logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

ملف خاص عن أ. حمد القاضي

مركز حمد الجاسرالثقافي - دورية جسور

ملف خاص عن أ. حمد القاضي

مركز حمد الجاسرالثقافي - دورية جسور

ملف خاص عن أ. حمد القاضي:

مركز حمد الجاسر الثقافي يحتفي بالأستاذ الأديب القاضي

 

♦♦ ملف خاص عن أ. حمد القاضي PDF ♦♦

 

 

 

اعتلت شحصية هذا العدد معالم الثقافة والفكر والإعلام.

شخصية خدمت المشهد الثقافي بكل جوانبه وشكل لها ذلك الحضور الآسر في قنوات الإعلام

والتواصل كمًا من الرؤى المختلفة.

شخصية تنقلت بكفاءة واقتدار بين محطات العمل الحكومي والإستشاري وقبة الشورى وعضويات متعددة لمجالس ومراكز وهيئات.

شخصية عبرت بجسر النقاء والصفاء إلى عىقات اجتماعية بمختلف أطيافها.

وتسعد دورية جسور أن تحتفي بالأستاذ القدير حمد القاضي في عددها الثلاثين وفاءَ وتقديراَ.

 

***

كلمة الشيخ حمد الجاسر عن الأستاذ حمد القاضي بمناسبة تكريمه في إثنينية عبدالمقصود خوجة بتقديم من معن بن حمد الجاسر

 

 الشيخ حمد الجاسر

كان الوالد حمد الجاسر-رحمه الله- قد أعد كلمة عن الأستاذ حمد القاضي بمناسبة تكريمه في إثنينية الشيخ عبدالمقصود خوجه ولقد ذكر والدي في كلمته كلا من الشيخ  عبدالمقصود خوجه ووالده الشيخ محمد سعيد عبدالمقصود خوجه –رحمهما الله- وأثنى عليهما ثناءَ عاطراَ وأورد أدناه كلمته.

“حفزتني اثنينية الأستاذ عبدالمقصود خوجة وقد عجزت عن المشاركة بالحضور فيها جسمًا، أن لا أكون غائباً فكراً وقلباً، إنها مناسبة أثيرة في نفسي، عزيزة علي، فالمُحُتَفي الشهم الوطني المفضال الشيخ عبدالمقصود، والمحتفَي به الأستاذ السميِ الصحفي الإذاعي البارز في مجال الثقافة الرحب، وما منهما إلا وله في قلبي منزلة مفعمة بالمحبة والإجلال والتقدير، فلا أقل من التعبير عن ذلك بكلمة موجزة.

لقد كان من توفيق الله للأستاذ عبدالمقصود أن منحه من العلم والمعرفة، والبسطة في الرزق، ما أدرك به أن غاية المرء في هذه الحياة ما يٌُذكر به من الأعمال الصالحة، وأن أفضلها ما يرفع قدره عند ربه، ويعم بها نفعه بين إخوته، ويبقي ذكره الحسن الذي هو عمر المرء الباقي بعده:

       ذكُرُ الفتى عمره الثاني وحاجته

                ماقاته، وفضـــول العيش إشغال 

       وإنما المــــرء حـــــديث بعـــــده

فكن حــــديثاً حســـــناً لمـن وعى

ولقد أدرك الشيخ عبدالمقصود أن “الخلق كلهم عيال الله فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله”(3) وأن أوجه النفع كثيرة ومتنوعة، وأفضلها أعمها نفعاً، وأبقاها أثراً، وأخلدها ذكراً، وأدرك – وفقه الله – أن العمل في سبيل (العلم) يجمع تلك الخلال، من هنا اتجه لبذل الوسع للعمل الجاد فيما يتعلق به، ليكون صلة وصل بين مثقفي هذه البلاد، وبين إخوانهم في مختلف الأقطار الإسلامية الوافدين عليها، وذلك بما يقيمه من ندوات التعارف، وبما ينشر من المؤلفات النافعة، بحيث أصبح بأفعاله مثالاً ناصعاً، يبرز واجهة مشرقة للثقافة في بلادنا، وللتعبير عما يتصف به أهلها من كريم الخلال، وحميد الصفات، فقلً أن يزور البلاد علمٌ من أعلام الفكر أو الأدب أو غيرهما إلا ويفتح له قلبه مرحباً به، داعياً إياه لحضور ندوة تضم الصفوة من المثقفين، ولا يبرز أحد من أبناء بلاده في جانب من جوانب المعرفة، إلا سعى للاتصال به، ليضفي عليه من يره وتقديره في (اثنينيته) (*) ما هو جدير به، ولا يعلم بمؤلف نافع بحاجة إلى النشر – مما يطلع عليه – إلا بذل ما يستطيع لذلك، بحيث لا يتسع الحديث إلا للتمثيل – لا للتحديد – عما قام بنشره.

أما الحديث عن ابني حمد القاضي فقد عرفت أبرز صفة فيه تلك التي أحاذرها، وأخشى أن تحول بيني وبين التعبير عما أراه مكملاً لما رغبت المشاركة به في هذه المناسبة الكريمة، إنها الصفة التي ليس من المبالغة وصفها بأن بها يتميز الإنسان على غيره، بما تضفيه عليه من الخلال الحميدة، ويكفيها شرفاً وفضلاُ أن سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – حث عليها. وعدها من الإيمان، لقد عرفته بما وصف به الشاعر متمم بن نويرة أخاه مالكا الذي خلد ذكره بمراثيه إذ يقول:

(فتى كان أحيا من فتاة حيية)

وإذن فسأوجز الحديث عنه، فلن أتحدث عنه: كيف نشأ وتلقى المرحلة الأولى من تعليمة في مدينة (عنيزة) التي تعد من أول المدن النجدية انفتاحاً على العالم الخارجي، وأقواها صلة به، ولا عن نيله الشهادة الجامعية من (كلية اللغة العربية) في (الرياض)، ولا عن اختياره لنيل شهادة التخصص في الأدب والنقد (الماجستير) لشاعر حجازي من أهل القرن الأول الهجري – يعد من أظرف الشعراء، وهو نصيب بن رباح، وهو من الموالي، ولم يعمد لدراسة شاعر من شعراء قبيلته (تميم) وما أكثرهم!! ولن أتحدث عما تولى من الأعمال العامة التي في مجال اختصاصه، ولا أعماله من مؤلفات ككتاب”الشيخ حسن آل الشيخ الإنسان الذي لم يرحل!!” و”أشرعة للوطن والثقافة” و”مرافئ على ضفاف الكلمة” و”الشاعر نصيب بن رباح: حياته وشعره”، وكلها تبرز كثيراً من ملامح مؤلفها الخلقية، وتعبر عن مقدرة متمكنة لمن تصدى له، ولن أتحدث عن إسهامه في أعداد برامج للتلفاز, ومشاركته فيه ببرنامجه المتميز (رحلة الكلمة)، ذلك البرنامج الذي يعد بحق من أنجح البرامج.

ولكنني سأحصر الحديث في جانب واحد عرفته عنه حق المعرفة، خلال مدة تتجاوز عشرين عاماً، وما هي بالقصيرة، لقد كنت أقرأً قبلها بعض كتاباته في الصحف، مما يعالج به بعض القضايا الاجتماعية, معالجة الطبيب الحاذق في فنه، المتمكن من عمله، بحيث يضفي السرور، إن لم يستأصل الداء، وأقف له في بعض ما ينشر على ومضات فكرية في الأدب يستشف منها عمق التفكير، وصدق الإحساس.

أما في مجال عمله الصحفي، فمن المدرك بداهة أن الصحافة في بلادنا في أول نشأتها، تسير كسير السفن الشراعية، في سيرها تمخر بحراً مضطرباً بالأمواج العاتية قبل اكتشاف البواخر – ولهذا فهي معرضة لكثير من الأخطار، فالصحفي – إذ ذاك – إن لم يكن كالربان الماهر، الخبير بمسالك ما يجتازه من البحر، متقياً الشعب والمسالك المعرضة للارتطام, ومحاذراُ شدة العواصف، ومتحرياً الأوقات الملائمة للسير، ومحققاً مع كل ذلك – رغبات ركاب السفينة، أوشك على الغرق، وما أكثر أولئك ((ولا ينبئك مثل خبير)).

وهكذا الصحفي – في تلك الأيام – إنه كالسائر في مفازة من الأرض, لا دليل يرشده، ولا صوى (علامات) يهتدي بها، فهي كصحراء أبي الطيب

        يتلون “الخريت” من خوف النوى

                فيــــها كــما تتــــلون الحــــربــــاء

فإذا كانت هذه حالة (الخريت)، الدليل العارف بالطرق، فما بالك بالحديث العهد في سلوك تلك المفازة؟!.

لقد كان موقف ابني وقد أمسك بدفة مجلة لها المكانة لدى الدولة، والمنزلة في نفوس مثقفي البلاد وغيرهم ما قل أن تساميها صحيفة أخرى في ذلك، فتمكن من العثار كأقدر الربابنة الذي يصرف السفينة بمهارة وحذق وحكمة، دون تعثر أو توقف، في مدة تزيد على عشرين عاماً (7) وما هي بالقصيرة بالنسبة للعمل الصحفي، لحداثة عهد هذه البلاد بالصحافة، التي مارس العمل فيها ممارسة استفادة وتجارب ناجحة خلال ما كان ينشر له من أبحاث منوعة.

إن أبرز صفة للصحفي المخلص في مهنته، الحريص على تحقيق الغاية المتوخاة منها تكمن في أمور: أهمها تقوية الصلة بينه وبين من يمد صحيفته بالمادة الملائمة للغاية التي تسعى الصحيفة لتحقيقها، ثم كسب رغبة أكثر القراء بتقديم ما يتطلعون إليه من قراءة هذه الصحيفة، مما يتلاءم مع نهجها، محاذراً ما استطاع الانحراف عما أنشئت لأجله، ومراعاة ما تجب مراعاته مما يخشى منه من تعثر أو خروج عن النهج المرسوم لسير تلك الصحيفة.

لقد كان الأستاذ القاضي طيلة تلك المدة – ولا يزال – مثال الصحفي المدرك لكل ذلك، ولغيره من متطلبات أعماله الأخرى.

ومن هنا فليس من المبالغة القول بأنه حقق من النجاح في عمله حيث أقدم للقيام به بإخلاص وصدق عزيمة، وتجرد من كل غاية لا تخدم المصلحة العامة، فحقق خلال تلك المدة ما لم يحققه غيره منذ صدورها في شهر شعبان من عام 1395هـ (آب 1975م) حيث وفر لها من الإمكانات في أول إنشائها ما هو معروف، إذ كانت تصدر في (بيروت) ويتولى الإشراف عليها، ورئاسة تحريرها طيلة ستة أعوام الدكتور منير العجلاني، من مشاهير مثقفي (دمشق).

تلك لمحات من جهود الأستاذ القاضي في المجال الصحفي, ولن أسترسل في الحديث عما أحرزه من نجاح في هذا المجال وغيره من المجالات الثقافية الأخرى، فبينكم من هو أعمق مني إدراكا وأوسع اطلاعا, وأقوى صلة به، ومنهم الشهم الوطني المفضال صاحب هذا المنتدى، الذي رآه جديراً بالاحتفاء والتكريم، الذي استبيح إفشاء سر من أسراره، إذ وصفه في كتاب الدعوة التي وجهها إليه لتكريمه: (لقد أطل علينا اسمكم علماً بارزاً، وشلال عطاء ينثر الرواء والألق الوردي على فضاءات المعرفة الإنسانية، فتنساب الكلمة الصادقة المؤمنة برسالتها، وترسو على شواطئ المتلقي نعيماً، وعبقاً تشكل في مجملها نسمة خلعت رداء الحرور، لترطب وجدان أمة أو غلت في طلب العلم، وجعلته يرقى لمستوى الفريضة والعبادة).

إنه – أمتعه الله بخير ما يسعد به إنسان في إنسان في هذه الحياة –بكلمته هذه التي ينطبق عليها المثال المشهور (قطعت جهيزة قول كل خطيب)، فاسمحوا لي أيها الإخوة – بكلمة موجزة ذات صلة أعمق وأخص بجانب آخر، حيث عايشت (أبا بدر)، وعرفته عن علم وتجربة في صلاته الخاصة بإخوانه.

لقد كان من صفاته (الوفاء) ولئن أوضح مؤلفه “الشيخ حسن آل الشيخ: الإنسان الذي لم يرحل” جانباً من هذا حيث تصدى فيه لإبراز الجانب الإنساني من حياته، وأمامه نواحي أخرى من حياة الشيخ كانت أقوى صلة به بمجتمعه، ولكن القاضي نظر – فيما اتجه للحديث عنه – نظرة من أدرك أن (الوفاء) أقوى أساس ترتكز عليه تصرفات الإنسان الأخرى, وبه تقاس أعماله، وبدونه تتضح غاياته، ومن هنا – ولأن صفة (الوفاء) بهذه النظرة الصائبة – من الأستاذ القاضي – مع ما سبقت الإشارة إليه من أن (الحياء) أبرز صفاته، يتضح أن (مفتاح شخصيته) هاتان الصفتان الكريمتان، فـ (الوفاء) هو التخلق بأنواع الفضائل، وبـ (الحياء) يتم الترفع عن جميع الرذائل، وبهما يستكمل المرء صفة الإنسانية الكاملة، ويحل أسمى منزلة في نفوس إخوانه، لصدقه، وعفة لسانه، ووفائه ومواساته، ونصحه، وتحببه إليهم حتى يصبح – كما قال الشاعر-:

        كأنك من كل النفوس مركب       

                   فأنت إلى كل الأنام حبــــيـب

أيها ألأحبةالأعزة ما أوسع مجال القول غي هذا المقام إلا أن المناسبة تستلزم الإيجاز فمعذرة وعفواَ أيها السادة إن كات ثمة تطويل ممل أو إيجاز مخل ختم الله لنا بخاتمة السعادة وتولانا بخير ما تولى به عباده الصالحين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”

    حمد الجاسر

الهوامش:

* بدأت الإثنينية في يوم الإثنين 22 محرم 1403 هـ وصدر المجلد الأول من سلسلة الإثنينية 1411هـ وأخر ما صدر منها هذا العام 1420هـ وهي تضم أوفى مرجع للمحتفى به من حيث مسيرة حياته وأثاره مما به تعد هذه السلسة من المراجع لتراجممن شملتهم رعايتهم بالإكرام من مثقفي البلاد وغيرهم وهم يزيدون عن 120 مكرماَ.

(1) المتنبي

(2) ابن دريد

(3) حديث نبوي رواه الطبراني أنظر كشف الخفا ومزيل الإلتباس ج1 ص 457

(4) كان رئيس تحريرها الشيخ يوسف ياسين وكان عاضاَ على لقب (رئيس التحرير) فأناب عنه الأستاذ رشدي ملحس ولما اختاجه للعمل معه في الرياض أسند رئاسة التحري للأستاذ محمد سعيد لكن يوسف لم يسمح –مدة حياته- يوضع اسم رئيس التحرير في الجريدة بحجة أنها جريدة الدولة الرسمية.

(5) بتاريخ 8 شوال 1351هـ العدد 425 السنة التاسعة.

(6) أنظر القصيدة في جمهرة أشعار العرب ج2 ص 747 تحقيق الدكتور محمد علي الهاشمي نشر  (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) 1401/1981.

(7) من ذي الحجة 1401 أنظر العدد السابع من السنة الخامسة من المجلة العربية.

***

الوفي الأستاذ حمد القاضي يستحق تكريم الأوفياء

منصور بن عبدالعزيز الخضيري

وكيل الرئيس العام لرعاية الشباب سابقاَ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

بادئ ذي بدء أود أن أتققدم بالشكر والتقدير لمركز الشيخ حمد الجاسر الثقافي ولمؤسسة الشيخ ومجلس أمنائها الموقر لما يبذل من جهود مباركة في خدمة الثقافة والتريخ في المملكة العربية السعودية ورحم الله صاحب هذا المركز والمؤسسة وجزاه الله عما قدمه لوطنه خير الجزاء، واخص بالشكر ابنه الأستاذ معن الذي يتابع بحرص بالغ واهتمام كبير كل ما يتعلق بنشاط المركز الحيوي. وما مبادرة المركز بإنشاء نشرة دورية إلا حلقة من سلسلة العطاء وتحقيق الأهداف ومبادرته في تكريم رموز هذا الوطن من المثقفين هي أيضا لفنة وفاء غير مستغربة فالتكريم سنة حميدة واختيار الأستاذ الأديب والمثقف والكاتب وعضو مجلس الشورى السابق حمد بن عبدالله القاضي للتكريم اختيار مستخق فهو من أبرز الأوفياء لأستاذه الشيخ حمد الجاسر وأيضا للمركز والمؤسسة وحديثي عن أخي أبي بدر هو حديث عن النفس فشهادتي فيه مجروحة فهو التوأم وهو الأخ وهو الزميل العزيز ورفيق الدرب الدراسي والإعلامي والأخوي. سعدت بمعرفة الأستاذ حمد منذ سنوات من خلال زمالتنا في كلية اللغة العربية بالرياض عندما كان شاباَ ذا قلب أبيض ومازال مفعماَ بحب وطنه ومجتمعه وهو شخصية اجتماعية محبوبة وودودة وأسأل الله أن يجعله من الذين إذا أحبهم الله حبب فيهم خلقه. رجل عف اللسان وفيُ مؤثر على نفسه. كريم الخصال متواضع قليل الغضب، وهو من الشخصيات القليلة في المملكة العربية السعودية التي جمعت بين الثقافة والأدب والعلم والصحافة وعضوية مجلس الشورى والتفاعل الإجتماعي والبعد الإنساتي هذا فضلاُ عن صفات شخصية مميزة حباه الله بها في مقدمتها غيرته الدينية وبره بوالديه (بناء المساجد لهما والصدقات عنهما) وحسن خلقه وتعامله وحب الخير والسعي إليه.

           من يفعل الخير لا يعدم جوازيه

                     لا يذهب العرف بين الله والناس

وذلك من خلال مشاركاته في العديد من الجمعيات الخيرية وإسهاماته الكبيرة في هذا المجال وشفاعاته في كثير من الحالات لذوي الحاجات وعلاقاته الواسعة التي تربطه في مختلف شرائح المجتمع.

ولأن الناس شهود الله في أرضه فسوف أنقل في هذه الكلمة وفي نقاط مركزة بعض مما قاله عنه بعض الوزراء وعدد من رؤساء الأندية الأدبية وعدد من المثقفين والكتاب، يقول معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر –رحمه الله- لا يعرف حمد إلا المثقفون لأنه منهم ولا يعرفه إلا الخيرون لأنه منهم، وقال عنه معالي الدكتور غازي القصيبي –رحمه الله- أن الأستاذ حمد لا يغمس قلماً في مداد ويكتب في ورقة إنه يغمس وردة في محبرة الحب .. ويكتب على شغاف القلوب ..، وفي كتاب سفير الأدباء حمد بن عبدالله القاضي السيرة والمسيرة الذي أصدره نادي جدة الأدبي بمناسبة تكريمه للأستاذ حمد قبل ما يقرب من عامين أورد الكتاب الذي يجمل عنواناً أزعم أنه أفضل لقب يسبحقه أ. حمد أورد كلمات ومشاعر لعدد من محبيه من المثقفين فقد قال أ.د. عبدالرحمن بن رجاء السلمي أن حمد مدرسة في أهلاقه وعلمه وفي عطائه ويكاد يجمع الأدباء على تميزه، ويقول عنه أ.د. عبدالله السلمي رئيس النادي الأدبي في جدة أن الكلمة الصادقة تتغذى من قكر الكاتب وتشرب من خياله وتؤثر في إخلاصه وتلك هي بصمة القاضي .. ويقول عنه د. زياد بن عبدالله الدريس مندوب المملكة الدائم في اليونسكو سابقاً أنه مثقف بلا خصوم وإنه يجيد الإحتلاف ويمقت الخلاف وإنه نجاوز قنطرة التخصص بين المثقفين إلى ما خوله أن يكون حمامة السلام في الوسط الثقافي والإعلامي.

ويقول د. عبدالله الحيدري أستاذ الأدب والنقد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أ، حمد شخصية فاعلة متجددة وحاضرة بقوة في المشهد الثقافي. ويقول عنه د. إبراهيم التركي مدير تحرير القسم الثقافي في صحيفة الجزيرة أن أبا بدر صديق صدوق ملء قلبه الحب ونبض جوارحه الطيب.  ويقول د. ظافر الشهري رئيس النادي الأدبي بالأحساء أن أ. حمد رجل متعدد الحقول المعرفية وهو شحصية مؤثرة. ويقول أ. حسن الزهراني  رئيس النادي الأدبي الثقافي بالباحة عندما يقابلك أ. حمد تشعر أنك أهم إنسان في الوجود بترحابه وعذوبة حديثه وتواضعه وكرمه. ويقول عنه أ. أحمد آل مريع رئيس نادي أبها الأدبي أن حمد ذو حضور استثنائي يألف ويؤلف ويقول الكاتب ةالإعلامي أ. خالد السليمان أ، حمد القاضي جسر بين زمنين وينتمي إلى عصر النقاء وحست الظن وفيض الحب، ويقول أ.د. فواز اللعبون أستاذ الأدب والنقد في جامعة الإمام أن أ. حمد إنسان يحب الجميع ولا يعاديه أحد ويظل اسمه علامة نقاء في عالم يضج بالصخب، ويقول عنه ابن عمه د. هشام القاضي الأستاذ يجامعة الملك سعود إن حمد يكتب للوطن كما يكتب لنفسه ولاهل بيته يغار على حقوق الوطن وقيادته ويحارب من أجل رفعة دينه وأمته ..

وختاماً:

هذا هو أخي حمد (من دون ألقاب) أهتئه بمحبة الناس وأهنئه بتكريم المركز. وفق الله الجميع إلى ما يحبع ويرضاه .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

***

محاسن الأخ الأستاذ حمد القاضي لا يسعها كتاب

أ.د. أسعد عبده

عرفته منذ سنوات ضمن من عرفه من نشاطه في الصحافة والإذاعة والتلفزيون ثم جمعتنا زمالة عمل في المجلة العربية عندما كان رئيس تحريرها كما زاملته في مجلس الشورى عندما كنا أعضاء في المجلسن عرفت من محاسنه الوفاء والدعم والتشجيع لكل عمل مفيد، ومساعدة من يحتاج إلى مساعدة ومما يعبر عن وفائه ما كتبه عن علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر ومعالي الشيخ حسن آل الشيخ ومعالي أستاذنا الدكتور عبدالعزيز الخزيطر (رحمهم الله).

أخيرا محاسن الأخ الأستاذ حمد القاضي لا يسعها كتاب .ً

***

حمد القاضي فارس الكلمة والخلق

د. فائز الحربي

حمد القاضي فارس الكلمة ومحبوب الجميع شخصية فريدة تميزت بالقبول لدى القرابة والزملاء والمعارف.

لن أتطرق إلى المناصب الوظيفية والإدارية والإستشارية التي تولاها بنجاح لأن المجال لا يتسع لذكرها .. لكني سأشير بإيجاز إلى الجانب الأخر من أخي أبي بدر.

عرفت أخي حمد القاضي منذ أن كنا طلاباً في معهد عميزة العلمي رغم أنه كان قد تخرج قبل إلتحاقنا، لكن شخصيتخ كانت حاضرة من خلال ذكره العطر، وزياراته الخاطفة للمعهد، إضافة إلى كتاباته المبكرة.

كنا نرى شاباً مهذباً خلوقاً لا تفارقه الإبتسامة الوقورة..

سبقنا إلى الرياض وإلتحق بكلية اللغة العربية وانقطعت عنا أخباره حتى بدأ يبرز ككاتب يرتقي في خطواته الأدبية الأولى على وسائل الإعلام ويشق طريقه بثبات إلى أن تسنم رئاسة تحرير بعض الصفحات الأدبية والثقافية ثم توج ذلك بتسنمه رئاسة تحرير المجلة العربية فرسم لها خطاً فريدا لا يجيده إلا هو تبوأت به المجلة مكاناً مرموقأ ليس على مستوى الوطن بل على مستوى العالم العربي .. في المجلة العربية برزت السمة القيادية والأدبية عند الأستاذ حمد القاضي فنال المحبة والإحترام لدى قطاع كبير من القراء والمثقفين في الداخل والخارج ليس بحسه الإداري وثقافته الأدبية فقط بل بابتسامته الصادقة وعفة لسانه وقلمه وتشجيغة للمبتدئين.

قليلون هم حملة القلم الذين يدخلون مجال الأدب ويسلمون من مناكفة أصحاب المهنة أو الدخول في خلافات أو اختلافات قد تتطور إلى منافسات شخصية أو تتحول إلى عداوات .. وإذا ذكرت هذه القلة النادرة فأول ما يتبادر إلى ذهني إثنان هما حمد القاضي وعبدالرحمن الشبيلي –رحمه الله- ..

أهنئ أستاذ الجيل وفارس الكلمة والخلق على ما حققه في مسيرته المباركة وأتمنى له مزيداً من التوفيق والحياة السعيدة.

***

حمد القاضي شراع الثقافة  

د. عبدالله العريني

قبل البدء تتراكم الصفات وتتداعى الكلمات حين ينبري القلم للكتابة عن حمد القاضي، الأستاذ والأديب له مع الكلمة رحلة عابرة لمسافات الوعي وعلى ضفاف مرافئها ترسي (السيرة والمسيرة).

رحل بذاته إلى راحة نفسه فأسر الجميع بايتسامة وأذهلهم بحكمته وعمق رؤيته. حديثه لا ينضب ومنطوقه لا يمل استنطق جوانب شتى من شخصيات متعددة واستلهم بها (وسوم الإنسانية) .. في (المجلة العربية) انطلق نحو (ثقافة) راسخة وأصبحت مادة ومائدة في عقول الأجيال.

وبين تأثير المجلة على (كل العرب) في (زمن مضى) وتصنيف حسابه (التويتري) ضمن أكثر عشرة حسابات ثقافة متابعة وتأثيراُ في (عام مضى) يكمن أثره (الورقي والرقمي) من قبل ومن بعد .. وفي (قية الشورى) كان لسان الشباب وعين الثقافة ونبض المجتمع وروح الإعلام وفي (مؤسسة الشيخ حمد الجاسرالثقافية) توقف (الوفاء) ليشكل محطة راكزة (وذكرى سانحة) للإعتزاز بنراث العلامة.. (الوطن/الثقافة/الإنسانية) ثلاثية متجانسة في شخصية أبي بدر. شكلت مادة ثرة لـ (القلم النزيه).. هو -بحق- شراع الوطن يدفع ثقافته نحو بحار من الإشهار.

وتمد (جسور) يدها لقارئها الكريم إحتفاءً ووفاءً بالأستاذ القدير حمد القاضي.

***

 حمد القاضي: المتعدد المواهب والقدرات  

أ.د. عبدالعزيز بن صالح الهلابي

للأستاذ حمد القاضي مساهماتقيمة ومتعددة في مجالات الثقافة والأدب والإعلام اتسمت جهوده على امتداد حقبة زمنية طويلة بالدأب والإخلاص إن كانت في كتابة المقالات أو تقديم البرامج الإذاعية والتلفزيونية الحوارية والثقافية وهو صاحب رسالة يؤمن بها ويضمنها في كل مساهماته.

ومن خصاله الوفاء للرواد الذين خدموا الوطن والثقافة في أعمالهم الإبداعية أو منتجاتهم الثقافية مثل الراحلين غازي القصيبي وعبدالعزيز الخويطر.

ويتمتع حمد بحيوية وتفاعل إيجابي فرغم كونه من جيل المخضرمين إلا أنه دخل ساحة الإعلام الرقمي وتفاعل معها. فالمشاركات الإيجابية التي يطلع عليها يشيد بها، والتي يكون فيها جفاء أو مجانبة للصواب يحاول تقويمها بكل تهذيب.

حمد وهبه الله محبة واحترام كل وثيق المعرفة به حمد الجاسر –رحمه الله- عندما منحته جائزة الملك فيصل العالمية الجائزة للغة والأدب عام 1996م كان العرف يقتضي بعد أن يستلم الفائز الجائزة من يد جلالة الملك أن يلقي كلمته.

حمد الجاسر بحكم تقدمه في السن رأي أن يسند إلقاء الكلمة إلى شخص يختاره. ومعروف أن الشيخ حمد –رحمه الله- من أكثر الناس أصدقاء وأحبة وطلاباً لكن من بين هؤلاء الكثيرين اختار حمد القاضي ليلقي كلمته نيابة عنه لأنه الأقرب إلى نفسه فهنئاً لك يا حمد.

أقامت وزارة الثقافة والإعلام حفل تكريم للأستاذ القاضي بمناسبة إنتهاء عمله رئيساً لتحرير المجلة العربية التي امتدت لسنين طويلة شرفت بأن كنت من ضمن المدعوين.

كان الكتحدث د.عبدالعزيز الخويطر رحمه الله ومعروف أنه كان يزن كلماته بميزان دقيق فأشاد بمناقب حمد المتعددة وإخلاصه لشرف الكلمة وتلا الخويطر زميل حمد وصديق عمره الأستاذ منصور الحضيري فأضاء على جوانب من شخصية حمد لم تكن معروفة لنا.

أسأل الله أن يمد في عمره وأن يمتعه بالصحة والسعادة.

***

 حمد القاضي.. الذي أحبه الناس والوطن  

د. عبدالله الوشمي

لحمد القاضي علاقة وثيقة بالوطن والثقافة والإنسان وهو الذي يمكن أن يوصف بأنه يقع في الجهات الأصلية والفرعية للوطن.

فهو الذي استطاع أن يمتد عبر مسارات وأجيال وأماكن وفضاءت متنوعة، حتى يمكنك أن تراه حاضراُ ومتألقاُ في عدة محافل ومشاهد، ويراه الجميع بأنه من الفاعلين في حقلهم.

ففي تنوع المسارات تجده ينتمي إلى التعليم والثقافة والإعلام وفي طيف الأماكن تراة متعدد الإرتباطات وعميق الإنتماء، فهو في ارتباطه بعنيزة يتجلى وفي حديثه عن مناطق المملكة يوشك أن يكون ابناُ أثيراً لهن جميعاُ، وتواصله العربي كبير ودائم.

وأما في تنوع الفضاءات فتعجب به وهو يتحدث ضمن حركة الصحافة، ويروق لك وهو يدافع عن اللغة العربية، ويدهشك وهو يهتم بتاريخنا الوطني، ويتدفق حين يتحدث عن ذكرياته الأثيرة مع كبار الفكر والثقافة والأدب، وتطرب نعه حين تمر انجازاته الإعلامية أمامك.

وهو في هذه كلها وطني خدم وطنه ولغته وقيمه في عدة مؤسسات ووزارات وكان حضوره فاعلاُ في المجلة العربية، ومجلس الشورى، ومركز الشيخ حمد الجاسر، ومركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز لخدمة اللغة العربية، ومازال ينشط محاضراُ زكاتباً محترفاً عن قضايا الهوية والوطن والثقافة والتنمية، ويضيف إلى ذلك كله ولعاً.

دائما يحب المتميزين، ومؤزارة المبدعين، والسعي في مصالح الأفراد والمؤسسات يقلب وينتمي إلى الجميع وينتمون إليه.

وقد تشرفت بالصلة به ومعه عبر أبواب متنوعة، فهو صديق عزيز لولدي رحمه الله وما أزال أتذكر زيارته إلى منزلنا في الصفراء ببريدة، وأناقته العالية وأدبه الجم، وحب الناس له، وهو واجهة إعلامية قيمة لي، نشرت عبر رئاسته للمجلة العربية عدة كتابات، وداعم كبير لأعمال نادي الرياض الأدبي حين تشرفت برئاسته، ومسانداً صلب لأعمال مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي حين كنت أميناً عاماً له، وكان أحد أعضاء مجلس أمنائه، كما سعدت بالسفر المشترك معه إلى عدة دول وعواصم ورأيت منه رهافة الحس ونبل الأخلاق، وسمو النفس، وطيب المعشر.

إن أبا بدر خرج من لحظته التاريخية ليكون جزءاً من البناء الإعلامي في بلادنا ولبتة مهمة في تاريخنا الثقافي عبر ما أشرت إليه من مكمونات وغيرها، وقد استطاع أن يؤسس ذلك كله بما وفقه الله إليه من الخلق الرفيع والوعي العميق والوطنية الصادقة ليكون مدرسة للأجيال بعده.

هي كلمات عجلى بحسب ظرف الوقت والمساحة عن ابن التاريخ ورجل الحاضر وصديق المستقبل.

حفظ الله أبا بدر، وزاده من كل خير.

***

 إلمامات عن حمد القاضي  

د. عائض الودادي

كتبت عن أ. حمد القاضي مرتين مرة في نادي جدة الأدبي عند اختياره شخصية مكرمة عام 1443هـ/2022م، وقبلها كتبت مقالاُ بعنوان “حمد القاضي والمجلة العربية” في صحيفة الجزيرة بتاريخ 20/7/1428هـ، 12:8/2007م عندما ترجل عندما ترجل عن رئاسة تحريرها، وعندما طلبت مني نشرة جسور المشاركة في الإحتفاء به رأيت أن أكتب هذه الإلمامات مما ورد في المقالين السابقين.

عرفت أ. حمد القاضي في وقت مبكر عندما كنا طالبين في كلية اللغة العربية جمعنا مبنى واحد ولم يجمعنا فصل دراسي واحد، فهو يسبقني بسنتين، وكان وقنها يكتب زاوينه جداول في صحيفة الجزيرة، وقل ذلك بين الطلاب إذ ذاك، ثم جمعتنا مرحلة الدراسة في الماجستير، ورحلة العمل في الإعلام، وفي القاعة الذهبية في مجلس الشورى، وفي مؤسسة حمد الجاسر الثقافية، وفي اجتماعات أو لجان أو ندوات ثقافية، وعرفته الإنسان المحب للخير، المشفق على المحتاج، الحريص على فعل الخير مما لا يظهره للناس كثيراً، البار بوالدتها التي حرم من حنانها في سنوات الطفولة المبكرة، ومن ذلك بناء مسجد صدقة عنها.

ورأيته باسماً، عف اللسان، يحرص على ألا يغضب أحداً، ودائم السعي في رضا الناس، ومن أفضل ما قيل عنه ما قاله د. عبدالعزيز الخويطر في كلمته في حفل تكريمه في إثنينية عبدالمقصود خوجة في جده حيث ورد فيها: لسان حمد عف، وقلمه نزيه، وطالما رأيته يزيل شائبة بين متجادلين لج بهما الحجاج، وطالما رأيته ينعم خشونة متقاذفين باسماً لا يريد أن يرى إلا الابتسامة(1).

وقد أفاض علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر في صفاته في كلمته في الاحتفاء بحمد القاضي في إثنينية عبدالمقصود خوجة، وأقتطف منها أن الوفاء والحياء أبرز صفاته، يتضح أن مفتاح شخصيته هاتان الصفتان الكريمتان، فالوفاء هو التخلق بأنواع الفضائل الكريمة، وبالحياء يتم الترفع عن الرذائل، وبالحياء يسنكمل المرء صفة الإنسانية الكاملة، ويحل أسمى منزلة في نفوس إخوانه، لصداقته، وعفة لسانه، ومواساته، ونصحه، وتحببه إليهم حتى يصبح كما فال الشاعر:  

كأنك من كل النفوس مركب

                     فأنت إلى كل الأنام حبــــيـب (*)

عني القاضي في كتاباته بالشأن العام وهموم المجتمع، وقد لا يكتفي بذلك بل يهاتف المسؤول أو يزوره ليشرخ له، سعياً لحل مشكلة المحتاج، وبرز في كتاباته الوفاء للراحلين، وقد جمع بعضها في كتابه “غاب تحت الثرى أحباء قلبي” ويأتي في عذا الإطار كتابه “قراءة في جوانب الراحل د. غازي القصيبي الإنسانية” وهو عضو في الهيئة الإستشارية لكرسي غازي القصيبي للدراسات الثقافية والتنموية، زمثل ذلك ما فعل في الوفاء للدكتور عبدالعزيز الخويطر باصدار كتابه  “عبدالعزيز الخويطر وسم على أديم النزاهة والوطن” وكتاب “حسن آل الشيخ الإنسان الذي لم يرحل”.

عشق اللغة العربية ودافع عنها بالبيان فيما كتب وباللسان في المؤتمرات والندوات واللقاءات في الإذاعة والتلفاز، وعشق الكلمة الجميلة ورسم بها مقالاته، لعل ما وصفه به د. غازي القصيبي قد أصاب عين الحقيقة في قوله “حمد القاضي لا يغمس قلماً في مداد ويكتب في ورقة إنه يغمس وردة في محبرة الحب .. ويكتب على شغاف القلوب لهذا تجيء كلماته رقيقة دوماً، ناعمة دوماً، كوردة مغموسة في محبرة الحب”(2).

كتب حمد القاضي مئات المقالات وأشرف على عدد من الملاحق الأدبية والثقافية ولم تصرفه المناصب العامة عن القراءة والثقافة، واشتهر بكتابة المقال الأدبي والثقافي، لكن ما فاق ذلك هو ارتباط اسمه بالمجلة العربية، وارتباط المجلة باسمه، بدأ فيها مديراً للتحرير ثم صار رئيس تحرير، ولعل الدكتور محمد عبده يماني اختصر ما فعله حمد القاضي في النهوض بها في قوله “انتشل المجلة العربية من الأبراج العادية فأنزلها إلى مستوى التاس، وجعلها في متناول الناس، وأقبل الناس عليها يقرأونها ويكتبون فيها ويتناولونها”(3).

مهر حمد القاضي في تنوع موضوعاتها الثقافية وتيسير صياغة المواد العلمية لتكون في مستوى الجمهور العام، وأنزلها من البرج العاجي كما قال الدكتور يماني، ثم فتح مجال الكتابة للمثقفين من الداخل والخارج واحتفى برسائل القراء، ولذا كان القراء –داخلياً وخارجياً- يتطلعون كل شهر لصدورها، وأضاف لها إصدارت مرافق لكل عدد محصور في الموضوعات الثقافية، قال لي مثقف آنذاك أن المجلة العربية لا تنشر بحوثاً ودراسات، فقلت له، المجلات نوعان مجلات بحوث وهذه موجهة للباحثين والأكاديمين، وجلات تثقيف وهي تعني بتيسير العلوم للقارئ العام لتثقيفه، والمجلة العربية تدخل في هذا الحقل فاقتنع بما قلته.

ومما عني به في المجلة الذكريات والمذكرات للمثقفين، وهم يروون سيرهم مثل التباريح لأبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري، ورحلة الألم والأمل لأحمد بن علي المبارك، ونفحات من الماضي والعبق للدكتور يوسف عز الدين، ومذكرات صحافي ناقص الذاكرة لعلةي طه الصافي وغيرهم.

وأهم تلك السير سيرة علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر التي نشرت في المجلة تحت عنوان: “من سوانح الذكريات” خلال المدة من رجب 1406هـ (الموافق مارس 1986م) إلى رجب 1417هـ (الموافق اكتوبر ونوفمبر 1996م) وقد جمعت ونشرت بعد وفاته في مجلدين نشرا عن مركز حمد الجاسر، وهي ذكريات حوت تاريخاً لا يوجد في مصادر أخرى لآنها رواية شاهد عيان ولو لم يكتبه حمد الجاسر لضاع، وقد صاغها بأسلوب أدبي فهي تاريخ مؤدب وأدب مؤرخ، ويعو الفضل حمد الى حمد القاضي الذي أقنع حمد الجاسر بكتابة وتحمل ما تحمل من معاناة نشرها، ولآنه كان أثيراً عند الشيخ حمد الجاسر مازال يلح عليه حتى أقنعه  بكتابتها في حلقات وضم إليها فيما بعد ما لم ينشر في المجلة وهو ليس بالكثير وقد أشار حمد الجاسر إلى أن هذه الذكريات ستكون أوفى تفصيلاً لو أنه بدأ تسجيلها في وقت كانت الذاكر فيها أقوى مما عليه الآن ولكن ما استدركه حمد القاضي فيه خير كثير.

عندما بارح حمد القاضي رئاسة تحرير المجلة العربية، بعد 27 عاماً، رافقه حزن وتأبين واستعبر العبارة التالية من مقال طويل للأستاذ عبدالعزيز بن عبدالله السالم التي أوجزت ذلك في قوله: “لم يسبق أن احتشدت الأقلام وسالت الأحبار بمداد الكلمات كلها تحمل الأسى لفراق المجلة العربية لربانها البارع وقائد دفتها المتألق،كما احتشدت في وداع رئيس تحرير هذه المجلة(4).

هذه إلمامات عن حمد القاضي: الإنسان، الأديب، الكاتب، الإعلامي، المثقف، ذي الحياء والوفاء، حسب ما اتسع.

الهوامش:

(1) في حفل تكريمه في الإثنينية في 18/11/1420هـ، 14/2/2000م كتاب (الإثنينية) ج17 الجلد الثاني، ط1. 1421هـ/2000م –ص685.

(2) الموقع الشخصي لحمد القاضي

(3) من كلمته في حفل تكريمه في إثنينية عبدالمقصود خوجة في جدة، كتاب (الإثنينية) ج17، ص674.

(4) صحيفة الجزيرة 9/8/1429هـ. وقد أقام ملتقى الورتق خفل تكريم لحمد القاضي زأصدر كتاباً بعنوان “فارس الثقافة والأخلاق في 224 صفحة ز احتزى على كثير منها . ط1، 1428هـ/ 2008م، والعبارة المذكورة ص29 منه.

* في حفل تكريمه في الإثنينية  (سابق) ص680

***

 حمد القاضي..رموز المسار، وكنوز السيرة..  

د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

في سيرة الأستاذ حمد القاضي رموز مكانية وزمانية وإنسانية مهمة تستدعيها قراءة شخصه ونصه بما يعنيه ارتقاؤه الساحة الثقافية جديراً بمكانه وإنتقاؤه لهذا الملتقى حقيقاً بمكانته والحديث عن رموز الرمز شبيه بقراءة نص يطرب إيقاعه، وارتياد مساحة يزين إيقاعها، وفي هذه الورقة الموجزة تفاعل بين رموز المسار وكنوز السيرة.

نشأ في بيئة صغيرة اكتمل فيها جمال الريف وحيوية المدينة مؤطرة بثلاثة أبعاد جغرافيةحملت تنوع التركيب وتكامل الترتيب، وهي أبعاد حددها جده كبير شعراء نجد في زمنه الشاعر محمد بن عبدالله القاضي 1224هـ – 1285هـ في بيته المتداول المتناول من قصيدة طويلها مطلعها نداء للسحابة كي تقصد مدينه:

لــعـــلّ بـــــرّاقٍ صــــــدوقٍ خــيــالــه

مــحــنٍّ مــــرِنٍّ مـرجـحــنٍّ وهــطّـــال

حـيـن ارتـكـب كـنّـه شـوامـخ جـبـالـه

متـرادفٍ ذيلـه يـجـي سيـلـه ارســال

وهنا يحدد موقع ديرته الذي ما يزال كما رسمه:

يسـقـي مفـالـي ديــرةٍ ضـــمّ جـالــه

ما يعـجـب الـنـاظـر بـشـوفـه ويـهـتـال

دارٍ لـنــا وادي الـرمَــه هـــو شـمـالـه

غربـيّـه الـضـاحـي وشـرقـيّـه الـجــال

 ولد ونشأ القاضي حيث الأبعاد الثلاثة، الجبل الوفود غرباً ووادي الرمة شمالاً، وماتزال هذه شاخصة لتجعل بيت القاضي الشعري ومعان صبا حفيده مرتيماً بهذه الصور الجغرافية المتنوعة في مدينة تسكن وسط هذه المعالم ولم تزد مساحتها في وقت الجد وأول نشأة الحفيد على كيلومتر مربع واحد، وتحيدا حتى تأسيس البلدية عام ١٣٨٢، والرقم مبني على معلومات مستقاة من الخرائط الجوية التي رصدتها أجهزة المساحة العسكرية آنذاك ولكنها تضاعفت بعد ذلك حتى بلغت عام ١٤٤٠ مئة كيليومتر مربع وفق إفاد مسؤل من بلديتها قبل أيام.

لا شك أن لهذه الواحة الممتدة في عمق الصحراء وتكوينها – الجبلي-الرملي-المائي أثراً في تعزيز موهبته القرائية والكتابية وتوجيهها ليتفق شخصه ونصه في ملامح إنسان مرهف الحس نقي القلب وأديب.  رومانسي حالم بغد، الحب لا الحرب، بالوئام لا الخصام، مع أن نموه المعرفي قد تزامن مع آثار الهزيمة المدوية في حزيران ١٩٦٧م .

وتبدل قضايا المثقفين والمبدعين حتى تحول نزار قباني من شاعر (الحب والحنين) إلى شعر يكتب بالسكين، فإن القاضي قد اختط الإطار الرومانسي الشجي في جداوله. وحروفه المنتحرة وتلك التي لم تنتحر، وهو قد اشبه هنا بتجربة الشاعر فاروق شوشة ١٩٣٦- ٢٠١٦م الذي ابتدأبرنامجه الذائع (لغتنا الجميلة) بعد ثلاثة أشهر من الهزيمة ليمنح خيط ضوء وسط الإعتام.

توازن القاضي في تعليمه وعمله فوجه دراسته نحو هوايته الأدبية واللغوية، واكمل مساره، العالي والأعلى، في جامعتي الإمام والأزهر. لكنه في مساره العملي انطلق نح تأسيس حياة هادئة طموحة، فقضى شطرها الأول في التخطيط والتطوير والعلاقات العامة بوزارة العمل، وشطرها الأوسط في التعليم العالي والإنتاج الثقافي، وسطها الأخير في العمل الشوري، ولم ينأ عن الطرس والزاج فواصل الكتابة كما ابتدأها وما يزال وأضاف اليها الحضور الإعلامي المرئي، وبقيت الكلمة زاده وزناده.

كنا طلبة منتسبين إلى المركز الصيفي ذي الخمسين يوماً، وعلى وشك اختتام الأنشطة المقررة، وقد أعد صاحبكم مادة منوعة للعدد الختامي من مجلة المركز، وفيها مقالات ومقولات من مصادر تراثية ابتدت بالآية الكريمة:

“ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين”

وثناها بجزء من قصيدة المتنبي:

صَحِبَ الناسُ قَبلَنا ذا الزَمانا

وَعَناهُم مِن شَأنِهِ ما عَنانا

وَتَوَلَّوا بِغُصَّةٍ كُلُّهُم مِنـ

ـهُ وَإِن سَرَّ بَعضُهُم أَحيانا

ولا يذكر ما بعدها، ولا عنوانها فوجدنا قد عنونت:

“من الخمائل” وقيل له حينها:إن مواد العدد عرضت على الأستاذ حمد القاضي الذي جاء إلى عنيزة في زيارة سريعة اقتطع منها وقتاً للمركز  ووضع بصماته على الإصدار الطلابي الواعد.

وما يزال يستعيد كتاب (قضايا الشعر المعاصر) لنازك الملائكة الذي وجده في مكتبة الوالد -رحمه الله- وعليه اسم الأستاذ حمد لعله استعاره منه، مع إن الوالد لم يدرس ابا بدر في المعهد إلا أن بينهم صلة جميلة عززتها صداقة جمعت الوالد بشقيق القاضي الذي يكبره وهو الأستاذ سليمان -رحمهما الله- وقد تخرجا في كلية اللغة العربية ضمن دفعتها الثامنة عام 84/1385هـ ، وتقاسما (الوالد وسليمان) سكناً واحداً قرب مصلى العيد بشارع الوزير بالرياض كما كان يسمى.

درس أبو بدر في معهد عنيزة العلمي وتتلمذ على كبار الكبار ، ويكفي أن كان من شيوخه الشيخ محمد بن صالح العثيمين العالم المعروف، والشيخ علي بن محمد الزامل المعروف بامتلاكه ناصية النحو العربي وحفظه ألفية بن مالك وشرحه لها في كتاب مطبوع. عدا تمكنه من علوم الشريعة الأخرى. وكذا المشايخ: عبدالعزيز العلي المساعد في الفقه والشيخ عبدالله بن حسن البريكان في العروض، والشيخ حمد بن محمد البسام في الفرائض والخط، وغيره .

وارتاد حلقات المساجد ومن ابرزها حلقة الشيخ محمد بن عثمان القاضي في حفظ القرآن والتجويد وساند ذلك الجو الثقافي العام في مدينته حيث مجالس المنازل والمزارع وأمسيات الضاحي والوادي والجال التي تجمع الاصدقاء والأساتذة أصيل كل يوم ومغربه.

تآزرت هذه العوامل في تكوين أبي بدر الثقافي، الاجتماعي، الإنساني، حتى اذا أتيح له موقع صحفي ضمن أوائل من رأسوا القسم الثقافي في صحيفة الجزيرة تالياً الأساتذة: محمد السرحي، عبدالله نور، علي العمير، سعد الحميدين، أحمد البدلي، سعى الأستاذ حمد إلى تكوين صفحات الأدب والثقافة مشرعة لشداة الكلمة وأساتذتها وحين رأس تحرير المجلة العربية صارت مجلة الجميع وبدت مقروءة ومقبولة لأكثر التوجهات وميزها استضافت الكبار من ذوي الذكريات، وامداد النشء بالخبرات، وجمع الإبداع والإمتاع، ونأى بها القاضي عن الرسمية والترسم، ولم تجيء استنساخاً لمجلات ثقافية متزامنة كالمنهل والعرب والعربي، ولم تغن واحدة عن الأخرى؛ فالتقى التميز والشمولية.

في رموز حياة القاضي موقف أهم وهو رحيل والدته المبكر -رحمها الله- إذ ما فتئ يذكرها ويذكر بها، ولا شك أن مثل هذا الفقد بأحزانه وأشجانه قد ولد قلباً مرهفاً ونفسا رضية وروحاً تألم للآخرين وتعايش معاناتهم، وقد عرف القاضي بإثاره وتفقده أحوا ل الآخرين ومد جسوراً مع المسؤولين الميسورين  كي يرفأ جرحاً، ويمسح دمعا، ويوأسي مكلوماً وحزينا وذا حاجة.

ولعل من الكنوز التيتحملها جوانحه وفاؤه للجميع ومع الجميع، وكتبه الوفائية ومحاضراته عن الشيخ حسن ال الشيخ والشيخ حمد الجاسر  ود. عبدالعزيز الخويطر ود. غازي القصيبي مشهودة ومما لا يعرفه الأكثرون أننا قد كونا -خارج مدارات الإعلام- مجموعة لأوفياء الكلمة عرابها أبوبدر، وكرمنا فيها الأستاذ عبدالله الناصر والشيخ أبا عبدالرحمن بن عقيل، والدكتور خالد العنقري، وغيرهم، وتوقفت مؤقتاً بسبب الجائحة الكوفيدية، وبتقديرنا أن المجموعة ستعود بعون الله.

امتد وفاؤه إلى قهوة جده محمد العبدالله القاضي؛ فقد حرص على تخليد قصيدته الذائعة عن القهوة، وأولها:

يا من ل.. قلب.. كلما التم الإشفاق

من عام الأول.. به دواكيك.. وخفوق

فصنع قهوة وفق مواصفات النص اسمها “قهوة القاضي”

اهداء لضيوفه:

الى عن له تذكار الأحباب واشتاق

باله وطف لخاطره طاري الشوق

قربت له من غاية البن ما لاق

بالكف صافيها عن العذف منسوق

احمس ثلاثٍ يا نديمي على ساق

ريحه على جمر الغضا يفضح السوق

وبقية الوصفة لدى الشاعر الجد والأديب الحفيد.

من كنوز ذاته المضيئة تواضعه، واذكر أنني دعوته وبعض رموز الثقافة إلى عشاء شبه رسمي في قاعة سكن معهد الإدارة وحضر هو والأستاذ الراحل راشد الحمدان فرفض مسؤول الأمن عند بوابة السكن إدخالهما حيث لم يعرفهما، وذهبت لاستجلاء الأمر فوجدتهما قد حضرا بسيارة ونيت منتهية الصلاحية ملأوا بأثار البرسيم والحبحب والتمور وهي خاصة بمزرعة الحمدان -رحمه الله- والمدعوين كما لم نتوقع.

الخاتمة:

استطاع حمد القاضي أن يكسب الوسط الثقافي كله حتى لا يكاد يعدم الذام، بالرغم من عسر هذا الوسط وصعوبة إرضائه وندرة المنتمين إلى أجوائه الاجتماعية، وهذه من أفضال الله عليه أولاً وأخراً، وهي نتاج أسلوبه المهذب في التعامل والتفاعل ويجزم عارفوه انه لم يبت ليلة من غير أن يتواصل مع عدد من أساتذته ومحبيه يكمل بقيتهم في ايام تالية، كما لا يمكث وقتاً من غير أن يدعوهم إلى منزله. وكذا عرفنا حمد بن عبدالله بن سليمان القاضي؛ اذا كتب فهو الحفي، وإذا خطب فهو الوفي، وان ألف طروساً فقد قدم دروساً ألف بها القلوب مثل العقول ورسم الوسوم فوق الجسوم، وأذكي فيهاالأذواق والأفهام.

وبعد يا أبا بدر:

انهي ورقتي ببيتي المتنبي الذي يجمعنا حبه:

إِنَّما التَهنِئاتُ لِلأَكفاءِ

وَلِمَن يَدَّني مِنَ البُعَداءِ

وَأَنا مِنكَ لا يُهَنِّئُ عُضوٌ

بِالمَسَرّاتِ سائِرَ الأَعضاءِ

***

 الأستاذ حمد القاضي..الأديب الألمعي والحبيب المحب  

د. احمد الزيلعي

في مبتدأ معرفتي بالأديب والكاتب الأستاذ حمد بن عبدالله القاضي لم تكن معرفة عن قرب وإنما عرفته من خلال كتاباته وتأليفه برنامجه التلفزيوني الرائع “رحلة الكلمة” ذلك البرنامج الناجح بامتياز الذي استضاف فيه الأستاذ حمد القاضي علية القوم من مسؤولين كبار، وأدباء وكتاب وشعراء ومربين وتجار، ومن مختلف فئات المجتمع، وجذب قطاعاً عريضاً من المشاهدين الذين كانوا يتسمرون أمام الشاشة الفضية في القناة السعودية الأولى للاستماع إلى جودة الحوار الهادئ الذي يجريه الأستاذ حمد القاضي مع ضيوفه وكيف كان يحترمهم ويحترم عقولهم، وأفكارهم وأراءهم كل ذلك مع تواضع جم، وابتسامة لطيفة، وبشاشة لا تفارق محياه الطلق، وليس كما يفعل مقدمي البرامج الحوارية الذين لا يخفون تعاليهم على ضيوفهم، وتعمد إحراجهم، ومحاولة جرهم إلى أفكار ومتاهات تستهوي المحاورين أنفسم وليس الضيوف أو متابعيهم.

وحينما عرفت الأستاذ حمد القاضي عن قرب. عرفت فيه الصديق الصدوق المحب الحبيب المطاوع القريب إلى كل القلوب، وتلك ميزة لمستها فيه بنفسيوسمعتها من كل من يعرف أبي بدر من زملائه وأصدقائه ومحبيه، وإذا أحبك الله حبب فيك خلقه.

أحفظ لأخي حمد القاضي أنه حينما اعتزمت لجنة المشورة الثقافية في المهرجان الوطني للتراث والثقافة تكريم معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر -رحمه الله- وكان عضوا في تلك اللجنة هاتفني مشكوراً، وأخبرني أنه وقع علي الإختيار للحديث عن معالي الدكتور عبدالعزيز بوصفه مؤرخاً ومحققاً للتراث ووافني مشكوراً بجميع مؤلفاته بما فيها مذكراته التي كانت حينذاك تتجاو سبعة عشر مجلداً لاستخدامها مرجعاً ومصدراً سأكتب عن معاليه رحمه الله وكان ذلك على سبيل الإهداء، ولا تزال تلك المجلدات تزدان به أرفف مكتبتي حتى الأن.

أما حينما عينت في مجلس الشورى فكان أخي حمد القاضي هو الذي سبقني في عضوية المجلس بدورتين، من أكثر الناس فرحاً بتعيني ومن أكثرهم أحتفاءً بي وكنت على مدى أربع سنوات زميلاً له في المجلس ما علقت أو داخلت على موضوع من الموضوعات المعروضة للنقاش أو ألقيت كلمة في الشأن العام إلا ويرسل لي أخي أبو بدر قصاصة تحمل الشيء الكثير من عبارات التشجيع والثناء على ما قلت، مما كان له الأثر الطيب على نفسي وعلى أدائي في المجلي الذي كان أحد نجومه اللامعة وكان لا يكاد يمر أسبوعإً إلا ويعمم على جميع الزملاء بقائمة فيها بعض التصويبات اللغوية لآخطاء شائعة. أو عبارات، ومصطلحات لغوية جديرة بالإستخدامومواطن استخدامها سواء في المجلس أم في خارجه، فاستفاد منه كثيرون، واستمرت علاقتي مع أبي بدر، وهي علاقة محبة وصداقة طوال السنين حتى كتابة هذه الأسطر، وفيها الشيء الكثير مما يجدر ذكره في هذه المناسبة إلا أنني وبروح الباحث سوف أتوقف هنا مؤثراً إيرات شهادات أناس أخرين في أبي بدر هو يحبهم وهو يحبونه، ومعظمهم أصبح تحت التراب، ويحسن بي أن أقتطف القليل والقليل مما قالوا فيه وعنه، ذلك أن الأستاذ حمد بن عبدالله القاضي كرم في إثنينية عبدالمقصود خوجة مساء يوم الإثنين18/11/1420هـ ــ 14/2/2000م وكانت أمسية جمبلة حضرها جمع غفير منهم الوزراء والمربون والكتاب والشعراء والأدباء، وكلهم أجمعوا على ما يتمع به أبو بدر من حسن الخلق، وأدب النفس فضلاً عن أدب الدرس وإليكم نتفاً من شهادتهم التي هي عند شهادة حق وصدق لن تخفى عن القارئ الكريم كونها نابعة من محبتهم له واعجابهم به، وبحسن خلقه، وبنجاحاته أديباً وكاتباً وإعلامياً ومحاوراً لبقاً في برنامجه الشيق “رحلة الكلمة”.

وأول هؤلاء الشهود الذين أحسبهم عدولاً هو صاحب الإثنينية عبدالمقصود خوجة –رحمه الله- الذي قدمه بقوله: إن احتفاءنا بضيفنا الكريم إنما يرتكز على عدة مقومات ساهمت في تكوين شخصيته وبلورت نشاطه الفكري والثقافي والاجتماعي لتجعل منه الإنسان المتفرد والمتميز الذي نعرفه ونسعد بالتعامل معه، ولا يختلف اثنان في أن الخلق الفاضل يأتي على قمة هذه المقومات، ذلك أن فارس حفلنا الليلة يمتاز بخلق يذكر بالأنموذج الكريم الذ حضنا عليه ديننا الحنيف للمسلم الصالح، إذ لم نره قط غاضباً أو مشاحناً أو متبرماً من أي أمر.

ويقول عنه معالي الدكتر محمد عبده يماني –رحمه الله- “سعادة اليوم كسعادة الإخوة جميعا أن نكرم هذا الأديب الذي يتميز في رأيي بالتواضع، والقدرة على العمل في أسرة، هذا الرجل إذا لم يكن له من فضل إلا أنه انتشل المجلة العربية من الأبراج العاجية فأنزلها إلى مستوى الناس، وجعلها في متناول أيديهم، وأقبل الناس عليها يقرأونها ويكتبون فيها ويتناولونها”.

ويفول عنه الشيخ حمد الجاسر –رحمه الله- “أما الحديث عن ابني حمد القاضي فقد عرفت أبرز صفة فيه تلك التي أحاذرها، وأخشى أن تحول بيني وبين التعبير عما أراه مكملاً لما رغبت المشاركة به في هذه المناسبة الكريمة، إنها الصفة التي ليس من المبالغة وصفها بأن بها يتميز الإنسان على غيره، بما تضفيه عليه من الخلال الحميدة، ويكفيها شرفاً وفضلاُ أن سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – حث عليها. وعدها من الإيمان، لقد عرفته بما وصف به الشاعر متمم بن نويرة أخاه مالكا الذي خلد ذكره بمراثيه إذ يقول:

(فتى كان أحيا من فتاة حيية) والحياء من الإيمان كما الحديث الصحيح”.

ويقول عنه المربي الفاضل الشيخ عثمان بن ناصر الصالح –رحمه الله- “أنه الأديب اللألمعي حمد العبدالله القاضي الذي لم يأت إلى الصحافة إلا عن دراسة فعلية ومعاناة فكرية وتجارب خبيرية عرفت قلمه قبل وبعد، فكان الصواب حليفه، والتوفيق أليفه، ثم كان ممن جاب الأفاق وقطع الأرض إلى مدن الدنيا أديباً بليغاً، وعارفاً أريباً، ومفكراً صادقاً”.

تَراهُ إِذا ما جئتهُ مُتَهَلِّلاً

كَأَنَّكَ مُعطيهِ الَّذي أَنتَ سائِلُه

وَلَو لَم يَكُن في كَفِّهِ غَيرُ نَفسِهُ

لَجادَ بِها فَليَتَّقِ اللَّهَ سائِلُه

يقول عنه معالي الوزير الدكتور عبدالعزيز الخويطر –رحمه الله- ” لسان حمد عف، وقلمه نزيه، وطالما رأيته يزيل شائبة بين متجادلين، لجَّ بهما الحِجاج، وطالما رأيته يُنَعِّم خشونة متقاذفين، بَاسِمٌ لا يريد ان يرى إلا الابتسامة، لأنها بضاعته الرائجة، وسلعته الرابحة. حمد القاضي لم يأته الخلق الحميد من العدم، لا، انها سجايا (حمد القاضي) بهجة المجتمع الذي هم فيه، وسعادة القوم الذين يكونون بينهم، ونور النادي الذي يجمعهم، أهل سؤود وشرف، ونبل، وعراقة. زادهم الله، وزاده، من نعمه”.

يقول عنه معالي الوزير الدكتور منصور بن عبدالعزيز الخضيري وكيل وزارة الإعلام في زمانه”ليسمح لي أخي الكريم حمد، أن أشير إلى ما تجده قضايا حوائج الناس المحتاجين، ممن ينشدون شفاعته الحسنة، من اهتمامه الشخصي، وتبني ما يستطيع تبنيه من المتابعة والكلمة الطيبة، مسترشداً بالهدي النبوي الشريف حيث كان المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه فقال: “اشفعوا تؤجرواويقضي الله على لسان نبيه ما أحب” متفق عليه.

ويقول عنه زميل مهنته الأستاذ عبدالله الجفري –رحمه الله- “وإذن فإن مرتكز (حمد القاضي/ أبو بدر) الشخصي والإنساني يقوم على المحبة للناس، ومن تنهض شخصيته على هذه الركيزة المميزة، فلابد أن يستقطب محبة الناس له، وضيفنا ليس غريباً على مشاعر هذه المحبة، فهو إنسان يجرد كلماته حساماً في الدفاع عن الحق والحقيقة وسيفاً يذود عن العدلوالإنصاف”.

و يقول عنه الأستاذ عبدالله الفايز وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة المكلف “ولا غروإذا بلغت المجلة العربية بهذا المنهج ذلك القدر الواسع من الإنتشار وتبوأت مكانة عالية بين الدوريات العربية، وصارت مجمعاً ثقافياً للفكر العربي والإسلامي، ونافذة على الثقافة العالمية الصحيحة، ولا شك أن هذا المنهج الذي أصله الأستاذ حمد القاضي في كتاباته بعامة، وفي المجلة العربية يحمل صورة من نفسه، ومن خلقه الكريم، وعطائه النقي”.

و يقول عنه معالي الشاعر الدكتور إبراهيم العواجي وكيل وزارة الداخلية في زمانه “عرفت حمد من خلال الكلمة الطيبة والعبارة المجنحة والروح المتفائلة التي تلوت حروفه، فما سمعته إلا حامداً شاكراَ لآنه يرى الدنيا من خلال نفسه المسكونة بالحب والأمل، لا تغريه الزوايا الأخرى، تلك الموغلة في التشاؤم، المشغولة بإلتقاط لحظات الكسوف النادرة، لآنه يرى إشراق الشمس وعندما يخين موعد الغروب يترقب طلوع القمر”.

و يقول عنه اللواء عبالقادر كمال “وفارس الليلة الصديق الصدوق الأستاذ حمد بن عبدالله القاضي عاشق من عشاق الكلمة، وفارس من فرسان المعرفة، مغرم بالعلم ومولع بالثقافة، حفي بالأدب وأهله، أخذت بمجامع قلب الكلمة المجنحة، واحتصنته جوامع الكلم، فحلق وأبدع، وسار وانتجع، يقطف من الأزاهيرالشذي، ومن الورود العبير، ومن النور عطره الفواح، ويتفكه بثما الأدب وما وسعه أن يتفكه، فارس احترم الكلمة فاحترمه الناس وقدروه، لآنه صاحب قدر واقتدار، ونسي وفخار”.

ويقول الأستاذ الأديب والمؤرخ عبدالله بت حمد الحقيل –رحمه الله- “هو كاتب ذو أسلوب واقعي وجذاب، ولك سررت وأنا أستمع إلى الجوانب الثرية والغنية في شخصية الصديق حمد القاضي، فخذا العطاء المتذفق لا شك أنه جهد يشكر عليه، وإذا راجع القارئ صحفنا المحلية، وأعداداً من المجلة العربية فإنه سيجد فيضاً زاخراً من كلماته الفياضة يكتبها بأسلوب مفعم بالكياسة، وحسن العرض، وجمال الأداء”.

ويقول عنه الأستاذ الأديب الكاتب خالد السليمان “كنت أعتقد أن الإنسان الكامل النبيل هو كالمدينة الفاضلة التي لا نقرأ عنهاإلا في الكتب، ولكنني حين أنظر إلى هذا الأستاذ، وكيف ينظر إليه الأخرون فإنني أظنني قد وجدت ضالتي، فهو بالفعل أستاذ نبيل، وشخص كريم، تطغى الإنسانية على كل جوانب حياته، وكثيراً ما يضحي بكثير مما يعتقد به في راحته، من أجل أن يقضي حوائج الأخرين، ويصلح بين المختلفين”.

ونختم بقو الكاتب والأديب الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين –رحمه الله- “في يوم الحب أخي الأعز أديب النفس، لأنه المقياس عندي قبل أدب الدرس، ذلك أن أدب الدرس إذا خلا من أدب النفس فقد الكثير من مزاياه، لأنه فقد أهم خصائصه، وهو الخلق الفاضل الذي يعتد به قبلغيره، وأنت يا أخي حمد القاضي ذو خلق فاضل كريم، ولذك كثر محبوك لتلك المزايا في الوجه البشوش، والمقابلة والترحاب الثري والوفاء، وتلكم الخصال الحميدة من مزاياك، هي التي حببتك إلى الناس قبل غيرها من مزياك التي يعتد بها”.

وهكذ نلحظ أن كل من تحدث عن الأستاذ حمد القاضي من أولئك الكبار أصحاب القامات والمقامات الرفيعة أثنى على كرمه، وجوده، وحسن خلقه، ومحبته للناس، ومحبة الناس له، وهم محقون فيما قالوا، فهو لا يلقاك إلا باشاً ومبتسماً، ولا تسأله حاجة إلا تجده مجيباً عن طيب نفس، وانشراح صدر، وسماحة خاطر.

تَراهُ إِذا ما جئتهُ مُتَهَلِّلاً

كَأَنَّكَ مُعطيهِ الَّذي أَنتَ سائِلُه

وَلَو لَم يَكُن في كَفِّهِ غَيرُ نَفسِهُ

لَجادَ بِها فَليَتَّقِ اللَّهَ سائِلُه

***

 حمد القاضي: أيقونة حب

أ.د. عبدالله بن عبدالرحمن الحيدري

أستاذ الأدب والنقد بجامعة الإمام محمد بن سعود

ينتمي الأديب الأستاذ حمد بن عبدالله بن سليمان القاضي إلى واحدة من أعرق القبائل في الجزيرة العربية، وهي قبيلة بني تميم التي أنجبت العديد من الحكماء والفصحاء والشعراء، وما الأخنف بن قيس وأكثم بن صيفي وجرير والفرزدق عنا ببعيد.

ومن أجداده القريبين الشاعر العامي محمد العبدالله القاضي (ت 1385هـ) الذي عرف بقصيدته التي يصف فيها تفاصيل صنع القهوة.

ولد حمد القاضي في محافظ عنيزة بمنطقة القصيم ودرس المراحل الأولة من التعليم فيها، كما إلتحق كلية اللغة العربية بالرياض التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميةومنها حصل على الشهادة الجامعية عام 192هـ/1972م ثم واصل دراسته العليا في مصر فحصل على الماجستير في الأدب والنقد من كلية اللغة العرببية بالأزهر عن رسالته “نصيب بن رباح: حياته وشعره” عام 1395هـ/1975م، بدأت خدمته الوظيفية عام 192هـ/1972م، وتدرج في الوظائف حتى عين مديراً للعلاقات العامة والإعلام، ثم انتقل إلى وزارة التعليم العالي ملحقاٌ ثقافياُ، عين عضو بمجلس الشورى عام 1422هـ/2001م، ثم جددت عضويته في عام 1426هـ/2005م، وعام 1430هـ/2009م، وانتهى عمله في المجلس عام 1434هـ/2013م، وله نشاط ثقافي بارز إذ أشرف على الصفحات الثقافية بجريدة الجزيرة ، وكتب زوايا عديدة أشهرها “جداول”، عمل سكرتيراً للتحرير بالمجلة العربية، ثم مديراً  للتحرير، ثم رئيساً للتحرير وذلك في المدة من (1401هـ – 1428هـ الموافق 1981م-2007م).

له عضويات في أكثر من جهة علمية وخيرية، منها العمل أمينا لمجلس أمناء مؤسسة حمد الجاسر الخيرية، وعضوية الجمعية السعودية للإعلام والإتصال، أسس دار القمرين للنشر والإعلام (1401هـ – 1428هـ الموافق 1981م-2007م)، ومقرها مدينة الرياض وعنها صدرت مجموعة من الكتب، شارك في مجموعة من البرامج الثقافية في الإذاعة والتلفاز، ومن أشهرها “رحلة الكلمة” بالتلفزيون السعودي، له ثمانية كتب مطبوعة وهي:-

كتاب: «الشيخ حسن آل الشيخ الإنسان الذي لم يرحل» (1418هـ – 1997م).

كتاب: «أشرعة للوطن والثقافة» (1419هـ – 1998م).

كتاب: «رؤية حول تصحيح صورة بلادنا وإسلامنا» الذي ترجم إلى اللغة الإنجليزية (1424هـ – 2003م).

كتاب: «غاب تحت الثرى أحبَّاء قلبي» في أربع طبعات (1431هـ – 2010م).

كتاب: «الثقافة الورقية في زمن الإعلام الرقمي» (1432هـ – 2011م).

كتاب: «قراءة في جوانب الراحل د. غازي القصيبي الإنسانية» أربع طبعات(1432هـ – 2011م).

كتاب: «د.عبدالعزيز الخويطر: وسم على أديم النزاهة والوطن» 1436هـ = 2015م. طبعتين

كتاب: «مرافئ على ضفاف الكلمة“ 1439هـ= 2018م. طبعتين

وجميع مؤلفاته وما كتب عنه موجود بصيغة PDF في موقعه على الشبكة العنكبوتية.

كرمته وزارة الثقافة والإعلام وملتقى الوراق وجهات أخرى عديدة في عام (1428هـ – 2007م). بمناسبة انتهاء عمله بالمجلة العربية، وصدر عنه عام  (1429هـ – 2008م) كتاب «حمد القاضي فارس الثقافة والأخلاق». وتوجد نسخة إلكترونية منه في موقعه الشخصي.

كما كرمه النادي الثقافي الأدبي بجدة عام  (1443هـ – 2022م) ضمن فعاليات قراءة النص الثامن عشر الذي جاء عنوانه في تلك الدورة “الخطاب الثقافي والأدبي والنقدي في الصحف والمجلات السعودية، وهو ما يتناسب مع عطاء الأستاذ حمد القاضي كاتباً صحفياً معروفاً ومشرفاً على الصفحات الثقافية بجريدة الجزيرة، ورئيساً لتحرير المجلة العربية ربع قرن وعداً للبرامج الثقافية في التلفاز، وأصدر النادي عنه كتاباً عنوانه «سفير الأدباء حمد القاضي..السيرة والمسيرة» وتوجد نسخة إلكترونية منه في موقعه الشخصي.

وبالنظر إلى ما قدمه حمد القاضي للساحة الثقافية من أعمال نلحظ أنه حاضر بقوة قي الصحافة والتلفاز، وفي الندوات والمؤتمرات ومناشط الأندية الأدبية، وتربطه بالوسط الثقافي علاقات وطيدةفي كل اتجاهات الوطن، وله مكانته في المجتمع بوصفه أيقونة حب، ويتميز بخصال عديدة، منها خصلة الوفاء، وهي واضحة جلية في مؤلفاته التي خصصها للحديث عن مناقب الأخرينوسيرهم وأعمالهم، وأبرزها كتبه عن ثلاثة من رجال الدولة المخلصين المحبوبين، «الشيخ حسن آل الشيخ، د.عبدالعزيز الخويطر، د. غازي القصيبي» ونسى نفسه في خضم هذه الكتب فلم يجنع مقالاته ولم يعن بانتاجه الأدبي إلا متأخراً وبإلحاح من محبيه، وعلى رأسهم د. غازي القصيبي فعاد القاضي إلى أرشيفه الصحفي الممتد نحواً من نصف قرن المنشور في جريدة الرياض وفي جريدة الجزيرة وفي مجلة اليمامة وفي المجلة العربية التي ارتبطت باسمه أكثر من ربع قرن، وتكونت شهرته العديدة منها، فتكونت جملة منتقاة من المقالات ذات الطابع الاجتماعي  والوطني والثقافي والتأملي، وصدرت في كتاب حمل عنوان «مرافئ على ضفاف الكلمة“ وهو يمثل أدبه أصدق تمثيل إذ نلحظ المسحة الأدبية في إنتقاء الألفاظ والتراكيب ونلحظ حضور الشعر استشهاداً وعناوين لبعض المقالات ونلحظ الرغبة الصادقة نشر القيم والفضائل وزرع الإيجابية وحب العطاء في النفوس. مع استفادهة من خبرته الصحفية الطويلة في اختيار العناوين الجاذبة والبعد عن الغناوين النمطية أو المكررة، ومن عناوينها التي إتكأ فيها على العبارات الجاذبة أو العبارات المجتزأة من بيت شعر أو من حكمة أو من مثل العناوين التالية: أجل .. لا تعدم الحسناء ذاما، وبشاشة وجه خير من الندى. وهل لعينك إلا الحب يا وطني. وأنا في طيبة أنهل العطر وأمحو الشجنا، الكتاب سميري خين عز مسامري، وفي مدخل الحمراء كان لقاؤنا، وغيرها من العناوين المميزة.

وفي هذا الكتاب تتكشف شخصية حمد القاضي بجلاء، ونتعرف على بعض المؤثرات التي وجهت أدبه وأثرت فيه فلنتعرف على قصته مع الكتاب وكيف أنه كتب أول مقالة في حياته وهو في المرحة الثانوية في بلدته عنيزة وعنوانها “النجاح وليد العمل والكفاح” التي نشرت أولاً في صحيفة مدرسية ثم أخذها أحد أقاربه وأرسلها مع صورته الشخصية إلى جريدة البلاد فنشرت فطار فرحاً، وكانت حافزاً قوياً لخوض غمار الكتابة رغم ألمه وحزنه الشديد على أمه التي فقدها وهو في سن السابعة من العمر فبكاها طويلاً وافتقد حنانها، واستمر الألم، واستمرت ذكرى فقدان الأم تلاحقه بعد أن كبر وتزوج وأنجب: لذا نراه يهدي كتابه «مرافئ على ضفاف الكلمة“ إلى أمه بعبارات متلهغة وحزينة في الوقت نفسه مع بعض العزاء ممن عرف من الأفارب والأصداق الذين يرى فيهم العوض عن فقد الأم ولكن هيهات يقول “إلى اعز الناس أمي .. رحمها الله تلك التي رحلت في طفولتي ففقدت حنان أمومتها، فأدلجت ابحث عن الحنان بين حبر الكلمات وحب الناس وحنايا الأوفياء …

ونكشف في هذا الكتاب انه كان ميالاً في شبابه المبكر لقراءة كتب المنفلوطي ووجد فيها راحة نفسية وتنفيساً اذ كانت مناسبة لظروف نشأته وفقدان أمه،  وعند كان اراد ان يكتب كانت الموضوعات التأملية هي الغالبة على ما يكتب، ثم تحول بعد ذلك إلى الكتابة الاجتماعية متلمساً هموم الناس وقضايا المجتمع، مع عناية بالصياغة والأسلوب لذا فهو يعد من كتاب المقالة المجيدين ومن هنا اختارته الباحثة مريم بنت محمد الصنات موضوعاً لرسالتها في الماجستير وعنوان الرسالة “المقالة عند حمد القاضي .. دراسة حجاجية” ونوقشت في عام ١٤٤٢ه الموافق ٢٠٢١م.

ومع حديث حمد القاضي الدائم عشقاً للورق ورائحة الورق كتاب أو مجلة أو جريدة فانه لم يتخلف عن ركب التقنية ورأى انها لغة العصر، والأهم هو المحتوى والوصول إلى شرائح القراء، فاتخذ له حساباً في منصة “تويتر” وكتب في التعريف بنفسه “كاتب رأي يسعى أن يكون ما يغرده نغماً يبث المحبة لا لغماً يزرع الكراهية”، وبلغت تغريداته نحو مائة ألف تغريده ويتابعه اكثر من ٢٣١ ألفاً، وهو دائماً ما ينشر الحب ويوزع الورد ويزرع الطاقة الإيجابية ويدفع الناس إلى الحياة وحب الحياة والى العمل الجاد.

وأخيراً أتوقف عند معرفتي الشخصية به اذ عرفته عن بعد كاتباً في الصحف اليومية، وخاصة زاويته المشهورة “جداول” وعرفته رئيساً لتحرير المجلة العربية وأنا طالب في الجامعة، ومن المجلة بدأت اعزز قراءاتي في مجال الأدب والثقافة، وكنت على موعد شهري معها اقتني العدد وألتهم الصفحات بشوق ورغبة في القراءة، وخاصة أن الأستاذ حمد القاضي جعل منها مادة متنوعة تبعث النشاط وتساعد على القراءة اذ هي مواد جاذبة غير  متخصصة ومتنوعة القوالب بين مقال وقصيدة وأخبار وحوارات وتقارير، ورسائل القراء مع اخراج ممتاز وسعر رمزي يساعد الطلاب مثلي آنذاك على المتابعة كل شهر، وما تزال الأعداد التي اقتنيتها عام (١٤٠٤هـ/ ١٤٠٥هـ) لدي.

ومرت الأعوام وأصبحت رئيساً للقسم الثقافي في جريدة المسائية وكنت اكتب أحياناً عن صدور العدد الجديد من المجلة العربية، واعرض ما فيه من المواد وإذ بالهاتف يرن  وأنا في الجريدة وإذا هو  الأستاذ حمد القاضي بكلماته اللطيفة المحفزة يشيد بالصفحات الثقافية، ويطلب عنواني البريدي كي يرسل لي مجانا المجلة كل شهر، ترددت في تزويده متعللاً بأنني من أصدقاء المجلة وأتابعها كل شهر وسعرها رمزي، وأنه اصر، وكان هذا في عام ١٤١٣ هـ، أي قبل ثلاثين عاماً ومازالت تصل إلى بريدي إلى اليوم بسبب هذه المكالمة، ومن المبهج أن من خلفه في المجلة كانوا مثله في الوفاء والاحتفاء ، فبارك الله فيهم جميعاً، وحين غادر المجلة العربية في عام ١٤٢٨هـ/٢٠٠٧م بعد مشوار طويل فيها كتب عنه الكثيرون مقالات وقصائد منوهين بجهوده في رئاسة تمرير المجلة، ومشيدين بمكانته الأدبية والثقافية، وجمعت معظم المقالات في كتاب  “حمد بن عبدالله القاضي فارس الثقافة والأخلاق ” الذي أعده واشرف عليه الزميل يوسف بن محمد العتيق ولعلي اختاربيتين مما كتبه الشاعر سعيد بن عطية الغامدي اذ يقول؛

تبكي “المجلة” في عليائها “حمداً”

وتشتكي لهفة أضحت تعانيها

هذا الحبيب الذي جادت شمائله

بالوصل حتى ارتوت منه أمانينا

وتمر سنوات أخرى فاقترب منه اكثر، فأصبحت أراه في المؤتمرات والندوات والمنتديات مثل؛ مجلس الشيخ حمد الجاسر، وفي النادي الأدبي بالرياض، وفي المجلس الاستشاري لقيصرية الكتاب، وفي أماكن أخرى، وهو من الأشخاص الذين لا تملك أن تحبه وتقدره وتجله، كما تحتفظ مكتبتي المتواضعة بجميع مؤلفاته عليها اهداء منه، وهذا يدل اخلاقه العالية وكرمه ونبله.

***

 

ويشلون بدر يا بو عبدالله

الأستاذ محمد القشعمي

عرفت الأستاذ حمد القاضي قبل خمسين سنة وبالتحديد عام 1396هـ عندما زارني باللأحساء مع رفيقه وصديقه وزميله الأستاذ منصور الخضيرى وهما كالصنوان لا يكادان يفترقان زار الأحساء لحضور أمسية شعرية نظمها مكتب رعاية الشباب للشاعر البحريني عبدالرحمن رفيع. ما زلت أذكر أنهما قدما من الرياض في يوم ماطر وفي عز الشتاء. وكانت الأمسية في مدرسة الملك فيصل بالهفوف. كان الأستاذ حمد القاضي وقتها مديراً للعلاقات العامة بوكالة العمل بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى جانب كتابته الأسيوعية بجريدة الجزيرة زاوية (جداول) ومن اعجاب الأستاذ منصور بالأمسية وخفة دم الشاعر .. أذكر أنه طلب منه كتابة أو تخصيص إحدى الحلقات عن المناسبة وأظن أنه ما زال وعداً مؤجلاً.

كان حديث عهد بالزواج ورزق ببدر وبدور أخرى وما زال يدعى أبا عبدالله على اسم والده حتى أن أحدهم عندما يتصل به يسأل عن ابنه البكر يقول: (ويشلون بدر يا بو عبدالله). وما زال يتندر بها.

تكررت زياراته ومؤازرته لنشطات المكتب الثقافي بالإحساء ثم لحائل بعد انتقال عملي من الأحساء لحائل عام 1398هـ/1978م. نجده يشارك بندوة ثقافية عن الشباب (شبابنا بين الرياضة والثقافة) في 24/3:1399هـ مع الأساتذة راشد الحمدان وعبدالله الضويحي ومنصور الخضيري.

وكان الشيخ ناصر بن عبدالله بن الشيخ القائم بعمل الإمارة يحتفي بضيوف المكتب ويدعوهم ويسامرهم، وعند سفرهم يهديهم شيئاً من محصول المزرعة ومنه (الأترنج) ذو الحجم الكبير فكان يأخذها معه بالطائرة ويتندر بمثل هذه الهدية.

استمرت علاقتنا فكان يدعوني عندما أزور الرياض، أو عندما عدت للعمل بها، وأحضر مناسبات يدعو لها بعض الرواد مثل شيخنا حمد الجاسر أو ابن عقيل، وعرفت في مجلسه الوراق محمد الحمدان سنة 1400هـ وهو يسوق لكتاب علي جواد الطاهر (معجم المطبوعات العربية المملكة العربية السعودية).

عدت للرياض مواصلاً العمل بالرئاسة العامة لرعاية الشباب، وبالليل أعمل متعاوتاً بالنادي الأدبي فكنت ألتقي بأبا بدر في المناسبات الثقافية المختلفة وكنا نتزاور، رغم مشاغله عندما تولى رئاسة تخرير المجلة العربية وأصبحت زيارتي لها متفاوته. وبعد انتقال عملي لمكتبة الملك فهد الوطنية وبدايتي مع الكتابة دعاني للكتابة بالمجلة العربية وأذكر أن أول مقال كتبته عن ريادة الشيخين الجاس والجهيمان للصحافة بالمنطقتين الوسطى ةالشرقية من المملكة .. وهكذا فتح لي الباب للكتابة عن وكلاء الملك عبدالعزيز وممثليه بالخارج سلسلة من المقالات أعقبها سلسلة أخرى للأسماء المستعار للكتاب السعوديين، ولم يكتف بذلك بل نشر لي ضمن سلسلة كتب كتابين عن الرواد عبدالكريم الجهيمان وعطاء لا ينضب، وأحمد السباعي شيخ الصحافة المكية.

وعرفت طريقي لمجلس الشيخ حمد الجاسر وحضور مناسباته السنوية ولقاءاته الأسبوعية فكنت التقي بالأستاذ حمد. وكا يشجعني وبشيد بما أكتب، وأذكر أنه عندما صدر كتابي عن الصديق الدكتور حمود البدر اتصل ومدح وشكر وفال لابد أم أكتب عنه، وطال انتظاري بما وعد، وبعد أشهر ذكرته بوعده، فقال: إنني غردت عنه بتويتر، وهو يعرف أنني أجهل هذه التقنية الحديثة.. فتذكر ما سبق أن قاله صديقنا الخضيري قبل أكثر من أربعة عقود، بعد أمسية عبدالرحمن رفيع بالإحساء عندما قال: اكتب عنها بزاوينك بالجزيرة (جداول) والتي ما زلت أنتظرها.

على أي حال يظل أبو بدر هو أبو بدر كما عهدته، ومن حسن الصدف أن قرن اسمه باسمه وأخرين عند تكريم مركز صالح بن صالح الثقافي بعنيزة عام 1438هـ لنا، والتي لم أسعد بحضورها بسبب وعكة صحية حالت دون ذلك. أشكر لمركز الشيخ حمد الجاسر الثقافي ولمجلته جسور احتفائعن بأستاذ الجميع حمد القاض متمنياً له الصحة والعافية وطول العمر.

***

الأستاذ حمد القاضي نجم ساطع في سماء الثقافة والأدب

اللواء عبدالقادر كمال

الحديث عن أستاذي الكبير الأديب حمد بن عبدالله القاضي حديث شيق لمكانته الأدبية وعلو كعبه في ثقافة موسوعية.

نجم سطع في سماء الثقافة والأدب، بعذوبة بيانه، وجمال تعابيره وحسن تأتيه في اختيار أدواته ومعانيه.

أسلوبه ينساب كنبع سلسبيل، وتعابيره تختال في لفظ جميل وجليل، إذا كتب يعزف أنغاماً، وإذا عبر تختال حروفه رقصاً وألحاناً، وإذا غرد جعل للألحان سحراً وبياناً، وإذا شد جعل للتعابير هيبة وسلطاناً، يمتح من معرفة واسعة ومن ثقافة موسوعية، وهو في ذلك لا يتكلف ولا يتعسف، أسلوبه سهل ممتنع، يطرب له كل قارئ ويهفو له كل مستمع، ويحفل به كل ذي ذائقة أدبية مرهفة، إذا تحدث شدا، وإذا كتب حدا، خديثه سحر، ونثره شعر، وفوق هذا فهو صديق جليل وزميل نبيل.

وأخو لا يشاكله إلا القليل القليل. حفظه الله وأبقاه ووفقه سبحانه في كل مسعى يسعاه. 

***