logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

الإنسان بين القاضي والقصيبي

فهد العديم

الإنسان بين القاضي والقصيبي

فهد العديم

الإنسان بين القاضي والقصيبي

 

 

 

     أ‌. فهد العديم *

** لأن أكتب عرضاً عن الكتاب، أو أشيد ببراعة ولغة القاضي، لثقتي بأ حديثاً كهذا لا يضيف شيئاً للقاضي ولا للكتاب، لكنني سأروي قصة رواها لي أحد الأصدقاء، واخالها قصة تستحق أن تُروى وفاءً لإنسانية الدكتور غازي القصيبي – رحمه الله – إذ يقول هذا الصديق إنه بلغنا خبر وفاة الدكتور غازي القصيبي – رحمه الله – ونحن مجتمعون بضيافة أحد الأصدقاء، وكعادة السكينة التي تلف المجالس عندما يأتي خبر الموت، والصمت لا يحركه سوى الدعوات الخافتة بالرحمة، لكن الذي حدث أن بكاءً شبه مكتوم ومؤثر جداً انطلق من صدر المجلس، وكان مصدر هذا الصوت أحد الرجال المسنين من كبار العائلة، فتقاطع الحزن مع الدهشة، فأغلبية الحاضرين اعتقدوا أن هناك أمراً آخر حرك حزن هذا المسن، ولم يكن أحد يتوقع أن هذا الشيخ البدوي يعرف الدكتور غازي القصيبي أكثر بكثير مما يعرفه من قرأ كتبه، أو من عرف إنجازاته كمسؤول دولة بارز، هدهد هذا المسن حزنه ليسرد حكايته مع الدكتور غازي القصيبي عندما كان وزيراً للصحة: أصيبت والدتي بمرض، فأشار إليّ الأطباء بضرورة نقلها للرياض لعدم وجود علاج لها في مستشفيات المنطقة، فسألت من استطعت الوصول إليهم من مسؤولي الصحة بالمنطقة فقالوا اذهب للوزير، وكيف لقروي بسيط أن يقابل وزيراً؟ وأين في العاصمة؟ يقول (استكريت أحد الكّدادة) وطلبت منه إيصالي للرياض، وفي الطريق كنت أتخيل قصر الوزير المهيب، والحرس من حوله، وكيف أقنعهم بمقابلة الوزير، كنت أراه مستحيلاً، لكن المستحيل يستحق لأجل أمل علاج أمي، وصلت الرياض .. والكلام للشيخ المسن المكلوم برحيل الدكتور القصيبي – وصلت إلى قصره، تفاجأت أن الأمر أسهل مما كنت أتخيل، وجدت بواباً طلبت منه مقابلة الوزير، فسحب كرسياً وأجلسني وغاب لدقائق ثم عاد واصطحبني، هكذا وجدت نفسي في حديقة منزل القصيبي، يجلس على كرسي وأمامه طاولة صغيرة والكثير من الأوراق، وحوله يلهو أطفاله، أخبرته عن وجهتي وطلبي، اخرج ورقة من بين أوراقه وكتب عليها لمستشفى في العاصمة، هكذا بكل بساطة، يقول وقف مودعاً وهو يشد على يدي بقوة ويعتذر مبتسماً عن عدم القيام بواجب الضيافة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

*كاتب سعودي/مجلة اليمامة