابع الفرزدق، الرياض، 1980م.
- الدارمي، همام بن غالب بن صعصعة، شرح ديوان الفرزدق، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، د.ت.
- الراشد، محمد بن أحمد، والعنيزان، عبد الله بن صالح، أطلس أسماء الأماكن في الشعر العربي (المعلقات العشر نموذجًا)، الرياض، 2012م.
- درويش، أحمد، في نقد الشعر الكلمة والمجهر، دار الشروق، القاهرة، 1996م.
- دليل أسماء الأماكن في منطقة الرياض، وزارة الداخلية وإمارة مدينة الرياض، السعودية، 2000م.
- الزبيدي، عمرو بن معدي كرب، شعر عمرو بن معدي كرب الزبيدي، مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق، 1985م.
- الزبيدي، محمد بن عبد الرزاق المرتضى، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: مجموعة من المحققين، وزارة الإعلام، الكويت، 1987م.
- الزركلي، خير الدين، الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت، 2002م.
- السكري، سعد بن الحسن، شرح ديوان كعب بن زهير، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، 1950م.
- ابن سيده، أبو الحسن علي، المخصص في اللغة، تحقيق لجنة إحياء التراث، منشورات دارالآفاق الجديدة، بيروت، د.ت.
- الضبي، المفضل بن محمد بن يعلى، المفضليات، تحقيق: أحمد محمد شاكر وعبد السلام محمد هارون، دار المعارف، مصر، د.ت.
- الطائي، حبيب بن أوس بن الحارث، شرح ديوان أبي تمام، ضبطه وشرحه شاهين عطية، دار الكتب العلمية، بيروت، 1987م.
- الطائي، زيد الخيل الطائي، ديوانه، مطبعة النعمان، النجف، العراق، 1968م.
- لطروش، الشارف، الجغرافيا اللغوية والأطلس اللغوي في التراث العربي، مجلة جامعة مستغانم، الجزائر، ع21، 2021م.
- ابن ربيعة، لبيد بن ربيعة بن مالك، شرح ديوان لبيد بن ربيعة، قدم له وشرحه: إبراهيم حزيني، دار القاموس ومكتبة النهضة، بغداد، د.ت.
- العامري، لبيد بن ربيعة بن مالك، ديوانه، تحقيق: إحسان عباس، الكويت، د.ت.
- ابن عباد، الصاحب أبو القاسم إسماعيل، المحيط في اللغة، تحقيق: محمد عثمان، دار الكتب العلمية، بيروت، 2010م.
- العبسي، عنترة بن شداد، شرح ديوان عنترة، تحقيق: محمد معروف الساعدي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1985م.
- العبودي، محمد بن ناصر، معجم بلاد القصيم، الرياض، 1990م.
- العدوي، غيلان بن عقبة، شرح ديوان ذي الرُّمـَّة، منشورات دار مكتبة الحياة، د.ت.
- عيساوي، عبد الوهاب، الديوان الأسبرطي، مكتبة نوميديا، دار ميم للنشر، الجزائر، 2000م.
- العيوني، علي بن المقرب، ديوان ابن المقرب وشرحه، تحقيق: أحمد موسى الخطيب، إصدار مؤسسة عبد العزي سعود البابطين، الكويت، 2002م.
- الغنوي، طفيل بن عوف بن كعب، ديوان طفيل الغنوي، تحقيق: محمد عبد القادر أحمد، دار الجديد، بيرت، 1978م.
- الغنيم، عبد الله بن يوسف، الجهود العربية في ضبط الأعلام الجغرافية لشبه الجزيرة العربية ضمن بحوث ندوة أسماء الأماكن الجغرافية في المملكة العربية السعودية، دارة الملك عبدالعزيز، السعودية، 2007م.
- الفيصل، عبد العزيز بن محمد، شرح المعلقات العشر، الرياض، 2002م.
- الكندي، امرؤ القيس بن حجر بن الحارث، ديوان امرئ القيس شرح: محمد الإسكندراني ونهاد مزوق، دار الكتاب العربي، بيروت، 2006م.
- الكندي، امرؤ القيس بن حجر بن الحارث، شرح ديوان امريء القيس، ومعه أخبار المراقسة وأشعارهم، جمع حسن السندوبي، المكتبة الثقافية، بيروت، 1982م.
- مجنون ليلى، قيس بن معاذ ابن الملوح ، ديوان مجنون ليلى، شرح عدنان زكي درويش، دار صادر، بيروت، 1994م.=
- المزني، زهير بن أبي سُلمى، شرح ديوان زهير بن أبي سلمى، صنعة الإمام أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب، دار الكتب المصرية، القاهرة، 1945م.
- المعري، أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، سقط الزند، دار بيروت ودار صادر، بيروت، 1957م.
- ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين، لسان العرب، طبعة دار صادر، بيروت، د.ت.
- موسوعة أسماء الأماكن في المملكة العربية السعودية، دارة الملك عبدالعزيز، وهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، 2003م.
- الوليعي، عبد الله بن ناصر، منطقة الرياض دراسة تاريخية وجغرافية واجتماعية، أمانة مدينة الرياض، ودارة الملك عبد العزيز، السعودية، 1999م.
________________________
* أستاذ اللسانيات المشارك -قسم اللغة العربية -كلية العلوم إلانسانية والاجتماعية – جامعة الملك سعود – المملكة العربية السعودية.
، حصة عبدالعزيز، أماكن في منطقة نجد خل – دارسة لغوية جغرافية، مجلة آلاداب
للدراسات اللغوية وألادبية،كلية آلاداب، جامعة ذمار، اليمن،مج5 ،ع1 ،0202 :055-092 .