logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

الراحل صالح بن عبدالرحمن القاضي رجل الخير الرحيم بالفقراء

* حمد بن عبدالله القاضي

الراحل صالح بن عبدالرحمن القاضي رجل الخير الرحيم بالفقراء

* حمد بن عبدالله القاضي

 

الألم والشَّجن على فقد إنسانٍ لا يجيئان من كون هذا الإنسان الراحل تربطك به علاقة نسب، أوصلة رحم فقط، ولكن مشاعر الألم تجيء وتتضاعف عندما يكون هذا الإنسان الذي غادر دنيانا رجل خير ومروءة وإحسان وبِر، وقبل ذلك وبعده (ديِّن) .

 ذلكم هو الراحل الغالي صالح بن عبدالرحمن القاضي
– رحمه الله – الذي لا أبكيه وحدي ولكن أجزم أنّ كلَّ من عرفه، وعَلِم عن سيرته وحياته وأعماله سوف يبكيه ويدعو لـه بالمغفرة والرحمة.

هذا الرجل طراز نادر من الرجال منذ أن كان طالباً وهو محبٌّ للخير والبِرِّ، وقد استمر على هذا النَّهج حتى رجعت نفسه المطمئنَّة إلى ربِّها وبارئها..
كان داعية إلى العقيدة الصحيحة، والسلوك القويم بالمنهج القرآني «ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحسنة» (سورة النحل آية 125)، وكان -رحمه الله- لا يدع مناسبة إلاّ ويذكِّر الناس بالعودة إلى ربِّهم، والشباب بالاستقامة على الصراط المستقيم.

 وكان من جانب آخر من أكثر من عرفته – رحمه الله – من أقارب ومعارف وغيرهم شفقة على الفقراء، وعطفاً على المحتاجين، وكان يوظِّف جزءاً كبيراً من وقته وجهده وعلاقاته في تأمين المعيشة للمحتاجين، ومسح دموع اليتامى والمساكين .. ولم يقتصر جهده وعطاؤه على المحتاجين والفقراء في مدينته التي يعيش فيها (الرياض)، لقد كان يسافر بين آونة وأخرى إلى شمال المملكة وجنوبها، يتفقَّد أولئك الذين لا يسألون الناس حياءً وإلحافاً من فقراء وأيتام وأرامل، وكان عندما يعود من هذه الرحلات ويتيقَّن من هؤلاء المحتاجين، يبدأ بجهوده المباركة مع أهل الخير الذين يبادرون بإعطائه من صدقاتهم وأموالهم لأنّهم يعرفون صدقه، ويعرفون أنّها تصل إلى من يستحقها – وهذه هي غاية كلِّ باذل خير – وقد استمر على هذا النهج حتى أتاه اليقين.

كان الغالي الراحل الشيخ – صالح بن عبدالرحمن القاضي رغم (همه الخيري) لطيف المعشر – رحمه الله – ليِّن الجانب حاضر الطرفة، لا تملك إلاّ أن تحبَّ مجالسته وتأنس لمعاشرته – آنسه الله في قبره وجعله روضة من رياض الجنة.

من المفارقات العجيبة أن تلقَّيت قبل بضعة أيام رسالة هاتفية منه يبشِّرني بولادة أول حفيد لابنه هشام، واليوم الأربعاء أتلقى خبر رحيله عندما أبلغني أخي الفاضل ابن أخيه عادل ابن المرحوم عبدالعزيز القاضي وأنا في مكة المكرمة، برحيل عمه أخينا الفاضل صالح، ولم أملك إلاّ أن أدعو لـه من قلبي وأنا بجوار بيت الله أمام الكعبة المشرفة، ولقد فجعني الخبر وبخاصة أنّ الخبر كان مفاجأة، فقد كان في تمام الصحة والعافية قبل مغادرته الدنيا بلحظات، وكانت الطريقة التي فارق الحياة من خلالها أكثر إيلاماً، فقد تعوّد – رحمه الله – اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما جُبل عليه من البساطة والتواضع – أن يقوم هو بحاجة نفسه وأهله وبيته، وقد صعد في ذلك الصباح إلى سطح منزلـه لإصلاح خلل في خزان الماء وخلال إصلاحه لـه سقط من أعلى السطح إلى الأرض شهيداً – بحول الله – فقد فارقت روحه جسده حال سقوطه، وقد كان في منتهى الصحة والشباب غفر الله لـه ورحمه، وعزاؤنا جميعاً أنّ «لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ» (سورة الرعد آية 38) «وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً» ( سورة آل عمران آية 145)، سواء كان الإنسان على سرير المرض لأعوام وأعوام، أو بين أهله وأحبابه في تمام الصحة والإكرام .

بقيت كلمة صغيرة أتوجَّه بها وأنا أرثي هذا الغالي الشهيد – بحول الله – أتوجَّه بها إلى والدته وابنه الصالح هشام وإلى إخوته وأخواته ووالدتهم وإلى إخوة وأخوات الراحل، أقول لهم ذلك هو قضاء الله وقدره وما علينا إلاّ الرضا، وما أصدق ذلك الحكيم الذي قال:

   (إذا قضى الله فاستسلم لقدرته     ما لمرئ حيلة فيما قضى الله)

وقد صدق، وهذا عزاء لكم ولكلِّ من فقد غالياً في هذه الدنيا الفانية.. أمّا أنت أيُّها الابن الصالح هشام فقد كنت بحمد الله سائراً على نهج أبيك في حب الخير وصلة الرحم، والاستقامة على الطريق السوي، وما أحسبك إلاّ سائراً على هذا الطريق، بل متشبِّثاً به أكثر بعد رحيل والدك، وقد أصبحت المسؤول الأول خلفاً لأبيك في رعاية أُسرتك والبِرِّ بها، والاستمرار في نهج والدك صالح في أعماله المباركة الصالحة .. أمّا أنت أخي الصابر شقيق الراحل (أبو تميم) فقد علّمتَ أُسرتك وعلّمتَ غيرك الصبر والاحتساب عندما فُجعت بفقد ابنك الغالي (منذر) فكنت أكرم من عفا لوجه ربك سبحانه، جمعنا جميعاً بأخينا الراحل صالح وبالراحلين الغالين في جنات ونهر في مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر.