logo

Select Sidearea

Populate the sidearea with useful widgets. It’s simple to add images, categories, latest post, social media icon links, tag clouds, and more.
hello@youremail.com
+1234567890

السعادة انجلاء الغمرات

د. عائض القرني

حمد القاضي > منوع  > السعادة انجلاء الغمرات د. عائض القرني

السعادة انجلاء الغمرات

د. عائض القرني

 

أي حَلُ الإنسان لمشكلاته، وكفاحُهُ في سبيل تذليل العقبات التي أمامه، وهكذا فإن كلُ مشكلة تَقْدم، وكلَّ همّ يُقبل،  هي لدى الأذكياء وعودّ مؤكدة بالسعادة إذا جدّوا في حل المشكلة وقهر أسباب الهم بالكفاح الواثق المؤمن.

 

والسعادة هنا لا علاقة لها بالملذات الجسدية، بل هي إحساس نفسي وأشواق روحية، وهي (وعد بالسعادة) أكثر من كونها ممارسة فعلية للسعادة، ذلك أن السعادة – كما قلنا – ليست هدفاً نبلغه ونستريح، بل هي تصنع أهدافاً أخرى كلما حققنا هدفنا المنشود، ولذلك يكافح الإنسان ويعمل ويأمل حتى يموت..

 

***

 

هذا وإن للأشواق الروحية والنواحي النفسية لذائذها الصادقة والجميلة العواقب والتي تفوق في تحقيق السعادة لذات الجسد أضعافاً مضاعفة، فوق أن اللذات الأخيرة وخيمة العواقب في الغالب.

 

 

**لذة العبادة  

 

 

* يُروى عن أبي حازم رحمه الله أنه قال:

 

(إننا نجد لذة في العبادة لو درى عنها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف).

 

وقوله صحيح، فلا يوجد إنسان سويّ لم يتعرف على لذة العبادة السامية وهو يُصّلّي لله في خشوع ويُناديه ويُناجيه، ويُحس بالاقتراب منه، وبأن الله برحمته راض عنه، فالإنسان المُستغرق في عبادته يجدُ لذةً غيرّ أرضيّة وسعادة ليست تُرابية، فيجد في تضَرُعِهِ عبيرَ الجِنّان وهو بعد في دار البلاء، ويلمس جناحَ الخلود وهو بعدُ في دار الفناء..

 

***

 

وشكر الله سبحانه وتعالى هو أسهل وأجمل وَصْفَة للسعادة، فهو يجمع بين استحضار واستذكار أنعم الله علينا لنحس بها ونسبح في سعادتها، وبين لذة العبادة..

 

 

**لذة الخلق الحسن  

 

 

* أجمعت الإنسانية في كل أطوارها على ان الإخلاص جميل، والغدر قبيح، وأن الكلمة الطيبة حلوة، والكلمة السيئة كريهة، وأن الصدق جميل والكذب قبيح، وأن حسن المعاملة محبوب وأن سوء المعاملة مرذول..

 

وبهذا فإن صاحب الخلق الحسن يجد الجمال والحلاوة في ذاته أولاً.. لأن الخُلُقَ جزء من النفس والذات، فيحس بالسعادة لوجوده فيه ولصدوره منه، ويهون عليه ما يبذله في سبيل ذلك من كفاح وإرادة وصبر، بل إن الكفاح والإرادة والصبر هنا تصبح موارد عَذْبَةّ للسعادة، بعكس صاحب الخُلُق السيئ الذي يجد المرارة في ذاته وفيما يصدر منه.. فوق هذا فالناس مرايا يُعاملون الإنسان كما يعاملهم..

 

 

**لذة الاستقامة

 

 

* والاستقامة كلمة جامعة مانعة: (قل آمنت بالله ثم استقم) ولو أردتُ تعريف السعادة بكلمة لقلت: هي الاستقامة.. فالمستقيم لا يخاف أحداً أو شيئاً غير الله.. إنه في أمْن عظيم.. والسعادة أمن وراحة بال.. والمستقيم باله مرتاح لا يخاف حتى من الموت إلاّ ذلك الخوف البشري العابر (اقلل ذنوبك يُهنْ عليك الموت)..

 

والواقع الذي لا ريب فيه أنناَ كَلما أسعدنا الآخرين أحسسنا بالسعادة تنعكس علينا بسرعة، وأنت إذا كان لديك خبر سعيد جداً لشخص فإنك تسرع إليه وتطرق بابه بقوة لأنك "تسعد" بإسعاده بذلك الخبر، أمًا إذا كان خبراً سيئاً فإنك تتردّد مراراً وتحتار كيف تُبلغه به.. والعبرةُ من هذا أننا نستطيع إسعاد الآخرين بدون وجود أخبار سعيدة بالنسبة لهم، وذلك بحسن خلقنا معهم، وحسن تعاملنا، وبأن نُبث فيهم التفاؤل والإحساس بأهمية الذات والتركيز على محاسنهم ومواهبهم، وخاصة شريكات الحياة وأصدقاء العمر والأطفال.. ألا والأطفال!… إن إسعاد أطفالنا سهل ميسور بالنزهات المشتركة والهدايا الصغيرة واللعب معهم والابتسام لهم وسوف يُعيدون لنا تلك السعادة أضعافاً مضاعفة..

 

 

**لذة العمل

 

 

* من المؤكد أن العمل يعزلك عن الإحساس بالشقاء إذا كان لديك ذلك الإحساس، وكذلك الهواية المتمكنة، والبحث الجاد، كل ذلك يُبحر بك لجزائر أخرى، ويشغل وقتلك بشكل ينسيك حتى البحث عن السعادة، وفي ذلك سعادة..

 

صحيفة الرياض الثلاثاء 18 ذي الحجة 1410هـ